|
مأرب برس - خاص
كانت ولا زالت تقنية المعلومات و سرعة تداولها سبباً مُهماً لتطور الدول ، و في شتى المجالات ، وذلك لما تحملها هذه التقنية في توفير المعلومات ؛ من فوائد لاسيّما و هي توفر الجهد و الوقت و المال .. ومن هنا أضحت المعلومات و سهولة تدفقها و تطور أدوات و سُبل تناولها ؛ من أهم دعائم التطور في الدول بشكلٍ عام ، سواء كانت نامية أو مُتقدمة .
و من باب التفرد – السلبي في رأيي - بين الدول النامية تحديداً ؛ أقدمت بلادنا و انعكاساً لهذه الأهمية – لأنظمة المعلومات – بإفراط إلى إنشاء عدة منابع لتزويد الوطن بكافة شرائحه بالمعلومات ، مما جعل هذا الإفراط وعدم التقنين سبباً لهدر المال العام بدلاً من توفيره دون الحصول على مُخرجات إيجابية حقيقية كما كان يتوقع منها عند إصدار قرارات الإنشاء لهذه الجهات ، و التي قامت بإنشاء نفس المشاريع بتكاليف ضخمة و لكل مشروع ميزانيته الخاصة التي تُستنزف من المال العام ، خاصةً و أن المشاريع إلى الآن شبه فاشلة كونها لم ترى النور بعد كما يجب ، مُقارنةً بالفترات المُحددة للانتهاء منها .
و لأن أمثال هذه المشاريع إستراتيجية و مُهمة ؛ كان صدى الإعلان الخاص بإنشائها مدوياً ، قد يكون بهدف جعل المُهتمين بالمعلومات العيش في حالة من التفاؤل بالقادم ، أو بمثابة حقنة " فولتارين " للهائجين و المُطالبين بالتقدم و التطور ، رغم أن القائمين على هذه المشاريع يقصدون التطور أيضاً – على ما أعتقد - ، و لأني لستُ في صدد تحديد كفاءة أحد ؛ سأتطرق فقط في مقالي هذا عن التضارب و الازدواج في القيام بمشاريع مُتشابهة ، في جهتين حكومتين رفيعتين وهما: وزارة الاتصالات و تقنية المعلومات و المركز الوطني للمعلومات التابع لرئاسة الجمهورية و الذي يُسبب – التضارب و الازدواج في المهام – خسائر جمّة تتكبدها الدولة كونها تستطيع جمع المشروعين في واحد يُلبي الاحتياجات كما في الدول الأخرى و توفير المبالغ المُهدرة في إنشاء مدرسة – على سبيل المثال - في جبال " وصاب العالي محافظة ذمار " .
فمثلاً و من هذه المشاريع في وزارة الاتصالات ؛ تم في السنوات الفائتة العمل في مشروع استراتيجي مُهم سُميَّ أسوةً بالدول التي أنشأت مثله بـ ( الحكومة الالكترونية ) و قد حمل هذا المشروع أهدافاً رائعة ، حيث كان من المزمع تصميم صفحة ويب على الشابكة – الانترنت – مُرتبطة بقواعد بيانات كل مؤسسة حكومية و خدمية واستثمارية .. إلخ ، و الذي من شانها – هذا الرابط - خدمة المواطن وهو في منزله كونه يستطيع انجاز مُعاملاته من على جهاز حاسوبه الشخصي ..! ( لمزيد من المعلومات حول فوائد الحكومات الالكترونية ؛ بالإمكان و عبر محرك البحث قوقل الدخول إلى موقع "حكومة مصر الالكترونية " و الإطلاع على خدماتها ) .. و بالرغم من مُضيّ وقت طويل من بداية العمل في المشروع ولكن لم نجد ما يُشير إلى إتمامه أو إنجاز ولو الشيء اليسير ..
و من الطبيعي جداً أن تُخصص مبالغ من موازنة الدولة لمثل هذا المشروع الضخم و المناسب لقدرات وزارة الاتصالات - كونها تملك البنية التحتية - أو حتى تخصيص مبالغ خاصة للدراسات الخاصة به ، و لكن الغريب تخصيص مبلغ قدره ( 53 ) مليون دولار - حسب المعلومات المُستقاة من موقع المركز الوطني للمعلومات – لإنشاء مشروع مُشابه تماماً في الأهداف و مُختلف نوعاً ما في الاسم ، و ذلك في المركز الوطني للمعلومات التابع لرئاسة الجمهورية ..!! فكيف يخفى على أصحاب الشأن هذا التداخل في المهام و الذي يؤدي إلى استنزاف الأموال و تضييعها ؟ لاسيما و أن رئيس الحكومة هو نفسه رئيس مجلس الأمناء للمركز الوطني للمعلومات ..!!
أيضاً قد مضى على بداية المشروع الخاص بالمركز الوطني للمعلومات و المُسمى بـ ( الشبكة الوطنية للمعلومات ) حوالي ( 7 ) سنوات ؛ و لم نرى بعد بوادر تُشير إلى إنشاء ولو الشيء اليسير مُقابل مرور أكثر من ثلث الفترة المُحددة للانتهاء منه في الخطة المُعلنة في موقع المركز ..! بل و أن البعض قد أشار إلى أن ما أنشئ إلى اليوم حوالي 4% من المشروع فقط ..! و إن صح: فهل يستطيع المركز إكمال حوالي 96% في أقل من ثلثي الفترة المُحددة مُسبقاً ؟ أم سيكلل العمل بالفشل كما مشروع وزارة الاتصالات ؟ و ما أسباب ذلك الفشل أو التأخير في الانجاز الذي يُثير تساؤلات كثيرة ؟
واستناداً لما ذكرته آنفاً .. قد طُبقت المقولة المعروفة ( إذا زاد الطباخين ؛ خربت الطبخة ) ..!! فالمشروعين إلى الآن لم يظهرا بعد أو لم نرى ما يُشير لنجاح أي مرحلة منهما ..!!
