حشود مليونية في الساحات العامة بعموم المحافظات لأداء صلاة جمعة ''اصطفاف لأجل السلام''

الجمعة 12 سبتمبر-أيلول 2014 الساعة 04 مساءً / مأرب برس - صنعاء - تصوير نادية عبدالله
عدد القراءات 6725
حشود كبيرة من صنعاء

احتشد الملايين من المواطنين في الميادين والساحات العامة بأمانة العاصمة وعموم محافظات الجمهورية ظهر اليوم لأداء صلاة جمعة ''اصطفاف لأجل السلام''، تأكيداً للرفض الشعبي للحروب والفتن، واستنكاراً لقطع الطرقات وحصار المدن والاعتداءات على المؤسسات العامة والخاصة، وإعلان تمسك اليمنيين بالسلم ورغبتهم في الأمن والاستقرار.

وأثنى الخطباء في خطبتي الجمعة على المساعي المبذولة لوأد الفتنة، والخروج بالوطن إلى بر الأمان، وإنقاذه من شرور المخططات التي تسعى إلى جر البلاد إلى أتون الفوضى وإراقة الدماء.

وحث الخطباء على ضرورة تعزيز روح الأخوة، والوحدة، والاصطفاف، والتعاون على التقوى، وإصلاح ذات البين، وانتشال النوازع الممقوتة والعصبية الجاهلية من القلوب، وتنقية قلوبنا من الحسد والضغينة والحقد الدفين؛ حتى ترتقي النفوس وتسمو الروح، ويكون الجميع إخوة متحابين، وتتجسد حقيقة الوحدة وجوهر الائتلاف الصادق.

وحثوا على مزيدٍ من الصبر والحكمة والتأني التي يفضي عنها وحدة الصف وحقن الدماء، والسعي الجاد والحثيث لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة .. مؤكدين ضرورة ترسيخ قيم التسامح والتأخي والتعايش بين أبناء الوطن الواحد وتكاتف كافة الجهود والطاقات الوطنية في سبيل معالجة كافة القضايا الخلافية عبر الحوار بما يكفل إنقاذ الوطن من أزماتهِ ومحنه وصراعاته ووضعهِ على الطريق الصحيح الذي يقود إلى بناء الدولة المدنية الحديثة والعادلة.

وأكد الخطباء، الواجب المحتوم على المسلمين في الاصطفاف وجمع الكلمة ووحدة الصف والتعاون والتعاضد، وعدم إتاحة الفرصة لشياطين الجن والإنس في بذر الفتن والفرقة والشتات، مصداقاً لقوله تعالى في كتابه الكريم {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }.

كما أكد الخطباء أن الفتن التي تعيشها الأمة اليوم إنما هي بسبب طغيان الماديات والشهوات، والغفلة عن طاعة رب الأرض والسموات، مؤكدين ضرورة اضطلاع العلماء والدعاة بدورهم في التذكير بعلام الغيوب، والعيش في ظلال آياته الكريمة، وسنن المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، ليجلو صدأ القلوب المتراكم، وتسمو النفوس عن المشاحنات، والمكايدات، والفتن، ويتجه كافة أبناء المجتمع لأداء دورهم المناط بهم في خدمة دينهم ووطنهم وبناء بلادهم أرضاً وإنساناً.

وأكد الخطباء أن الدنيا برمتها لا تستحق أن يراق من أجلها قطرة دم مسلم، وأن على الجميع أن يتذكروا حقيقة الدنيا ومتاعها الزائل، قال تعالى ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ ﴾ وقوله جل في علاه ( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ) أي بأن ما على الأرض يبيد ويهلك، كما وصفت الدنيا بأنها دار ضلال وطغيان لمن يفتن بها، حيث يقول اللّه عزّ وجلّ: ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾. . فضل عن قوله المولى سبحانه ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى *وآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا*فإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ .

وتطرق الخطباء إلى الميزة التي أكرم الله به عباده المؤمنين، فصانهم وحفظهم، وحماهم، وجعل لهم حرمة عظيمة، ومكانة عالية، وحرم التعرض لهم بأي نوع من أنواع الأذى.. مستشهدين بحديث خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام والذي قال: ((لا تَحَاسَدُوا، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَاناً. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، وَلا يَكْذِبُهُ، وَلا يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا -وَيُشِيرُ إِلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ- بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ. كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وشدد الخطباء على حرمة دم المسلم وأنه أعظم وأجل ما ينبغي أن يُصان ويُحفظ،.. مذكرين ببيان خطورة وشدة تحذير الإسلام لقتل النفس بغير حق، وتوعد من أقدم على ذلك بأشد الوعيد بأن يجازى من سفك الدماء بجنهم بما فيها من العذاب العظيم، والخزي المهين، وسخط الجبار، وفوات الفوز والفلاح، وحصول الخيبة والخسارة، مذكرين بقول المولى عز وجل : {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} وقول الرسول عليه الصلاة والسلام : " أول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء" رواه البخاري ومسلم، مشيرين إلى أن ابن عمر رضي الله عنهما نظر ذات يوم إلى الكعبة حيث الجمال والجلال والكمال والهيبة والحرمة فقال: ما أعظمك! وما أشد حرمتك، ووالله للمسلم أشد حرمة عند الله منك.. وقال ابن عمر: إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله. رواه البخاري، وكذا قول ابن عمر رضي الله عنهما، : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:" لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً"، فضلا عن ما جاء عن أحمد والترمذي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده، وأوداجه تشخب دماً يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني حتى يدنيه من العرش".. وعن عبد الله بن مسعود - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " يجيء المقتول متعلقاً بقاتله يوم القيامة آخذاً رأسه بيده، فيقول: يا رب! سل هذا فيم قتلني؟ قال فيقول: قتلته لتكون العزة لفلان، قال: فإنها ليست له بؤ بإثمه، قال: فيهوى في النار سبعين خريفاً".

ونبه الخطباء من خطورة الاعتداء على المؤسسات أو المنشئات العامة والخاصة لما تسببه من استدعاء للاحتكاك وإراقة دماء يمنية مسلمة طاهرة ما كان ينبغي أن تزهق أرواحها، فالوطن في أمس الحاجة إلى رجاله الصادقين من مختلف التيارات والتوجهات، والذين يعول عليهم بنائه وتنميته وحمايته.

وحذر الخطباء من خطورة الاعتداء على أنابيب النفط وأبراج الكهرباء والتي تكبد الإقتصاد الوطني خسائر فادحة، وتلحق أضراراً بالغة على مستوى الوطن وعلى مستوى الفرد وتتسبب في إنهيار البنى التحتية.. مؤكدين أن هذه الأعمال التي تندرج في سياق الحرابة والفساد في الأراض ستكون على من يرتكبها وبالاً وحسرة وندامة في الدنيا والآخرة.. مذكرين بقوله تعالى : ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾. . وقول المولى عز وجل ﴿وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ .

وأشاد الخطباء بما يجترحه أبناء القوات المسلحة والأمن من شجاعة واستبسال لحماية وطنهم وتطهيره من الإرهاب الدخيل على مجتمعنا اليمني .. محذرين من خطورة تنامي واستفحال الأفكار الضالة و الهدامة في المجتمع والتي تستغلها عناصر الشر والفتن الشيطانية لارتكاب الجرائم البشعة والوحشية وتقويض أمن الوطن واستقراره وإعاقة مسيرة التنمية والتقدم في الوطن الامر الذي يجعلها تشكل حجر عثرة أمام رقي الإنسان والمجتمع.

وشدد الخطباء على ضرورة نهوض وسائل الإعلام بدورها المنشود في قول كلمة الحق، وعدم إثارة الفتن والشائعات وتأجيج الأزمات بين أبناء الوطن الواحد، مذكرين الجميع بقوله تعالى

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(.. . مؤكدين على عظمة المسؤولية الملقاة على وسائل الإعلام لوأد الفتن

والتصدي لمن يحاولون تأجيجها .

وحذروا من أن كلمات التحريض التي تتبادلها الأطراف في صفحات المواقع الالكترونية سرعان ما تتحول إلى طلقات على الواقع فيبوء من أشعل الفتن بإثمها وإثم ما يرتكب من جرائم إلى يوم الدين.

وأثنى الخطباء على وسائل الإعلام الهادفة التي استشعرت مسؤوليتها وأمانتها التي أودعها الله، فكانت طريق يقود نحو الخير والصلاح ، وإصلاح ذات البين، والمشاركة في البناء وليس الهدم .. مذكرين بحديث خير خلق الله رسولنا الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم(( مَن كان يُؤمِن بالله واليوم الآخر، فليقلْ خيرًا أو ليصمُتْ)) .

وحذر الخطباء من اللاعبين بمقدرات الوطن من خلف الأستار، والذين يسعون إلى تقويض الأمن وزعزعة الاستقرار خدمة لمصالحهم وأهدافهم التي تتقاطع مع المصالح العليا للوطن والمواطن ، أو رغبة في أن لا يجد الوطن طريقه إلى بناء الدولة المدنية الحديثة التي يتطلع إليها أبناء الشعب قاطبة .. مؤكدين أن حكم الفتنة بين الناس كحكم القتل وأشد، ولذا قال جَلّ ذِكْرُه (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) وقال سبحانه : (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ).

وأكد الخطباء أن الأجيال لن ترحم من أعاق مشروع بناء حلم الآباء والأجداد في بناء دولة مدنية تقام على أساس العدل والمساواة وتحكمها مبادئ الحكم الرشيد والكفاءة والشراكة التي لا يستثنى منها أحد .. محذرين من غضب الله الواحد الأحد الذي يمهل ولا يهمل، والذي يعلم السر وأخفى، ومؤكدين بأن الشعب لن يطول صمته تجاه من يعيث بمقدراته وسيقف صفاً واحداً لبناء الوطن وصد كل المؤامرات التي تستهدف عرقلة مشروع التغيير وتطلعات أبناء الوطن في بناء دولتهم.. معتبرين أن من لم يتعلم الدرس مما حل بالظالمين والطغاة والمفسدين فهو مخذول ومن لم يستلهم العبرة فهو غافل وما اخطر الغفلة وما أشنع الخذلان.

كما اعتبر الخطباء أنها لمناسبة عظيمة وهي تفصلنا أيام قلائل للاحتفال بأعياد الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر)، لتذكرنا بعظمة الاصطفاف وتوحيد الرؤى وقداسة بناء الوطن والذود عن مكتسبات الثورة والجمهورية اللتين وهب من أجلهما الآباء والأجداد فلذات أكبادهم، وسطروا مناصلو الثورة اليمنية مآثر بطولية تستوجب استكمال مسارها وصون مكتسباتها، التي عززت بمبادئ وأهداف ثورة الـ 11 من فبراير 2011م الشبابية الشعبية السلمية، والتي خطت الطريق للمجتمع للاتجاه نحو الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون والعدالة والمساواة.