عن مشروعية الثورة ويدها الضاربة وحتمية انتصارها
بقلم/ طارق مصطفى سلام
نشر منذ: 9 سنوات و شهرين
الإثنين 26 يناير-كانون الثاني 2015 01:47 م

أتصل بي زميل من عدن معاتبا بل ومخونا قائلا: كيف تقبلوا كجنوبين في صنعاء هذا الانقلاب على الرئيس هادي ومحاصرته في منزله..؟
فقلت له مقاطعا وبحسم : اولا: هو ليس انقلاب بل أذكركم بأنها ثورة صاعدة تكمل مسارها وتحقق أهدافها وما كانت قد بدأته في 21سبتمبر2014م وحينها نحن جميعا قبلنا بها وصفقنا لها طويلا عندما شالت عنا من سرق منا ثورة 11فبراير2011م,عندما تم ضرب أهم مراكز القوى والفساد التي كانت تضطهد الشعب كافة وكنا جميعا نعاني منها في الجنوب قبل الشمال وأصابنا اليأس من الحاق الهزيمة بها والتخلص منها وخلال عقود طويلة من الزمن, وكنتم أنتم في الجنوب تشكون منها بصورة متزايدة ويشكو معكم ايضا الرئيس هادي ذاته ..
ألم تهللوا وتفرحوا لاقتلاع مراكز القوى الظالمة والنافذة تلك التي استباحت الجنوب وأهله وثرواته ونهبوا كل شيء فيه؟..
ألم تباركوا يومها هزيمة الجنرال علي محسن وحزب الاصلاح (الاخوان المسلمين) والشيخ عبدالمجيد الزنداني وجامعة الايمان وهم من كنتم تتهمونهم بأنهم وجميعهم كانوا يشكلون أس البلاء وبيت الداء ورأس الحربة في اجتياح الجنوب واصدار الفتاوي الدينية التي اباحت دماء اهل الجنوب واعراضهم وممتلكاتهم كافة ؟..
ألم تستفيدوا من تلك المواقف والاجراءات لثورة 21سبتمبر وقلتم (حينها) بان هادي تخلص ممن كانوا كاتمين على أنفاسه والمقيدين لحركته والان فقط تنفس الصعداء وسوف يتمكن من الحركة والعمل والنهوض باليمن ؟!..ثم تفاجىء الثورة وبعد مرور كل هذه الفترة ومن خلال ادائه ومواقفه المناهضة والعديد من المواقف والدلائل المناقضة بأنه كان جزءا مكملا لتلك المؤامرة وركنا هاما من ذلك النظام الفاسد وعنصرا مخفيا لتغطية تلك الزمرة الغادرة المتربصة بالوطن والمستفيدة من خيراته والناهبة لثرواته ..
ثانيا : نحن لا نعد الرئيس هادي جنوبيا أو شماليا بل رئيسا لليمنيين كافة وبهذه الصفة نقدمه وعلى هذا الاساس نتعامل معه طالما كان وفيا مع الشعب ومخلصا للوطن, ولكن عندما يضع هو نفسه جزءا من منظومة الفساد تلك ويقبل ان يرتبط مصيريا ومصلحيا بها كما اثبتت ذلك مختلف القرائن والوقائع والاحداث ما قبل أزمة 11فبراير2011م وما بعد ثورة 21سبتمبر2014م وإلى ما يحدث ويتبلور الان.. فالأجدر بنا وبعد ان أنكشف لنا أمره أن نتركه لخياره الوحيد الذي يصر عليه, والأشرف له أن يذهب حرا طليقا ليلتحق بزمرته المختارة تلك وجهارا نهارا عوضا عن نهج اللعب بالبيضة والحجر من وراء الكواليس وممارسة فهلوة الثلاث ورقات في الممرات والدهاليز المخفية! ثم نأتي نحن لنتسأل لديه بغباء (وكانه داود باشا ذلك الوزير التركي المتعجرف الذي أراد ان يتعلم النحو على طريقته الخاصة) فنقول له بخفة المشاهد الجاهل (لماذا ضرب زيد عمرا..؟)..
نعم, أراد (هادي) في انتهازية عجيبة استغلال ثمار ثورة 21سبتمبر2014م ليوظفها لمصالحه الشخصية في الاستحواذ على السلطة والتمديد لنفسه في الحكم وكأننا قمنا بالثورة ضد التوريث لنستبدله بالتمديد!..
(وهنا تكمن عقدة الرئيس هادي المسيطرة والخفية حين سعى بكل جهده لتحقيقها بليل, فكانت مكمن ضعفه وسر تهافته الذي عرف به مناوئيه فجعلوا منها تحديدا وحصرا تلك المعضلة الشائكة المستعصية على الحل التي أدت إلى التعجيل بهبوطه من المسرح السياسي وتسجيل نهاية درامية مؤسفة له قيدت كعلامة فارقة ووصلة خاتمة لسجل حياته الحافل بالنزاهة والحياد وربما من المفيد هنا الاشارة بأن الاستمرار في ذلك السيناريو المخجل للتمديد تم بتشجيع وتحفيز وتحريض من نجله جلال ولحاجة وغاية في نفس يعقوب كما يقال ويشاع والله أعلم ) .
نعم هادي أقر بثورة 21سبتمبر وتماهى معها وهلل لها بل وقنن لها بوثيقة اتفاق السلم والشراكة ولكنه اراد ان يختار ما يناسبه هو فقط من بنود اتفاق السلم والشراكة بمعنى انه اراد وبكل التذاكي السياسي ان يكون (داخل في الربح وخارج من الخسارة) أي أنه أراد ان (يأكل الثوم بأفواه الثوار) ثم يغدر بالثورة والثوار ..
وعندما انكشف أمره للأحرار وأتضح سره لعامة الناس تم انتزاعه من أمام طريق الثوار لتستكمل الثورة مسارها الظافر ونصرها المؤزر, ولهذا السبب فقط تم تجاوزه في المسار واسقاطه عن كرس الرئاسة وليس لانتمائه للمحافظات الجنوبية كما يريد هو أن يفعل ويوحي الان عندما يثير الفتنة المجتمعية الخطيرة ويوظف هذه الجزئية الحساسة في استثارة مشاعر واستدرار عواطف أهلنا في الجنوب وابتزازهم بدهاء خبيث..!.
نعم الرئيس هادي انتزع من كرسي الرئاسة لأنه اتضح بأنه جزء من تلك الزمرة الغادرة التي احتالت على ثورة الشباب وقفزت للسلطة على حساب تضحياتهم الكبيرة وجراحهم العميقة ودمائهم الزكية ثم تنصلت من وعودها لهم ومواثيقها معهم ..
وهادي الرئيس أنتزع من السلطة لأنه عضو اساسي في تلك المجموعة الآثمة التي كانت تجثم على انفاس شعبنا اليمني في الجنوب والشمال وتم هزيمتها في يوم 21سبتمبر من العام2014م وكان يفترض بالرئيس هادي ان يغادر معها الساحة الوطنية غير مأسوف عليه ..
نعم لو تم فضح هادي حينها للشعب وكشف علاقته المصلحية بتلك الطغمة الطاغية التي اباحت لنفسها كل شيء في الوطن وتمت الاطاحة به معها وحينها (ولم تتيح له الفرصة تلوا الأخرى ليثبت وفائه لهذا الشعب الصابر والكريم) لوفرت الثورة على نفسها وشبابها الكثير من التضحيات والدماء والجهد والوقت الثمين الذي كان من المفترض ان تكرس في انجاز المهام الثورية الملحة التي تعود بالخير للمواطنين من عامة الناس لا ان توظف لصالح الرئيس هادي وخاصته من المقربين وبطانته من الفاسدين التي تجاهر اليوم بالعداء للثورة ومقارعة الثوار فتخرج للشارع للمطالبة بعودته حتى لا تفقد تلك الامتيازات المادية والعينية الضخمة وغير المشروعة التي وفرها لهم المدعو هادي ومما لاشك عندهم بأنهم سوف يخسرونها بذهابه عن كرس السلطة .. اذن هم لا يخرجوا للشارع للدفاع عن الشرعية المزعومة كما يقولون (فالشرعية اليوم باتت ثورية) إلا أنهم يخرجون للشارع اليوم خوفا على ذهاب امتيازاتهم غير المشروعة وللحفاظ على اموالهم وثرواتهم الحرام من ان تطالها يد الشعب الثائر .
نعم, شلة المحسوبية وأصحاب المصالح الخاصة وبطانة الفساد التي تحيط بهادي هي اليوم من تحرض الشارع خوفا على فقدان مصالحها غير المشروعة وهي وحدها من تدعي بان ما صار هو انقلاب وليس بثورة ! ثم تعود لتناقض نفسها وقولها وتدعي بان الثورة طائفية ! ..
نعم تلك الشرذمة الانتهازية والبطانة الفاسدة هي من تطالب اليوم ببقاء هادي في كرسي الرئاسة وعلى سدة الحكم حتى تضمن بقاء مصالحها مستمرة, وهي من تحرك اليوم الشارع وتحرضه على الثورة من خلال استخدامها وتوظيفها لتلك الاموال الحرام التي جنتها خلال الثلاث السنوات الماضية التي عانى فيها الشعب أشد المعاناة وكاد الوطن أن ينزلق الى حافة الهاوية ويذهب إلى المصير المجهول بينما حفنة المنتفعين والاشرار تلك يكنزون ثروة الشعب المقهور ويجمعون الاموال الحرام ليعودوا اليوم وينفقوا الجزء اليسير منها في شراء الذمم والتضليل بغوغائية خبيثة على الشعب المحبط عندما يتمادوا في غيهم وبغيهم من خلال رفعهم لتلك الشعارات المضللة والمخادعة ..
نعم نحن مع اقالة أي مسؤول والتحفظ على أي شخص مهما كان انتمائه الجهوي والمناطقي ومهما بلغت مكانته الرسمية وأرتفع شأنه الوظيفي طالما وهو يمارس ذلك النشاط التخريبي للوطن والعمل المعادي لمصالح الشعب ويحاول احتواء أهداف الثورة النبيلة ويسعى بحقد وخبث للنيل من مكانة الوطن وسيادته وازدهاره ..
نعم, من يحاول اليوم العبث بالوطن ويسعى لتجاوز تلك الخطوط الحمراء المعلنة والمتفق عليها من قبل المواطنين عامة والمكونات الوطنية كافة والتي رفعها الثوار والاحرار كأهداف وطنية عليا ومحاذير عامة في مواجهة الفاسدين والمتنفذين والمتآمرين جميعا وحذروهم مرارا وتكرارا من المساس بها أو الخروج عليها فسوف تتصدى له بقوة طلائع الثورة الظافرة ويدها الضاربة فقد صار للشعب وثورته درعا وسيف وأصبح مصير الطغاة والمستبدين مزبلة التاريخ وتحت أقدام جماهير الثائرين ..
كما ان مصيرهم في الأخرة جهنم وبئس المصير.. إلا أنهم لا يسمعون ولا يفقهون ولا يعقلون .
قال تعالى ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ صدق الله العظيم .
ويقول سبحانه : ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ صدق الله العظيم .