آخر الاخبار

تقرير بريطاني: القوة العسكرية في وجه الجنوب ستفتح أبواباً لثورة شعبية عارمة وتمزيق جغرافي

الجمعة 18 إبريل-نيسان 2008 الساعة 04 مساءً / مارب برس - "المصدر"
عدد القراءات 6335

حذرت وحدة الاستخبارات الاقتصادية البريطانية من لجوء الحكومة اليمنية إلى استخدام السلاح في وجه المتظاهرين الساخطين من أبناء المحافظات الجنوبية. وقالت في تقرير لها أمس: "إن لجوء صنعاء إلى استخدام القوة العسكرية سيعمل بشكل رئيسي على استثارة الشعب اليمني في المحافظات الجنوبية لشن تمرد واسع وكبير، والقيام بثورة مفتوحة في البلاد برمتها، ولن يستفيد من هذا سوى جيل جديد من تنظيم القاعدة في اليمن".

وكشفت وحدة الاستخبارات الاقتصادية- التي تتخذ من لندن مقرا لها- أن ا لسخط الشعبي في المحافظات الجنوبية يتصاعد بوتيرة عالية، مما يشكل خطرا عظيما يهدد استقرار النظام السياسي الحاكم في اليمن.

وقالت إن أحد أسباب تجاهل الحكومة اليمنية لضم وتجنيد شباب وعسكريين من المحافظات الجنوبية في الجيش؛ يرجع إلى حقيقة مفادها أن عدم امتلاك الجنوبيين للسلاح يحجّم قدرتهم على شن أي نوع من أنواع الهجوم العسكري المسلح ضد النظام السياسي الحاكم في الشمال، ولكن هذا لا يعني أن المعارضة الجنوبية ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح في صنعاء – حسب وحدة الاستخبارات - تتخذ طريقها بسرعة ومرونة للتعمق في كامل الامتداد الجغرافي للمحافظات الجنوبية في اليمن.

وتواجه الحكومة اليمنية ضغوطا متزايدة جراء الشغب والانفلات الأمني المتصاعد في طول البلاد وعرضها والذي يشتت سيطرة الحكومة ويستنفد مواردها. حيث لم تشهد اليمن منذ حرب صيف 1994 صراعا مثل ما هو جار حاليا في صعدة شمال اليمن، أو السخط الشعبي العارم الذي يجتاح العديد من المحافظات الجنوبية، علاوة على تزايد هجمات تنظيم القاعدة في شتى أنحاء البلاد.

وهذه الأزمات -وفقاً للتقرير- لم تسببها فقط جماعات أيديولوجية وعنصرية أقلية، بل هي صراعات تتوسع تدريجيا على امتداد جغرافي شامل لكل الأراضي اليمنية، موجهة تحديها ضد نظام الرئيس صالح الذي يواجه فعليا صعوبة في احتوائها بشكل متزامن.

وتقول وحدة الاستخبارات الاقتصادية أن هذه الجماعات المناهضة لنظام الحكم في شمال اليمن رغم اختلافها أيديولوجياً إلا أنها تكسب تأييد شعبي وتأييد بعضها البعض ضمن هدف موحد. وهو ما جعل الولايات المتحدة تأمر سفارتها في صنعاء بإجلاء رعاياها وموظفي سفارتها غير الأساسيين وترحيلهم إلى الولايات المتحدة الأميركية خاصة بعد موجة الهجمات العنيفة للقاعدة مؤخرا في العاصمة صنعاء.

وهذا الأمر – بحسب وحدة الاستخبارات البريطانية - يعكس قلق الحكومة الأميركية المتزايد حول التدهور الأمني في اليمن الذي على الأرجح قد يؤثر على أمن واستقرار دول الخليج العربي المجاورة.

وتشير وحدة الاستخبارات إلى أن ما يزيد حدة التوتر والعنف في البلاد، هو أن مقاتلي الجيل الجديد من تنظيم القاعدة قد كثفوا نشاطاتهم بشكل امتد إلى العديد من المناطق والمحافظات، مشتملة على وسط وشمال وشرق وجنوب اليمن.

حيث نفذ تنظيم القاعدة في منتصف مارس الماضي هجوما بقذائف الهاون على مبنى سفارة الولايات المتحدة الأميركية بصنعاء مما أسفر عن جرح 13 تلميذة نتيجة لسقوط القذائف بشكل خطأ على مدرسة للبنات مجاورة لمبنى السفارة. وفي أواخر مارس أيضا تبنت القاعدة في بيان لها على أحد المواقع التابعة للإسلاميين المتشددين عملية تفجير أنبوب نفط وهجوم بالقنابل على حقل نفطي تابع لشركة صينية في محافظة حضرموت. وفي مطلع أبريل الجاري، قصفت القاعدة بقذائف هاون مجمعاً سكنياً في العاصمة صنعاء يقطنه غربيون ومهندسو نفط أجانب مع عائلاتهم.

وتنقل وحدة الاستخبارات الاقتصادية البريطانية عن خبراء غربيين في مكافحة الإرهاب قولهم: إن جيل القاعدة الجديد في اليمن قد كثف تواجده ونشاطاته بأسلوب أشد خطورة من ذي قبل بعد أن انشق وانفصل كليا عن محاربي القاعدة القدامى باليمن الذين نبذوا العنف وتصالحوا مع النظام الحاكم وانخرطوا في المجتمع.

ويحتفظ الجيل الأول للقاعدة -طبقاً للتقرير- باتصال وثيق مع السلطات الحكومية خاصة بعد أن ألزمتهم الحكومة اليمنية بمعاهدات تقضي بعدم قيامهم بأي عمليات ونشاطات داخل الأراضي اليمنية، مع إمكانية خوض الجهاد في الدول الأجنبية بعيدا عن اليمن وعن المصالح الغربية والأجنبية داخل الأراضي اليمنية.

ويتزعم جيل القاعدة الجديد "ناصر الوحيشي" الذي ليس له أي اتصال أو ارتباط مع أي جهة في الحكومة اليمنية، وقد فك جميع ارتباطاته والتزاماته مع الجيل الأول للقاعدة بسبب ارتباطاتهم بالسلطات الحكومية والأمنية، وأنشأ جماعته الجديدة الذين معظمهم شباباً صغار السن ولا تعرفهم الدوائر الأمنية، ويرتبط أيديولوجيا بفكر تنظيم القاعدة العالمي، وترتكز عملياته على تنفيذ هجمات ضد مصالح محلية يمنية وغربية من داخل الأراضي اليمنية.

وتطلق هذه الجماعة على نفسها اسم "تنظيم قاعدة الجهاد في جنوب الجزيرة العربية".

ويتبنى التنظيم الجديد للقاعدة في اليمن شن هجمات ضد كل المؤسسات والمصالح المحلية اليمنية والأجنبية التي تدعم أو تتعاون مع الدول الغربية والأجنبية ويهدف إلى طرد جميع التواجد الأجنبي والغربي من على الأراضي اليمنية.

وبحسب وحدة الاستخبارات الاقتصادية، فقد كانت الحكومة اليمنية في وقت سابق تسيطر على المقاتلين الإسلاميين وتملك القدرة على التعامل معهم عن طريق عدة وسائل منها الحوار والتفاهم والوصول إلى حلول وسطية معهم، أما الآن فقد فقدت الحكومة تماما سيطرتها على زمام الإرهاب لتتحول إلى مواجهة عدو شرس لا يقر بالهزيمة، ولا يرضخ لحوار أو تهديد، ولا يعترف بشرعية نظام مسلم حاكم أو دستور أو قانون.

وبالنسبة لتجدد التمرد الشيعي الزيدي مؤخرا في شمال اليمن، تقول وحدة الاستخبارات الاقتصادية أن مضاعفة الجهود لم تسفر سوى عن إيجاد اتفاقية هشة لوقف إطلاق النار بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية والتي فشلت في إخماد حرب دامت رحاها على مدى أربع سنوات متتالية.

وتقول وحدة الاستخبارات البريطانية: إن تجدد الاشتباكات بين الجانبين يشير إلى سقوط كامل لما تم الاتفاق عليه بين الجانبين وهو أمر ينبئ بتوسع دائرة القتال مستقبلا بين الحوثيين والحكومة اليمنية التي يبدو أيضا انها أوشكت على فقدان سيطرتها العسكرية أمام التمرد الشيعي في شمال اليمن.

وفي الجنوب، فقد أجبر تصاعد وتيرة السخط الجنوبي وأعمال الشغب والعنف من عدن إلى منطقة ردفان إلى قيام الحكومة بإرسال تعزيزات عسكرية مدعمة بسلاح الدبابات إلى تلك المناطق في سبيل المحاولة على الحفاظ على الأمن والاستقرار.

وقد أدى الحرمان الاقتصادي والفقر المدقع وتفاقم البطالة وارتفاع الأسعار بالجنوبيين، وعدم المساواة إلى شن ثورات بدائية احتجاجية ضد نظام الحكم في صنعاء الذي يتهمونه علانية بأنه يمارس سياسة التمييز ضدهم. 

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن