آل البيت الأبيض
بقلم/ مجلي احمد الجرباني
نشر منذ: 9 سنوات و شهر و 29 يوماً
الثلاثاء 27 يناير-كانون الثاني 2015 12:11 م


واحـدة من الاجـتهادات التي تـناسب الألـفية الثـالـثة هي ما جادت به قـريحة مفـتي الديار المصرية الدكتور عـلي جمعة حـيث صرح بأن إلـيـزابـيـث الـثـانـية ملـكة بريطانيا هي هاشمية, ولا أدري إن كان قـد نـسبها إلى أبي طالب أم إلى أبي لهب, لكن في كلا الحالـتين لن يمنع عنها ذلك أنها سيـدة من آل الـبـيت, لذا أتـوجه شخصيــًا إلى الملكة إلـيزابـيث وأذكرها بألا تـنسى نصيـبها من الخُـمس..!!
تطرقي للموضوع ليس سخرية ولكن ماذا سنستـفيد من كونها هاشمية أم أموية؟ أم يـظـن سماحة المفـتي بأننا نعاني من نقص في الملوك والرؤساء؟ الفروقات بين السنة والشيعة كانت حتى وقت قريب متجمدة في الخلاف الفـقهي وبعض التباين في الطقوس المذهبـية مع بعض الصدامات المسلحة عبر التاريخ الإسلامي لكنها لم تصل إلى مرحلة تـكـفـير الطرف الآخـر, واستباحة دمه, وتغـيـيـر الفكـرة بطريقـة مناسبة لعصرنا السريع حـذف الرأس. لا يستطيع أحد نكران حـقيقـة أن بعض قادة المكونات السياسية في المنطقة, وزعماء الجماعات المسلحة فيها, وأمراء الحروب قد يمموا وجوههم شطر البـيت الأبـيض, وورطوا أقوامهم في ضريـبة حرب مدفوعة الأجـر مسبقــًا لكـن تداعـياتها عـلى المجـتمعات العربـية ومخرجات تلك الصراعات الـقـذرة ستـنعكس عـلينا وعلى الأجـيال القادمة, وأقـل توصيف لوضعنا الراهـن بأنـنا نـتجه صوب هولوكوست إسلامية أو محـرقة جديدة, فهـناك من ربط وجـوده ومستـقبله في المنطقة بتأجـيـج الـقـتـال المذهـبي بيـن ملوك الطوائـف داخـل الأقطار العربـية, ويـبدو أن الأمر لن يتـوقـف عند الدول التي شهدت الربـيع العـربي في ظل وجود حاضنة شعـبـية على استعداد تام من أجل الـتـضحـية أو الانـتحار الجـماعي كنوع من الاعـتـقاد الديني بأن هـذه الفـتـن هي حـتمية تاريخـية لا مناص منها, لأن سفك الدماء سيُـعجـل الـقيامة رغم أن هذه الفكـرة راودت الدولة العـثمانية قـبل خمسة قرون فـلا هي تـفادت السقوط ولا القـيامة قامت حـتى الآن..!!
 لو كان هـناك عـداء حقيقـيـــًا بيـن إيران والغـرب لما سلمت أمريكا العراق لملالي طهران وللطوائف الشيعية. كذلك الطائرات بدون طيار في اليمن تستطيع أن تـقـتـفي أثر راية سوداء موسومة بخـتم النبي محمد, ولا تستطيع أن تلـتـقط راداراتها كل الشعارات العـدائية المرفوعة هنا وهناك, رغم قـناعتـنا الشخـصية بعدم أحـقـية انـتهاك السيادة اليمنية وتصفية الناس دون محاكمات. بالإضافة إلى أن السفارة الأمريكية أغـلـقت أبوابها أمام الناس تحـسبــًا لأي عمل إرهابي تـنـفـذه قاعدة متمركزة في صحاري حـضرموت, ولا تخـشى السفارة على نفسها من التواجد المكـثـف للمسلحـين في العاصمة ممن يـبحـثون ليلًا نهارًا عن الموت لها, فهل وصل العداء بـيـنهما إلى حـد الـقـطيعة وعدم المواجهة..؟
 في المستـقبل الـقريب سيطفو على السطح اتـفاق امريكي – ايراني بشأن الملف النووي ولعل تمكين الميليشيات الشيعية والمحسوبة على إيران في المنطقـة ما هو إلا علامة حـسن نية, وعـربون صداقـة لـتسريع ذلك الاتـفاق, والذي سيكون تاريخيــًا لأنه سيعـمل عـلى تغـيـيـر المعـطيات السياسية الدولية, والعلاقات الدبلوماسية, والتحالفات الإقـليمية في منطقة الشرق الأوسط, والسؤال هنا كيف ستمرر طهران هـذا التصالح على مجتمعها و تـدفع أذيالها إلى هـضمه دون تجـشـؤ؟ من جهة ثانية يـبدو أن الخـطاب الديـني للجماعات المسلحة في المنطقـة يتوقـف تأثـيره فـقـط في نطاق الاستعـطاف, والاستـقـطاب, والحـشد, والعـسكرة, أي أنه لا يشكـل أي تهديـد جـدي للخارج, وكل تـلـك الإيماءات, والألـفاظ, ورفع السبابة, وتـقطـيب الحواجـب, والـتـكـشيـرة, وغيرها كلها مواد ليست للـتصدير وإنما للاستهلاك المحـلي. إن السياسية الداخـلية لهذه الجماعة أو تلك والتي لا يُـدركها معظم الأتـباع تـدور في فـلـك مغـاير إلم تكـن تسير عكس التـيار تمامــًا, ويتضح ذلك من النـتـائـج المتـرتبة على الواقع العربي والإسلامي عقـب كل عـملية إرهابـية أو حـرب أهـلية في المنطقـة عمومــًا. إذن الـتأثـير في الجـماهيـر, والـتمـدد على الواقـع ليس مرهـونــًا بكـونـك من آل البـيت أم من كـفار قـريش بقدر ما يتـكـأ عـلى أوراق اللعب التي تملـكها, وقـدرتـك على الـترويـض والتـكـيـف لدرجة التحول إلى أداة طيعة, وكذلك إيجاد مصالح مشتركة بـينـك وبـيـن رب البـيت الأبـيـض وآل البـيـت الأبـيض...!!