حوارات مع قيادات سياسية يمنية للوقوف على الحقيقة

الجمعة 11 إبريل-نيسان 2008 الساعة 12 صباحاً / مأرب برس - الخليج
عدد القراءات 7536

يشهد جنوب اليمن اضطرابات أمنية، وحالة من الغليان السياسي تمثلت بمواجهات دامية جرت في أكثر من مدينة ومنطقة بين متظاهرين وقوى الأمن، تم خلالها رفع شعارات تطالب بحق تقرير المصير، وأخرى تدعو للانفصال، وبعض المطالب كانت اجتماعية ومعيشية لها علاقة بالعسكريين المسرحين أو المتقاعدين.

لكن أبعاد وتداعيات ما يجري في جنوب اليمن نبهت إلى مخاطر فعلية بدأت تطرق الابواب، خصوصاً ما يتعلق بالوحدة اليمنية والعلاقات السياسية القائمة بين “حزب المؤتمر الشعبي” الحاكم واحزاب المعارضة، وانسداد الأفق أمام الحلول السياسية في ظل تعنت الاطراف المعنية وتمسكها بمواقفها، بل وتبادلها الاتهامات في ما بينها.

في ضوء هذه الصورة المتعلقة، تحاول “الخليج” الامساك بطرف الخيط في محاولة لمعرفة حقيقة ما يجري هناك، والوقوف على آراء القوى السياسية الأساسية المشاركة في هذا الصراع المكشوف، وذلك من خلال حوارات أجريت في صنعاء ودمشق مع قيادات نافذة لها دورها ومواقفها وتاريخها في ما جرى ويجري في اليمن ماضياً وحاضراً.

وتشمل هذه الحوارات التي يضمها هذا الملف رئيس اليمن الجنوبي السابق علي ناصر محمد، وعبدالله غانم رئيس الدائرة السياسية لحزب المؤتمر الشعبي الحاكم، وابوبكر باذيب الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي، والدكتور محمد السعدي الأمين العام المساعد لحزب التجمع اليمني للاصلاح.

رئيس الدائرة السياسية لـ "المؤتمر الشعبي" يتهم "الاشتراكي" بالتحريض على أحداث الجنوب

عبدالله غانم لـ "الخليج": الانفصال مستحيل واليمن ليس قطعة "جاتوه"

ليس أمام حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن سوى التمسك بمواقفه التي لا رجعة عنها، بخاصة عندما يأتي الحديث عن الوحدة، فهذه القضية تثير الكثير من الحساسية لدى قادة الحزب الذي يتزعمه الرئيس علي عبدالله صالح، والذي يعتبر الوحدة من الثوابت التي لا نقاش أو جدال حولها.

لكن الأحداث الأخيرة التي عمت مناطق الجنوب فرضت إيقاعاً مختلفاً لمواقف قادة حزب المؤتمر، الذين بدأوا يشعرون بتسرب هواء غير نقي من وراء هذه الأحداث، ولهذا يحاولون معالجة ما يحدث بأقل الخسائر الممكنة.

لكن الأزمة الحاصلة اليوم ليست فيما يحدث من أعمال عنف في الجنوب فحسب، بل في من يقف وراء هذه الأحداث، ويتحدث رئيس الدائرة السياسية في حزب المؤتمر الشعبي العام عبدالله غانم ل “الخليج” بالتأكيد أن الحزب الاشتراكي هو من يقف وراء هذه الأحداث، بتحريض وبقيادة من الداخل والخارج. ويكشف غانم، الذي بدا واثقاً من مخططات رفاقه السابقين في الحزب الاشتراكي، أن الاشتراكي يريد العودة إلى السلطة من بوابة هذه الأحداث وليس عن طريق صناديق الاقتراع، بل أكثر من ذلك فهو يرى أن بقية أطراف المعارضة تسير خلف الحزب الاشتراكي في مطلب الانفصال وبعضهم من حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي كان حليف المؤتمر في الحرب التي خاضها ضد الاشتراكي العام 1994.

ولا يخفي غانم خوفه من الشعارات الانفصالية التي ترفع في أحداث الجنوب، وقال إنها تخيفهم في حزب المؤتمر، وإن كان واثقاً من أن الانفصال أمر مستحيل الحدوث.

ويرفض غانم الحديث عن ضلوع جهات خارجية، بخاصة بريطانيا، فيما يحدث في الجنوب اليوم، وطلب من محاوره ألا يبحث عن سبق صحافي لأن ذلك قد يعطل قضية وطنية كبيرة.

