مبخوت بن عبود : صراع أجنحة داخل الأمن القومي
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و 18 يوماً
الأربعاء 09 يونيو-حزيران 2010 07:08 ص

المصدر أونلاين - عمر العمقي

مبخوت بن عبود الشريف مواليد 1962م في مدينة مأرب. تلقى تعليمه الأساسي والثانوي بمدرسة الميثاق بمأرب.

حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية من جامعة العلوم والتكنولوجيا، ويحضر الماجستير في السودان وهو ضابط في وزارة الداخلية. التحق في 1980 بحركة الإخوان المسلمين، ويرأس حالياً المكتب التنفيذي لحزب التجمع اليمني للإصلاح بمأرب، ورئيس اللجنة التنفيذية لأحزاب اللقاء المشترك، ومنسق اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، ورئيس جمعية الأقصى بمحافظة مأرب.

متزوج وأب لثلاثة عشر ولداً وبنتاً.

أين تكمن أهمية محافظة مأرب؟

- هي محافظة مهمة بحكم وجود الثروات فيها سواء الغاز أو البترول أو الديزل وغيرها من المشتقات النفطية، إضافة إلى وجود أهم المصالح الأثرية والسياحية فيها كعرش بلقيس وسد مأرب، وكذلك ما تتميز به من موقع جغرافي. لذلك فمأرب تكتسب أهميتها من كل تلك المقومات التي ذكرتها، وكذلك ما يتمتع به أبناؤها من عزة وأنفة وقوة وصلابة وإغاثة للضعيف وإكرام للضيف.

* طالما والحال كذلك لماذا يقوم المأربي بتفجير أنابيب النفط؟

- الذي يدعوهم لارتكاب مثل هذه التصرفات السلبية من تفجير لأنبوب النفط أو تعطيل إنارة الكهرباء على العاصمة صنعاء، هو إحساسهم بأن تلك الثروات ليست لهم، وأنهم غير مستفيدين منها.

ولهذا عندما يتعرض السكان لظلم الدولة، يقومون وعلى الفور بمثل هذه الأعمال التخريبية، وهذا أمر ينافي العقل والمنطق، ولكن ولكونهم ليس لهم أدنى مصلحة من هذه الثروة ولإيمانهم بتلك المقولة الدارجة: "خيرنا لصنعاء صاعد، وشرهم إلينا نازل"، فهم لا يترددون عن تلك التصرفات السلبية، الناتجة عن ردة فعل قامت به السلطة، كما حدث للشيخ جابر الشبواني رحمه الله.

وهذه الأفعال دوماً مستهجنة ولكن صاحب المصيبة تقوم بالتحدث إليه وتنصحه ولكنه لا يفهم وينغلق فهمه ووعيه وما في رأسه نفذه.

* كيف يمكن الحد من ذلك؟

- إذا وجد العلم والعدالة تنتهي مثل هذه الظواهر السلبية.

* يلاحظ بأن قبائل مأرب تتنادى لقطع الطريق أو تفجير أنبوب؟

- لأنهم يعتبرون أن ما حدث لهم جريمة في حقهم وحق مأرب وأنه انتهاك صارخ لحرمتها، فمثلاً ضرب الطيران لا يدل على قوة الدولة وإنما ينبئ عن ضعف الدولة، فلو كانت الدولة قوية لقامت بإلقاء القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة طبقاً للقانون، لكن لأنها ضعيفة تقوم بمثل هذه التصرفات التي نتج عنها أخطاء فادحة، أدت إلى قيام القبائل بتفجير أنابيب النفط أو غير ذلك، انظر كم خسائر الدولة خلال الأسبوع المنصرم جراء انفجار الأنبوب؟ وكم تكبدت الخزينة العامة من وراء انقطاع التيار الكهربائي كم دفعنا للشركة الأجنبية خلال هذه الفترة فقط؟

للأسف الشديد إن ضعف الدولة ندفع ثمنه نحن المواطنون، وبعد كل هذا دعني أدعوك للتعامل في الحلول التي تم التوصل إليها بين الطرفين: تم التحكيم في القضية وسلمت 200 بندق و44 حالف يمكن الرئيس على رأسهم بايحلف، هذا ضمن ما وصلنا من معلومات.

 

تخيل بعد 32 عاماً من حكم الأخ الرئيس ولا زلنا في 44 حالف وبنادق للتحكيم، لو كان هناك عدالة ما حدث مثل هذا الأمر وكان سيتم إحالة المخطئين للمحاكمة، والقضاء هو المخول دستورياً بالفصل في النزاعات, ولكن بما أن المخطئين في هذه القضية هم من المقربين الكبار، فلا يمكن أن تطالهم المساءلة.

* هل الحل إذن اتخاذ إجراءات حازمة ضد أبناء مأرب؟

- أنا لا أعتبر أن وجود قوة أمنية وتعزيزات جديدة هي الحل، الحل هو أن تكون لدى الناس قناعة بوجود دولة ونظام وحكم، الناس الآن غير مقتنعين بوجود الدولة خاصة بعد هذه الحادثة التي حدثت، والآن يقول السكان نحن نتعامل مع مافيا وعصابات وليس مع دولة ونظام.

الشهيد جابر الشبواني –رحمه الله- كان ضحية صراع أجنحة داخل الأمن القومي.

* كيف؟

- يكفي ذلك ولا داعي للتفصيل أكثر. نحن الآن في انتظار تقرير اللجنة المكلفة بالتحقيق.

* هل تتوقع أن ينهي مشائخ وأعيان وأبناء مأرب تحالفهم مع السلطة؟

- لا تستطيع الجزم بوجود تحالف أصلاً مع السلطة، ولا تقدر تحكم بأن هناك مواطن عنده ولاء للسلطة، ولكن هناك أمر واقع يعني هناك دولة تسمي نفسها دولة وهناك مواطن تنظر إليه الدولة أنه من رعاياها.

لكن هذه الأمور كلها متباعدة كل البعد.. المواطن لا يعترف بأنه مواطن ومن رعية هذه الدولة، والدولة موجودة بولاءات وليس بمؤسسات، ولاءات تربطها مصالح. وهذه الأوضاع لا توجد مواطن صالح عنده ولاء للدولة، ولا توجد دولة لها مؤسساتها واحترامها لدى المواطن، وهذه هي الإشكالية الموجودة الآن.

* ما الذي أدى إلى تواجد القاعدة في مأرب؟

- أخطاء السلطة، وكل هذه الأخطاء تؤدي إلى تعزيز تواجد القاعدة سواء في مأرب أو غيرها من المحافظات.

النظام الحالي وبتعامله مع مثل هذه القضية لا يمكن له إطلاقاً أن يحد من انتشار القاعدة أو يوقف عملياتها طالما وهو يتعامل بهذه الطرق.

مثلاً كم سيتعاطف من أبناء القبائل مع القاعدة حالياً بعد ما تم قتل الشبواني، وكم سيخسر النظام أشخاص من أولئك الذين كانوا موالين له؟!

* كيف نشأت القاعدة في مأرب؟

- مأرب لم تكن معقل ومنطلق للقاعدة، وإنما أخطاء السلطة هي التي أوجدت القاعدة في مأرب.

المحسوبين على القاعدة لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين، ولكن أخطاء السلطة قد تزيد من عددهم نكاية بالسلطة من قبل الشباب المتحمسين للتنكيل بالدولة على خلفية ما تعرضوا له من قبل بعض النافذين.

* تعتبر مأرب ممراً لتهريب المخدرات.. فهل لديكم أسماء عن تجار ومهربي هذه المواد؟

- والله المخدرات للأسف الشديد أصبحت موجودة وبيع الأسلحة. أنا قرأت لك تحقيقاً أو استطلاعاً عن المخدرات في داخل صعدة الذي نشرته الأسبوع الماضي، فكنت أقول سبحانه الله ما حدث لأهل صعدة من مشاكل هو ارتكابهم لأم الكبار وليسوا جميعاً لكنهم ساكتين عنها ويعرفون التجار الكبار عن المحافظة، ليس عندنا تجار معروفين يشار إليهم بالبنان لكن عندنا عمل في ذات المخدرات نحس ونسمع به ولكن ما في معلومات دقيقة أن فلان هو تاجر مخدرات. لكن مثل هذا الأمر إذا تساهل به أهل المحافظة أنا أخشى أن يصيبهم ما أصاب أهل صعدة.

 

* ماذا عن أسماء التجار؟

- لا توجد شخصية تستطيع القول عنها هي محور بيع وشراء المخدرات وتصديرها واستيرادها، لكن للأسف الشديد بدأنا نسمع همساً في هذا الأمر.

* كيف يتعامل أبناء مأرب مع تاجر أو مهرب المخدرات؟

- حدث أن وجدنا ناس يحملون مخدرات بسياراتهم، وحدث قتل فيهم وفي مضايقة وطردهم وقطعهم من نسل القبيلة إذا كانوا أشخاص معدودين كأفراد يهربوا أو يتعاملوا ليس كتجار وإنما كمهربين، وتوجد ردود فعل جيدة من قبل القبائل ضدهم وهذا شيء طيب.

* السلطة تشير إلى أن سكان مأرب هم السبب وراء تعثر المشاريع بالمحافظة؟

- أبداً. هذه مجرد دعاية من أجل أن يغطوا على عجزهم ودعاية من أجل أنهم لا يعطون مأرب من ثروات ويأخذونها إلى جيوبهم والمواطنين أنفسهم هم الذين يطالبون بهذه المشاريع.

* هل صحيح أن السلطة تعمل على تغذية الثارات والصراعات بين القبائل؟

- طبعاً تشجع عليه وتستغله لأنها تريد أن تطبق قاعدة فرق تسد، لأن القبائل عندما يكونوا في صراعات يكونوا منشغلين ببعضهم البعض.

لو علمت أن مثل هذه القاعدة لا تخدمها وإنما تزيد غضب المواطن ضدها لعملت على إصلاح ذات البين، وانظر بالرغم ما بين القبائل من ثارات وحروب ومشاكل، لكن عندما تحدث من الدولة على أي قبيلة من القبائل ظلم يلتقون ويصلحون ذات البين ويكونوا صف واحد.

ولو كانت الدولة تفكر بالعقلية المسؤولة مش بعقلية العصابة ولا عقلية ما بدا بدينا عليه لكانت عملت لها قاعدة غير قاعدة فرق تسد. قاعدة نشر العدالة والأخوة والتسامح حتى تبني مواطن صالح وليس مواطن محارب، مواطن يمسك بندقة بيده يتوقع الشر من أي جهة كانت. ماذا تتوقع من مواطن عندما يخرج من بيته دائماً يقول أنا ما باعود إلى بيتي؟ يجب أن تتوقع منه كل الشر. لكن عندما يخرج من بيته يريد أن يستثمر أو يعمل متجراً، يريد أن يوصل أولاده إلى المدرسة، يريد أن يكون مواطناً صالحاً تكون هذه هي تنمية الإنسان الصحيحة وهذه مفقودة عند مسؤولين للأسف الشديد.