اجتثاث الإصلاح
بقلم/ د. عبده البحش
نشر منذ: 6 سنوات و 11 شهراً و 15 يوماً
الأربعاء 15 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 11:24 ص


مما لا شك فيه ان حزب التجمع اليمني للإصلاح يتعرض لعملية اجتثاث ممنهجة تشترك فيها أطراف عديدة بعضها محلية والبعض الاخر إقليمية ودولية، ومن الواضح ان التجمع اليمني للإصلاح في اليمن يدفع ضريبة باهظة الثمن نتيجة لمواقف حركة الاخوان المسلمين في بلدان اخرى مثل حركة حماس وموقفها السلبي من عملية السلام مع إسرائيل التي اجمع العرب في قمة بيروت على تبنيها كخيار استراتيجي في العلاقة مع أبناء العم سام، حيث كان يجدر بحركة حماس التعاطي الإيجابي مع مبادرة السلام العربية وليس الوقوف ضدها او رفضها كما هو حاصل الان.
ان عملية الاجتثاث التي يتعرض لها حزب الإصلاح في اليمن حاليا مع الأسف الشديد عملية ظالمة وجائرة لأنها تأتي في سياقات غير قانونية بل وغير منطقية، فعلى سبيل المثال عندما قرر الامريكان اجتثاث حزب البعث في العراق بعد الغزو، أصدر الحاكم الأمريكي بريمر آنذاك قانونا اسماه قانون اجتثاث البعث وتمت عملية الاجتثاث ضمن اطر قانونية واضحة وضمن سياقات منطقية وحجج معقولة كون حزب البعث كان حزبا استبداديا يستند الى أيديولوجية الحزب الواحد القائد للدولة والمجتمع، وهذا ما لا ينطبق على حزب الإصلاح في اليمن، الذي يؤمن بالديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، وهو ما اثبته الإصلاح عمليا في نضاله السياسي السلمي ضمن ائتلاف أحزاب اللقاء المشترك الذي جمع أحزاب المعارضة اليمنية وكان الإصلاح هو الحزب الرائد في ذلك التكتل السياسي المعارض.
قد نختلف مع حزب الإصلاح في كثير من الرؤى والقضايا والأولويات وأساليب العمل، وقد نتنافس مع الإصلاح ونتشاجر على المكاسب والمناصب وما الى ذلك من اعتبارات، لكن لا يجوز باي حال من الأحوال اللجوء الى الاجتثاث والتصفية الجسدية او الاقصاء والتهميش او حتى مجرد التفكير بانتهاج مثل هذا الخيار الجنوني او ما اعتبره انا شخصيا بانه انتحارا سياسيا وليس مجرد اجتثاث لحزب الإصلاح، لان الإصلاح اكبر واعمق من ان يتم اجتثاثه، فهو حزب سياسي له جماهيره الواسعة على امتداد خارطة الجمهورية اليمنية في المدن والقرى والارياف وفي الجبال والصحاري والجزر، مما يجعل من المستحيل اجتثاثه او تهميشه او اقصاءه من الحياة السياسية.
حزب الإصلاح هو من أشعل الربيع العربي في اليمن وهو من فجر ثورة 11 فبراير عام 2011م ولولاه لما أصبح علي عبد الله صالح رئيسا سابقا، فلماذا يتم اجتثاثه؟ حزب الإصلاح هو من تصدى للحوثيين في حاشد وعمران ووقف بشرف وحيد في وجه الانقلاب الحوثي في مشارف صنعاء، فهل نجازيه بالاجتثاث؟ حزب الإصلاح هو من يخوض المعركة الوطنية الكبرى مناصرا للشرعية ورافضا لهمجية الانقلاب، فهل يجازى بالاجتثاث؟ حزب الإصلاح هو من يخوض معركة شرف الدفاع عن الجمهورية ودحر الامامة الرجعية المتخلفة القادمة من كهوف مران، فهل نجازيه بالاجتثاث؟ حزب الإصلاح هو من يقدم التضحيات والشهداء من خيرة شبابه وقياداته، فهل نجازيه بالاجتثاث؟
لقد تعرض حزب الإصلاح الى محاولات تصفية كبرى شملت ضرب الوحدات العسكرية المقربة منه واستهدفت المحاولات قتل كبار القيادات العسكرية الموالية له مثل الشهيد البطل حميد القشيبي قائد اللواء 310 وغيره من القيادات العسكرية العملاقة، كما تم نهب واغلاق مؤسساته التعليمية والثقافية وخاصة في المناطق التي يسطر عليها الحوثيين، فضلا عن اغلاق الصحف والمطبوعات ومصادرة المساجد والمكتبات التابعة للإصلاح في عملية اجتثاث كبرى هي الأعنف والاشد ضراوة في تاريخ اليمن الحديث، ومع ذلك بقي الإصلاح يقاوم في كافة الميادين إعلاميا وسياسيا وقتاليا في كافة الجبهات ضد الانقلاب، ولولا الإصلاح ودماء أعضائه المتجددة والمتدفقة لانتهت المعركة مع الانقلاب منذ وقت مبكر ولكان الحوثي قد اعلن ولايته المطلقة على اليمن. وهذا لا يعني باي حال من الأحوال انكار دور القوى الأخرى المشاركة في معركة الحرية والكرامة ضد الانقلاب الامامي الكهنوتي كما لا يعني الانتقاص او التقليل من دورها الحيوي والفعال في محاربة الانقلاب، وانما أردنا ان نسلط الضوء فقط على جانب من تضحيات ونضالات حزب الإصلاح الذي يتعرض لعملية اجتثاث ظالمة.
ان محاولات اجتثاث الإصلاح في الوقت الراهن او على الأقل محاولات استفزازه لن تخدم الحكومة الشرعية ولن تخدم المعركة التي يخوضها شعبنا ضد الانقلاب الامامي عملاء إيران بقدر ما تخدم الحوثيين أنفسهم والإيرانيين من فوقهم، ولذلك يجب على الأطراف التي تمارس التضييق على الإصلاحيين وتحرق مقراتهم الحزبية وتختطف قياداتهم السياسية ان تتنبه لخطورة مثل هذه التصرفات الغير محسوبة، ومنها بيان المجلس الانتقالي الجنوبي الذي دعا الى حضر حزب الإصلاح على غرار ما فعله السيسي في مصر، وكذلك التخاذل في دعم ورفد بعض الجبهات بالسلاح والمؤمن بحجة انها محسوبة على حزب الإصلاح، ذلك لان ادارة المعركة والاخذ بأسباب النصر تتطلب تجاوز الحسابات الضيقة والنظر الى ما هو ابعد من الولاءات لان العدو عدو الجميع والمعركة معركة الجميع والنصر هدف للجميع.