|
الإعلان في الرياض عن وصول عبدا لسلام جابر- وزير إعلام الانقلاب الحوثي- وسط حفاوةً أقل ما يمكن أن توصف بأنها سمجة.. هذا الإعلان وهذه الحفاوة أعاد إلى ذاكرتي حدثين هامين بالنسبة لي.. الأول: قبل سقوط صنعاء بعدة شهور تقريباً كنت أتلقى اتصالات ملحة من أحد الزملاء ومعه الأخ عبدالسلام جابر، يريدان اللقاء بي وبإلحاح شديد، وعلى إثر ذلك الإلحاح التقيت بهم، متوقعاً أن يكون الأمر خاصاً بإحراجي لطباعة صحيفة الأخ عبدالسلام جابر ديناً أو طباعة كم عدد دعماً له، لكن كانت المفاجأة أن كليهما كانا يحملان مشروعاً تنفيذياً لعملية استقطاب الإعلام في اليمن تحت إشراف حزب الله، تفاجأت بتفاصيل ما يقومان به وما يعرضانه عليَّ وأن قبولي بالانضمام إلى دائرة إعلام حزب الله في اليمن يعتبر مهماً وأن الدعم سيكون سخياً جداً.. عبدالسلام الذي كان يتقاضى شخصياً- حسب كلامه لي- مبلغ عشرة آلاف دولار شهرياً من حزب الله وكذلك زميلنا الآخر يتقاضى نفس المبلغ، عوضاً عن مبالغ مالية كانت سخية للقيام بعملية استقطابات واسعة في أوساط الإعلاميين والشباب وخاصةً النشطاء.. حينها كان ردي عليهم قاسياّ جداً، معتبراً أن ما كانا يقومان به هو عمل تدميري وتخريبي وخيانة بكل معانيها تجاه اليمن، كما اعتبرت أن مجرد تفكيرهم بإمكانية استقطاب مؤسسة "الشموع" و فتح الحديث معي هو في حد ذاته يعتبر إهانة لي ولتاريخ انتمائي الوطني ولكل القيم والمبادئ التي تربينا عليها منذ نعومة أظفارنا كما أنه خيانة لمشروعنا الوطني في مواجهة التدخل الإيراني من خلال حزب الله وجماعة الحوثي.. انتهى اللقاء بتعنيف شديد، ولاشك أن عبدالسلام جابر كان أكثر الفاعلين في عملية استقطاب للشباب بمختلف توجهاتهم ومناطقهم لصالح المشروع الإيراني والانقلاب الحوثي، وشن- من خلال صحيفته والصحف التي كانت تمول عبره- أبشع أنواع التحريض الفكري والطائفي والمناطقي ضد الدولة والشرعية والجيش ورجاله وقادته، وظل في خندقهم أربع سنوات، يقود معركته الإعلامية ضد الشرعية، وينفث سموم حقدة في التحريض ضد شباب القوى السياسية الوطنية الرافضة للانقلاب وللمشروع الإيراني.. عشرات بل مئات الشباب منهم من قتل تحت التعذيب ومنهم مازال في غياهب سجون الانقلابيين، ضحايا عبدالسلام جابر.. عشرات بل مئات الشباب الذين تم غسل عقولهم وإلباسهم لباس الطائفية والمناطقية فكانوا سهام إيران التي قتلت ودمرت اليمن أرضاً وشعباً.. الحفاوة إن لم تكن هي السذاجة، فهي إذاً اللا مسئولية تجاه الضحايا الذين سقطوا بفعل ما اقترفه عبدالسلام جابر... لست هنا رافضاً لعملية تسليم أيٍ من قيادات الحوثي أنفسهم للشرعية، لكنني أرفض وبقوة أن يعتبر هروبهم مكسباً وقد أوشكوا على السقوط المريع في وحل مكرهم الذي كادوه ضد هذا الشعب ووحدته ونسيجه الاجتماعي، فارتد اليوم عليهم ليحاسبهم حساباً عسيراً، في المقابل تنقلب عليهم الحركة الحوثية بعد أن رأى حزب الله والحوثيون انتهاء صلاحيتهم كقفازات اشتغلت على الجيفة بمشروعهم التدميري.. اليوم يتم الاحتفاء بهروبهم من جبروت الحوثي الذي انقلب عليهم وليس انشقاقهم، نحو الشرعية بحفاوة الأبطال.. نحن إذاً أمام تفريط في القيم وانتهاك صارخ لمعنى الانتماء الوطني وخيانة لزملاء مهنتنا من كانوا ضحاياه وهو أمر لا يمكن القبول به مطلقاً، لن نمنحهم شرف النضال والبطولة والمقاومة ومن أين لهم ذلك وهم من تمرغوا في وحل الخيانة وغرقوا في مستنقع الرذيلة لنجدهم اليوم يعاملون كفاتحين وإن المرء ليخجل من هكذا تصرف أحمق إن لم يكن أرعن.. وإذاً لن يكونوا أبطالا بل خونة متمرسين في فنون الخيانة، قتلة يجيدون خلق مسببات وأسباب القتل للقاتل، مرتزقة يدركون جيداً كيف يبيعون أوطانهم.. سنرحب بهم كتائبين من فعالهم القميئة، معلنين توبتهم مترجين متوسلين من الله ومن هذا الوطن والشعب ومن أسر الضحايا والمشردين السماح والعفو، وأن يخضعوا أنفسهم للعدالة وللقانون وللقضاء، وأن يقدموا- وليس فضلاً منهم- كل ما في جعبتهم من معلومات ومؤامرات كانوا فيها أو يعلمون بها للجيش الوطني وقياداته.. عدا ذلك فالحفاوة تكون حلقة من حلقات تآمر جديد على هذا الوطن الجريح نزل بالغيورين على هذا الوطن السقوط فيها كما نريدهم في مستوى التضحيات الجسام لشعبنا المكافح.وليس بيننا وأمثال هؤلاء غير التوبة وطلب العفو عدا ذلك ليس سوى مؤامرة على شرف النضال ولا نامت أعين الخونة..
في الأحد 11 نوفمبر-تشرين الثاني 2018 03:30:59 م