وتناول حوار “الخليج” مع القيادي في المؤتمر عبدالله أحمد غانم قضايا عدة ساخنة، وهنا نص الحوار:

 هل لنا أن نعرف منكم ما الذي يحدث اليوم في الجنوب؟

الذي يحدث في الجنوب وكما يشاهده الجميع هو نتاج التحريض، بعضه ظاهر وبعضه خفي، تحريض الناس على طرح مطالبات غير مشروعة إلى جانب المطالبات المطلبية المشروعة والتي يقرها الجميع، والهدف من ذلك هو إجبار السلطة على القبول بتسويات غير ديمقراطية، بمعنى إجبار السلطة على مشاركة الحزب الاشتراكي اليمني في السلطة أي عن طريق غير ديمقراطي، طريق المساومات والضغوط وليس عن طريق صناديق الاقتراع.

لماذا تتحدثون عن الحزب الاشتراكي بالذات؟

لأن الحزب الاشتراكي يتصور أن فرصته للوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها معدومة عن طريق صناديق الاقتراع.

أ نتم هنا تتهمون الحزب الاشتراكي، فهل هو الوحيد الذي يواجهكم في الشارع؟

نعم.

ما هو مراده إذن، هل فقط الوصول إلى السلطة أم العودة إلى ما قبل 22 مايو/ أيار 1990؟

العودة إلى ما قبل 22 مايو ليس هدف كل الذين في الحزب الاشتراكي اليمني، صحيح أن هناك قطاعاً لا بأس به من الحزب الاشتراكي اليمني قد صرف النظر عن البقاء في الحزب وفضل الارتماء في أحضان قوى خارجية تهدف إلى عودة الأمور إلى ما قبل 22 مايو، أي إعادة الدولة الجنوبية السابقة وليس بالضرورة أن يكون الحزب الاشتراكي حاكماً، ولكن هذا البعض يستخدم الآن من قبل قيادة الحزب الاشتراكي اليمني لكي يحدث ما يمكن أن يحدثه رغبة في أن يحصل على السلطة بطريق غير ديمقراطي باعتبار أنه القادر على كبح جماح ذلك التيار الذي يريد الانفصال.

هل تفصلون بين الحزب الاشتراكي والمعارضة في شأن ما يحدث في الجنوب؟

 إلى حدٍ كبير نعم.

لكن هناك اتهامات من قبل السلطة أن المعارضة كلها، وليس الاشتراكي هي التي تهيج الشارع في الجنوب؟

المعارضة تنجرف مع الحزب الاشتراكي دون أن تدري ما هو مرماه الأخير، وهم يعبرون بذلك عن تحالفهم مع الحزب الاشتراكي وبعض هؤلاء المعارضة يتصورن، أنه فليحدث انفصال، ولماذا؟ لأنهم لا يتمتعون بذكاء كامل عن مخاطر الانفصال على الشعب اليمني.

الإصلاح انفصالي أيضاً

لكن هؤلاء كانوا حلفاءكم في فترة من الفترات وخاضوا حرباً ضد الحزب الاشتراكي العام 1994؟

إن كنت تقصد حزب الإصلاح فأنا في جوابي السابق كنت اقصد الحزب الناصري، أما بالنسبة لحزب الإصلاح فبعضه مع الأسف الشديد أصبح انفصالياً.

بعد أن كان وحدوياً؟

نعم.

 برأيكم ما هو المشروع بنظر هؤلاء؟

هؤلاء غير الاشتراكي، ليس لهم مخطط واضح المعالم، إنهم يسيرون بغباء، دون أي مخطط والاشتراكي طرف فيه.

هل تفرقون بين القادة الاشتراكيين في الداخل والخارج؟

نعم الاشتراكيون الذين انسلخوا عن الاشتراكي وأصبح لديهم مشروع انفصالي يرتبطون فعلاً بالخارج.

هل نشاط الخارج مؤثر برأيكم؟

نعم مؤثر.

كيف؟

عن طريق المال.

هل لديكم أدلة على ذلك؟

لدينا أدلة عديدة لا نريد أن نكشفها الآن.

لماذا؟

لا أريدك من أجل أن تبحث عن سبق صحافي أن تعطل قضية وطنية كبيرة.

هل تشعرون بأن لبريطانيا يداً بما يجري في الجنوب؟

كما قلت سابقاً لا أريد أن أتحدث الآن عن أحد معين وعن أطراف خارجية في هذا الوقت.

هل تشعرون بأن هناك محاولة لوضع اليمن بكامله تحت موقد يغلي سواء في صعدة بالشمال أو في الجنوب؟

هذا صحيح، فهناك مخطط خارجي لإبقاء اليمن تحت هذا الموقد.

إلى أي مدى يمكن أن ينجح هذا المخطط في إيصال اليمن إلى هذه الدرجة من الاحتقان؟

قد ينجح، لكن نجاحه الكامل غير متصور، وإنما قد ينجح إلى حد أنه يجعل الأوضاع متوترة.