و بناء على ما سبق سأضع بدوري كمُتابع لما يدور في بلدي بعض التساؤلات التي تحق لي كمواطن في طرحها و الذي تخص الجهتين المعنيتين :
* ما الفرق بين مشروع الحكومة الالكترونية الخاص بوزارة الاتصالات و تقنية المعلومات و بين الشبكة الوطنية للمعلومات الخاص بالمركز الوطني للمعلومات التابع لرئاسة الجمهورية ؟
و بما أن أغلب الدول تُنشئ بوابة أو حكومة إلكترونية واحدة ، تُلبي كل الاحتياجات و لكل الشرائح ، فأين الحكمة من تبذير المال العام في مشروعين مُتشابهين بالأهداف – و إن وجدت بعض الاختلافات البسيطة – لاسيما و نحن دولة تمد يدها متسولةً المُساعدات من الدول بين الفينة و الأخرى ؟.
* أيضاً ما الفرق الموضوعي بين مشروع البرنامج الوطني للمعلومات الخاص بوزارة الاتصالات و تقنية المعلومات و بين مشروع الإستراتيجية الوطنية للمعلومات التابع للمركز الوطني للمعلومات التابعة بدورها لرئاسة الجمهورية ؟ و لماذا لم تُصدر حتى الآن وثيقة الإستراتيجية الوطنية للمعلومات بالرغم من مرور ( 8 ) سنوات من بداية البدء في صياغتها ؟ .
و بما أن الوثيقة تنقسم لمرحلتين الأولى: تقييم الواقع المعلوماتي الراهن ، والثانية: الإستراتيجية القطاعية للمعلومات ؛ فكيف ستكون الوثيقة – في حالة إصدارها - مُطابقة لواقع اليوم ؟ و الذي لم يعد راهن أو لم يعد نفسه الذي تم مسحه من قبل العاملين بداية المشروع في عام 2001 م ، أي بعد مرور ( 7 ) سنوات ؟ و الذي سيجعل تكلفة المشروع البالغة ( 85 ) مليون ريال يمني ؛ تذهب هباءً منثورا و الله المستعان ..!
* و ما الفرق بين المركز اليمني للاستشعار عن بُعد و نظم المعلومات الجغرافية الصادر عن وزارة الاتصالات و تقنية المعلومات و الذي تم إقراره عام 2003 و بين مشروع نظام المعلومات الجغرافية الشامل التابع للمركز الوطني للمعلومات ، و الذي بدأ تنفيذه أيضاً في بداية عام 2003م و البالغ تكلفة إنشاؤه ( 1356.3 ) مليون ريال يمني بتمويل محلي و دولي كما جاء في موقع المركز ؟
أيضاً – خاص برئاسة الجمهورية - هل أنشئ المركز الوطني للمعلومات منذُ عام 1995م فقط لتزويد طُلاب المدارس والجامعات بمعلومات قد يجدوها بمجرد دخولهم مقاهي الإنترنت ؟ و هل الفرق بين المركز الوطني للمعلومات و بين المركز الوطني للوثائق هو أن الأخير يقوم بتوثيق وثائق اليمن و حفظها ، و الأول يقوم بجمع المعلومات الخاصة باليمن و أرشفتها ؟ و هل يستحق هذا الفرق وضع مركزين منفصلين و موازنات مالية سنوية منفصلة لكلٍ منهما ؟ بل وهل يعتقد القائمين على المركز الوطني للمعلومات ، أنه يملك معلومات خاصة عن اليمن أكثر مما تعلمه أي دولة أخرى عن اليمن ؟!!
أخيراً .. أخبرني شخص يدعى في زماننا معتوه : أن هناك الكثير من المشاريع الفضفاضة و الصاخبة دعائياً و التي يتوخى منها دوران عجلة التنمية في الوطن ؛ عبارة عن هبات لبعض الشخصيات أو بمعنى اصح قنوات استرزاق رسمية ..!! و لم أعد أدري بحق .. هل ما يجري من تبذير و عدم ترشيد ثروة اليمن الشحيحة بالشكل المطلوب ، عبارة عن قنوات استرزاق لفئة من الناس كما قال لي المعتوه في ذلك اليوم ؟ أو أن ما يحدث من إسراف و عدم الترشيد و التقنين و الرقابة على الإنفاق للمشاريع التنموية ؛ عبارة عن انعدام بصيرة و رؤى لصناع القرار و إنما " تهبيش " لا يستند على أسس و دراسات علمية و منطقية ؟ حتى أضحت المشاريع التي ترصد لها هذه النفقات الضخمة ؛ هلامية و إذا بالغت قليلاً جداً في الوصف .. قد استطيع أن أسميها شبه وهمية ..!!
Hamdan_alaly@hotmail.com
في الإثنين 26 مايو 2008 03:49:14 م