اليمن: تمرد طائفي في الشمال..حراك في الجنوب لفك الارتباط..بينهما تنظيم قاعدة مبهم..والسكاكين تتكاثر على الثور

الخميس 30 يوليو-تموز 2009 الساعة 09 مساءً / مأرب برس - خاص: محمد الصالحي
عدد القراءات 12565
 
 

مع تفجر الوضع اليوم في مأرب تكون ثلث محافظات الجمهورية قد اشتعلت، وبطريقة تنبئ بمستقبل مخيف، يهدد بالانزلاق إلى ماهو ابعد، ليجعل من الاستحالة تدارك ما يمكن تداركه حالياً، لا نريد زرع القلق والخوف من المجهول، ولا كننا لا نستطيع القفز على الواقع.

بقع النار انتشرت، في أماكن عدة وبشكل متوالي سريع، لتجعل من السلطة حائرة أي من البقع تواجه ، وتحاول بقدر المستطاع الترقيع المؤقت الذي يثبت فشلة، ما يدور في اليمن بعث برسائل القلق الى دول الجوار، وأصبحت تتابع التطورات بقلق، حيث ستنعكس حال البلد عليها عاجلاً او أجلا.

القيادة السياسية في اليمن مثل الرجل (العليل)، عاجزة عن انتشال الوطن من وحل الأزمات، بل انها تُساهم بشكل كبير في توليدها، وتفعيلها، والسكاكين بدأت تتكاثر على جسد الثور المرجح للسقوط.

تمرد في الشمال يكسوه طابع طائفي..وحراك في الجنوب يدعوا الى فك الارتباط..وبينهما تنظيم القاعدة المبهم.

صعدة:

نبدأ من الشمال فمحافظة صعدة التي شهدت خمسة حروب دموية أتت على الأخضر واليابس،منذ بدء التمرد الشيعي بقيادة ابناء رجل الدين بدر الدين الحوثي، وهو تمرد لا يخلوا من وجود اطراف إقليمية داعمة له، يقابلها إطراف داخلية، تعتلي مناصب هامه في السلطة،وقوة تسلح افراد التمرد وطول نفسهم في الاستمرار في الحروب، والتوسع المتواصل، يثبت وجود دعم هائل.

 وتعيش معظم مديريات صعده ما يشبه الحكم الذاتي الذي يحكمه الحوثي، ففي الامس تم طرد الشيخ علي ظافر شيخ قبيلة مراد ولد عامر وقبائله من مديرية غمر الى مديرية رازح بعد ان ظلوا يقاتلوا بمفردهم، ومحاصرون حتى نفذت ذخيرتهم، ليذعنوا لشروط الحوثي، خصوصاً وان السلطة واصلت عجزها وخذلانها لأعوانها، الحوثيين يسيطرون على المناطق الحدودية مع الجارة الكبرى – السعودية -، ويتمركزوا في عدد من المناطق الإستراتيجية في مختلف مديريات المحافظة استعداداً لحرب سادسة.

وكما وعد السيد عبد الملك الحوثي فقد دشنوا المركز الصيفية الخاصة بهم في صعدة وعدد من المحافظات بعد ان اقتحموا المدارس الحكومية بالقوة.

فيما اكتفت السلطة وإعلامها بالتنديد وتوجيه الاتهامات لعناصر الحوثي بارتكابهم أبشع الجرائم في حق المواطنين، حسب اتهامات الحكومة.

وفي نفس الوقت نسي الجميع المختطفين الأجانب، من دون الكشف عن مصيرهم لازالوا على قيد الحياة ام انتزعت البنادق أرواحهم.

وبعد اقل من عام على اعلان رئيس الجمهورية وقف الحرب في صعدة نهائياً، بدون شرح للكيفية، ها نحن على ابواب حرب جديدة لا نعرف محيطها، خصوصاً بعد امتداد الحرب الخامسة الى ضواحي صنعاء.

عمران:

تلك المحافظة المحاذية لصعدة والتي تعد الحصن الحصين لقبيلة حاشد، هاهي المعارك والمواجهات الطاحنة تتواصل فيها بين العصيمات وسفيان، ليسقط العشرات في مسلسل دموي، ينذر بتوسع رقعته لما هو ابعد من القبيلتين ليعم حاشد وبكيل، البعض يشير الى وقوف الحوثيين خلف سفيان ومساندتهم في حرب بلغت إلى مرحلة الاستيلاء على بيت الشيخ الاحمر بوادي السواد، وكانت محافظة عمران قد شهدت معارك شرسة في الحرب الخامسة وتحديداً بمنقطة سفيان، حيث قتل وجرح المئات من الجيش والحوثيين.

ومنذ توقف الحرب الخامسة بين الجيش والحوثيين لم تعرف عمران السكينة..فمن حروب قبلية الى قطاعات الى مواجهات مسلحة بين القوات المسلحة والحوثيين، وهي اليوم مرشحة اكثر من أي وقت سبق لتكون ساحة لاشتعال النار.

الجوف :

المحافظة النائية المنسية من التمنية والمشاريع ولتي ترزح تحت ضغط الفقر والثارات والنزاعات القبيلة، لم يكفيها كل تلك العلل، لتكتوي بنار الحرب، التي تنحي منحني طائفي، برغم هروب اطراف النزاع عن الاعتراف به، ولكن بيان الحوثي اليوم والذي اتهم الإصلاح بالوقوف وراء ما يدور في الجوف من مواجهات، فأننا بصدد مواجهة باتت وشيكه بين طرفان يمثلان اكبر طائفتين مسلمتان، بينهما من العداء والاختلاف، التاريخي، ما يكفل بتصعيد الوضع الى أقصى مداه.

القبائل في الجوف بدئوا بالتحرك ضد الحوثي على الميدان وكذلك إعلاميا، بعد رفضهم لما قام به إتباع الأخير من اعتداء على المساجد ومنازل المواطنين، محذرين ان الجوف ليست صعدة، وان قبائل دهم ترفض ان يأتي من يخرجهم من بيوتهم ويهتك عروضهم بكل بساطة.

ولا ننسى ان الكثير من مديريات الجوف سقطت في أيدي الحوثين بعد بعض المواجهات الدامية، ويقيم فيها أنصاره حالياً مراكز صيفية داخل عدد من المدارس الحكومية، ونقاط تفتيش ويحاولون الاستيلاء على اكبر قدر من المساجد فيها.

مأرب:

في الامس مصدر امني يتحدث عن القبض على منفذي عملية لودر ابين والتي أودت بحياة 4 جنود وإصابة آخر، لتنفي السلطات الخبر في ساعة متأخرة من نفس الليلة.

ليأتي اليوم الخميس، بمواجهة مسلحة بين الجيش وعناصر قبلية تنتمي لتنظيم القاعدة، ولكن المؤكد ان القاعديين في مأرب، يقفون بمفردهم في مواجهة الآلة العسكرية للجيش.

مأرب المحافظة التاريخية والتي لا تعرف السكينة والأمن الا في ما ندر، هاهي اليوم تستيقظ على أزيز الرصاص والقذائف، في انتظار ما يخبئ لها القدر من أحداث لا تجد من يستبشر بها خيراً.

الجنوب يغلي:

لم يعد الجنوب كما كان عليه قبل عام، لقد تفاقم الوضع وتدهور بشكل غير طبيعي، لتعلوا الأصوات المنادية بفك الارتباط والعودة الى ما قبل العام 90م، والدعوات المناطقية والعنصرية، ليزيد من سخونة صيف الجنوب الذي لا يحتمل، ولتنطلق الدعوات الإقليمية لتفادي تشطير البلد.

الضالع :

لم يجدي التقسيم الإداري الذي اجتزاء أجزاء من محافظة لحج واب، لتكوين محافظة (الضالع) في احتواء المطالب الانفصالية، حيث يعيش اهالي تلك المحافظة في وضع اقتصادي متردي يشترك فيه معظم اليمنيين، ولد شعور بالتهميش والإقصاء، ساهم فيها نشوة المنتصر في حرب صيف 94م والذي مارس اخطأ جمة، ولم يلتفت الى المظالم وأصوات العقل، ليقصي عسكريين ومدنيين بالمئات من مناصبهم، ويسرحهم الى منازلهم، وكأنهم يتحملون قرارات الساسة في تلك الحرب المشئومة.

لتشهد الضالع انطلاق أول المطالب الحقوقية والتي كانت تحت سقف الوحدة، ولكن عدم تحكيم صوت العقل والمنطق والبحث عن حلول ومعالجات لها، رفع سقفها إلى المطالبة بالانفصال وعودة الحدود التشطيرية، والتي بدأت تهدد منجز الوحدة التي شوهها القائمون عليها.

لحج :

من لا يعرف ردفان فقطعاً لم يسمع بثورة 14 أكتوبر، وفي ظل وضع اقتصادي يشابه إلى حد كبير نظيرتها في الضالع، فحتماً سنجد من يخرج بالمطالبة بفك الارتباط، ولان شرارة ثورة اكتوبر انطلقت من جبال رفان فأن أهالي لحج قاطبة ترتكز على ورث تاريخي ونضال مسلح، يحي روح التمرد.

الحراك الجنوبي وجد حاضنه كبيرة له في لحج التي تتميز بجغرافية وتضاريس صعبة، وأثبتت الدولة فشلها في احتواء تلك ما يدور هناك، حيث لازالت تستخدم أسلوب المراضاة والمحاباة وتوزيع الاموال للوجاهات التي سرعان ما تنفذ، لينقلبوا قادة للحراك.

ابين:

شكل انضمام القيادي والجهادي طارق الفضلي إلى ما يسمى بالحراك الجنوبي نقلة نوعية، فحليف السلطة بالامس، بات عدواً لها.

من زنجبار الى لودر بدأت لغة العداء والكراهية للوحدة تتعالي، ولم يشفع منصب نائب الرئيس وعشرات المناصب الإدارية والعسكرية التي حضي بها ابنائها في خفضها، برغم دورهم الفعال في حرب 94م.

الفضلي قد يكون وبال على الحراك الجنوبي الذي يقول قادته انه سلمي، فمنذ انضمامه زادت مشاعر الكراهية لكل ما هو شمالي، لتظهر عدة حوادث إجرامية شوهت الحراك، وأفقدته الكثير من متعاطفيه من المحافظات الشمالية، ولعل جريمة العسكرية اكبر دليل على التعبئة الخاطئة، والتي ساهمت فيها اعلام الحراك.

بعد ان شاهدت بعض مقاطع مهرجان 23 يوليو بزنجبار، أجد نفسي مرغماً لتصديق مصدر حكومي والذي اتهم الفضلي والحراك بمسئولية ما جرى، حيث شجع الفضلي أنصار الحراك على أخراج المعتقلين من داخل السجن بالقوة، ليسقط الأبرياء تباعاً في مواجهة لا تصب في مصلحة اي الأطراف.

البيض لازال على موقفه الداعي للانفصال والرافض للوحدة ولم يأتي بجديد، ولكن المغاير للمألوف صدور بيان مشترك بين الرئيس السابق على ناصر محمد والعطاس واللذان استخدما صيغة معتدلة، خصوصاً العطاس الذي عُرف بتشدده مع النظام، وحنينه الى عودة حدود ما قبل 22مايو 1990م.

احد أصحاب الرأي من محافظة الضالع قال لي " كل ما يدور في الجنوب يتم وفق خطط مرسومة وتبادل للأدوار، بين حراك الداخل ومعارضة الخارج، ومن يرسمه احد المتواجدين في العاصمة صنعاء، وهو همزة الوصل بين كل الأطراف" لم يخبرني صديقي من هو ليدعني في حيرتي استعرض كل الأسماء التي اعرفها لعلي اعرف من يكون.

ختاماً :

ما يدور يصب في خانة الاستنزاف للدولة التي تكاثرت السكاكين عليها، لان سياستها هي التي أوصلت البلد الى ما هو عليه، واعتقد ان الجميع يتحمل المسئولية وعلى احزاب المشترك الابتعاد عن المهاترات والمناكفات السياسية ، لان الحزب الحاكم سيظل اعوج ومكابر لان الكثير من قادته لا يهمه أين غرق سفينة الوطن، بقدر ما يشغل باله مصالحة الخاصة، لذا فالكثير يعول على قادة تلك الأحزاب ايجاد مخرج لليمن من النفق المظلم الذي زُج فيه، ولا عذر لهم، وعلى اطراف الأزمة الجلوس على طاولة الحوار والابتعاد عن المكابرة، لتفويت الفرصة على المتربصين باليمن.

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن