آخر الاخبار

صنعاء..مواطن شجاع ينتقم من قيادي حوثي اغتصب ابنه في احد المراكز الصيفية عقب نفي الحوثي.. مصادر مطلعة في صنعاء تكشف لمأرب برس تفاصيل جديدة تثبت تورط المليشيات بفضيحة شحنة المبيدات الاسرائيلية في تطور خطير.. الحوثي يعلن رسمياً تأجير قطاع التعليم العالي في مناطق سيطرته لـ إيران أردوغان يتوعد بمواصلة كشف جرائم إسرائيل : هتلر العصر نتنياهو لن يفلت من المساءلة تعرف كيف تحمي نقسك من أساليب الاحتيال الاصطناعي.. إليك التفاصيل أبو عبيدة في ظهور جديد يكشف عن السيناريو الأوفر حظا للتكرار مع أسرى إسرائيل في غزة تعرف على الدولة العربية التي تحتل المرتبة الثانية عالمياً في سرعة الإنترنت الثابت والمتحرك الزنداني يضع المبعوث الأممي أمام الخطوات التصعيدية للحوثيين مؤخراً على المستويين العسكري والاقتصادي شوارع إسطنبول تختنق وتغرق بطوفان بشري لوداع الشيخ عبد المجيد الزنداني وصلاة الجنازة عليه ماذا قال عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء سلطان العرادة في رحيل الشيخ عبد المجيد الزنداني ؟

مارب برس تنشر نص الإطار السياسي لرؤية اللقاء المشترك لمتطلبات إجراء انتخابات حرة ونزيهة

الجمعة 13 فبراير-شباط 2009 الساعة 10 صباحاً / مأرب برس - صنعاء
عدد القراءات 3256

كشفت أحزاب اللقاء المشترك رؤيتها حولى متطلبات إجراء انتخابات حرة ونزيهة أعلنتها بمؤتمر صحفي اليوم الخميس التأكيد على مواقفه المبدئية بصدد تحقيق إصلاحات انتخابية شاملة تسوى البيئة السياسية والتشريعية والقانونية للانتخابات وفقا للاتفاقيات الموقعة بين طرفي المعادلة السياسية، والمتمثلة في اتفاق المبادئ وتوصيات البعثة الأوروبية بكل مضامينها الجوهرية الشاملة للنظام الانتخابي وآليات وأدوات الإدارة الانتخابية وبما يحقق مبدأ الاستقلالية والحيادية في عمل اللجان الانتخابية العليا والدنيا وبما يكفل التمثيل المتوازن في قوامها لكافة أطراف العملية الانتخابية وبما يحقق تكافؤ الفرص في منافسة انتخابية نزيهة ويعزز ثقة كل الأطرف بالعملية الانتخابية والنتائج التي ستسفر عنها كآلية للتغيير السلمي الديمقراطي، ومصدر لمشروعية السلطة المنبثقة عنها، تجسيدا للإرادة الحقيقة الحرة للناخبين أيا كانت الأطراف السياسية التي سيوليها هؤلاء الناخبون ثقتهم.

وأكد المشترك في السياق ذاته على أهمية وضرورة الحفاظ على ما توصلت إليه الجهود لإصلاح المنظومة الانتخابية والمتمثلة في الاتفاقات الموقع عليها وفي مقدمة ذلك اتفاق المبادئ وتوصيات بعثة الاتحاد الأوروبي والتي يرى فيها المشترك الحد الأدنى من الشروط اللازمة لانتخابات تتسم بقدر من الحرية والنزاهة سيناضل من أجل تحقيقها في الفترة القادمة من خلال العمل على إلغاء كافة الإجراءات الانتخابية الفردية غير الشرعية التي تمت منذ جلسة مجلس النواب في 18 أغسطس 2008م وحتى اليوم.

مؤكدا في السياق ذاته على ضرورة إقرار مشروع التعديلات على قانون الانتخابات مع إضافة القضايا التي لم يتضمنها المشروع بصيغته التي أقرت موادها في مجلس النواب وبما يكفل استيعاب ما تم التوقيع عليه في الاتفاقيات المرجعية للمشروع "اتفاق المبادئ، وتوصيات البعثة الأوروبية" وهي:إعتماد نظام القائمة النسبية كبديل للنظام الانتخابي الحالي لما يتميز به من عدالة في تمثيل أصوات الناخبين إلى جانب الميزات الإيجابية الأخرى، بما في ذلك ضمان التمثيل الحقيقي للمرأة في البرلمان القادم، وحسم نصاب التصويت في اللجنة العليا بأغلبية الثلثين في قضايا التعيين والتوظيف واللوائح والأدلة والمصادقة على إعلان النتائج، وإلغاء الموطن الثالث "موطن مكان العمل" وحذف كلما يشير إليه في نصوص القانون، والنص على تشكيل اللجنة العليا واللجان الانتخابية من الأحزاب وعلى قاعدة التوازن بين السلطة والمعارضة، ووضع نصوص قانونية واضحة وصريحة تحدد آليات عملية وفعالة لضمان حيادية "المال العام والإعلام العام والوظيفة العامة المدنية والعسكرية" على مستوى المراكز والدوائر والمحافظات، وعلى المستوى المركزي وإعادة تصويب النص المحور في مشروع التعديلات بشأن حيادية الوظيفة العامة وفقا للصيغة المتوافق عليها في اتفاق المبادئ.

مؤكدة على ضرورة النص على حق الأحزاب في الحصول على السجل الانتخابي الإلكتروني من اللجنة العليا بكامل بياناته وبصيغة قابلة للمعالجة الإلكترونية، واعتبار توقيع أعضاء لجنة الاقتراع على ورقة الاقتراع قبل تسليمها للناخب شرطا لصحة وسلامة الصوت كضمان لعدم تسرب أوراق الاقتراع واستخدامها في إكراه الناخبين على التصويت لمرشح أو لحزب بعينه، والاعتماد حصريا على البطاقة الشخصية أو العائلية أو جواز السفر عند التعريف بطالب القيد في جداول الناخبين، والنص على معالجة أوضاع موظفي اللجنة العليا الذين تم توظيفهم وتعيينهم خلافا لشروط قانون الخدمة المدنية وقانون الانتخابات العامة وإحالتهم باستحقاقاتهم القانونية إلى وزارة الخدمة المدنية، وتمكين اللجنة بعد إعادة تشكيلها من كل المهام المناطة بها في ترتيب شئونها والإعداد والتحضير للانتخابات القادمة في ضوء القانون المعدل المتوافق عليه، وإزالة كافة مظاهر وأسباب التوتر والاحتقان السياسي وتوفير المناخان الضرورية المناسبة للانتخابات وفي مقدمة ذلك، والكف عن ملاحقة النشطاء السياسيين والإفراج عن بقية المعتقلين السياسيين خلافا للقانون وتعويض من تعرض منهم للسجن والإيذاء البدني والنفسي، وإلغاء كافة القوانين والقرارات والتوجيهات والأوامر المخالفة للدستور والقانون المتعلقة بقمع الفعاليات السياسية والشعبية السلمية والمقيدة للحقوق الحريات العامة.

مطالبة في الوقت ذاته بوقف الممارسات والضغوط التعسفية وسياسية الفساد والإفساد السياسي والمستهدفة للأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني أو التدخل بشئونها وتفريخها أو شقها والإفراج عن ممتلكاتها ومقراتها وأموالها ووثائقها المصادرة خلافا للدستور والقانون النافذ من حرب صيف 94م وحتى اليوم..

نص رؤية المشترك

لقد بات جليا اليوم بأن المعالجات الجزئية المبتسرة التي طالما شهدتها الاستحقاقات الانتخابية المنصرمة قد أضحت أحد أهم معوقات الممارسة الديمقراطية الجادة، وعاملا كابحا لنموها وتعزيزها باعتبارها أهم المكتسبات المعاصرة للشعب اليمني المهددة بالانحسار، وما أحوجنا اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة توطين الأمل في النفوس المحتقنة وزراعة الثقة في القلوب المحبطة للحفاظ على ما تبقى من مشروعنا الوطني الديمقراطي الكبير الذي طالما ظل حلم اليمنيين جميعا، ناضلوا من أجله طويلا وقدموا أرواحهم رخيصة في سبيله.

وأمام هذه الأوضاع الاستثنائية يرى المشترك بأن الخطورة الأولى على هذا الطريق الشاق والطويل تبدأ بإعادة الاعتبار إلى تلك الخيارات الوطنية النبيلة التي توافق عليها اليمنيون وارتضوها خيارات وطنية لا رجعة عنها، وفي المقدمة منها مبدأ الشراكة الوطنية والتعددية الحزبية والسياسية والقبول بالآخر، وسيادة القانون والمواطنة المتساوية والشراكة الشعبية الواسعة في السلطة والثروة وصناعة القرار.

ولهذا فإن أحزاب اللقاء المشترك وفي سياق رؤيتها لإجراء انتخابات حرة ونزيهة شددت على ضرورة توفير المناخات السياسية الملائمة، فمثل هذه الانتخابات لا يمكن أن تتم إلا في ظل مناخات سياسية واجتماعية تضمن شروط المنافسة الحقيقة، وتجري في أجواء بعيدة عن التوترات والاضطرابات والصراعات الناجمة عن تلاحق الأزمات واشتداد ضغوطها وتأثيرها على مجمل الحياة السياسية والاجتماعية.

المناخ السياسي والانتخابات:

إن اللقاء المشترك وهو يشدد على ضرورة توفير الأجواء والمناخات السياسية الملائمة لإجراء الانتخابات النيابية القادمة إنما ينطلق من حرصه الشديد على أن تؤدي هذه الانتخابات وظيفتها الحقيقية في وضع البلد على المسار الذي يفضي به إلى الاستقرار والتقدم وتعزيز وحدته الوطنية والسياسية وتوفير الشروط المناسبة لتنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تسهم في تحسين معيشة الشعب وتفاعل كل هذا مع العوامل الضرورية التي ستولده هذه الظروف لإنتاج الحكم الرشيد الذي لا يمكن التفكير في مستقبل اليمن بدونه، ونقصد بالحكم الرشيد ذلك الحكم الذي يستند على دولة شراكة ومواطنة ذات نظام مؤسسي ديمقراطي لا مركزي يتم فيه تداول السلطة سلميا عبر انتخابات حرة ونزيهة، أي حكم غير قابل للعودة بالبلاد إلى سيطرة البنى الضيقة "ما دون الوطنية".

وفي ظل الوضع الحالي الذي تتحكم فيه أزمة وطنية عميقة بمظاهرها السياسية والاجتماعية والاقتصادية يصعب الحديث عن انتخابات تحقق هذا الهدف أو تسهم ولو جزئيا في تحقيقه فالأزمة بصورة عامة قد استفحلت لدرجة أضحت معها ضاغطة بقوة على الحياة السياسية وشوهت بذل كل العمليات التي تتم في إطارها بما في ذلك الانتخابات والمشروع الديمقراطي عموما.

1- جذر الأزمة الوطنية (نظام أحادي تسلطي):

إن جذر الأزمة يكمن في نظام سياسي أحادي تسلطي وصل بالبلاد إلى مأزق لم يعد معه قادرا على إيجاد حلول مناسبة لمشاكل البلاد الوطنية والسياسية والاقتصادية، فمن ناحية استهلك النظام كل أدواته التقليدية في تسيير شؤون البلاد دون أن يدرك أن الحياة قد دفعت بمشاكل جديدة ومختلفة إلى الأزمات والمشكلات الإضافية أمام الوطن الأمر الذي بات يهدد البلاد بمصاعب بنيوية من النوع الذي يؤدي إلى أخطار حقيقية تهدد وحدته وسلامته.

كل ذلك والنظام لا زال يتمسك بنفس أدواته التقليدية في المناورة واستهلاك الديمقراطية والسعي نحو ترتيبات تجعل الخيار الديمقراطي التعددي خيارا مستحيلا مع عدم قدرته على خلق الشروط المناسبة للوحدة التي من شأنها حماية البلاد من التفكك السياسي والعرقي والطائفي ناهيك عن فتح الباب بلا قيود أمام الانقاسامات الاجتماعية من خلال غياب السياسة الاقتصادية والمالية القادرة على منع سيطرة قلة من المنتفعين والمحسوبين على ثروات ودخل البلاد وإفقار المجتمع بصورة لم يعد معها ممكنا البحث عن حلول جزئية في إطار هذه السياسات غير الرشيدة.

إن إصرار النظام وسلطته على التمسك بهذه الأدوات التي عفا عليها الزمن للتعاطي مع قضايا تتعقد كل يوم يضع البلاد أمام تحديات خطيرة لا يمكن إغفالها حينما يصبح من الضروري قراءة الأوضاع على نحو موضوعي وبعيدا عن الحسابات السياسية. فلم يعد هناك مجالا أو هامشا من أي نوع لقراءة هذه الأوضاع بحسابات أخرى غير ما يعرضه الواقع بوضوح من تحديات خطيرة لا تقابلها في نفس الوقت السياسات الحريصة على تجنيب البلاد الانزلاق نحو الكارثة.

2- غياب الدولة المؤسسية

وإذا كان جذر الأزمة يكمن في النظام السياسي فإن أول مظاهرة هو غياب الدولة الوطنية المؤسسية، حيث عمد النظام إلى استبدالها بسلطة اكتفت بحشد عناصر الدولة خارج نظامها المؤسسي لتأمين وظيفة تسلطية تتجه بجانب منها نحو إعاقة بناء الدولة وتتجه بالجزء الآخر نحو حماية النظام السياسي والاجتماعي في عمليتتين تلتقيان معا في المجرى الذي يفضي إلى نتيجة واحدة وهي مواصلة تكريس الأدوات التقليدية التي لم يعد هذا النظام قادرا على إنتاج غيرها.

إن هذا التكريس يبطن تعسفا للصيرورة التي يفرضها التطور العام في صورة نمو الحاجة الوطنية للدولة بسبب التطور في الوعي الاجتماعي وكذلك التأثير المتزايد للتجارب العالمية في القضاء على التخلف والسير في طريق التطور في بلدان ذات ظروف أكثر صعوبة وتعقيدا من اليمن، إن استمراره والإصرار عليه أدى إلى بروز تناقضات عميقة بين النظام السياسي وآلياته وأدواته التقليدية ومنها الحروب كأبرز أدواته التي عصفت بالوحدة السلمية وكرست القوة والعنف من ناحية، والمجتمع وحاجاته من ناحية أخرى وبدلا من بحث المشكلة في هذا السياق الحقيقي لها أخذ النظام يصور المسألة على نحو مختلف على أنها خلاف سياسي مع المشترك وهي محاولة لتبسيط المشكلة موظفا كل آلياته وأدواته لتكريس هذا الفهم وكأن حل المشكلة سياسيا مع المشترك ينهي الأزمة ويعالج جذرها.

وهناك من البراهين ما لا يحصى عن أن هذا النوع من التناقضات يولد مزاجا صداميا داخل المجتمع يصعب معه وضع الخيار الديمقراطي الهش في صورته التي تسعى السلطة إلى فرضه في مواجهة حاجة المجتمع إلى التغيير حيث يفقد الناس الأمل في الإصلاح أو التغيير بواسطة هذا النوع من الديمقراطية.

إن ما نشاهده اليوم في واقع اليمن هو أن هذا التناقض قد أخذ يشتد وينتج هذا المزاج الصدامي وبدلا من أن تقرأه هذه السلطة ونظامها بصورة صحيحة تمكنها من معرفة أسبابه الموضوعية فإنها تواصل مناوراتها بمحاولة تجريد هذا المزاج عن مسبباته الحقيقية وبالتالي فصل الأزمة عن جذرها وتتويه البلاد في صخب مفتعل عن الأخطار التي تتعرض لها البلاد في إشارات واضحة إلى إصرار المشترك ومعه المجتمع على الوقوف أمام الأزمة بمسئولية وعدم تجاوزها إلى انتخابات شكلية تميع الموقف الحاسم لقطاعات واسعة من المجتمع والتي تؤكد على الضرورة الوطنية لجعل الأزمة في صدارة الفعل السياسي بما في ذلك الانتخابات إذا ما أريد لأطراف الحياة السياسية والمجتمع بأكمله أن يتجهوا بجدية نحو إنقاذ البلاد من الكارثة التي تتجه إليها.

3- إلغاء الشراكة الوطنية:

وإذا كان غياب الدولة الوطنية المؤسسية قد شكل المظهر الأول لمأزق هذا النظام السياسي باعتباره جذر الأزمة فإن هذا بدوره قد ألغى الشراكة السياسية والوطنية بسبب غياب حاملها الحقيقي وهو الدولة وبسبب ضرب الوحدة السلمية التي كانت هي القادرة وحدها على الاضطلاع بخلق شروطها.

واستبدلت الشراكة الوطنية بنظام من الولاءات يقوم فيه مركز السلطة بتأسيس قاعدة لمعايير سياسية واجتماعية ومناطقية جهوية يتم وفقا لها بناء الحزام الآمن للنظام ويحصل منتسبوا هذا الحزام على نصيب الأسد من ثروة البلاد ومن المناصب العليا والوظائف الأساسية، وتقوم العلاقة بين مركز السلطة وهذا الحزام الواقي على قاعدة مختلفة لنظام الشراكة الوطني، فهو نوع من الشراكة في السلطة والمصالح، ولا ترى المناطق التي ينتمي إليها هؤلاء أو الفئات الاجتماعية والسياسية التي جاءوا منها أنها شريكة فعلا في السلطة، فمن ناحية لا تقوم العلاقة بين مركز السلطة ومنتسبي ذلك الحزام على أساس الشراكة وإنما على أساس الولاء مقابل نصيب معين من الثروة وبالتالي فإن ولاء هؤلاء لمركز السلطة أقوى من ولائهم للمناطق أو للفئات الاجتماعية والسياسية التي يمثلونها، وقد يقال فيها ما يعتبر جدلا عقيما: إن الولاء هنا هو للوطن والحقيقة هي أن الوطن في مثل هذه الأحوال يتجسد في مركز السلطة إلى درجة لا يمكن لثقافة هذا النوع من الأنظمة أن تفصل بين الوطن ومركز السلطة.

ومن هذا المنطلق يتم بناء هذا الولاء على هذا المفهوم المضلل الذي يجعل الولاء للمصلحة الشخصية ولاء للوطن، أما من ناحية أخرى فإن غياب النظام المؤسسي الذي يمكن أن تنتظم بواسطته شراكة هؤلاء يجعل العليمة مستحيلة حتى ولو أراد هؤلاء من باب الإحراج أن يلعبوا هذا الدور فهم لم يختاروا مؤسسيا ليقوموا بدور الشريك وإنما جرى تعيينهم مركزيا بناء على المعايير التي قررها مركز السلطة.

4- إضعاف الروابط الوطنية:

لقد عطل نظام الولاءات هذا الشراكة السياسية والوطنية وبالتالي فإن الروابط الوطنية داخل بنية الدولة أصبحت من الرخاوة إلى درجة أنها باتت تشكل عقبة حقيقية أمام تعبئة المجتمع لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه البلد. فالحوافز الوطنية يجري في الأساس تعطيلها بواسطة إنتاج حوافز تخدم الولاء للسلطة وهي ذات طبيعة مختلفة تمام، فهي ترهق البلد بالتزامات مادية تجر عليه مزيدا من المشاكل ناهيك عن أنها تنشئ قيما تعمل على تعطيل الحوافز الوطنية حيث تتسع المساحة التي يتم فيها تفسخ الروابط الوطنية واستبدالها بذلك النمط من السلوك الذي يعبر عن القيم الجديدة لنظام الولاء وهي قيم تخلق ذلك النوع من الروابط الداخلية الرخوة بما يمهد لإشاعة ثقافات تفكيكية بالاستناد إلى عوامل محلية وقبلية وطائفية وعرقية، وهذه الثقافة تسود في ظل هذه الأوضاع رغما عن مركزية النظام وحدة سطوته القائمة على القرار المركزي، فالمركزية هنا هي تعبير عن غلو وتطرف في التمسك بنظام الولاء لمركز السلطة ذلك النظام الذي يصعب عليه أن يخول سلطاته أو يسمح بتوزيعها لمؤسسات أخرى مركزية أو محلية وهو بهذا لا يمتلك مقومات توليد ثقافة وحدوية وطنية، لأنه يوجه هذه المركزية نحو هدف مختلف ذا طابع أمني مرتبط بحاجة سلطته المركزية.

وتسود الثقافة التفكيكية كمكون لوعي المجتمع حينما يكون الانتماء إلى البنى ما دون الدولة مثل القبيلة والطائفة والعرق أقوى من الانتماء إلى الدولة، والوضع الآن في اليمن هو تعبير عن حالة لا توجد فيها دولة بالمعنى الذي تقدم فيه كعنوان لمؤسسة أكبر من تلك البنى التقليدية، لذلك لا بد من النظر إلى هذه المسألة وما يتفرغ عنها من فجوات خطيرة في البنيان الوطني على أنها تقف في صدارة القضايا التي يجب التركيز عليها حينما يدور الحديث عن المناخ السياسي لأن القضية لا ترتبط فقط بإصلاحات جزئية تطال النظام الانتخابي وإدارته وإنما التفكير بجدية في حاجة البلد إلى إصلاح جذري للنظام السياسي ومعه إصلاح جذري للنظام الانتخابي يضع السلطة بيد الشعب ويتجه إلى بناء الدولة المؤسسية الديمقراطية على قاعدة الشراكة الوطنية بنظام لا مركزي يقود إلى الشراكة الوطنية الحقيقية في الحكم والثروة.

5- القضية الجنوبية:

ومن هذا المنطلق لا بد من النظر بجدية إلى الأوضاع في الجنوب والتعامل معها على أن حراك المجتمع هناك مدفوعا بقضية عادلة ذات دلالات عميقة في فهم مشكلة الحكم وسياساته التي أساءت إلى الوحدة وفي ظل هذا النظام المركزي الذي تدار به البلاد وفي ظل هذه الروابط الرخوة للحوافز الوطنية الناشئية عن نظام الولاءات الذي أجهض المشروع الوطني وحل محل الشراكة الوطنية وتحقيق المواطنة المتساوية.

إن إحلال القوة والإرادة بالفساد كبديل للمشروع الوطني، ناهيك عن توجه السلطة نحو القضايا الخاصة في محاولتها لترميم الأوضاع هناك إنما يعكس تحليلا قاصرا لحقيقة المشكلة وطبيعة القضية التي يطرحها الناس تحت عنوان "القضية الجنوبية" ذلك أن الاحتشاد السياسي والمعنوي في إطار هذه القضية إنما يعبر عن حاجة حقيقية لإصلاحات جذرية لمنظومة الحكم على النحو الذي يعيد بناءه على أساس شراكة حقيقية في الحكم وفي الثروة عبر بنى مؤسسة عصرية لا مركزية تحقق هذا النوع من الشراكة ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل هذه المطالب التي هي تعبير عن حاجة حقيقية للمجتمع تضع هذا الجزء من الوطن في المكان الملائم كطرف في المعادلة الوطنية.

إن المسارات التي تأخذها هذه القضية في ظل هذا الصمت المريب بل واللامبالاة من قبل السلطة والاكتفاء بالتلويح بالقوة مع إطلاق معالجات هشة وسطحية يجعلنا نؤكد على أن المشكلة تكمن في طبيعة النظام السياسي الذي اعتبرناه جذر الأزمة الوطنية وما تمخض عنه من مظاهر بنيوية خطيرة كما شرحناها سلفا.

وبهذا الصدد لا بد من التأكيد على أن القضية الجنوبية يجب أن تكون من الأولويات التي يتم الحوار الوطني حولها بإشراك القوى الفاعلة في الحراك السياسي، وبما يجعل منها بوابة للإصلاح السياسي والوطني الشامل، مع أهمية وقف المطاردات والملاحقات للنشطاء السياسيين وتقديم من قاموا بالاعتداءات والقتل للمتظاهرين إلى العدالة، مع وقف محاكمة النشطاء السياسيين والعمل على تصفية آثار حرب 94م وآثار الصراعات السابقة دون التوقف فيما يخص حقوق الإنسان وممتلكاتهم عند الإشكالات السياسية.

6- قضية صعدة:

ولا بد من النظر إلى صعدة والحروب المتكررة هناك باعتبارها انعكاسا لذلك المشكل البنيوي الخطير والمتمثل في غياب النظام المؤسسي القادر على التعاطي مع التحديات السياسية والثقافية والاجتماعية من منظور وطني يتجاوز المفاهيم التي تستولدها ثقافة التفكيك في استجابة واضحة لضغوط المعطيات التي يفرزها غياب هذا النظام ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نهمل أهمية قيام الدولة الوطنية وبناء الشراكة على أسس عادلة وعلى قاعدة المواطنة المتساوية والتمسك بالقواعد المنظمة للحياة الديمقراطية وما كفله الدستور من الحقوق والحريات العامة والخاصة وحرية الفكر، لا يمكن أن نهمل كل ذلك في حل هذه المشكلة التي يخشى أن تمتد على أسس عرقية تستدعي من التاريخ تلك النزعة الجاهلية العمياء وذلك التعصب الاستعلاني الأحمق الذي حملته إلى الأمصار ثقافة بيئية مستبطنة في عقلية جلفة ظلت ترحل معها عبر الأزمان والمكان حتى هذبها الإسلام مع الزمن وكذا الحاجة إلى التعايش وبالإضافة إلى ثقافة المواطنة، ولا يجوز لتلك العقلية أن يعاد إنتاجها اليوم على النحو الذي يصب في المجرى العام لمواصلة إنتاج الأزمات في هذا البلد الذي لن يجد استقراره إلا في الاعتراف بحق الآخر في الحياة والعيش الكريم.

وبهذا الصدد ومن منطلق ما رتبته الوقائع من حقائق على الأرض وما خلفته تلك الحروب من دمار وآثار مأساوية مادية ومعنوية تتطلب معالجة شاملة لا بد من وضع قضية صعدة على طاولة حوار وطني شامل يكون الحوثيون طرفا فيه بحيث لا تظل هذه القضية بينهم وبين السلطة فقط فالجميع معنيون بمستقبل هذا الوطن ومنه هذا الجزء الذي هو صعدة.

7- نهج العنف والتطرف:

وفي السياق الذي يجري فيه الحديث عن جذر الأزمة يمكننا أن نلاحظ مظهرا آخر لهذه الأزمة يتمثل في تكريس مظاهر العنف والتطرف بل وقيام بعض الأجهزة برعايته فالعنف بتعبيراته المتعددة يجد بيئة صالحة في السلوك المتطرف الذي ينتهجه النظام السياسي في إدارة البلاد بالاعتماد على التحريض المستمر للقوات المسلحة والأمن ضد المعارضة وهو ما يشجع جوا من التحفز الدائم يجعل البلاد في حالة مواجهة مستمرة، ويلجأ النظام إلى هذا الأسلوب لفقدان جناحه السياسي القدرة على التأثير في الحياة السياسية بالأدوات السياسية والثقافية على الرغم من أنه يحوز على منظومة إعلامية ضخمة غير أن هذه المنظومة مكرسة للتحريض وبث ثقافة الكراهية ومخصصة في الجزء الأكبر منها للهجوم الدائم والتحريض المستمر ضد اللقاء المشترك وتتضافر كل هذه العوامل لتخلق مناخ العنف والتطرف ناهيك عن أن الأوضاع الاجتماعية التي تتسع فيها مساحة الفقر وفقدان فرص العمل أمام الشباب بسبب غياب الوظيفة العامة وضعف الاستثمار الخاص والعام على السواء كل هذا يجل الشباب عرضة للتخبط حيث يسهل في مثل هذه البيئة تسويق التطرف بأشكاله ونحله المختلفة، وهو ما يلاحظ على نحو واسع في ظل تراجع العمل السياسي والتضييق الذي تمارسه السلطة على الأحزاب من خلال محاصرتها في الموارد المالية ومصادرة حقها في الساحة الإعلامية الحكومية وملاحقة أعضائها النشطاء وتسريحهم في كثير من الأحيان من العمل أو مضايقتهم وعدم السماح لهم بالترقي أسوة بغيرهم ولجوءها إلى إغرائهم بترك أحزابهم إذا رغبوا في الترقية والانضمام إلى الحزب الحاكم، وفي أحسن الأحوال شراء صمتهم مقابل الحصول على حسن السيرة والسلوك.

لقد تعرضت الحياة السياسية التعددية لضربات متلاحقة وبأشكال مختلفة من الممارسات التي تجعل الحياة الحزبية صعبة ومعقدة في نظر الكثير من الشباب، الأمر الذي أدى إلى عزوف الكثيرين من الالتحاق بالعمل السياسي الحزبي، ولذلك تتجه طاقات الشباب إلى ميادين أخرى حيث تتشكل شخصياتهم بفعل تأثير عوامل وثقافات متطرفة تخاطب أوضاعهم المضطربة والصعبة وتتفق مع حاجاتهم إلى توظيف طاقاتهم في الاتجاه المعبر بغضب وربما بانفلات على الأوضاع التي يعيشونها.

8- قضية المرأة:

والمرأة هي الأخرى يتم قمع نضالها من أجل حقوقها بأدوات يأتي في مقدمتها الحديث الخالي من المضمون عن مكانتها في المجتمع من قبل النظام في حين يمارس ضدها التمييز الواضح في التعيين في الوظائف العامة والترقيات وهذا أهم دليل على أن النظام السياسي الذي يمثل جذر الأزمة قد وضع المرأة داخل معادلة سياسية محكومة بقيود اجتماعية مقننة وذات دلالة خطيرة في التعاطي مع هذه القضية وهي معادلة لا يصعب فك رموزها، واتجه بصورة انتهازية نحو أحزاب المعارضة لتسويق محنته الناشئة عن الالتزامات الدولية تجاه المرأة من ناحية وعدم قناعته والسياسية على تحقيق هذه الالتزامات من ناحية أخرى.

9- تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي:

أوصلت سياسات السلطة الاقتصادية والمالية البلاد إلى حالة من التردي وسرعان ما اتجه النام إلى تحميل أعبائه الشعب من خلال رفع الأسعار على عدد من السلع والخدمات مثل الكهرباء وتقليص مخصصات الحوافز والمكافآت وتقليص الوظائف الجديدة إلى الصفر وتوجيه الاقتصاد نحو وضع انكماشي خطير سيعطل فرص الاستثمار وخلق مناخات غير ملائمة للنشاط الاقتصادي، في حين أن الفساد الذي يستنزف جزءا كبيرا من دخل وثروة البلاد هو الذي كان يجب أن تتوه إليه السلطة في هذا الظرف لتصحيح الاختلالات المالية إضافة إلى تحسين كفاءة القطاعات الاقتصادية المنتجة وتعبئة الموارد المالية والإنتاجية على نحو أكفاء وأفضل وتشجيع الاستثمار والبيئة الاستثمارية ومكافحة العوامل المعطلة للاستثمار وجذب الرأسمال الأجنبي وتحسين كفاءة تنفيذ مشاريع التنمية ووقف تخصص الموارد على نحو عشوائي خارج خطة التنمية والموازنة السنوية وتطبيق نظام مالي ومحاسبي ورقابي على المؤسسات العامة والوحدات الانتخابية والإدارية، ومنع الإدارات التنفيذية في هذه الوحدات والمؤسسات من التصرف بالمال العام على ذلك النحو الذي يهدر المليارات في إنفاق ترفي واختلاسات دون حسيب أو رقيب وهو لا يحتاج إلى أي جهد لاكتشافه بل تكفي مظاهر الإثراء والترف الفاحش الذي يظهر به الكثير من هؤلاء بعد فترة وجيزة من تعيينهم.

إن هذه السياسة التي اتجهت فورا إلى المجتمع لتحميله عبء هذه المصاعب تعكس انحياز النخبة الحاكمة والسلطة إلى الشريحة الاجتماعية التي استأثرت بالنصيب الأكبر من ثروة البلاد وخاصة تلك الفتيات التي أثرت ثراء فاحش بواسطة الفساد والمحسوبية وهو الأمر الذي يضع البلاد أمام تحديات حقيقية من حيث المصاعب التي تولدها هذه السياسة من خلال خلق تفاعلات اجتماعية تصب في المجرى العام لثقافة الصراع والعنف الذي تولده سياسات هذه السلطة على كافة الأصعدة.

ويمكننا في هذا السياق أن نلاحظ أن الاستقطاب الاجتماعي قد أسفر بصورة عامة عن ثراء فاحش للقلة وفقر مدقع للغالبية الساحقة من الشعب، حتى أن الطبقة الوسطى التي يعول عليها في إحداث توازن اجتماعي يمنع التصادم بسبب اتساع الفجوة بين الغني والفقير، قد تقلصت إلى درجة لم تعد معها قادرة على أداء هذا الدور الاجتماعي حيث أن الجزء الأكبر منها انحدر إلى مستوى خط الفقر وما دونه وخاصة أصحاب الدخول الثابتة وهذه الظاهرة تجعل الفجوة بين الغنى الفاحش والفقر المدقع ساحة المواجهات اجتماعية خطيرة لاسيما وأن سياسات السلطة كما أسلفنا تتجه إلى تعميق المشكلة من خلال أتباع معالجات بتحميل الطبقات الفقيرة المزيد من الأعباء.

أما سياسات الأجور المتبعة في نطاق ما عرف بالإستراتيجية فقد أثبتت أنها مجرد معالجات مسكنة لآلام الجرعات الكبيرة التي أفقرت الشعب فالزيادة في الأجور لا تساوي أكثر من 15% من الزيادة الحقيقية في كلفة المعيشة الأمر الذي أدى إلى انحدار كثير من الفئات الاجتماعية إلى ما دون خط الفقر بما في ذلك أصحاب الأنشطة الاقتصادية الصغيرة والفلاحين والعاملين في الزراعة الموسمية.

والأخطر من هذا هو أن الاقتصاد الطفيلي أخذ يزاحم الاقتصاد المنتج ويخرجه من الدورة الاقتصادية ويحل محله بأخلاقه وقيمة وأدواته وصار هذا النمط من الاقتصاد يهدد مستقبل البلاد بإشاعة بينة فاسدة طاردة للمستثمرين فالاقتصاد الذي لا يتوسع بالاستثمار في المجالات الإنتاجية على اختلاف أنواعها يصاب بالركود والتضخم والبطالة وهذا هو الوضع الذي يعيشه الاقتصادي اليمني في الوقت الراهن.

إن الاستثمار اليمني يتدفق إلى الخارج حيث الفرص متاحة بما فيه أولئك الذين أثروا بالفساد، ولا يمكن أن تقنع المستثمر العربي والأجنبي أن يأتي إلى البلاد وهو يلمس عزوفا يمنيا من الاستثمار في اليمن.

10- الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني.

إن المعانة التي تمر بها كافة فئات المجتمع كان لا بد أن يجري التعبير عنها بواسطة النقابات والمنظمات المهنية وغيرها من منظمات لم تعد قادرة على أداء هذا الدور بسبب الإهمال المتعمد والتدخل الفج للسلطة في شئونها وتحويل الكثير منها إلى مؤسسات حزبية أو حكومية تابعة للسلطة وضرب نشاطها الحقيقي وتعطيل تمثيلها لمصالح الفئات المكونة لها، ما أفرز مناخات فساد وإفساد للكثير من القوى الحية التي يعول عليها في المشاركة في النهوض بالحياة الديمقراطية، وهذا الأمر عطل في الحقيقة أهم شروط التغيير الديمقراطي.

إن قمع الحركة الجماهيرية بالإفساد لا زال مستمرا كنهج خطير تريد السلطة بواسطته استكمال حلقة السيطرة على المشروع الديمقراطي بهدف إخماد عناصره الجوهرية إلى الأبد ويؤكد هذا التوجه أن منهج النظام السياسي الحاكم هو قمع الحياة السياسية الديمقراطية الحديثة ليتمكن من مواصلة استخدام أدواته التقليدية في إدارة البلاد بالأزمات والحروب والانقسامات.

11- مصادرة الدور الوطني للقوات المسلحة والأمن:

لا بد هنا من التذكير بالدور الوطني للقوات المسلحة والشرطة منذ فجر ثورتي سبتمبر وأكتوبر وكيف أن هذه القوة الفاعلة في حماية الوطن ومكتسباته الثورية لا بد أن يعاد لها دورها ومكانتها من منطلق أنها قوة بيد الشعب وهي جزء منه قبل أن تكون أي شيء آخر، وهي معنية أكثر من غيرها بتجسيد هذه الحقيقة عملا لا قولا، وبالتالي لا بد من إعادة الاعتبار لها على هذه القاعدة وإعادة كل من تعرضوا للتسريح إلى أعماله بدون شرط مع العمل على ترسيخ نظم وقواعد بنائها على أسس وطنية ومهنية وتحسين الظروف المعيشية لأفرادها بما يليق ويتفق مع مكانتها ووظيفتها وإتباع نظام للترقي والقيادة يعيد لها هيبتها وشخصيتها كأحد أهم القوى المجسدة للشخصية الوطنية وهيبة الدولة.

إن القوات المسلحة والأمن هي المعنية بحماية الحياة السياسية الديمقراطية الداخلية للبلاد ولا يجوز استخدامها أو التلويح باستخدامها أو الاستقواء بها في العمل السياسي من قبل أي طرف ذلك أن ما تمارسه السلطة اليوم بهذا الصدد والإصرار عليه إنما يحط من قدر القوات المسلحة والأمن في تأدية وظيفتها الوطنية المتمثلة في حماية الدستور والقانون.

ويعكس هذا أزمة النظام السياسي الذي فقد الحيلة في طرح مشروع سياسي وطني لحل أزمة البلاد فأخذ يقحم القوات المسلحة والأمن في الأزمة من خلال وضعها في الصدارة بتحريضها ضد المعارضة، وهذا ما يدعونا إلى التحذير من أن القوات المسلحة والأمن هي حصان الرهان الوطني الذي لا يجوز للسلطة أن تعبث به أو توظفه في مناورتها السياسية والزج بها في صراعات سياسية داخلية مكانها المؤسسات السياسية.

خلاصة:

هذا هو المناخ السياسي الاجتماعي الذي تعيشه بلادنا اليوم والذي تريد هذه السلطة أن تمرر من خلاله انتخابات ذات نتائج معدة سلفا فيما يعتبرها المشترك لو تمت على هذا النحو وبصورة منفردة من قبل المؤتمر اغتصابا بالقوة لحق الشعب في انتخابات حرة ونزيهة وإقصاء للقوى السياسية فعل قسري إرادي وتراجعا مقصودا عن المشروع الديمقراطي تتحمل السلطة وحدها مسئولية ما يترتب عليه من نتائج ومن آثار خطيرة على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية.

ومن هذا المنطلق ترى أحزاب اللقاء المشترك أن معالجة الأزمة الوطنية والمشاكل المتفرعة عنها يجب أن يتصدر الاهتمام والجهد الوطنيين على النحو الذي يعيد الاعتبار والثقة للديمقراطية والانتخابات عند الشعب، خاصة وأن كل المؤشرات تدل على أن هذه الثقة قد أخذت تتراجع على نحو خطير بسبب اليأس الذي أصاب الناس منها ومن قدرتا على إحداث التغير المطلوب إذا ما واصلت السلطة توظيفها لإعادة إنتاج نفسها، وأن تجاهل هذه الحقيقة لن يكون سوى بمثابة مغالطة للنفس لن تلبث أن تتكشف على حقائق مروعة تكون البلاد وفقا لها قد غرقت في الكارثة.

واستنادا إلى ما سبق يجدد المشترك التأكيد على مواقفه المبدئية بصدد تحقيق إصلاحات انتخابية شاملة تسوى البيئة السياسية والتشريعية والقانونية للانتخابات وفقا للاتفاقيات الموقعة بين طرفي المعادلة السياسية، والمتمثلة في اتفاق المبادئ وتوصيات البعثة الأوروبية بكل مضامينها الجوهرية الشاملة للنظام الانتخابي وآليات وأدوات الإدارة الانتخابية وبما يحقق مبدأ الاستقلالية والحيادية في عمل اللجان الانتخابية العليا والدنيا وبما يكفل التمثيل المتوازن في قوامها لكافة أطراف العملية الانتخابية وبما يحقق تكافؤ الفرص في منافسة انتخابية نزيهة ويعزز ثقة كل الأطرف بالعملية الانتخابية والنتائج التي ستسفر عنها كآلية للتغيير السلمي الديمقراطي، ومصدر لمشروعية السلطة المنبثقة عنها، تجسيدا للإرادة الحقيقة الحرة للناخبين أيا كانت الأطراف السياسية التي سيوليها هؤلاء الناخبون ثقتهم.

وفي هذا السياق يؤكد المشترك على أهمية وضرورة الحفاظ على ما توصلت إليه الجهود لإصلاح المنظومة الانتخابية والمتمثلة في الاتفاقات الموقع عليها وفي مقدمة ذلك اتفاق المبادئ وتوصيات بعثة الاتحاد الأوروبي والتي يرى فيها المشترك الحد الأدنى من الشروط اللازمة لانتخابات تتسم بقدر من الحرية والنزاهة سيناضل من أجل تحقيقها في الفترة القادمة من خلال العمل على ما يلي:

1- إلغاء كافة الإجراءات الانتخابية الفردية غير الشرعية التي تمت منذ جلسة مجلس النواب في 18 أغسطس 2008م وحتى اليوم.

2- إقرار مشروع التعديلات على قانون الانتخابات مع إضافة القضايا التي لم يتضمنها المشروع بصيغته التي أقرت موادها في مجلس النواب وبما يكفل استيعاب ما تم التوقيع عليه في الاتفاقيات المرجعية للمشروع "اتفاق المبادئ، وتوصيات البعثة الأوروبية" وهي:

أ‌. اعتماد نظام القائمة النسبية كبديل للنظام الانتخابي الحالي لما يتميز به من عدالة في تمثيل أصوات الناخبين إلى جانب الميزات الإيجابية الأخرى، بما في ذلك ضمان التمثيل الحقيقي للمرأة في البرلمان القادم.

ب‌. حسم نصاب التصويت في اللجنة العليا بأغلبية الثلثين في قضايا التعيين والتوظيف واللوائح والأدلة والمصادقة على إعلان النتائج.

ت‌. إلغاء الموطن الثالث "موطن مكان العمل" وحذف كلما يشير إليه في نصوص القانون.

ث‌. النص على تشكيل اللجنة العليا واللجان الانتخابية من الأحزاب وعلى قاعدة التوازن بين السلطة والمعارضة.

ج‌. وضع نصوص قانونية واضحة وصريحة تحدد آليات عملية وفعالة لضمان حيادية "المال العام والإعلام العام والوظيفة العامة المدنية والعسكرية" على مستوى المراكز والدوائر والمحافظات، وعلى المستوى المركزي وإعادة تصويب النص المحور في مشروع التعديلات بشأن حيادية الوظيفة العامة وفقا للصيغة المتوافق عليها في اتفاق المبادئ.

ح‌. النص على حق الأحزاب في الحصول على السجل الانتخابي الإلكتروني من اللجنة العليا بكامل بياناته وبصيغة قابلة للمعالجة الإلكترونية.

خ‌. اعتبار توقيع أعضاء لجنة الاقتراع على ورقة الاقتراع قبل تسليمها للناخب شرطا لصحة وسلامة الصوت كضمان لعدم تسرب أوراق الاقتراع واستخدامها في إكراه الناخبين على التصويت لمرشح أو لحزب بعينه.

د‌. الاعتماد حصريا على البطاقة الشخصية أو العائلية أو جواز السفر عند التعريف بطالب القيد في جداول الناخبين.

ذ‌. النص على معالجة أوضاع موظفي اللجنة العليا الذين تم توظيفهم وتعيينهم خلافا لشروط قانون الخدمة المدنية وقانون الانتخابات العامة وإحالتهم باستحقاقاتهم القانونية إلى وزارة الخدمة المدنية.

ر‌. تمكين اللجنة بعد إعادة تشكيلها من كل المهام المناطة بها في ترتيب شئونها والإعداد والتحضير للانتخابات القادمة في ضوء القانون المعدل المتوافق عليه.

4- إزالة كافة مظاهر وأسباب التوتر والاحتقان السياسي وتوفير المناخان الضرورية المناسبة للانتخابات وفي مقدمة ذلك.

• الكف عن ملاحقة النشطاء السياسيين والإفراج عن بقية المعتقلين السياسيين خلافا للقانون وتعويض من تعرض منهم للسجن والإيذاء البدني والنفسي.

• إلغاء كافة القوانين والقرارات والتوجيهات والأوامر المخالفة للدستور والقانون المتعلقة بقمع الفعاليات السياسية والشعبية السلمية والمقيدة للحقوق الحريات العامة.

• وقف الممارسات والضغوط التعسفية وسياسية الفساد والإفساد السياسي والمستهدفة للأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني أو التدخل بشئونها وتفريخها أو شقها والإفراج عن ممتلكاتها ومقراتها وأموالها ووثائقها المصادرة خلافا للدستور والقانون النافذ من حرب صيف 94م وحتى اليوم..