صحيفة أمريكية تتحدث عن تورط دولة كبرى في تهريب قائد في الحرس الثوري من صنعاء أردوغان يكشف ما تخبئه الفترة المقبلة وأين تتجه المنطقة .. عاصفة نارية خطيرة اجتماع حكومي مهم في عدن - تفاصيل بن مبارك يشن هجوما لاذعا على موقف الأمم المتحدة وتعاطيها الداعم للحوثيين وسرحد فتاح يكشف عن نتائج تحركات المستوى الوطني والدولي وزير الدفاع يقدّم تقريرا إلى مجلس الوزراء بشأن مستجدات الأوضاع الميدانية والعسكرية قطر تقدم تجربتها الأمنية في إدارة الجوازات والخبرات والتدريب لوزير الداخلية اليمني إسبانيا تُواجه كارثة هي الاولى من نوعها... حداد وطني وعدد الضحايا في ارتفاع المليشيات تستكمل «حوثنة» الوظيفة العامة بقرارات جديدة لماذا تعرقل إيران انضمام تركيا إلى البريكس؟ إغتصاب الأطفال.. ثقافة انصار الله في اليمن
كأن السماء فتحت أبوابها اشتياقا لاستقبال روحك، وكأن الأرض جسرت على أن تتحمل فراقك وآذنت لك بالرحيل بعيدا عنها، الأرض التي عاندت فراق روحك لمدة أربع سنين، لأنها حينئذ لم تكن قادرة على تحمل تلاشيك الحتمي، أما الآن فقد آثرت روحك الرحيل حينما رأت الشعوب تخرج من شرنقة الظلم والاستبداد، فآمنت الروح وأطمأنت واستأذنت للمعراج إلى السموات العُلى لتضعك هناك في قرار مكين.
لم تكن تلك الغفوة التي غفوتها إلا حالة من الانتظار، انتظار من يسلم الأمانة إلى مؤتمنها، وكانت تلك الأمانة هي حب الوطن والحرية، ولا أقصد هنا الوطن بمعناه المكاني أو الجغرافي فأنت لست من الذين يحصرون في الأوطان المُحددة بترسيم الحدود، ولا أنت من الذين يؤمنون بالأوطان المقزمة المنقوصة الحرية، لأن الحرية في البداية والنهاية لا طعم لها ولا رائحة إلا حينما تشعر بها الشعوب وتتلمسها الجماهير وتصنعها التضحيات، بمعنى أن الحرية لا توهب وتُعطى بل تؤخذ وتُنتزع.
كنت في غفوتك يا أبا أمل يرونك ولا تراهم، يسمعونك ولا تسمعهم، مع أن الجميع كان في أمس الحاجة لك، حاجة المنقوص إلى الاكتمال وحاجة الجزء إلى الكل، لأن غيابك كان عتمة لمن يبحث عن درب الاهتداء، وكان تيهاً عن سبيل النقاء، فأنت كالمنارة التي بنورها لا تهدي التائهين فحسب بل تُنجيهم من الهلاك.
أبا أمل أيها الهامة الشامخة في تاريخ النضال الإنساني في الخليج، أيها الأب والقائد والمناضل في حياة المحرومين والتواقين للحياة والحرية، اسمح لي أن أنثر في وداعك رائحة اللبان الظفاري المقدس، مُغلفا بنسيم من أشجار (السغوت والحور والخفوت) وبطيف من خريف ظفار، ظفار التي تعرفها وتعرفك، ظفار التي لا يمكن لها أن تنسى من أحبّها حتى وإن تغيرت الأسماء، فلا يهما أن كان اسمك سعيد، أو كان عبد الرحمن، المهم أنك كنت شخصا واحدا بعدة أسماء فرضتها تلك المرحلة، وكنت مخلصا وصادقا ومؤمنا بما تعمل ولمن تفعل، وهذه خصال الأتقياء والأوفياء، وقد جمعتها في ذاتك وفي يقينك.
اعتذر منك يا أبا أمل لأنني انقطعت عن الاتصال بأم أمل للاطمئنان عليك، أم أمل التي يختلط عليّ صوتها أحيانا بين صوت زوجة تُراقب أنفاس زوجها على سرير الغياب، أو صوت قارئ قرآن في فجر هادئ وصامت في قرية نائية عن الضوضاء وعن الاستهلاك البشري.. يا أم أمل يا لتبتل الصوت وقداسة الرنيم!!.
اطمئن على مصيرنا وسيرنا يا أبا أمل فنحن لسنا في وهن اللحظة التي تركتنا فيها، ولسنا في سقم ذاك الزمان، لقد تبدلت الأشياء وهب هبوب الأمل، الأمل الذي ارتبطت به وارتبط بك، والذي أسميت به فلذة كبدك (أمل عبد الرحمن النعيمي)، التي جمعنا بها حب ظفار قبل سنتين من الآن، وحينما كانت أمل في ظفار كانت ترى بعينيك وتسمع بأذنيك كأنك أوفدتها إلى المكان نيابة عنك، حاملة معها سلامك الأخير إلى الرفاق، وتحيتك الأخيرة إلى زملاء المرحلة وشركاء النضال، ووطأت بقدميك الأرض التي أحببتها وأحبتك، فسلمت على الناس الذين عرفتهم أوفياء وعرفوك مخلصا وعشت معهم وعاشوا معك في ألفة الوطن وفي هموم الغربة.
يا أبا أمل إن رحلت عن الوطن فلن ترحل من النفوس، فهناك الآن آلاف من الشباب من المحيط إلى الخليج يحملون في ذواتهم ما حمله عبد الرحمن النعيمي أو سعيد سيف في يوم ما.
فقد تركت خلفك تركة لا تفنى ولا تُنسى..
أرجع إلى بارئك وعليك رحمته في الأرض وفي السماء وفي الجنان العالية.
*كاتب من عُمان.