مصدر سياسي: الوضع متأزم للغاية والحوارات فشلت وبنعمر لم يعد قادرا على أداء دوره

الأحد 01 مارس - آذار 2015 الساعة 03 مساءً / مأرب برس - القدس العربي - خالد الحمادي
عدد القراءات 4225

يمارس الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي سلطاته الشرعية من العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي اليمن، في حين يمارس المتمردون الحوثيون سلطة الأمر الواقع في العاصمة صنعاء، وكل منهما يستخدم أوراق الضغط التي يمتلكها للتغلب على الآخر.

وقالت مصادر سياسية لـ»القدس العربي» «ان هادي يستخدم سلطاته الرئاسية كرئيس شرعي منتخب اضطر إلى نقل العاصمة إلى مدينة عدن لممارسة نشاطه السياسي بعيدا عن الضغوط المسلحة من قبل المتمردين الحوثيين، ويلعب بأوراق سياسية تزداد قوة يوما بعد يوم، لإجبار الحوثيين على الرضوخ لسلطات الدولة».

وأكدت أنه «في ذات الوقت يسير المتمردون الحوثيون في الاتجاه المعاكس ولا يأبهون بأحد سواء على الصعيد المحلي أو على الصعيد الخارجي، تحت نشوة الانتصار العسكري والسيطرة على الأرض بقوة السلاح في العاصمة صنعاء».

وأشارت المصادر إلى أن «الوضع متأزم للغاية لدرجة أنه حتى المبعوث الأممي لليمن جمال بنعمر لم يعد قادرا على أداء دوره الديبلوماسي لنزع فتيل الأزمة والتقريب بين وجهات النظر المختلفة للقوى السياسية التي أضاعت الكثير من الوقت في الحوار السياسي بينما يحقق المسلحون الحوثيون الكثير من المكاسب العسكرية والسياسية على الأرض».

«أصيبت الحوارات السياسية في مقتل إثر انسداد الأفق السياسي للحل عبر الحوار بين القوى السياسية اليمنية»، بهذه العبارة اختزل دبلوماسي الوضع الراهن في اليمن، وأعرب عن تفاؤله في أن يتمكن الرئيس هادي من اخراج البلاد من أزمتها الراهنة بأقل الخسائر، في ظل الدعم الاقليمي والدولي الذي يحظى به، كرئيس شرعي وصاحب سلطة دستورية في البلاد.

وقال: «نحن ملتزمون بالوقوف إلى جانب السلطة الشرعية في عدن»، في تأكيد على الانحياز الكامل إلى جانب الرئيس هادي، رغم الضغوط التي تمارسها جماعة الحوثي على الجميع، وتتصرف بسلطتها الثورية وكأنها صاحبة سلطة دستورية.

ووفقا للعديد من المصادر احتدم الصراع السياسي بين فريقي اللعبة، فريق في صنعاء والآخر في عدن، ويحاول كل طرف استخدام كل مكامن القوة لديه للاستقواء على الآخـــر، ولا تزال المؤشرات الأولية ضعيفة في ترجيح كفة أحد الطرفين، غير أن الرئيس هادي بدأ يستعيد ألقه وعافيته في تجميع القوى السياسية والمؤثرة إلى جانبه في الداخل والخارج.

وتمكّن الرئيس هادي من تغيير مسار اللعبة لصالحه مع وصوله بسلام إلى مدينة عدن وممارسة مهامه الرئاسية بأمان وبحرية تامة بعيدا عن الإكراه والضغوط التي كان يتعرض لها من قبل المسلحين الحوثيين في صنعاء، والتي كشف عن بعضها في خطاباته أو عند لقاءاته ببعض السياسيين في عدن.

وفي الوقت الذي فتحت فيه كافة الأبواب الموصدة أمام الرئيس هادي إقليميا وخارجيا مع انتقاله إلى عدن وتسارع العديد من القوى الاقليمية والدولية إلى دعمه معنويا وربما ماديا لتجاوز أزمته الراهنة، يعيش الحوثيون حالة صراع مع الداخل والخارج، ويواصلون اتصالاتهم للاعتماد على إيران كبديل وحيد لكل القوى الإقليمية والدولية والركون إلى بعض المؤيدين لهم في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات التي سيطروا عليها بقوة السلاح.

والمشكلة التي طرأت وتصاعدت بشكل متسارع، هي استقواء كل طرف بما يملكه من تأييد ودعم مقابل انسداد الأفق السياسي أمام أي حوار بين الطرفين من أجل التوصل إلى حلول وسط للأزمة، مع إصرار الحوثيين على السيطرة الكاملة على سلطات الدولة في حين يرفض هادي ومعه أغلب الشارع اليمني هذا التغوّل الحوثي في كل مؤسسات الدولة واستيلائه عليها بقوة السلاح.

ومع تصاعد حدة الأزمة السياسية وارتفاع وتيرتها انهار الوضع الاقتصادي والمعيشي لليمنيين بشكل غير مسبوق، لدرجة أصبحوا يخشون فيها من عجز الدولة عن دفع رواتبهم نهاية كل شهر، في ظل سيطرة الحوثيين على البنك المركزي ووزارة المالية وكل مقار وسلطات المؤسسات السيادية للدولة، بينما يسيطر القبليون المؤيدون للسلطة الشرعية عل كل منابع النفط وعلى المناطق ذات الموارد الاقتصادية الرئيسية للبلد.

وانتقل الصراع السياسي إلى اللعب بورقة التحكم بالطيران المدني، حيث لازالت شركة الطيران الوطنية (اليمنية) تعمل بشكل طبيعي، بينما قاطعت العديد من شركات الطيران الخليجية والعربية العاصمة صنعاء وانتقلت بعضها إلى وجهة أخرى في اليمن وهي محطة عدن، ويسعى الحوثيون في الوقت الراهن لمواجهة هذه المقاطعة بإيجاد بدائل من خلال فتح خط جوي مباشر إلى صنعاء عبر الطـــيران الايراني والذي تــــرددت أنباء عن توقيع الحوثيين لاتفـــاقية معها في طهران للشروع في تحريك رحلات جوية إلى صنعاء خلال الأسبوعين القادميين.

وبين صراع القوى في صنعاء وعدن انقسم الشارع اليمني بينهما وكان الخاسر الأكبر من هذا الصراع الذي يتجه نحو خلق المزيد من الانهيار للوضع الاقتصادي والسياسي والذي لا يستطيع المحللون قراءة مداه ولا إمكانية الحل العاجل له على المدى المنظور.