مرضى السكري: من ينهي معاناتنا؟

الأحد 11 إبريل-نيسان 2010 الساعة 10 مساءً / مأرب برس- وئام سروري
عدد القراءات 11006

لم تكن هناء (40 عاما) التي توفي زوجها منذ أعوام بمرض السكري تعلم بأن داء زوجها الذي انتقل إلى ابنها وبناتها سيُدخلها في مأساة حقيقية وآلام لا يتحملها إنسان. فعدم توفّر حقنة الأنسولين التي كانت تحصل عليها مجانا من المستشفيات الحكومية فاقم معاناتها.

تقول هناء لصحيفة "السياسية" "أشتري حُقنة أبنائي الخمسة من الصيدليات الخاصة بأسعار مُرتفعة تفوق حدود إمكانياتي المادية البسيطة لأدخل في مشكلة ديون مالية لا تنتهي".

وعائلة هناء هي واحدة من آلاف العائلات التي يعاني أبناؤها من مرض السكري الذي يصفه البعض بـ "داء العصر"، حيث تشير بعض الإحصاءات إلى أن أكثر من 170 مليون إنسان في العالم يعاني من هذا المرض الخطير. وهذا العدد قد يتضاعف بحلول عام 2030.

ووفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية لعام 2000، فإن هناك حوالي 327 ألف مريض بالسكري في اليمن، وهو ما يشكل حوالي 1.5 بالمئة من مجموع سكان البلاد البالغ عددهم 21 مليون نسمة يعيش 42 بالمئة منهم تحت خط الفقر.

ولكن جمعية مرضى السكري تقول إن حوالي 6 بالمئة من سكان البلاد (نحو 1.3 مليون شخص) يعانون من مرض السكري الآن.

ورغم أن الحكومة أعلنت في عام 2007 عن افتتاح مركز لتقديم الرعاية الطبية لمرضى السكري ، غير أن المركز الذي يقدم خدمات مجانية لـ40 مريض يوميا ويشرف على أكثر من 420 منهم، لا يعد حلا كافيا في ظل تزايد أعداد مرضى السكري بوتيرة متصاعدة في البلاد.

وتنقل صحيفة "السياسية" عن الأخصائي النفسي عمر محمد بامهدي الذي لم يسلم هو وزوجته من مرض السكري قوله "أكثر من شهرين وحُقن الأنسولين منقطعة من المستشفيات الحكومية، الوضع مأساوي جدا فأنا اعتمد على راتبي فقط وليس هناك مصادر أخرى، والظروف الاقتصادية صعبة وتُفاقم من هذا العذاب النفسي والجهات المعنية المسؤولة لا تحرّك ساكنا".

شكاوى منتظمة

ويضيف "كل يوم أذهب إلى المستشفى وإلى الصيدلية المركزية لعلّ وعسى أجد حُقنة. ولكن للأسف في كل مرة أعود خائبا وحزينا واضطر لشرائها من الصيدليات الخاصة بسعر يتجاوز 1500 ريال بحسب النوعية المناسبة لي ولزوجتي".

ويقول عبد القادر علي مسؤول صرف الأدوية في الصيدلية المركزية في صنعاء "شكاوى مرضى السكري كثيرة بسبب عدم توفّر حقن الأنسولين بصورة منتظمة".

ويضيف "نحن للأسف نستلم الدواء بصورة غير منتظمة والمرضى يتذمرون منّا دائما. وقبل شهرين تقريبا حصلنا على 500 حقنة، ولكن أعداد المرضى في تزايد مستمر، فلدينا أكثر من 4 آلاف مريض، وبالطبع لن يكفي هذا الدواء لهذا الكم من المرضى، كما أن هذه الحُقن على الرغم من عدم كفايتها وتغطيتها إلا أنها أيضا توزّع للمستشفيات الحكوميّة، وفي حال انتهائنا نعتذر للمرضى على أمل الحصول على أعداد أخرى من وزارة الصحة".

ويقول الدكتور علي صالح المدير الإقليمي للبرنامج الوطني للإمداد الدوائي في محافظة عدن "الأنسولين مثله مثل أدوية الفشل الكلوي وأدوية السرطان وأدوية النزف (الهيموفيليا) والمضادات الحيوية وأدوية الأطفال، فكثير من الأدوية تنقطع لفترات طويلة والخدمات الصحية هي الاتصال بالمواطن لحل المشكلة بصورة مباشرة".

ويؤكد صالح أن عدم توفر الأدوية وعدم استيرادها من الخارج يعود بصورة أساسية إلى سُوء الإدارة وسوء التنظيم "فقبل ثلاث سنوات كان هناك صندوق الدواء، حيث تم تشكيل إدارة محترفة لتنظيم توفير الدواء، وكانت ميزانيات الدواء مرصودة بالبنك من أجل أن تقوم لجنة المشتريات بالشراء المباشر وفقا لقوانين الحكومة، حيث يتم شراؤها مباشرة وتوريدها من قبل الموردين إلى مخازن إقليمية في البلاد".

ويضيف "لكن بعد إلغاء الحسنة الوحيدة التي عملتها وزارة الصحة (صندوق الدواء) تم استبدال هذا النظام بالنظام العشوائي، والمقصود بهذا أن المال موجود بوزارة المالية والأخيرة قامت بإنقاص مُخصصات هذه الأدوية، وهذا انعكس على نقص توفّر الدواء".

الطب البديل

هذا الوضع السيئ دفع مرضى السكري إلى البحث عن علاج آخر عبر الطب البديل.

ويقول اختصاصيون إن الاكتشاف الذي توصل إليه الباحث اليمني عادل البكيلي من جامعة عدن حول فعالية نبتة "الصبار" في علاج مرض السكري كان أشبه بطوق نجاة "بل ان البعض اعتبره حلا مثاليا بالنسبة للآلاف من مرضى السكر والذين يقفون في طوابير كبيرة يوميا أمام المستشفيات الحكومية بحثا عن حقن الأنسولين غالية الثمن والتي توفرها وزارة الصحة للمرضى مجانا".

ولكن الأطباء يؤكدون أن حقنة الأنسولين لا يُعادلها أي غذاء أو دواء آخر "حيث لا يمكن للمريض الاستغناء عنها واستبدالها بمواد غذائية ذات مكوِّنات محددة كبديل لها".

ويؤكد الأطباء أن هذا المرض ينتج عن ارتفاع مزمن لمستوى السكر (الجلوكوز) في الدم، مشيرين إلى ضرورة اتباع المريض لحمية غذائية تزامنا مع العلاج الدوائي بهدف ضبط كمية السكر الموجودة في الدم.

وتؤكد بعض المصادر الرسمية أن الحكومة اليمنية لا تستطيع الآن تأمين أدوية لجميع مرضى السكر في البلاد.

وتنقل صحيفة "السياسية" عن الدكتور الخضر لصور من مكتب الصحة والسكان بمحافظة عدن قوله "إن عدم انتظام الأنسولين يأتي من المركز الأساسي، وهو يخضع لما يحصل عليه من ميزانيات مالية. والمنظّمات الدولية لا تُعطي أدوية ودورها فقط تدريب وتأهيل في مجال الرعاية الصحية الأولية، وفي التطعيمات وغيرها من الجوانب ولا تدعم أدوية محددة".

ويضيف"المناقصات والموازنات تأخذ وقتا ولذلك نجد ارتفاع أعداد المرضى، وعندما نتواصل مع التموين الطبي ونستلم الأنسولين نقوم بتوزيعها حسب البطاقة، واعتقد بأن الكميات التي نستلمها غير كافية وغير منظمة وهذا متعلق بالوزارة، ولديها أطروحات والإفراج يكون منها".

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن