المعتدلون والراديكاليون ... القضية لم يعد فيها قولان !!!
بقلم/ دكتور/محمد لطف الحميري
نشر منذ: 15 سنة و 9 أشهر و 14 يوماً
الخميس 15 يناير-كانون الثاني 2009 09:07 م
العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة قسم العالم العربي إلى "فسطاطين" معتدلون وتقودهم مصر والسعودية وراديكاليون وتقودهم قطر وسوريا.. فالمعتدلون يرون أنهم أذكى من بعض حركات المقاومة الفلسطينية التي يصفونها بالمتهورة وهو وصف مخفف لوصفها بالإرهابية ربما احتراما لمئات الأطفال الذين اغتالتهم آلة الحرب الصهيونية..
ولذلك فإن مواقفهم ستتصدى دوما لما تحاول هذه الحركات جرهم إليه بحيث يدخلون في مواجهة ولو دبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي.. فمصر تتمتع بعلاقات طيبة مع "جارتها" إسرائيل وهي تحترم مبادئ الجوار ومعاهدة السلام الموقعة وأقصى ما يمكن أن تقوم به تجاه أهالي غزة هو الوساطة وطرح المبادرات التي تضع هذه الحركات الفلسطينية "المتهورة" في خانة المعتدي الذي يجب أن يتحمل عواقب نزقه.. أما السعودية فتعتقد أنها نجحت دبلوماسيا في جعل مبادرة بيروت العربية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي جزءا من التعاطي الاستراتيجي مع مشاكل المنطقة رغم رفض تل أبيب لها..
ولذلك فهي لا تريد أن تتخلى عن ما حققته ولو أدى ذلك للتموضع في خانة قد يجعلها تسارع الأحداث غير ذات معنى.. أما الراديكاليون فيبدو أنهم استمعوا إلى هتافات العالم الإسلامي وقرروا أن يكونوا جزءا من حراكه السلمي والدبلوماسي.. ورغم التسليم بأن عهد المعتصم قد ولى إلا أن آهات الطفل الذي فقد بصره وأنات الطفلة التي بترت رجلاها واستغاثة الأم التي استشهد أطفالها الأربعة جراء الأسلحة المحرمة التي يقصف بها القطاع ربما تجعلنا نتوقع أن تخرج قمة الدوحة المنتظرة بموقف قطع العلاقات مع إسرائيل والعودة إلى حالة الحرب وهو أقل ما يمكن فعله..
رغم أن صحافة المعتدلين لا تفتأ تصف مواقف الراديكاليين بالمزايدة والمقصود من ذلك سوريا التي يرزح جزء من أراضيها تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي.
الشارع العربي والعالم الإسلامي بكل فئاته وتياراته انحاز إلى صف المقاومة الفلسطينية التي يرى فيها بارقة أمل هذه الأمة للخروج من حال الذل والهوان.. وهذا الشارع يعرف أن من يتباكون على الدم الفلسطيني يمارسون سلوكا سياسيا يضعهم من حيث لايدرون "ربما" في صف الولايات المتحدة الأمريكية التي تعقد صفقات علنية لإرسال الأسلحة والذخائر لتعزيز آلة الدمار الإسرائيلية ضد شعب أعزل بينما هم يبحثون هل نسمح بدخول المساعدات الإنسانية والطبية أم لا.
ربما نبحث عن عذر لموقف المعتدلين ولو كان كمن يبحث عن إبرة في كومة قش لكن موقف الرئيس محمود عباس كان مخزيا وغير أخلاقي عندما يصف المقاومة بأنها السبب في تدمير الشعب الفلسطيني.. كنت أقول وما زلت ليتك تسكت ياعباس وتظل تضرب الأخماس في أسداس حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا ويكتب النصر لمن تصفها بالصواريخ العبثية التي هي الآن تزعزع كيان العدو وتقض مضجعه.
إذاً فاللحظة التي يمر بها العالم العربي لحظة فارقة تتطلب أن يوحد النظام العربي الرسمي مواقفه تجاه ما يجري لأهلنا من إبادة جماعية على الأقل في الموقف الأخلاقي الذي يقتضي "الاعتراف" لإخواننا الفلسطينيين بحقهم في استرداد أراضيهم المحتلة ومقاومة الغاصب المتغطرس...
فإذا كنا ملتزمين بمعاهدات السلام وعلاقات الصداقة مع واشنطن ولن نستطيع القتال معهم فلنتركهم يقاتلون ولا نقف في طريق حرمانهم من إحدى الحسنيين.. نأمل أن يستجيب فسطاط المعتدلين لصوت الحق ويقفوا إلى جانب شعوبهم فالمسألة لم يعد فيها قولان!!

  M_HEMYARI_Y@YAHOO.COM