حتى لا تموت فينا فلسطين..(النظام المصري هو السبب )
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 16 سنة و 9 أشهر و 6 أيام
الأربعاء 23 يناير-كانون الثاني 2008 08:39 م

مأرب برس - خاص

يستحي المرء اليوم إن كان به ذرة من حياء أن يتكلم أو يحاور أو يكتب أو يخطب في شيء آخر غير غزة وفلسطين).

من كان يتوقع أن يأتي اليوم الذي نبكي فيه عباس احمد مطر ، ونجعل من كلماته في سياق الشجب والتنديد تراتيل ونغم وحكايات مقاهي لا تقل روعة وجاذبية عن ما يحكونه للمهلهل وعنتر وأبو زيد الهلالي.

عباس احمد مطر هذا الذي شتمناه ولعناه وبصقنا على اسمه وصوره ومسمياته المختلفة ذات يوم وقلنا فيه أعظم مما قاله مالك في الخمر هو اليوم عندنا أسطورة للفتوات والجدعنه على الأقل كان يصقل سيفه ، ويفتل شاربه ، وعند الشدة يرسل برقية تهديد .

كم نتوق اليوم لمفردات الشجب والتنديد والاحتجاج وكل تلك الحزم من اللاءات حتى وان كانت جوفاء وفارغة .

أما عباس اليوم فما عاد في وجهه مزعة من مروءة أو قطرة من حياء.

نعم قرأنا في التاريخ عن الحاكم العربي-في بعضه - أو الوالي ترنح شيئا ما لصالح أعداء أمته لكنه في كل الأحوال وعلى ما قيل ما باع يوما عرضه لهواة جمع الأثدية ، نعم هو قبل الأصنام مثلهم ، لكنه لم يقبل أحذية ( على ما قالوا ).

أن يتحول النظام المصري إلى عسس وشرطة بإمرة المرت والموساد فيغلق معبر رفح وهو تحته بالسيادة تبعا لأوامر المسخ الصهيوني ويمنع الحجاج الفلسطينيين من العودة إلا أن يسلموا لا سرائيل عبر المعابر التي تسيطر عليها ليقتل منهم من يقتل وليلقى في السجون من عليه العين ن فتلك والله من عجائب الدهر واغرب من حكايات ألف ليلة وليلة .

النظام المصري اليوم هو من ركع الحكام والمنطقة وأورثنا كل هذا الهوان ، فان بقي حاكم عربي به شيء من العزة والإباء والموقف المستعصي بعث إليه مبارك موفده أو ذهب هو اليه بنفسه على رغم شيبته وتفسخ أعضائه ليهونه نفسيا ويضخم عليه الأمور والفجائع حتى يخور ، باعتباره هو اعلم بالقضية وخيوطها وميزان القوى .

مصر اليوم هي السبب الأول في كل هذا الخور والانبطاح والتراجع ، اتخذت من موقعها ومقدراتها وخبراتها مع الأسف سببا لهذا الحال الذي فيه منطقتنا ، ولولا تلك الحيوية واليقظة والاستعصاء في الشارع المصري لكان مبارك أنزل السفير الإسرائيلي في قبة الأزهر .

ولولا المقاومة الفلسطينية العظيمة لكان مبارك وقع على صك التصفية النهائية باعتباره شريكا على ما يدعي.

الحقيقة الجلية أن مصر العربية هي القائد في المنطقة بحكم خصوصيتها وإمكاناتها المختلفة ، وتبعا للقيادة التي عليها تنعكس أثارها على المنطقة إما على هذا الشاطئ أو ذك .

فحين مصر عبد الناصر _بصرف النظر عن الموقف منه –كانت المنطقة كلها إباء وعزة ، فحكامها كانوا زعامات بحقها وقادات لثورات حكموا على المستعمر الذي هو بجلده ونكهته اليوم أن يعود هاربا ككلب أجرب لا يولي على شيء ، وكان الشعب العربي يغلي بالعزة والكرامة ، وكان للموقف العربي كلمته في المحافل الدولية .

أما مصر مبارك اليوم فقد انتهت منا بكل شيء أرضا وكرامة وموقف .

لا اعتقد يثمة موقف عربي مشرف لدولة ما مادام النظام المصري يتولى هذا الدور .

وان تعجب فعجب أن تسمع أن إيران تبني منظومة متطورة من الأسلحة وهي الآن باتجاه النووي ، وإسرائيل تحدث ترساناتها وترسل للفضاء احدث قمر صناعي في حين أن الجيش المصري يجري تحديثه ولكن بصورة مغايرة ليصبح بين عشية وضحاها كله امن مركزي ليس أكثر ، وان مصر قبل أسابيع تشتري صفقة أسلحة متطورة ولكن من اجل تدمير الأنفاق مع غزة ..

ليس ما يؤلمنا اليوم تجاه ما يجري في غزة هو هذا الموقف العربي الهين والمتواطئ فهذه الأنظمة قد رفعنا الأمل عنها والتعويل عليها منذ حين ولا استثناء لأحد على حد تعبير مظفر النواب .

إنما الذي ينكأ القلب ويزيد الغم والجراح هو في الموقف السلبي للشارعين العربي و الإسلامي الذي وكأنه قد فقد الروح ودفن دوره ، فكم لغزة في الحصار والظلام والاغتيالات المنظمة والسافرة لرموزها وكتائبها وعوامها وأوجع من ذلك كله موضوع الحجاج ، وكم كانت أعداد بسيطة من مجاميع في هذه الدولة وتلك تتجه بمظاهرات للسفارات المصرية والغربية لقادرة على أن تحل موضوع الحجيج وقضايا أخرى فضلا عن الدور الذي يمكنه أن يتحقق لو هب الشارع كعادته ، ولولا الدور الذي قامت به قناة الجزيرة لكان حجاج غزة في السجون الإسرائيلية وربما المصرية ، ولولا الدور لقناة الجزيرة لكانت غزة مقبرة جماعية .

ما لهذا الشيخ الفقيه افتقد دوره ، وهذا الكاتب الذائع الصيت والمدعي الرسالة فقد حسه واحتبس على ترهات وظنيات مثار فتنة وجدل ومفردات فتنة وإثارة .

ما لهذا الشاعر ما عاد هو ، ما به هزة أو صرخة من غضب..

كلهم قادة الرأي العام والقوى والمنظمات وأصحاب الصيحة كأنما ماتو ا والسلام ، فلا جعجعة ولا طحينا .

قد يقول احدهم كثرة المصائب وتوالي الكوارث والفجائع التي ما تمر واحدة إلا وتبعتها افجع جميعها أفقدت الحس وجعلت الجميع ليس عنده إلا نفسي .

ورغم وجاهة وقوة هذا الرأي ، إلا أن حقيقة مغيبة هي اشد من الوضوح لكل ذي تفكير يجب أن تستقيم في الأذهان وتتكرر في تحديث مستمر وهي أن كل ما يجري اليوم في المنطقة من تفكيك وإعادة تركيب وتصفيات وتدمير كلها متغيرات تابعة لمتغير مستقل وجامع وهو فلسطين ، وانه كلما احتشد الجميع حول قضيتهم المركزية وكان لهم الفعل أولا والطلب كلما استقامت أوضاعهم وسكنت الأمواج من حولهم ، والعكس بحسبما يجري من استفراد للقضية الفلسطينية ، تلك هي سنة الله وحكمته .

يستحي المرء اليوم إن كان به ذرة من حياء أن يتكلم أو يحاور أو يكتب أو يخطب في شيء آخر غير غزة وفلسطين .

وكم كان صدام حسين رحمه الله حكيما صائبا صاحب عقل وموقف وتفكير وهو يتكلم في كل مراحل محنته وحتى شنقه عن فلسطين أولا ولعل موقفه منها هو الذي أعطاه وسام الخلود.

أواه...أواه ...ياغزة...

آه .....منهم ومني ...

ثم وتذكروا فلسطين ولو همسا حتى لا تموت في قلوبنا.

alhager@gawab.com