رسائل فهد القرني قبل يوم من صدور الحكم عليه

الثلاثاء 08 يوليو-تموز 2008 الساعة 08 مساءً / مأرب برس – الأهالي
عدد القراءات 5169

صباح غد الأربعاء سننتهي من الحلقة الأولى من مسلسل الانتقام في تعز وسيرحلونني بعدها إلى صنعاء لنبدأ الحلقة الثانية في محكمة غرب الأمانة.. أنا في ذروة النشاط والجاهزية، وحين يشارفون على الانتهاء أكون أنا أحضر للبدء فأنا معهم إلى نهايتهم بإذن الله وعبر الأهالي أبعث هذه الثلاث الرسائل، كتبتها على عجالة كتحدّ للعزلة التي أرادوا أن يضعوني فيها..

أتمنى على الأهالي أن لا تحذف من رسائلي حرفا فأنا أعلن مسئوليتي وحدي عن أرائي فماذا عساهم أن يفعلوا!! هل سيسجنونني، ها أنذا مسجون وقد مررت على زنازينهم المختلفة من سراديب الأمن السياسي حتى المركزي مرورا بسجن النيابة ولم أرى في سجونهم الضيقة والانفرادية رغم اتساخها الحسي والمعنوي وقيودهم رغم تنوع أوضاعها وألوانها وصراخهم رغم خيابتهم في تقليد أفلام الرعب، لم أجد فيها ما يستحق الخوف.

بل إن جدران تلك السجون عاتبتني بشدة عن تأخري عنها وسألتني عن تأخر الأحزاب والشعب عن إعلان النضال السلمي والنزول للشارع كل هذا الوقت بعد أن أخبرتني عن حكاية ما يحدث فيها وقصص مَن مرّوا من هنا.

* إلى القاضي

فضيلة القاضي: إن غدا الأربعاء هو موعد النطق بالحكم فأتمنى لك البراءة وللقضاء الإفراج العاجل من قفص الاتهام، كما أتمنى أن يعلن منطوق الحكم براءتك وبراءة القضاة من تهمة التبعية وعدم الاستقلال وأن يثبت الحكم قوتك في قول الحق وحريتك في الحكم بما يمليه عليك ضميرك.

فضيلة القاضي، وحدهم الملايين من اليمانيين وغيرهم ينتظرون سماع منطوق الحكم أو مفردات المرسوم أما أنا فلا، لأنني قد استلمت حكم براءتي من العبودية صباح الأربعاء 2/4/2008م يوم اعتقالي ظلما، فكان القيد في يدي صك تحرري من الرق وعبودية السلطان الجائر والآن جاء الدور عليك لتثبت براءتك وبراءة القضاء فأتمنى لكما البراءة.

فضيلة القاضي إن كان ما ستتلوه أمامي يوم الأربعاء حكما قضائيا قررته أنت بما ثبت لديك من قناعة بعد سماعك لحجتهم وحجتي وبما يتفق مع العدل والحق ويريده الله ويرضاه فهنيئا لك راحة الضمير وسيرفعك الله ويحبك الناس، أما إن كان ما ستتلوه مرسوم رئاسي وحكم القصر ضدي فانتظر بعد ذلك أنت والقصر حكم الله ثم الشعب والتاريخ عليكم فلا طاعة لرئيس في معصية الخالق والله حسبي ونعم الوكيل.

* إلى غرماء الشعب:

حاكموني سرا وجهرا وعلى جنوبكم وافتحوا لي في كل محكمة تملكونها قضية واسجنوني ألف مرة فلن أسجد سهوا أو أعتذر ولن أغني للفقر: يا بشير الخير.

قيدوا يدي وقدمي وضعوا اللاصق على فمي وابدؤوا بهدر الكهرباء على جسدي وحين أصرخ بتمتمات لا تظنوها استغاثة بأربابكم وكبرائكم فحاشا لساني أن يفعل ولو فعل لقطعته بأسناني لكنني حين أصرخ كنت أطالبكم بوقف هدر الكهرباء وادخارها لترقيع ساعات الإطفاء لأنني يأست من انتظار النووي!!

أيها الغرماء، اضغطوا على القاضي ليزيف حكما واضغطوا على النيابة لتبالغ في الأذى واضغطوا على السجان ليشدد العزلة، اضغطوا فما أحوج شعبي المقهور للضغط ليبدأ الانفجار!!

أيها المغرورون، إذا كان شتمكم لغرور "رعاة البقر" ليس إساءة فلماذا تتهموني بالإساءة حين تعرضت لغرور "رعاة الحمير"!؟

أيها المغرورون، إن ما بيني وبينكم هو حق الشعب في الحرية والمساواة والعدل، وإذا أردتموني أن أصمت فأطعموا الناس من جوع وآمنوهم من خوف وأقيموا العدل، وإلا فلن تسكتوا صوتي أبدا، فماذا عساكم أن تصنعوا بي فأقصى ما تستطيعون فعله هو أن تسحبوا مني لقب مناضل وتمنحوني رتبة شهيد حين تستبدلون الاعتقال بالاغتيال وحتى وإن قتلتموني فلن أكف عن النضال فروحي حين تفارق جسدي ستخرج لتحشد أرواح كل من ماتوا جوعا وظلما وقهراً منذ ثلاثين عاما لنقيم تحت العرش اعتصاما ندعو فيه الله أن يفرج على الأحياء ويعجل بزوال الظلم.

يا غرماء البسمة: رغم أنف غروركم أصبح صديقي الشجاع الخيواني رمز وطني، وغدا يصبح أبطال الحراك كالمناضل باعوم والشعيبي وبن فريد والغريب والدهبلي ومفتاح والعزيز المقالح وبقية الأبطال نماذج فذة في التضحية والقوة، لقد استطاع الصحفيون الشجعان أن يهزموا النفاق وينتصروا للوطن ويكسروا أغلال الخطوط الحمراء، يا غرماء البسمة: أنتم تنهزمون أمام هذه القامات.

* إلى رفاقي المعتقلين:

إلى رفاقي في موكب العرس الجماعي، لرواد الحرية.. إليكم يا أنبل الأقوياء وأشجع الرافضين.. إليكم يا أسود الحراك ورواد الكلمة وإلى كل المعتقلين السياسيين، أين وكيفما كنتم/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

و"السلام تحية" ما عدا الخيواني، أهنئك أخي الشجاع عبدالكريم، أهنئك وأبارك لك القفص الذهبي ومبارك عليك "الست".. لقد زفوا إليك "ست" من أجمل "الستات" لأنك عظيم وخلف كل رجل عظيم "ست".. الحمقى لا يعرفون أن الست هي وحدها من تنجب وستنجب لعبدالكريم مجداً وخلوداً وانتصاراً وغيرهم من الأبناء.

أهنئك عبدالكريم، وعقبى لي حين أزف فأنا بكل شوق أنتظر القاضي حين يتلو يوم الأربعاء مرسوم عقد قراني بمن أحب، ولا أحب إلى نفسي من التضحية في سبيل الله لأجل شعبي ووطني وكم كنت أتمنى لو نزف في عرس واحد (على الأقل كنا نتقاسم التكاليف)!!

إلى كل المعتقلين الأحرار: أزف بشرى الانتصار.. أيها الأحرار، يا صاحِبِي السجن، لقد أغلقت سلطة العزيز الأبواب علينا حين رفضنا أن نشاركها الفاحشة، وننضم إلى المنبطحين، وحين يئست من ترويضنا وإغرائنا وترهيبنا وترغيبنا بقولها: "هيت لك"، قلنا: معاذ الله. فسارعت لسجننا لتنتقم لكرامتها المجروحة بصمودنا واستمرارنا بالرفض.

يا صاحبي السجن، لا أعتقد أن هناك من سيتعب منكم وينكسر ويستسلم فكيف يرضى أحدنا أن يسقي ربه خمرا بعد أن كان يسقيه جمرا!؟ وإن حصل أن استسلم أحدكم مكرها ولا أظن ذلك فلا يذكرني عند ربه، لأن ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون.

يا صاحبي السجن، لقد أرادت السلطة أن تعاقب الشعب باعتقالكم ظنا منها أن الحراك سيتوقف وأن عجلة النضال ستتعثر وأن جرأة الصحفيين ستنهار وأن أحدا لن يجرؤ على البكاء بعد أن اعتقلت الضحك، فيجب أن يستمر صمودكم القوي لكيلا تمنحوا السلطة انتصارا بانكساركم.

يا صاحبي السجن.. أيها المعتقلون الأحرار.. لنقاوم الظلم بالاستعصاء وبالدعاء ولنجعل من سجوننا خلوة ندنو بها إلى الله حين نهمس له في سجودنا بما نريد، فليس ثمة مادة في الدستور تجرم الدعاء على من نشاء وليس في القانون مواد تحدد مفردات الدعاء.

فلنلجأ إلى الله ولنبح له بما نريد فهذا هو الاتصال الوحيد الذي لا تستطيع السلطة تسجيله ورصده وتقديمه كدليل اتهام.

يا صاحبي السجن، اجعلوا السلطة تعض الأنامل من الغيظ بثباتكم الذي يجعل من سجنكم انتصار، فأنتم تنتصرون، وحتى من سيصلب منا وتأكل الطير من رأسه فذلك انتصار، لأن تلك الطير طير أبابيل ولحمنا أحجار من سجيل تنتزعه من أجسادنا لنقاوم به أصحاب الفيل.. وسلام عليكم..

من أحد تلاميذ فهد القرني..

أستاذي القدير.. هناك من باع العهد والميثاق بحطام من الدنيا قليل، وهناك من باع العهد والميثاق بتهديد أو تخويف قوي أو ضئيل، وهناك من باع العهد والميثاق بغير شيء لا كثير ولا قليل، وهناك من شغلته الدنيا كثيرا فنسي ما كان يدعو إليه من قبل، ولكني عندما ألتفت إليك -يا أستاذي- كم أحس بعز وافتخار وتسامٍ على الباطل مهما أرغى وأزبد.. إنني أتلقن الدروس منك اليوم أبلغ مما كنت أتلقاها منك بالأمس على خشبة مسرح الجند.. فبعدك -يا أستاذي- لم يعد شيء يرهبني سوى الله ولم يعد شيء يرغبني سوى الله.. أراك فأتذكر قول المولى (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) لكن أتساءل: هل هناك من يعد نفسه ويدعو الله في سجوده ليكون قذيفة للحق على الباطل فيدمغه؟ ليت شعري..

أنا تلميذك سليمان عبدالله، هل ما زلت تذكرني؟ أعذرك إن قلت لا. إنني إلى اليوم للأسف لم أفعل شيئاً، لكنني أسأل الله الذي من عليك أن يمن علينا.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن