آخر الاخبار

النجم ميسي يحقق 3 أرقام قياسية ويقود إنتر ميامي لاكتساح نيويورك ريد بولز بسداسية بحضور قيادات بارزة … مكتب الاوقاف بمأرب يكرم الدفعة الاولى من الحافظات والحافظين المجازين بالسند المتصل للنبي فوز تاريخي وغير مسبوق .. أول عمدة مسلم في لندن يفوز بولاية ثالثة وانتكاسة كبيرة للمحافظين بالانتخابات حرب المظاهرات الجامعية يشتعل وبقوة وجامعات جديدة حول العالم تنضم إلى الحراك الطلابي المناصر لغزة روسيا تقلب موازين المعارك وتعلن التقدم والسيطرة وقرية أوكرانية تتحول لأنقاض مع فرار سكانها من التقدم الروسي تفاصيل فضيحة ثانية تهز ألمانيا في اختراق 6 آلاف اجتماع أمني للجيش حرب ومعارك طاحنة في السودان والجيش يشعل مواجهات غير مسبوقة شمال الخرطوم لقطع إمدادات الدعم الصحة السعودية تكشف عن آخر مستجدات واقعة التسمم في الرياض رسميًا.. ريال مدريد يحصد لقب الدوري الإسباني لهذا الموسم السنوار يتحدث للمرة الأولى عن صفقة الهدنة المقترحة في غزة

طائرة الدب
بقلم/ د. محمد جميح
نشر منذ: 8 سنوات و 5 أشهر و 7 أيام
الخميس 26 نوفمبر-تشرين الثاني 2015 04:34 م
متدرعاً بقوة إمبراطوية، يرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صواريخ عابرة للقارات من بحر قزوين إلى مناطق خاضعة للمعارضة السورية المسلحة، وتنظيم «الدولة»، لا يكتفي بوتين بما تقوم به طائراته التي يحدثنا عن أنها تقصف في اليوم الواحد مئات الأهداف.
صواريخ الدب تسقط على رؤوس السوريين، والدب يقول «ضربنا في يوم واحد 200 هدف لداعش»، و «داعش» يعرف كيف يختبئ، وكيف يهاجم، وتعرف المعارضة كيف تستعيد الأراضي التي تمكن النظام من انتزاعها منها بسبب غطاء الدب من الجو. على كل حال، الدب يتقدم بغرور القوة العسكرية، هناك بعض الذين يصفقون له في المنطقة والعالم، الإيرانيون يبتسمون كعادتهم لتدخل الدب الذي يعولون عليه في إنجاز ما فشلوا مع كل مليشياتهم الطائفية في إنجازه، هناك في واشنطن وباريس من يبتسم بمكر كذلك، «الشيطان الأكبر»، و»الولي الفقيه» يبتسمان، كل بطريقته، وكل لهدفه. الشيطان يريد أن يسحب الدب من رجله في سوريا، كما سحبه من قبل في أفغانستان، والولي يريد للدب أن يخوض حربه الطائفية والقومية في آن ضد العرب وضد السنة.
أول أمس طارت إحدى طائرات بوتين مخترقة الأجواء التركية، حذرتها المقاتلات التركية عشر مرات، لكن يحدث أن يكون الدب ثقيل السمع، لم تبتعد الطائرة الروسية عن الأجواء التركية، أسقط الأتراك طائرة الدب، الذي أحس بالإهانة، إذ لا يتوقع الدب أن يتجرأ أحد على طائرته، بعد أن قام مؤخراً بالكثير من الخطوات الاستفزازية من دون أن يتعرض له أحد. أمام الدب واحد من خيارين إزاء ما رآه بوتين «طعنة في الظهر»، إما الرد عسكرياً على إسقاط طائرته، وتحمل نتائج الرد التي ستكون في سوريا، ومع الناتو، أو أن يلملم حطام طائرته في صمت، ويعلن عن خطوات عقابية غير الفعل العسكري المباشر. لا يبدو أن الدب في وارد الرد المباشر لكلفة هذا الرد في ظل وضع اقتصادي غير مريح، والتورط أصلاً في النزاع السوري بشكل مباشر. أمام الدب وقف إمدادات الغاز إلى تركيا، أمامه تجميد التعاون العسكري مع أنقرة، إلغاء بعض المشاريع المشتركة، وهذا ما يبدو أن الدب بصدد القيام به. الساحة الدولية غير مهيأة لحرب كونية، والكنيسة الروسية التي تبارك باسم الرب صواريخ الدب المتساقطة على رؤوس السوريين لن يكون في وسع صلواتها منع تداعيات حرب كونية لو اندلعت. معروف عسكرياً أن روسيا تنتصر مدافعة، لكنها في مرات كثيرة هزمت عندما تهاجم، ولا شك أن الله لن يكون في صف كنيسة، تخون تعاليم المسيح، وتؤيد إرسال الصواريخ البالستية من بحر قزوين على رؤوس السوريين.
قد يدعم الدب «حزب العمال الكردستاني» في تركيا، قد يحاول مشاغلة «السلطان أردوغان» داخلياً، لكن كل خيار بالنسبة للدب له ثمن بالطبع، وهو ما سيفكر الدب فيه قبل الإقدام عليه، بعد أن لاح للعيان أن خطواته في سوريا بدأت تدخل منطقة شائكة.
العقوبات الاقتصادية سيكون أثرها ثنائياً على الدولتين، وكذا الشأن بالنسبة لوقف التعاون العسكري، واللعب بالورقة الكردية قد يستدعي لعباً أوسع بالورقة الشيشانية والتترية والداغستانية في الاتحاد الروسي، وبيت الدب من زجاج هذه المرة.
المهم الدب كان هائجاً بشكل هستيري، لكن المضحك أنه قال إن ما قام به الأتراك يعد «طعنة في الظهر». هذا الدب عجيب المزاج، يضرب التركمان في جبلهم في سوريا، مع أن كل العالم يعرف أنه لا وجود لقوات تنظيم «الدولة» هناك، وينتهك السيادة التركية، ويرسل صواريخه عابرة القارات من بحر قزوين على رؤوس الناس، وعندما يقوم الأتراك بإسقاط طائرته التي اخترقت، رغم تحذيرها، أجواءهم، قال إنهم طعنوه في الظهر، وكأنه يتصور أن أنقرة ستكون أقرب إليه منها إلى أشقائها التركمان، أو كأن المطلوب من أردوغان أن يسكت على عشرات المرات التي يعربد فيها الدب على حدوده، ويخترق أجواءه. الأتراك أبلغوا الروس قبل عشرة أيام بتغيير في «قواعد الاشتباك»، على الحدود مع سوريا بعد أن تكررت الانتهاكات الروسية لأجوائهم، مجلس الأمن القومي التركي، يجتمع ويقرر حرية التصرف للقوات الجوية من دون الرجوع للسياسيين في حال انتهاك الأجواء مجدداً، الملحق العسكري التركي في السفارة التركية في موسكو أبلغ الروس بذلك، أنقرة تقول أمس إنها حذرت الطائرة الروسية عشر مرات، وعرضت التسجيلات والإشارات بهذا الخصوص، وقالت كذلك إن جزءاً من حطام الطائرة الروسية سقط على قرى تركية، بما يثبت أن الطائرة كانت تحلق في الأجواء التركية لحظة إصابتها، في دحض لما قاله الدب من أن الطائرة لم تخترق الأجواء التركية.
ربما تنجو المنطقة من تصعيد خطير هذه المرة، لكنها ربما لا تنجو منه إذا ما استمر الدب في استعراض عضلاته، وعروضه الكارثية وهو يحاول الدخول مرة أخرى إلى العالمية من البوابة السورية، وعلى حساب دماء شعب أوقع عليه نظامه نكبة، هي نكبة القرن الواحد والعشرين بلا منازع.