صندوق النقد الدولي يحذر.. ويكشف عن السر الذي ابقى الاقتصاد اليمني متعافيا .. رغم كل مؤشرات الانهيار أول دولة أوربية تعلن خوفها الحقيقي من الحرب العالمية الثالثة وتكشف عن خطوة واحدة لتفجير الوضع إسرائيل توقف عمل قناة الجزيرة والعمري يتوعد برد قانوني السعودية تكشف حجم العجز في ميزانيتها خلال الربع الأول هذا العام القضاء الأعلى يقر انشاء نيابة ابتدائية ''نوعية'' لأول مرة في اليمن إسماعيل هنية يصدر بيانا هاما حول مفاوضات التوصل إلى اتفاق بشأن غزة إسرائيل تقرر إغلاق قناة الجزيرة الرئيس العليمي يعزي في وفاة شخصية جنوبية بارزة ويشيد بمناقبه النجم ميسي يحقق 3 أرقام قياسية ويقود إنتر ميامي لاكتساح نيويورك ريد بولز بسداسية بحضور قيادات بارزة … مكتب الاوقاف بمأرب يكرم الدفعة الاولى من الحافظات والحافظين المجازين بالسند المتصل للنبي
في الثاني من ديسمبر 2017 ظهر الرئيس الراحل علي عبدالله صالح في خطاب مسجل معلنا فك تحالفاته مع الحوثيين وداعيا أنصاره لانتفاضة شعبية، وعلى إثر ذلك اندلعت معارك حول منزله انتهت بمقتله في الرابع من ديسمبر، ولست هنا في معرض سرد تاريخ الرجل فتلك مهمة تحتاج إلى مؤرخين منصفين يتناولون حياته التي حملت ما سيذكره الناس عنه وله، بعد أن ظل محور حياة اليمنيين لأكثر من ثلاثة عقود خلق له خلالها أنصاراً ومعارضين، محبين وكارهين، وهذا أمر لا يمكن الاختلاف حوله.
تبقى الظروف المحيطة بمقتل صالح غامضة وكذا الأسباب الحقيقية لاتخاذ توقيت قرار فك الشراكة، ولكن الأخطر من ذلك ستبقى الأسئلة المحيرة: كيف يمكن لرجل بذكائه وعلاقاته ومعرفته تركيبة القبيلة في محيط صنعاء وثقافة زعمائها أن يتخذ خطوة إلى المجهول؟ هل كانت لديه ضمانات وتطمينات داخلية أو خارجية لاتخاذ مثل هذا الموقف؟ من الذي كان في محيطه الأقرب ومصدر معلوماته؟. هذه وغيرها كثير قد تميط اللثام عن أيّام الرجل الأخيرة وتكشف كيف أصبحت معلوماته شحيحة عن الموقف الحقيقي على الأرض بعد استيلاء الحوثيين على المؤسسات الأمنية ورصد اتصالاته الداخلية والخارجية، ولكن لا شك أن حياته انتهت بطريقة خطط لها وتليق بنفسيته وتكوينه الإنساني الرافضتين لفكرة الاستسلام رغم براعته في التراجع قبل الانزلاق في معارك غير محسومة سلفا.
من المحتم أن تأثير صالح أو «الزعيم» كما يطلق عليه أنصاره سيظل حاضرا في المشهد السياسي بسلبياته وإيجابياته، فمن الطبيعي أن حاكما ظل يدير شؤون البلد لأكثر من ثلاثة عقود سيترك بصماته على كل المسارات التي تلي حكمه لفترة زمنية تطول أو تقصر بحسب مهارات من يخلفه، ولعل أكثر ما ميز صالح الإنسان قدرته على كسر الحواجز بينه وبين مخالفيه، وللأسف الشديد أن هذه القدرة العجيبة في القفز فوق ركام الخلافات لم يختزنها أحد من الساسة اليمنيين الذين جايلوه كما فعل هو، وكان بارعا في استخدام العنف السياسي المغلف بقفاز من حرير ضد معارضيه، ورغم أنه كان يمتلك مفاتيح القسوة ضدهم لكنه كان ماهرا في الاحتفاظ بالمسافات التي لا تسمح بتحول النزاع السياسي إلى سيل من الدماء كما فعل أقرانه في أكثر من جمهورية عربية تصارع فيها الرفاق فأحالوا بلدانهم خرابا.
أحزن أن يتحول يوم استشهاده إلى ذكرى لإعلاء أصوات دعوات استئصال وكراهية وبعث لمزيد من الأحقاد وسفك الدماء، وأتألم أيضا أننا لم نسمع أي صرخة لمصالحة وطنية شاملة بين اليمنيين جميعا تمكنهم من تأسيس خطوة نحو المستقبل الذي تحتاجه أجيال قادمة عانت من كوارث الحاضر والماضي، ولا أتصور أن أحدا من أنصاره ومحبيه قد أبرز وجها يتماهى مع نفسية صالح البعيدة عن الأحقاد الدفينة، بل إن كثيرين يريدون أن يجعلوا من ذكراه وسيلة يمتطونها للانتقام وللحصول على المكاسب مادية أو سياسية، ومن المؤكد أن محاولات استغلال اسم الرجل واستخدامه كعلامة تجارية لتحقيق طموحات شخصية يدل بجلاء على عجز سياسي وعن عدم القدرة على الخروج من عباءته ميتا كما فعلوا وهو حي، وهي إساءة لتاريخه كيفما قرأه المحب والكاره، كما يفعل من يريدون أن يكونوا ورثة عبدالناصر أو صدام.
رحم الله صالح.