ما الذي يمثله غياب بن لادن بالنسبة لتنظيم (القاعدة) في اليمن.. ؟!

الأربعاء 04 مايو 2011 الساعة 12 صباحاً / مأرب برس- محمد الاحمدي
عدد القراءات 31049

كعادتهم في التعاطي مع أخبار قتلاهم، تبادل عناصر "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" التهاني فيما بينهم بـ"استشهاد" مؤسس التنظيم والزعيم الروحي الشيخ أسامة بن لادن، في عملية استخباراتية أميركية باكستانية مشتركة، الاثنين 2مايو/أيار2011، في منطقة ابت آباد التي تبعد حوالي ستين كيلومترا شمال شرق العاصمة إسلام آباد.

العديد من المنتديات الجهادية، بما فيها منتديات يستخدمها عادةً عناصر "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" أبدت تحفظها على هذا النبأ، وطالبت بالتروي حتى يتم التأكد من مصدر مستقل، لكن منتديات أخرى تعاملت مع الخبر على أنه صحيح، كما أفاد جهاديون يمنيون سابقون بأنهم تمكنوا من التواصل مع مصادرهم في باكستان وأكدوا لهم الخبر.

الناطق باسم الإمارة الإسلامية في أفغانستان ذبيح الله مجاهد، اكتفى بالتعليق على الحادثة في بيان مقتضب، قال فيه:" من جهة لم يقدم الأمريكيون شواهد مقنعة لثبوت ادعائهم، ومن جهة أخرى لم تعلن المنابع المقربة من الشيخ أسامة بن لادن موقفها ـ تأكيداً او نفياً ـ تجاه ما أعلن اوباما من استشهاد المذكور، لذا فإن إمارة أفغانستان الإسلامية تعتبر الحديث في الموضوع قبل إصدار موقف رسمي من المنابع المقربة للشيخ قولاً قبل أوانه".

برغم ذلك، الخبر بدا أقرب إلى الصحة، فسارعت منتديات جهادية للاحتفال بنبأ "استشهاد الشيخ أسامة بن لادن"، وأطلق بعضهم عليه أوصافاً عدة من بينها "أسد الإسلام"، "البطل المجاهد"، "أمير المؤمنين"، وغيرها، في حين اعتبر العديد من عناصر "القاعدة" ومن المتعاطفين مع الفكر الجهادي مقتل أسامة بن لادن بأنه "فتح عظيم"، لأنه "استشهد على أيدي ألدّ خصومه (الأميركيين)، الذين كان يتمنى مواجهتهم وجهاً لوجه، على أن لا يقتل في قصف جوي".

التعليقات والمشاركات التي حفلت بها المنتديات لم تخلو من كلمات الوعيد والتهديد بالانتقام لمقتل ابن لادن، ربما كانت الصور التي تناقلتها محطات التلفزة عن احتفالات الشعب الأميركي لمقتل ابن لادن أكثر وقعاً على نفوس أنصاره من حادثة القتل نفسها، لقد أثارت تلك الصور حفيظة العديد منهم، حتى قال أحدهم إن هذه الاحتفالات ستكون عليهم يوماً مآتم.

في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، حظي نبأ مقتل بن لادن بمساحة واسعة من أحاديث ومشاركات ودردشات المستخدمين، ليس من اليمن فحسب ولكن من مختلف الأقطار العربية.

إحدى رائدات فيس بوك، طالبة جامعية من السعودية، قالت إن مشاعر الحزن بمقتله اختطلت بمشاعر الفرحة "كونه شهيداً"، حسبما قالت، مشيرة إلى أن المستفيد الأكبر من غياب بن لادن هم "الشيعة الروافض"، وأن ابن لادن كان يمثل جدار صدّ في مواجهة المد الشيعي في المنطقة العربية.

وتوقع مستخدم آخر بأن يؤدي غياب ابن لادن إلى إضعاف نشاط حركات المقاومة الإسلامية في كل الدول الإسلامية، مضيفاً بأن "اغتيال الشيخ ابن لادن أعاد إلى الأذهان قتل الرئيس العراقي السابق صدام حسين، كلاهما كانا حاجز صد في مواجهة المد الشيعي في المنطقة".

بعض الجهاديين أبدى أسفه لوقوع "أسرى" من أقارب ابن لادن في أيدي الأميركيين، لكنهم اعتبروا ذلك دليلاً على أن "السنن الإلهية لا تحابي أحداً وأن طريق الجهاد ليس مفروشاً بالورد"، وهو إلى ذلك "يزيد جند المجاهدين ثباتاً وعزيمة عندما يشاهدون قادتهم يتعرضون للابتلاء".

أحد عناصر "القاعدة" في اليمن، اشترط عدم الكشف عن اسمه، اعتبر أن مقتل أسامة بن لادن على أيدي ألدّ أعدائه وهم الأميركيون "يدحض الأكذوبة التي ظل يرددها البعض بأنه عميل لأميركا"، مضيفاً: "ما تعرض له الشيخ بن لادن أمر طبيعي، وهو يحدث لكل مجاهد نذر نفسه للدفاع عن الإسلام والمسلمين".

ودافع عضو القاعدة عن فكرته بأن مقتل أسامة بن لادن لا يمثل خسارة كبيرة للتنظيم من الناحية العسكرية، كون الرجل أصبح في سن متقدم نوعا ما، وكان يعاني من أمراض عدة، مؤكداً بأنه لم يكن قائداً ميدانياً خلال السنوات الأخيرة، بقدر ما كان يمثل مرجعية روحية.

وقال أيضاً إن ابن لادن "أسس فكرة يعتنقها كثيرون حول العالم، وليس مجرد حركة ثورية تنتهي بانتهاء مؤسسها"، مضيفاً بأن "مقتله جاء بعد سنوات من حرب الاستنزاف ذاق خلالها خصوم ابن لادن مرارة الخوف والرعب".

وفيما أكد عضو "القاعدة" بأن "المجاهدين"، كانوا يتوقعون مقتل ابن لادن في أي لحظة، قال أيضاً: "إن أسامة بن لادن برغم حبنا له، ليس أغلى على قلوبنا من رسول الله، لقد مات محمد بن عبدالله وظلت دعوته تملأ الأرجاء".

وعلى الرغم من التطمينات التي يعزي عناصر "القاعدة" أنفسهم بها، فإن مقتل بن لادن على أيدي الأميركيين، وإغراق جثته في البحر، من المؤكد أنه لن يمر بهدوء، فقد يثير ردود فعل غاضبة، وربما عمليات انتقامية شديدة، ليس بالضرورة وقوعها في المدى القريب.

بذات القدر من الجدل الذي أثاره زعيم القاعدة أسامة بن لادن في حياته، فإن مقتله أثار أيضاً ردود فعل واسعة، وخطف خبر مقتله الأضواء عن تطورات الثورات العربية، بينما اعتبر محللون هذا الحدث انتصاراً رمزياً لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، أكثر منه نكسة كبيرة مُني بها تنظيم "القاعدة" إن على مستوى المركز في أفغانستان أو الفروع المحلية والإقليمية في جزيرة العرب وبلاد الشام والمغرب الإسلامي وغيرها.

"تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب"، أحد أهم الفروع الإقليمية للتنظيم الدولي، وأكثرها خطراً على الأمن الدولي، بحسب التقارير الأميركية، ولذلك فقد برز اليمن كعنصر مهم في تناولات وسائل الإعلام لمستقبل التنظيم بعد غياب ابن لادن.

بالنسبة للأوساط اليمنية التي شهدت ردود فعل متباينة حيال مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، فقد عبر الكثير من اليمنيين عن أسفهم للحدث، لكن الكثير من هؤلاء يبدو ولاءهم لزعيم "القاعدة" أسامة بن لادن شخصياً، أكثر من ولائهم للتنظيم نفسه، وإن كان –بالمقابل- هناك من يرى أن فاتورة أحداث الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة في الولايات المتحدة الأميركية قد طالته أيضاً.

أما في ساحات الاعتصام فقد كان المحتجون المطالبون برحيل الرئيس صالح أكثر حذراً في التعبير عن مشاعرهم، بعد أن نصح نشطاء سياسيون شباب الثورة بعدم رفع أي صورة لأسامة بن لادن في ساحات الاعتصام، من شأنها أن تعطي مبرراً لنظام الرئيس صالح، الذي كان أول المهنئين للرئيس اوباما بمقتل ابن لادن، حتى لا يتهم المحتجين بالانتماء إلى تنظيم "القاعدة"، وبالتالي اللجوء إلى القوة لتفريقهم.

السؤال الأكثر إلحاحاً الآن: إلى أي مدى سيصبح تنظيم القاعدة في اليمن عنصراً مهماً في تحديد ملامح المرحلة المقبلة من الصراع مع الولايات المتحدة الأميركية؟، وكيف ينظر قادة التنظيم الذين نجحوا في تعزيز وجودهم وانتشارهم في أماكن عدة، إلى الفراغ الكبير الذي سيتركه غياب أسامة بن لادن في تحديد اتجاه البوصلة؟.. وغيرها من الأسئلة، التي ربما تكشف الأيام القادمة شيئاً عن تفاصيلها.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة الحرب على القاعدة