ألا تخيفكم الشعارات والهتافات الانفصالية التي بدأت تبرز في الآونة الأخيرة في المظاهرات والمسيرات التي يشهدها الجنوب؟

بلى، تخيفنا.

وكيف تقرأون في القيادة العليا ذلك؟

نحن نعرف أن الانفصال مستحيل وندرك أن من يرفعون شعار الانفصال، إنما يدعون إلى اقتتال الشعب اليمني والى احتراب الشعب اليمني، ونقول إن الانفصال لن يحدث بل هو مستحيل الحدوث، ومع ذلك نحن لا نخفي خوفنا من أن تؤدي الدعوات الانفصالية إلى مشاكل كبيرة.

المخرج

هل تعترفون بوجود مشاكل في البلد يجب أن تحل؟

نحن نعرف والناس تعرف أن هناك مشاكل كثيرة، لكن دعوتك إلى أن اعترف بوجود مشكلة، أعتقد انك تقولها عن حسن نية لان هناك من يريد أن يقول لنا اعترفوا بوجود أزمة ثم تعالوا نحلها، هنا نقول لا، لا توجد مشاكل.

اقصد أن المشاكل ليس بالضرورة أن تكون في الجنوب ولكن في عموم اليمن كله، فهل لها معالجة مجزأة أم شاملة لكل البلاد؟

لكل مشكلة حل وليس ضرورياً أن يكون حلاً واحداً لكل المشاكل.

ما هي المشاكل التي ترون أن من المهم حلها في هذه الفترة بسرعة؟

أهم المشاكل التي يجب حلها في تقديري الشخصي هي مشكلة البطالة في مختلف المناطق وهي التي تجعل الشارع متوتراً، وهذا أمر طبيعي، أي أن المشكلة الاقتصادية يجب أن نجد لها حلاً في اقرب وقت ممكن، وهناك قضايا عديدة كما قلت لا بد من التحرك لحلها لكن في مقدمتها المشكلة الاقتصادية.

  ما المخرج برأيكم لما يدور اليوم؟ هل هناك إمكانية للجلوس إلى مائدة حوار واحدة والتحاور بين كل الأطراف؟

 لا.

 لماذا يغيب مجلس النواب عن مواكبة ما يجري في البلاد، سمعنا أن هناك جلسة للبرلمان ستخصص لمناقشة أحداث الجنوب، ألا ترى أن هذا الموقف متأخر؟

هذا شأن مجلس النواب.

باعتباركم قيادياً بارزاً في الحزب الحاكم، ما هي وجهة نظر الحزب الحاكم حيال ما يجري؟

هناك هيئات المؤتمر الشعبي العام نحن نناقش هذه القضايا باستمرار.

هل هناك خلافات في ما بينكم أم أنكم على وجهة نظر واحدة؟

 تجاه ما يجري هناك وجهة نظر واحدة وإن كانت هناك اختلافات، ولكن بالاتجاه العام هناك اتفاق في وجهات النظر.

ما موقفكم تجاه بعض ردود الأفعال من الخارج، سمعنا مؤخراً تصريحات للرئيس الأسبق علي ناصر محمد يطالب بضرورة العودة إلى الحكمة اليمانية في معالجة ما يدور في الجنوب؟ هل بدأت القطيعة تحدث مع علي ناصر أو ماذا؟

مع الأسف لأول مرة يتخذ الأخ علي ناصر محمد موقفاً غير متوازن كما هو عهده دائماً إزاء القضايا الداخلية، وكنت شخصياً أرجو ألا يتخذ هذا الموقف، وأن يبقى على مسافة متساوية بينه وبين المؤتمر الشعبي العام وبينه وبين أحزاب اللقاء المشترك، وربما يكون هذا موقفاً عارضاً سيعود عنه قريباً إن شاء الله.

البيض والعطاس

فيما يتعلق بعودة القياديين في الخارج، هل تعتقدون أنه إذا ما عاد علي سالم البيض وحيدر العطاس وعدد من الشخصيات الموجودة في الخارج أن يضعوا حداً لحالة الاحتقان القائمة اليوم؟

أعتقد أنهم لن يعودوا.

في حالة أنهم عادوا، هل يمكن أن يساعد ذلك على تخفيف حالة الاحتقان؟

لا أعتقد.

 لماذا؟

لأسباب كثيرة، على الأقل فإن آخر حديث صحافي لحيدر العطاس قال فيه إن أكبر خطأ ارتكبه الحزب الاشتراكي هو قرار الوحدة، واعتقد أن مثل هذا التفكير لن يساعد إطلاقاً على حل أي مشكلة.

 لكن هو بنفسه اعترف بان هناك تواصلاً بينه وبين الرئيس علي عبدالله صالح؟

ونحن أيضا نؤكد ذلك.

 وعلى ماذا تتواصلون إذا كانت هناك قطيعة من هذا النوع؟

القطيعة من جانبهم.

 رؤيتكم أن هؤلاء لا يستطيعون أن يعودوا إلى البلد، هل لأن لديهم مشروعاً آخر؟

يستطيعون العودة إلى البلد، ولكن لديهم مشروع آخر، هذا صحيح.

 تقولون في الحزب الحاكم دائماً إن المعارضة هي الوجه الآخر للسلطة؛ فلماذا تستبعد الآن المعارضة من كل المعادلات السياسية القائمة؟

هي التي استبعدت نفسها برفضها للحوار.

المعارضة تتهمكم بوقف الحوار معها.

نحن لم نرفض الحوار في أي وقت من الأوقات.

اتخذت قرارات مؤخراً بشأن استئناف الحوار مع المعارضة، هل لديكم تصورات كيف يمكن أن يكون شكل هذا الحوار؟

حتى الآن الحوار يجري بصورة غير معلنة وحتى الآن لا توجد نتائج.

أين أوجه الخلاف والتقاطع بينكم وبين المعارضة فيما يتعلق بموضوع الحوار؟

هم يرفضون الحوار لأسباب كثيرة أهمها في تقديري الشخصي في الظروف الراهنة أنهم وعدوا قواعدهم وأنصارهم أنهم لن يلتقوا بالسلطة.

وانتم؟

نحن لم نقدم هذا الوعد لأحد.

هل سيتم إخراج قانون الحكم المحلي إلى النور من أجل إنهاء هذا التوتر والاحتقان القائم في الجنوب ؟

طبعاً، هناك خطوات مستمرة من أجل إخراج قانون الحكم المحلي الجديد بصيغته الجديدة وأن يتم تنفيذ هذا القانون فيما يتعلق بانتخاب المحافظين في موعد أقرب من الاستفتاء على الدستور.

وفيما يتعلق بلجنة الانتخابات، إلى أين وصلتم بشأنها؟

خلال أسبوعين أو ثلاثة إذا لم يصل الحوار إلى نتيجة بهذا الشأن ؛ فسوف يتخذ مجلس النواب قراره بانتخاب اللجنة العليا للانتخابات.

الانتخابات وتقسيم اليمن

 بعض الأحزاب السياسية، ومنها حزب الرابطة أعلنت مؤخراً تقسيم اليمن إلى عدة مخاليف كحل للاحتقانات القائمة في البلد، هل هذا مفيد لليمن برأيكم؟

 هذا في تقديري الشخصي أمر غير ممكن، اليمن ملك شعبها وليست ملك حزب معين أو أشخاص معينين يقسمونها كما يشاؤون؛ فهي ليست “قطعة جاتوه” قابلة للتقسيم كما يتصور البعض.

 يعني انتم ضد هذه المشاريع؟

 نعم نحن ضدها تماماً.

 هل من الحلول للوضع القائم تغيير شكل السلطة لتكون مجلساً رئاسياً عوضاً عن الشكل الحالي؟

يا أخي، يجب أن يفهم الناس جميعاً أننا في المؤتمر الشعبي العام لدينا رؤية متكاملة شاملة لحاضر ومستقبل الشعب اليمني ولن نحيد عنها، هذه الرؤية متمثلة في “الميثاق الوطني”، الدليل النظري للمؤتمر الشعبي العام ومتمثلة في دستور الجمهورية اليمنية، هذه الرؤية لا نملك أن نحيد عنها، صحيح أننا نملك أن نطورها بين وقت وآخر، لكننا غير مستعدين لأن يعلمنا احد كيف ننظر لمشاكل بلادنا.

 بالنسبة للانتخابات المقبلة، هل انتم مستعدون لها؟

 نعم، نحن مستعدون لها تماماً، وقد بدأنا لذلك قبل فترة وليس من الآن، بدأنا ذلك قبل ثلاثة أشهر.

 هل يمكن أن تتغير الخريطة الاجتماعية والسياسية فيما إذا فاز الحزب الاشتراكي في الجنوب؟ هل هناك تخوفات من أن يعزز ذلك الانفصال على الأقل سياسياً؟

 أولاً الانفصال غير موجود حتى يتعزز، ثانياً لسنا خائفين من أن يعزز الحزب الاشتراكي مواقعه في الجنوب أو في الشمال، هذه مسألة متاحة لكل الأحزاب طالما نحن مؤمنون بالديمقراطية.

 هل ما زلتم تصرون على الاحتفاظ بالأغلبية البرلمانية؟

 بالطبع نحن مصرون على الأغلبية المطلقة، أي النصف + واحد، وبعدها إذا ما حصلت أعداد زيادة فأهلاً وسهلاً.

 هل انتم في موقع يؤهلكم لهذه الأغلبية كما كنتم في السابق؟ ألم يتغير شيء خلال هذه السنوات؟

 تغيرت أشياء كثيرة، من دون أن تتغير حقيقية أن شعبنا مازال يعطي الثقة للمؤتمر الشعبي العام ولقيادته.

 هل انتم في وارد مراجعة الأخطاء التي حدثت خلال الفترة الماضية؟ وهل انتم في وارد تقييم برنامج الرئيس الذي خاض بموجبه الانتخابات الرئاسية؟

 لا، لسنا في وارد مراجعة برنامج الرئيس، نحن باستمرار نراجع أخطاءنا ونعترف بها، لكن أخطاءنا ليست من ذلك النوع الذي يمثل خطورة على الوطن.

علي ناصر محمد لـ "الخليج": تهميش الجنوبيين وراء الأحداث الأخيرة

دمشق - يوسف كركوتي:

أكد الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد أن الأحداث التي وقعت في منطقتي الضالع والحبيلين في محافظة لحج اليمنية سببها عدم الالتفات بجدية إلى الشبان من مواطني المنطقة الجنوبية ورفض تطويعهم في الجيش، كما أن حلم الوحدة الذي تحقق يصطدم الآن بحائط مبكى وفق جملة من الظروف الذاتية والموضوعية وكانت حرب 94م وما تبعها من ممارسات التجسيد الحي لسقوط هذا الحلم.

ودعا الرئيس اليمني الجنوبي السابق في حوار مع “الخليج” إلى انعاش الحياة المدنية وتنمية الواقع المدني وخلق إرادة سياسية حقيقية وأن يتجه القرار السياسي نحو عسكرة الحياة المدنية، وتالياً الحوار:

في ضوء ما جرى في الضالع والحبيلين في محافظة لحج اليمنية من أحداث وتحركات احتجاجية جماهيرية هل هذا يؤشر إلى مخاوف حقيقية على تجربة الوحدة وبعيدا عن السبب المباشر الذي أدى إلى التحركات الاحتجاجية (عدم السماح لعدد من الشبان الجنوبيين بالالتحاق بالسلك العسكري عندما تقدموا للتطوع تلبية لدعوة وجهها الجيش)؟ باعتقادكم ماهي الأسباب الحقيقية والأكثر عمقاً التي أدت إلى احتقان دائم في محافظات الجنوب منذ العام 1994م؟

السبب المباشر الذي أشرت إليه في سؤالك عدم السماح لعدد من الشبان بالالتحاق بالسلك العسكري وفقاً لدعوة من الجيش ليس سبباً مباشراً كما يمكن للبعض تصويره أو تصوره، وما هو إلا جزئية بسيطة في موضوع كلي وعام وهو موضوع الحراك الجنوبي الذي لم يلتفت إليه بجدية وبمسؤولية من قبل صانع القرار والمسؤولون. ويستغرب كل عاقل أن يكون الحراك الجنوبي في أوجه والمطالب مستمرة ومتصاعدة من أجل المواطنة المتساوية، ويتم رفض هؤلاء الشبان التطوع في الجيش لأسباب غير مقبولة يمكن أن تمثل امتداداً لممارسات المنتصر العسكري في حرب 94م والذي يحصد اليوم نتائج الممارسات الإقصائية للعسكريين والمدنيين الجنوبيين ونهب الأراضي وغير ذلك من الممارسات المرفوضة التي تهدد تجربة الوحدة، وتشوه هذا الحلم الجميل الذي ناضلنا جميعاً في الجنوب والشمال من أجل تحقيقه وهنا تكمن الأسباب الحقيقية والعميقة للاحتقان الحاصل والذي حذرت من تبعاته منذ وقت مبكر وتحديداً بعد الحرب مباشرة في العام 94م، واليوم لا نحذر من التبعات التي باتت أمراً واقعاً وإنما من تبعات التبعات وما يمكن أن تشكله من خطر كبير على الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، خاصة إذا ما استمر تجاهل مطالب المحتجين وتجاهل المبادرات للحل التي تطلق بين الحين والآخر، تارة من الجنوب وتارة من الشمال من دون أن يكترث إليها مع أنها جميعاً تلتزم مبدأ الحوار منهجاً وسلوكاً وهو مبدأ حضاري لا يختلف عليه اثنان إلا أن الإرادة السياسية للحل لا تزال مفقودة وهي مطلوبة أولاً وأخيراً وإلا سنبقى في دائرة حديث الطرشان.

هل صحيح أن بنية دولتي اليمن قبل الوحدة والمعالجات الخاطئة التي عملت عليها دولة الوحدة للمواءمة بين البنيتين بعد الوحدة ضيعت المنجزات الاقتصادية التي حققتها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً وأدت إلى تفشي الفقر والبطالة في المحافظات الجنوبية؟

اليمنيون جميعاً في الشمال والجنوب على حد سواء عندما تطلعوا إلى الوحدة كانت بالنسبة لهم حلماً جميلاً وهدفاً عظيماً علقوا عليها الآمال من أجل الوصول بالبنيتين والدولتين إلى دولة واحدة موحدة كبيرة وقوية ترسخ هويتهم التاريخية المشتركة وتؤمن لهم هذه الهوية على أرض صلبة يعتزون بها يبادلونها الحب والوفاء وتبادلهم الخير وتمنحهم العزة والكرامة والرخاء وتكون عنواناً لافتخارهم على مستوى المنطقة والعالم أجمع. ولكن هذا الحلم الذي تحقق على حين غرة اصطدم بحائط مبكى وفقاً لجملة من الظروف الذاتية والموضوعية، وكانت حرب 94م وما تبعها من ممارسات التجسيد الحي لسقوط الحلم الجميل في يقظة مفزعة قلبت الحسابات وغيرت الموازين فانعكس كل ذلك سلباً على حياة الناس وظروفهم المعيشية وبعيداً عن الإشادة بتجربتنا في الجنوب سابقاً على الصعيد الاقتصادي فإن الجنوبيين يتذكرون جيداً المنجزات الاقتصادية التي تحققت في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والتي أشرت إليها في سؤالك، حيث كان المواطنون جميعاً ينعمون بالمساواة، وباكتفاء ذاتي عملت الدولة على تثبيته من خلال مجانية التعليم والتطبيب المجاني ودعم أسعار المواد الغذائية الأساسية والسكن الرخيص، إضافة إلى الأمن والاستقرار الذي كان ينعم به المواطنون في الجنوب حيث لم يشهد الجنوب أي حالة ثأر منذ قيام الدولة في الجنوب حتى نهاية الثمانينات، وكل ذلك تحقق في ظل سيادة القانون حيث لا مكان للفساد والفاسدين في أجهزة الدولة ومؤسساتها.

وكان يمكن لدولة الوحدة في عام 1990 أن تبني على ذلك وعلى ما يوجد في الشمال من ثروة بشرية وغير ذلك فتحصل طفرة نوعية في حياة الشعب اليمني بأكمله، ولكن مع الأسف لم يتم الحفاظ على ما كان في الجنوب من منجزات اقتصادية ومن نظام مالي وإداري متطور ورثناه عن الانجليز الذين حكموا الجنوب لأكثر من 120 عاماً، ولا على ما كان في الشمال أيضاً نتيجة تغليب المصالح الخاصة على العامة والخلافات السياسية وصولاً إلى الحرب والضم والإلحاق فذهبت البلاد في الاتجاه الخاطئ، وأسوأ ما في هذه الحقائق ألا تجد من يعترف بها حتى الآن وخاصة من قبل صانع القرار.

هل توافقون على ما ذهبت إليه بعض قوى المعارضة أن هناك عسكرة للحياة المدنية وإقصاء للمدنيين والعسكريين من وظائفهم، وأن المتضرر الأكبر من هذه السياسة أبناء المحافظات الجنوبية وأن الحكومة اليمنية لم تف بوعودها ولم تعالج كما يجب ذيول حرب 94م؟

أعتقد أن الحديث عن هامش ديمقراطي في اليمن يستوجب منطقياً التوجه نحو إنعاش الحياة المدنية وتنمية الواقع المدني وهذا يتأتى من خلال إرادة سياسية حقيقية في المقام الأول وتضطلع منظمات المجتمع المدني بجزء من المسؤولية، وأن يتجه القرار السياسي نحو عسكرة الحياة المدنية كما أشرت في سؤالك فهذا يخالف أبسط المعايير الديمقراطية بشكل خاص والحضارية بصورة عامة لذلك فإن المتضرر من ذلك هو كل مواطن يعيش في ظل هذا الواقع جنوبياً كان أم شمالياً، ولكن انعكاس ذلك بشكل أكبر على أبناء المحافظات الجنوبية له خصوصياته المعروفة والمشهودة فهناك سبب عسكري مباشر من خلال حرب 94م التي كان بالإمكان تجاوزها بقطع أي أثر سلبي لها منذ اليوم الأول وهذا ما نبهنا إليه في تلك الأيام ولكن لا حياة لمن تنادي. ومع الأسف أن النظام يواجه المظاهرات والاحتجاجات السلمية التي تحدث منذ عام وحتى اليوم في المحافظات الجنوبية بالعنف والقتل والسجن والمطاردة وآخرها ما حصل في عدن ولحج وأبين واعتقال القيادي البارز في محافظة أبين حسين زيد بن يحيى ظهر يوم 6/4/2008 اكبر دليل على إرهاب الدولة وإصرارها على رفض كل الخيارات السلمية.

برأيكم ما هي مشروعية دعوة البعض إلى إعطاء أبناء محافظات الجنوب “حق تقرير المصير” في سياق تقييم تجربة الوحدة التي بدأت في العام 1990م؟

 يكثر الحديث في الوقت الراهن على مستوى العالم ووفق حسابات اللعبة السياسية الدولية عن الفضاءات الكبيرة وعن التكتلات، وينأى الكثير من الحريصين على دولهم بأنفسهم عن الغوص في مسلك تفتيت المفتت وتجزئة المجزأ لأنه يخالف طبيعة العالم اليوم، ويجعل من هذه الدولة أو تلك لقمة سائغة للحيتان. وأما ما يتردد عن مشروعية لحق تقرير المصير لأبناء المحافظات الجنوبية فهو مؤشر واضح إلى مدى الاحتقان الحاصل في الجنوب ودليل قاطع على وصول الناس إلى مرحلة من اليأس نتيجة طول فترة الإقصاء منذ عام 94م وحتى اليوم وقد لاحظت أن تقييم تجربة الوحدة بات موضوعاً للبحث والنقاش في الكثير من الندوات والمؤتمرات التي تقام داخل اليمن وينظمها ناشطون من الشمال والجنوب فهناك من يوجه انتقاداً لتجربة الوحدة منذ قيامها في العام90م، وهناك من ينتقد الفترة من 90 إلى 94م بوصفها فترة وهمية غلبت فيها المصالح الحزبية على مصلحة الوطن، وهناك من يكرس الانتقاد على حرب 94م وعلى آثارها المأساوية التي غيرت الخريطة السياسية برمتها وهذه النقطة محل إجماع. وكنا نتمنى لو جرت الاستفادة من تجربة اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة التي أسسها ورعاها القائد الحكيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله.

هل ترون وجود عوامل خارجية ضاغطة كانت وراء تصاعد الأزمة لأن بعض الجهات الأجنبية تريد إفشال تجربة الوحدة اليمنية وما تمثله من تجربة فريدة في التاريخ العربي الحديث؟

لا تخلو أية تجربة سياسية نوعية من وجود عوامل ضاغطة قد يكون منها عوامل خارجية، ولكني على يقين أن العوامل الخارجية لا يمكنها أن تسير من دون عكازات داخلية محلية ومن دون توافر ظروف مساعدة. لذلك ينصب النقد على العوامل الداخلية المحلية لأنها هي الأساس في نجاح أو إخفاق التجربة، وتجربة الوحدة اليمنية تعتبر تجربة نوعية فنجاحها أو إخفاقها سببه المباشر والأساسي هو العامل الداخلي ولذلك نكرس تحذيراتنا ووجهات نظرنا والتي تقرأ معظمها بطريقة سلبية على أطراف الصراع في الداخل، هذا في وقت سابق وأما اليوم فإننا نخص به صاحب القرار السياسي والإداري فهو وحده من يملك زمام الأمور.

وأريد أن أؤكد للرأي العام وللتاريخ أن الخطر الحقيقي على الوحدة من داخل القلعة وليس من خارجها.

الأمين العام المساعد لحزب “الإصلاح”: المطلوب مبادرة إنقاذ وطنية

صنعاء - “الخليج”:

لا يخفي حزب التجمع اليمني للإصلاح مخاوفه من الأوضاع التي يعيشها الجنوب منذ بدء المواجهات بين المواطنين والدولة، ويرى أن ذلك سببه الرئيسي سياسات السلطة التي أوصلت الناس إلى هذه الخيارات.

ويؤكد الأمين العام المساعد للحزب الدكتور محمد السعدي في حوار مع “الخليج” أن الأوضاع القائمة تحتاج إلى مبادرة إنقاذ وطنية تشارك فيها كافة القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية والمدنية لإخراج اليمن من نفقه المظلم الذي يعيشه اليوم.

ويتفق السعدي مع القائلين إن الأوضاع التي تعيشها البلاد لم تعد تحتمل التأخير أو التسويف، ويراهن على حركة الشعب لإحداث التغيير، وتناول الحوار مع القيادي في حزب الإصلاح العديد من القضايا، وتالياً نص الحوار:

كيف نجد موقف حزب التجمع اليمني للإصلاح مما يدور اليوم من أحداث في الجنوب؟

 أوضاع الجنوب الحالية هي نتيجة لتراكم سياسات الحكومات المتتالية للمؤتمر الشعبي العام، والقاضية بترحيل الأزمات والمشكلات وعدم وضع الحلول المناسبة المنصفة في وقتها، وهذا التصعيد مؤسف لنا جميعاً، وهذه الأوضاع مضرة بالنسيج الاجتماعي والسياسي للبلاد.

