هيومن رايتس:اليمن ينتهج سياسة مسيئة إزاء اللاجئين الأثيوبيين

الإثنين 21 ديسمبر-كانون الأول 2009 الساعة 08 مساءً / مأرب برس- خاص:
عدد القراءات 9375

دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحكومة اليمنية إلى الكف عن الاعتقال المنهجي بحق ملتمسي اللجوء الأثيوبيين وإعادتهم قسراً إلى أثيوبيا، وفاء بالتزاماتها نحو جميع ملتمسي اللجوء واللاجئين وإحترام حقهم الأساسي في التماس اللجوء". وفي حين دعا تقرير المنظمة الصادر اليوم الأثنين-المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى التحدث علناً عن انتهاكات الحكومة اليمنية لحقوق اللاجئين الأثيوبين كلما استدعى الأمر ذلك، والضغط بقوة أكبر من أجل زيارة ملتمسي اللجوء المحتجزين، إمتثالاً للقانون الدولي الذي يحظر الإعادة القسرية أو إعادة اللاجئين إلى البلدان التي قد يواجهون فيها خطر الاضطهاد، ولكون اليمن البلد الوحيد في شبه الجزيرة العربية الذي صدق على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، التي تطالب بمنح ملتمسي اللجوء واللاجئين حقوقهم دونما تمييز بناء على جنسيتهم".

وقالت المنظمة في التقرير الذي نشرته اليوم بعنوان "شطآن معادية للانتهاكات والإعادة القسرية بحق ملتمسي اللجوء واللاجئين في اليمن" أن عشرات الآلاف يخرجون كل عام لبلوغ الشطآن اليمنية. لكن بالنسبة للكثيرين منهم فليست هذه الرحلة إلا بداية المتاعب لأن اليمن ترحب بالصوماليين، لكن الأثيوبيين وغيرهم يُرجح أن يتعرضوا للاعتقال والإعادة غير القانونية قسراً إلى بلدانهم، حيث يتعرضون لخطر الاضطهاد".

وأكدت المنظمة في تقريرها الذي جاء في 53 صفحة، مستعرضاً تفصيلاً لرحلة عبور اللاجئين للبحر المرعبة من أفريقيا- أن الحكومة اليمنية ترى أن الصوماليين لاجئون يحق لهم الحماية، لكن الأثيوبيين وذوي الجنسيات الأخرى تراهم مهاجرين غير شرعيين، ويجب ترحيلهم تلقائياً.

ويرى التقرير أيضاً أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لم تبذل الكافي في الضغط على الحكومة اليمنية كي تغير من سياساتها المسيئة إزاء ملتمسي اللجوء الأثيوبيين.

وقالت "جورجيت غانيون"- مديرة قسم أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" :"الهجرة غير الشرعية مشكلة كبيرة تواجه الحكومة اليمنية، لكن اصطياد ملتمسي اللجوء كأنهم مجرمين وإعادتهم قسراً بشكل غير قانوني،م عبترة أن ذلك ليس الحل للمشكلة".

وأشارت المنظمة في تقريرها- تلقى مأرب برس- نسخة منه- أن هناك أكثر من مائة ألف شخص - أغلبهم من الصومال وأثيوبيا - وصلوا بالقوارب إلى سواحل اليمن خلال العامين الماضيين، وأغلبهم قدموا فراراً من الحرب أو الاضطهاد في بلدانهم أو بحثاً عن العمل،فيما يموت المئات كل عام أثناء العبور".

ونوهت المنظمة إلى اللاجئين ينقلهم المهربون بالقوارب إلى اليمن إما من مدينة بوساسو الصومالية الساحلية، أو من بلدة أوبوك في جيبوتي، وفي ظل الأوضاع غير الإنسانية على متن القوارب، والمهربون - خاصة في بوساسو، وأنهم يعاملون الركاب بقسوة مذهلة، ويسرقونهم ويضربونهم ويقتلونهم أحياناً".

وأكد تقرير المنظمة أن المهربون يأمرون الركاب في القوارب المزدحمة عند تهريبهم، بعدم التحرك، ولو حتى لتمديد أطرافهم المتيبسة، وهو أمر قالت أنه-مستحيل بما أن الرحلة من بوساسو إلى اليمن تستغرق في المتوسط من يوما إلى ثلاثة أيام، وأنهم يضربون بشكل منهجي الركاب بالسياط والعصي. والكثير منهم يتعرضون لما هو أسوأ".

وأعلنت المنظمة انها وثقت حالات تعرض فيها الركاب للقتل والرمي من القوارب إلى البحر وتعرض النساء لاعتداءات جنسية والاغتصاب على متن القارب المزدحمة بينما ينظر إليهن الركاب الآخرون بلا حول ولا قوة، إضافة إلى إن آخرين يختنقون بعد حبسهم في مساحات ضيقة لا يصلها الهواء تحت سطح القوارب، كعقاب أو كأسلوب لتكديس المزيد من الأفراد على متن القارب".

وأعربت المنظمة عن أسفها للوضع الي يتعامل به المهربون مع الركاب في أسوأ المخاطر، عندما تلوح الشطآن اليمنية أخيراً في الأفق لديهم. فيتولى الكثير من المهربين، ومن أجل تقليص خطر القبض عليهم، يجبرون الركاب على القفز في المياه العميقة للسباحة، ويضربون ويطعنون من يرفض القفز".

كاشفة عن موت الكثير ممن لا يعرفون السباحة ومن يحل بهم التعب البالغ بعد رحلة القارب، وبعد أن يغرقون على مرأى من الشاطئ.

منوهاً التقرير ان منظمة "هيومن رايتس ووتش" قابلت أشخاصاً شاهدوا ركاباً آخرين - في بعض الحالات مع أطفالهم - وهم يغرقون على مسافة أقل من 200 متر من البر".

وقالت المنظمة ان الحكومة اليمنية تقر بأن جميع الصوماليين يحق لهم اللجوء، مما يعني أنهم مستحقون تلقائياً لوضع اللاجئ وكافة ضمانات الحماية المكفولة لمن لديه وضعية اللاجئ، لكن بالنسبة للأثيوبيين وغيرهم من غير الصوماليين، فالعكس هو الصحيح، حيث أشارت إلى أن الحكومة تعاملهم جميعاً كمهاجرين غير شرعيين، رغم احتمال تعرضهم لمخاطر جمة وللاضطهاد في البلدان التي فروا منها".

وقالت:"يضطر الأثيوبيون وغيرهم من غير الصوماليين للبقاء في الخفاء لتجنب الاعتقال على يد قوات الأمن. بينما من يتم القبض عليهم يُحبسون ويوضعون سريعاً على قائمة المُرحّلين، دون أن يحظوا بأية فرصة حقيقية لطلب اللجوء. وكشفت المنظمة عن قيام قوات الأمن باعتقال ملتمسي لجوء من مخيم خرز للاجئين الذي تديره مفوضية شؤون اللاجئين، وفي إحدى الحالات قامت بترحيل أكثر من 50 أثيوبياً صبيحة القبض عليهم من مقر المفوضية".

مؤكدة أن لا أحد يعرف تحديداً عدد ملتمسي اللجوء المعتقلين والمرحلين بهذه الطريقة، بمافيهم المفوضية، وقالت:"لا غيرها لهم حق الزيارة بانتظام للمعتقلين في مراكز احتجاز المهاجرين. ويقابل مسؤولو السفارة الأثيوبية في العاصمة اليمنية صنعاء من ينتظرون الترحيل إلى أثيوبيا، وهناك مؤشرات مقلقة على أن هؤلاء المسؤولين يكرهون ملتمسي اللجوء على الموافقة على العودة لبلدهم"- حسب التقرير.

وإتهمت المنظمة الحكومة اليمنية برفض إصدار وثائق اعتراف رسمية باللاجئين غير الصوماليين، مما يحول دون حصولهم على حقوقهم المستحقة والخدمات المكفولة لهم"، إضافة إلى أن اللاجئون الأثيوبيون يعانون من المضايقات والعنف المشتعل جزئياً للاعتقاد بأن الحكومة لا تحميهم".

مؤكدة أن ضباط شرطة يمنيون وفي حالات عديدة رفضوا التحقيق مع أو اعتقال يمنيين مسؤولين عن جرائم جسيمة بحق اللاجئين الأثيوبيين، معلنة توثيقها لحالات لا حصر لها م ن الاعتداءات والمضايقات الجنسية بل وحتى قتل لاجئين أثيوبيين، من الحالات التي مرت بلا عقاب"- حسب القرير.

ومهمة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في اليمن عثيرة ومعقدة، وهناك قيود عملية على قدرتها على التأثير على سياسات الحكومة اليمنية، على حد قول هيومن رايتس ووتش. لكن مفوضية شؤون اللاجئين لم تكن قوية بما يكفي في الضغط على السلطات اليمنية كي تحمي حقوق اللاجئين وملتمسي اللجوء غير الصوماليين.و في وقت تفيد فيه التقارير الإخبارية تدفق الألآف من الأثيوبيين إلى اليمن مؤخرا وبصورة غير مسبوقة.

وقالت جورجيت غانيون: "خطة الدبلوماسية الهادئة التي تتبعها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مع الحكومة اليمنية هي ببساطة غير مجدية". وأضافت: "فعلى المفوضية أن تبدأ في معالجة مشكلة ملتمسي اللجوء واللاجئين الأثيوبيين في اليمن كأمر ذات أولوية قصوى وليس مسألة ثانوية".

وكشفت المنظمة عن تكرر مقابلة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مع مسؤولين من الحكومة اليمنية وراء الأبواب المغلقة، لكن هذه الإستراتيجية- حسب قولها- أخفقت في تحصيل النتائج، وأن المفوضية كانت غير مستعدة لإبداء قلقها علناً إزاء الممارسات الحكومية.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن