القصائد السياسية طالت رموز السلطة ووزير الثقافة طلب من الشعراء عدم زرع القنابل

الأحد 30 إبريل-نيسان 2006 الساعة 07 صباحاً / مأرب برس / متابعات
عدد القراءات 5680

أحدث الملتقي الثاني للشعراء الشبـاب العرب المنعقد في صنعاء ضجة كبيرة في مجال الحرية والتعبير بلغ سقف الحرية في هذا الملتقي الشعري أعلي مستواه، الي درجة أن الشاعر ووزير الثقافة خالد الرويشان شـعر أن مقعده الوزاري اهتزّ مع سماعه للعديد من القصائد السياسية التي لم تطله فحسب ولكن بلغ تحرر بعض الشعراء اليمنيـين الشباب الي التطاول علي رموز السلطة في البلد. خمسة أيام شعرية عاشتها العاصمة اليمنية صنعاء مفعمة بكل معاني الحب ومكتظة بكل أشكال الغزل، وبألوان شعرية متعددة حطّمت كل قيود السياسة ولم يسلم منها حتي الدين، ما دفع بالبعض الي وصف ملتقي صنعاء الشعري الشبابي بأنه الملتقي الأدبي الذي حطّم كل قيود ثالوث المحرمات (الدين، السياسة والجنس). الرويشان اختتم هذا الملتقي الشعري بكلمات قاسيات شديدة اللهجة، بدلا من كلماته الشاعرية المعهودة التي يتحف الجميع بها في كل فعالية أدبية، وألمح الي أنه كان قرر عدم الاطلاع علي أي نص شعري قبل قراءته في منصة هذا الملتقي، حتي يتاح فضاء أوسع للحرية دون قيود من أحد، وأشار الي تطاول بعض الشعراء الشباب الذين حاولوا تفجير القنابل وتحويل هذا الملتقي الأدبي الي حقول ألغام، وقال لا لزارعي الألغام ولن نقبل لأحد أن يزرع الألغام في طريق هذا الملتقي الشعري الذي هو ملتقاكم فحافظوا عليه . ووصف الشاعر الأردني علي العامري فضاءات الحرية في ملتقي صنعاء الشعري الشبابي بقوله أهمية هذا الملتقي أنه كسر الثالوث المحرّم أو الثالوث المقدس، وهو الدين، السياسة والجنس، ففي هذا الملتقي كانت هناك حرية مدهشة، وكانت هناك أصوات تحدثت عن هذا الثالوث المحرم بحرية وبفضاء مبشّر وهذا يؤكد أن صنعاء ينتظرها دور كبير وسيكون لها دور كبير في السنوات القادمة في هذا المجال .وعلي الرغم من الشد والجذب بين أتباع التيارات الشعرية والنقدية المتعددة، الا أن أهمية هذا الملتقي أنه كان بمثابة واحة مهمة للشعر الجديد، وهو ملتقي أدبي ديمقراطي تجاورت فيه الأنماط الشعرية المتعددة ولكن كان للكتابة الحديثة أو للشعر الجديد النصيب الأوفر من فعالياته وبدون الغاء للأنماط الأخري وفقا للشاعر الأردني علي العامري، الذي أوضح بأن أهمية هذا الملتقي تكمن أيضا في تمثيله للمشهد الشعري العربي ليس في اليمن فقط ولكن للمشهد الشعري العربي بشكل عام واتاحة المجال للتواصل بين الشعراء وتفتّق أفكار جديدة بين الحضور من الشعراء الشباب، من خلال الاحتكاك الشعري. دينامو هذا الملتقي الشعري ونائب رئيس اللجنة التحضيرية له الشاعر علي المقري فيري بأن ما جري في ملتقي صنعاء يعطي انطباعا متميزا عن أهمية هذا الملتقي فقد عبر الشعراء العرب المشاركون بأن صنعاء أصبحت عاصمة الشعر الجديد، لاهتمامها بهذه الحداثية الشعرية الجديدة، حيث أن الملتقيات الشعرية العربية الأخري دائما ما تكرس للشعراء العرب الكبار الذين صاروا مكرسين ومشهورين لكن ملتقي صنعاء كان استثناء في احتضانها للشعراء الشباب العرب وبالتالي وضعته في المتن وليس في الهامش كما هو معتاد في كل الملتقيات العربية، كما أنه من حيث الكم الكبير للشعراء المشاركين فيه يعطي هذه المكانة لهذا الملتقي. أما الناقد العراقي الدكتور حاتم الصكر فقد قال بأن الاستثناء المميز لملتقي صنعاء الشعري أنه مكرس للشعراء الشباب، هؤلاء الذين لا شرعية ولا آباء شرعيون لهم، وأذكر جيدا أنني حين أصدرت كتابي عن شعراء السبعينيات في بغداد وكذلك حين أصدرت كتابي عن قصيدة النثر في اليمن أجيال وأصوات، لم تقابلهما الأوساط الأكاديمية بالترحيب، بل نلت الكثير من النقد بأنني أكتب عن تجربة في طور التكون، لكنني أجد الآن في هذا الملتقي ما يعزز أطروحتي، فالشباب هم صوت المستقبل، وهذا ليس انشاء ولا تفاؤلا وانما هو من طبيعة الأشياء، وما سمعناه وما نسمعه يعطي الحق لمنظمي هذا الملتقي ولمن هم وراء فلسفة أن يكون الشباب نجوم هذا الملتقي وأن يكون مكرسا لهم وسيجد الحق الكبير لهم عندما يستمع لهم ويجد تجارب ومحاولات ومغامرات لغوية من قبلهم وهذا كله يعطي للجسم الشعري المتلبّس شيئا من الليونة والمرونة والتجدد. تكريس الشعراء الشباب في ملتقي عربي رسمي وهذا هو المهم هو كسر لهامشية هذا الشباب ودخوله الي المتن بكل جدارة وفقا للصكر الذي أكد تجاوز هذا الملتقي للقطرية باعتبار أن مشروع الشعر العربي هو مشروع مشترك وهذا ما نفتقده في الكثير من الدوريات ووسائل النشر والاعلام. وعلي الصعيد الآخر يري الشاعر اليمني وصاحب موقـــــع عناوين ثقافية أحمد السلامي أن ملــــتقي صنعاء الشعــــري كان بانوراما شــــعرية هجينة، لا تجانس في جلساته الشعرية، فالقصيدة العمــــودية المكتوبة علي النمط الجاهلي حضرت جوار قصيدة النثر علي منصة واحدة وعاد السياب أيضاً الي الحياة في قصـــائد تفــــعيلية كان همـــها رص الكلام الموزون علي علاته. الشعراء العرب جاؤوا الي صنعاء مدفوعين بمقالات عاطفية كتبها الذين حضروا ملتقاها الأول، جاء كل واحد حاملاً مشاعر الأمل تجاه (الحبيب الأولِ)، لكنهم هذه المرة أفسدوه وأكدوا عبر وسائل عديدة ان صنعاء لم تحسم أمرها بعد، وانها في الأساس غير قادرة علي احتضان شعرائها الحداثيين القلائل فما بالك باحتضانها للنص الشعري الجديد علي المستوي العربي وفقا للسلامي، الذي أكد أن الشعراء جاؤوا الي صنعاء لكن قصائدهم تاهت في زحام جدول فعاليات شعرية ونقدية حملت نوايا تمييع الملتقي قبل ان يبدأ. الشعراء اليمنيون الشباب غاب الكثيرون منهم عن منصة الالقاء علي الرغم من أنها أسماء مهمة في خريطة الشعر اليمني الجديد. وأوضح السلامي أن صنعاء استطاعت استضافة عدد كبير من الشعراء في ملتقاها الشعري الثاني لكنها لم تستطع استضافة شعرهم، فلقد استضافت صنعاء الكثير من الشعراء ولكنها لم تستضف الشعر الا علي مضض، وجعلت لكل شاعر قصيدة نثر شاعرين عموديين يترصدانه علي المنصة قبل أن يصعد اليها وبعد أن يترجل منها. هذا الملتقي الذي شهده نحو 350 شاعرا عربيا ثلثه من أقطار الوطن العربي وبقيته من المناطق اليمنية، تضمن احتفاء خاصا وتكريما مميزا للدكتور العربي كمال أبو ديب.