|
على مر العشرة الأيام السابقة تابعت بحرص ردود الأفعال الناتجة عن زيارة الضيف الغالي الشيخ الدكتور "عائض القرني" لأرض اليمن.. وكما هي العادة، وجدنا من يسفه ويقدح في هذا الرجل كما هو دأبهم مع أي شخص لا يؤيد مشروعهم الانفصالي، فهذه الأقاويل البشعة التي صدرت في حق الشيخ الدكتور، جاءت لمُجرد أنه لم يؤيد المطالب الانفصالية عبر خطبته العصماء التاريخية بصنعاء، ولأنه نصح أهل اليمن بالتمسك بالوحدة اليمنية..!
لا أدري ما الذي كان ينتظره بعض أرباب الحراك ومؤيدوهم من فقيه جليل فضيل مثل الشيخ الدكتور/عايض القرني في ما يخص مطالبهم الانفصالية؟
هل كانوا ينتظرون منه أن يؤيد الحركة الانفصالية في اليمن وهو يعي جيداً كغيره من العُلماء والعقلاء والمثقفين والسياسيين؛ أنه لا مصلحة لأي يمني من تجزئة اليمن، وان انفصال شمال اليمن عن جنوبه يعني الهلاك لهذا البلد العربي المُسلم..!
هل كانوا حقاً يتوقعون من أحد ورثة الأنبياء مباركة مساعي الشتات والتمزق، فيساعدهم على صنع برزخ تاريخي في بلد أصله واحد، في حين أن الله -عز وجل- قد حثنا في كتابه العزيز على التوحد حين قال عز وجل(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)؟
أم كانوا يأملون من الشيخ الجليل أن يقوم بتأصيل ومُباركة عنصريتهم التي يستخدمونها للمُطالبة ببعض الحقوق واستثمار بعضها بشكل مشين.. في حين أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قد أوصانا بنبذ الطائفية عندما قال (ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية)؟
أم يا تُرى هل كانوا ينتظرون من شيخنا الجليل أن يُشاركهم أقوالهم التي تُفيد بأن الوحدة اليمنية سبباً في صنع الفساد، في حين أنه يعلم كغيره من العُقلاء والمنصفين بأن الفساد سنّة كونية موجودة في كل مكان ومُرافقة لكل زمان، وأن الوحدة لا تأكل ولا تشرب ولا تسلب ولا تسرق، وإنما هي غاية سامية تسمو بالقائمين بها إلى المصاف المُتقدمة إذا كانوا متعاضدين وصادقي النوايا في وحدتهم..!
للأسف.. لأن واقعنا اليوم منحرف، انزعج بعض أبناء اليمن من الشيخ لأنه امتدح أرض اليمن، وحث أهلها على التماسك ونبذ التشظي والتشرذم.. فما كان منهم إلا أن سفّهوا قوله وفعله والله المستعان على ما يصفون..!
ولأجل هذا التجاوز المُخزي الذي بدر مِن بعض ممن يحسبون علينا.. نتقدم لك يا شيخ عايض بالنيابة عن كل اليمانيين بالاعتذار الشديد، عمّا بدر من السفهاء منّا.. فلا تؤاخذنا بما قالوا يا شيخ عايض.
هؤلاء هم المُعاقون عقليا، يريدون أن يصلحوا خطأ الفساد بخطيئة الفتنة والتمزق.. هؤلاء وضعوا على قلوبهم أكنة، فلا يرون غير الشتات حلاً، ولا يعرفون غير العنصرية وسيلة، ولا يستمعون إلا لمن ينشز صوته عن الحق، ولا يتبعون إلا من اتسق فعله مع الباطل، كل هذا لتحقيق رغبات وشهوات آنية وفئوية لا تخدم ديننا ولا وطننا..!
للأسف يا شيخ .. هؤلاء يمانيون ومن أجل فتات الدنيا يتنصلون من يمانيتهم.. هؤلاء أهلنا وعند الشدة يسعون لقطع آواصر القُربى، هؤلاء إخواننا ولكنهم يعادوننا ويُجرموننا فقط لأننا نحب أن نعيش في وطن واحد لا وطنين..!
للأسف يا شيخ.. هؤلاء قد طعنوا في أهلية مشايخ وعلماء وفقهاء اليمن وغير اليمن، فقط لأنهم حثّوا العامة على التمسك بالوحدة اليمنية.. هؤلاء قد قبّحوا-أيضاً- فعل مئات المثقفين العرب الذين خاطبوا اليمانيين وأوصوهم-عن طريق وسائل
الإعلام- بالحفاظ على وحدة اليمن.. هؤلاء يسفّهون علمائنا ومثقفينا، وعندما يكتب مراهق أو حاقد غربي كلمات تؤيد فكرهم التشطيري، مجّدوه وعظّموه وجعلوه مرجعا.
نجدد لك اعتذارنا الشديد يا شيخ عايض، يا من يحبك أهل اليمن في الله لحبك لهم، ولقربك من ربهم، ولعلمك وفقهك بدينهم، ولفصاحتك وبلاغتك وحصافة فكرك النيّر الوسطي، ومنبعك الطيب الأصيل.. ولن نقول فيك إلا ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله في الصالحين :
أحـب الصالحيـن ولسـت منهـم
لعلـي أن أنـال بـهـم شفـاعـة
وأكـره مـن تجارتـه المعاصـي
ولـو كنـا سـواء فـي البضاعـة.
Hamdan_alaly@hotmail.com
في الثلاثاء 27 أكتوبر-تشرين الأول 2009 07:16:01 م