أما بالنسبة للتجمع اليمني للإصلاح فآراؤه معلنة وواضحة كما في كثير من المواقف، وبصفته اليوم عضواً فاعلاً في تكتل اللقاء المشترك فقد رحل آراءه الحزبية إلى آراء اجماعية تخرج في مواقف محددة في بيانات وآراء تكتل اللقاء المشترك.

أليس لديكم قلق مما يحدث في الجنوب، خاصة لجهة رفع بعض الدعوات الانفصالية والعودة إلى ما قبل 22 مايو/ أيار 1990؟

 الخوف على الوطن بشكل عام، الإشكالية هنا تتمثل في الانسداد الذي يعانيه المؤتمر الشعبي العام من عدم السماح إلا بسماع صوته هو، وعدم قبول الحلول من الجهات الأخرى إلا الحلول التي ترضيه هو، وهذا يعني انه لا يوجد شركاء سياسيون وإلغاء الشركاء السياسيين هو الذي يؤدي إلى مثل هذه الدعوات، ثم إن الحلول الجزئية الانتقائية أو الحلول الشخصية في قضايا وطنية هي التي تؤدي إلى النفق المظلم الذي عبرنا عنه في مواقفنا السابقة في التجمع اليمني للإصلاح.

للأسف إن الذي يحدث فعلا يؤثر في كل سياسي وفي كل من لديه نزعة وطنية والخوف من أن يتصاعد هذا الأمر إلى أن تصبح هذه الدعوات لها دوائر أوسع ولها مستجيبون كثر.

 لماذا برأيكم يتهم الحزب الاشتراكي في انه وراء ما يحدث في المحافظات الجنوبية والشرقية؟ هل للأمر صلة بحكمه للجنوب قبل الوحدة؟

المؤتمر الشعبي العام يحاول أن يصنف خصومه السياسيين وأن يركز على الحزب الاشتراكي ويجعل القضية محصورة فيه أو حتى في اللقاء المشترك، وقد بينا في آخر البيانات حول الأحداث الأخيرة أن المشكلة اليوم ليست بين قوى سياسية، بل بين النظام والشعب بكل فئاته.

مبادرة إنقاذ

هل اختلطت الأوراق بين المطالب الحقوقية والمطالبة السياسية؟

الأهم عند الموطن الحياة المعيشية، ونحن في القوى السياسية نفرق بين المطالب المدنية والمطالب السياسية، ونرى أن أية مشكلة في الجانب الاقتصادي أو الجانب الخاص بالحقوق المدنية مفتاحها مفتاح سياسي وبالتالي المبادرة التي قدمناها في 2005 للإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل تعتبر مفتاحاً لحلول للمشكلات الأخرى.

اليمن يعاني اليوم من مشكلات متعددة، سواء في الجانب الاقتصادي أو في الجانب الأمني، اليوم أصبح الجانب الأمني هو الذي يعكس نفسه على الجوانب الاقتصادية وعلى الجوانب الأخرى.

هل مازال مشروعكم المقدم للإصلاح الشامل قبل فترة صالحا لليوم؟

بالتأكيد هناك مستجدات، لكن لايزال جزء كبير منه صالحاً، ولكن في ظل المستجدات الآن نحن بحاجة إلى مبادرة لإنقاذ الوطن، وإلى رؤية جديدة تتناسب مع المستجدات الحاصلة داخل البلد وخصوصا ما حدث في صعدة من تنازلات من قبل النظام وما يحدث اليوم في الجنوب من تصاعد في المطالب.

هل مبادرة الإنقاذ هذه محصورة فقط في حل جزئية معينة كحل المشاكل في الجنوب أم أن هناك نظرة عامة؟

النظرة العامة هي الطاغية في هذا الأمر وينبغي الآن أن نوجد مدخلاً لحلول مشكلات اليمن والعمل على عدم تكرار مثل هذه المشكلات التي تتصاعد وتتزايد وتتوارث من جيل سياسي لآخر.

نحن نرى أن هناك مشكلة في السلطة ومشكلة في الثروة، وتنعكس هذه المشكلات على العمل السياسي، وأي إنقاذ يجب أن يشمل الحل المفتاح السياسي لقضايا اليمن عموما وتحت سقف الوحدة اليمنية والتعددية والديمقراطية ولكن بشكل نزيه وبشكل شفاف.

في ما يتعلق بالجنوب، ما هي رؤيتكم لتهدئة الاحتقان القائم؟

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن