غارات عنيفة و متتالية للجيش الإسرائيلي شرق رفح وعشرات الشهداء والجرحى السعودية تكشف عن 20 قضية فساد و مسؤولون كبار متورطون فنان العرب محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان راصد الزلازل الهولندي يظهر من جديد ويحذر من زلزال قوي بهذا الموعد الجيش الإسرائيلي يقتحم طولكرم ويفرض حظراً للتجوال في مخيم نور شمس 4 فيتامينات لتنشيط الذاكرة و لسهولة الحفظ وعدم النسيان قبل الامتحانات.. تعرف عليها الجيش الإسرائيلي يدعو الفلسطينيين لإخلاء مناطق في رفح استعدادا لمهاجمتها صلاح يحقق إنجازا تاريخيا في الدوري الإنجليزي الممتاز الكشف عن افتتاح خط شحن بحري جديد بين العدو الإسرائيلي ودولة عربية بمشاركة اليمن والسعودية والأردن ومصر وجيبوتي.. انطلاق تمرين «الموج الأحمر 7» لتعزيز الأمن البحري
"المعاناة"، هي ابرز قاسم مشترك يجمع الطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج أمام مقرات بعثاتهم في معظم الدول في تقليد اصبح معتادا مع بداية كل ربع سنوي، بيد ان تلك المعاناة ربما تطول لدى البعض حتى تدخل ربعا او ارباعا تالية في ظل غموض سافر يكتنف اسباب تلك المعاناة والمسؤولين عنها، وتملصٍ من المسؤوليات في ظروف تكشف جانبا من هشاشة البنية المؤسسية، وتنازع الصلاحيات، وغياب الرؤية الواضحة في تنظيم اعمال البعثات وشؤون المبتعثين.
ثمة مؤشرات جلية تكشفت ايضا أن ما تشهده الساحة الدبلوماسية خارجيا يعد امتدادا لازمات الداخل، فالمواجهات الشديدة بين الطلاب والمسؤولين في السفارات وصلت في كثير منها الى تنظيم اعتصامات وفعاليات وتكتلات ، تواجهها ردود رسمية لا تبدو في كثير من الاحيان بعيدة عن ما ترد به السلطة على فعاليات الداخل الاحتجاجية والتكتلات وحتى الحلول أو انصاف الحلول، ليعكس الحال بعض ما يعتمل في الساحة المحلية.
تأخذ القضية منحى انسانيا بحتاً، حين ينقطع مصدر الدخل الوحيد للطلاب، ويصبحون اسرى ظروف لا تمكنهم حتى من متابعة المسؤولين في السفارات لمتابعة فتات المستحقات التي يؤكد اكاديمي معني بقضايا التعليم العالي انها الأسوأ في اليمن من بين جميع دول العالم بما فيها دول القرن الافريقي.
حسب معلومات خاصة حصلت عليها الوسط، فإن عددا من الطلاب اليمنيين المبتعثين مؤخرا إلى الهند من خريجي الثانوية اتخذوا من المساجد الهندية مأوى لهم، ويعيشون على ما يجود به الهنود من تبرعات، دون ان تكلف الملحقية اليمنية هناك نفسها عناء السؤال عنهم، او متابعتهم، مع ان مستحقاتهم تقر من وقت دخولهم البلاد وتسجيل اسمائهم لدى السفارة وفقا للقوانين.
ورغم ان الوفر في ميزانية الملحقية فائض عن مئة الف دولار حسب مصادر الوسط، الا انه لم يتم صرف حتى سلف للطلاب حتى تقر حقوقهم ان كان هناك مبرر لعرقلتها، ما دفع السفير مصطفى النعمان الى دفع 100 دولار لكل واحد منهم خارج حساب السفارة والملحقية.
يؤكد الدكتور صالح السنباني عضو لجنة التعليم العالي بمجلس النواب أن مشكلة عدم تسليم مستحقات الطلاب الدارسين في الخارج باتت ظاهرة تشمل كافة الدول التي يتواجد فيها الطلاب اليمنيون، وليست قضية دولة بعينها.
هو عزا ، في تصريح لـ"الوسط"، المشكلة الى تداخل صلاحيات وزارتي التعليم العالي والمالية، بممثليها في البعثات، الملحقين الثقافي والمالي، مشيرا إلى أنه وفي ظل هذا الوضع لا تتمكن وزارة التعليم، وهي المعني الاول بقضايا الطلاب، من متابعة سير الدراسة وصرف المستحقات أولا باول وهناك تدخل واضح من قبل وزارة المالية فيما يتعلق بمستحقات الطلاب، "لان الوزارة ومن خلال المسؤول المالي التابع لها تتحكم بالمبالغ المالية التي ترسل للطلاب، اذ يعتبر شخصية مستقلة عن الملحق الثقافي وإن كان في ظاهر الامر الملحق المساعد".
على مدى الثمانية الاشهر الفارطة من عام 2007، انتفض الطلاب اليمنيون في الخارج لأسباب تراوحت بين المطالبة برفع المستحقات وفي كثير منها المطالبة بصرفها، والشكوى من تأخرها، وأحيانا الاحتجاج من عبث مسؤولي السفارات، وهو ما يدفع الطلاب اضطراريا الى البحث عن خيارات بديلة عن تكرار التردد على ابواب السفارات والملحقيات الثقافية.
السنباني أشار ايضا الى ضعف في الصلاحيات التي تمنح للسفارة باعتبارها ممثلة لليمن، "فهي تحتوي عددا من الملحقيات، كل ملحقية تتبع وزارتها ولها صلاحيتها المستمدة من تلك الوزارة، بعيدا عن سلطة السفارة، وهو ما يعد مخالفة للقانون المنظم لاعمال السفارات، ما ادى الى ظهور دويلات صغيرة داخل السفارة لا تخضع لسيطرتها"، داعيا الحكومة ان تجعل القرار بيد السفير وبيده السيطرة على الملحقيات، حفاظا على مصالح الطلاب وغيرهم.
الاثنين الماضي اكد الدكتور صالح باصرة وزير التعليم العالي والبحث العلمي تحويل مستحقات 190 طالبا من المستفيدين من التمويل الحكومي والمبتعثين للدراسة في ماليزيا وألمانيا وعدد من الدول الأخرى عبر البنك المركزي الى حسابات الملحقيات الثقافية والسفارات في الخارج.
مشيراً الى ان تأخير المستحقات يعود إلى عدم استكمال إجراءات اعتمادها في وزارة المالية كونهم لم يدرجوا ضمن موازنة العالم 2007م وتم اعتمادهم بشكل استثنائي.
وأوضح وزير التعليم العالي ان اللجنة المشتركة من المالية والتعليم العالي برئاسة وكيل وزارة التعليم العالي لقطاع البعثات ووكيل وزارة المالية لقطاع الحسابات وتنظيم الحكومة أنهت أعمالها وأقرت الإجراءات والمعالجات المناسبة للذين تم ايقاف مستحقاتهم او تنزيل أسمائهم وتم تعزيز المستحقات المالية لمن يستحقون الاستمرارية ومنح فرصة أخيرة للمتعثرين والخريجين بالاضافة الى اعتماد المستحقات المالية لـ200 طالب من الدارسين في الخارج دراسات عليا وجامعية وتحويلها لحساب الملحقيات والسفارات .
ابرز الاحتجاجات التي نفذها الطلاب:
ومن خلال رصد للشكاوى التي ترد على البريد الالكتروني للصحيفة، اضافة الى متابعة ما ينشر في المواقع الاخبارية، وتميز برصدها موقع مأرب برس، من شكاوى للطلاب، في تلك الفترة تبين ان خللا دائما يشوب حالات الابتعاث وطريقة التعامل مع مشاكل الطلاب، وعدم الانتظام في صرف المستحقات وسوء تعامل كثير من مسؤلي السفارات مع الطلاب، يضاف اليها فساد وروتين اداري معقد تتشاركه المالية والتعليم العالي، لا يستثني منه الخارج بظروف معيشته التي تنعدم معها الخيارات الاخرى امام الطلاب، سوى الاعتصام كملاذ أخير..
كانت ابرز الاحتجاجات التي رصدتها الصحيفة ابتداء من يناير 2007، وحتى تاريخ الصدور، كالتالي :
"الوسط" حاولت لمرتين مساء الاثنين الماضي الاتصال بوزير التعليم العالي لمعرفة أسباب هذا التعثر المستمر والمشاكل المتوالية في معظم الدول، غير ان سكرتاريته، اعتذروا وطلبوا الاتصال بعد ساعة بسبب اجتماع هام للوزير، غير انهم عادوا ثانية ليعتذروا بسبب تعب الوزير وعدم قدرته على الرد، بعد الاجتماع وعودته من ذمار.
الوزير كان دعا الاثنين ايضا الطلاب الى عدم التسرع في اللجوء للاعتصامات والإساءة الى سمعة البلاد وإثارة الشوشرة التي لا تخدم قضيتهم ولا تسهم في حلها.
لا تبدو مشكلة الطلاب مجرد غواية للتصعيد والاحتجاج، اذ تأتي بعد مناشدات عدة يرفعونها مفتتح كل ربع (مالي)، ووسط سوء المعيشة وتدني المستحقات يكون الطلاب امام خيار الضغط الاخير المتمثل في الاحتجاجات، غير ان الحلول المطروحة تبقى معالجات مؤقتة لمشاكل مؤسسية مزمنة تتجدد مع بداية كل موسم لصرف المستحقات، وتبقى الاعتصامات الحل المقفل اضطراريا امام الطلاب خارجا عن حسابات تشويه السمعة، وإن كان البعض يعدونه مظهرا حضاريا طالما اتسم بالسلمية يدل على ديمقراطية البلاد ونضج الطلاب. يضع الدكتور السنباني مجموعة حلول هي من وجهة نظره، كفيلة بإنهاء المعاناة المعتادة للطلاب، اولاها اختيار الملحقين خصوصا الثقافيين من ذوي الخبرة والكفاءة باعتبارهم يشكلون حجر الزاوية في متابعة قضايا الطلاب وتلمس مشاكلهم واعتبارهم الهدف الاول بالنسبة لهم لتوفير الاجواء المناسبة للطلاب، بعيدا عن الهموم المتكررة، على ان تتولى وزارة التعليم العالي المتابعة المستمرة للملحقيات والعمل على حل مشاكل الطلاب بدلا من تركها تتراكم يضطر الطلاب جراءها الى اللجوء الى وسائل الضغط التي نراها حاليا كالاعتصامات السلمية، التي اعتبرها حقا مقراً لهم، كما اكد السنباني على ضرورة وجود مصدر وحيد متمثل في الملحقية الثقافية التابعة لوزارة التعليم العالي تتاح لها صلاحيات الرعاية والاشراف وصرف المستحقات، في حين يخضع المسؤول المالي لادارة الملحقية الثقافية لا ان يكون مستقلا عنها.
وعن رؤيته لحل مشكلة الطلاب فيما يتعلق بأزمات الاعاشة وغلاء بعض الدول، اشار عضو لجنة التعليم العالي والشباب والرياضة بمجلس النواب ان الطالب اليمني يعيش اسوأ ظروف مالية، ويتقاضى اقل منحة مالية في العالم حتى مقارنة بالصومال واثيوبيا وجيبوتي" وليس مقابل ما يتقاضاه نظراؤهم من دول الخليج، لن نقارن انفسنا بالخليج"، مضيفا ان على اية دولة تحترم العلم وتحترم الطالب الذي يفترض انه تم اختياره من صفوة الطلاب وخيرتهم ليحظى بتعليم راق ليعود مسهما في خدمة وطنه، ان تهتم بتحسين المستوى المالي والاعاشي للطالب ما يجعله يعيش بكرامة ولا يضطروهم ، بفعل تعسف الملحق المالي او شحة المستحقات الى ترك الدراسة او التقصير فيها او البحث عن فرصة عمل اخرى لا تليق بطالب يمني، وقد وجدنا طلابا يمنيين لجأوا للعمل في المطاعم في الهند لتغطية النقص في تكاليف دراستهم، وهو ما يؤثر على استقرارهم النفسي وتحصيلهم العلمي.
ذهب اكثر من ذلك الى التشديد على ضرورة اعتماد مبالغ خارج اطار المنح المالية لمستلزمات البحث وحضور المؤتمرات العلمية، تشجيعا للطلاب، وتحفيزا لهم على التحصيل لأجل وطنهم .
وعن الدور الرقابي للمجلس عموما ولجنة التعليم العالي بصفة خاصة، في متابعة قضايا الطلاب، قال السنباني إن اللجنة استدعت وزراء التعليم العالي والمالية، ووكلاءهم "وناقشنا الموضوع فوجدنا ان هناك تداخل صلاحيات، تفضي الى ممارسات تعسفية بحق الطلاب".
واضاف: على سبيل المثال وجدنا ان منح الطلاب المتعثرين تنزل بموجب خبر او رسالة من المسؤول المالي التابع للبعثة، وهذا خطأ كبير فهذا من لب اختصاص وزارة التعليم العالي، وملحقيتها، فهي أعلم بمن يستحق الاستمرارية من عدمه.
وقال ان لجنة مشتركة شكلت من الوزارتين مهمتها النظر في تظلمات الطلاب الذين انزلت منحهم المالية من قبل وزارة المالية لبحث اسباب التعثر واعادة المنح لمن يستحقونها، "وألزمنا اللجنة بتصحيح الاختلالات بعد صرف مستحقات الطلاب المتأخرة، ونأمل أن تكون اللجنة قد قامت بواجبها واوصلت الحقوق الى اصحابها".
غير ان استمرار احتجاجات الطلاب خصوصا من تعرض منهم للتنزيل كما حدث مع طلاب المغرب يؤكد ان اللجنة قامت بمهمة متعلقة بحدث وليست موكلة بحل جميع الاختلالات في هذا الجانب، اذ شارف الطلاب في مساق الدكتوراة والماجستير على اكمال شهر من الاعتصام في مبنى السفارة اليمنية بالرباط دون ان يتم التوصل الى حلول لقضيهم، بل يتم جرهم الى معارك جانبية باتهامهم بالخيانة والتآمر حسب شاكاوى وردت في بيانات الطلاب المتكررة، وتهديدهم بالترحيل، كما جاء في شكوى مرفوعة للجنة التعليم العالي والحقوق بمجلس النواب وكافة المنظمات المعنية، والمرفوعة من قبل الباحثة ابتسام المتوكل المبتعثة من جامعة صنعاء، والتي ذكرت تعرضها لتهديد من قبل نائب السفير ورئيس الجامعة .
حتى لا يتحول طلابنا الى شحاتين:
الضجة الدورية التي يثيرها الطلاب بسبب ما يطالهم من تعسفات وتأخر في صرف المستحقات، بات انعكاسا لازمات تعيشها البلاد في الداخل، فتنزيل المستحقات وفقا للمسؤولين الماليين، وتأخير المستحقات بصفة منتظمة، وعدم النظر في استرتيجية تضع معايير خاصة بالمستحقات التي لا زالت بحسب متابعين حسب هيكليتها مطلع الثمانينات، تدفع بالطلاب الى تصعيد احتجاجاتهم، وترغم الكثيرين على البحث عن مهن جانبية تغطي مصاريف حياتهم، وقد تكون من اسباب انهيار الطلاب وفقدان الثقة والامل ببلدانهم، وربما الوصول الى ما هو اخطر من ذلك كما حصل مع الطالب عبدالجبار القدسي الذي قتل في موسكو مارس الماضي، وهو في السنة السادسة طب، بعد ثلاث سنوات من تنزيله، وإن كانت مبررات التنزيل قانونية الا انها تظل منظومة غير عادلة في ظل عدم توفر معايير المساواة والضغط المستمر على الطلاب، وانتهاج سياسة ترقيع مؤقتة توحي ان مسؤولي البلاد لا يفكرون سوى بمعالجات مؤقتة مرتبطة بمدة بقائهم في الكراسي لا اكثر.
الاعتصامات والضغط لنيل الحقوق هي اجدى لليمن وأكرم لسمعتها من السكوت الذي يحول الطلاب الى مجرد شحاتين، يعيشون عالة على غيرهم، كأنهم ينتمون الى بلد تعيش بلا نظام او حكومة او رجل رشيد.
المصدر: صحيفة الوسط عدد الأربعاء 15 أغسطس 2007
*تم اعادة النشر بالتنسيق مع كاتب التقرير