بعد رفع العقوبات.. هل تعجّل السوريون الفرح؟
بقلم/ إحسان الفقيه
نشر منذ: شهر و 3 أيام
الأحد 18 مايو 2025 07:15 م
 

‏ربما لم يذق شعب سوريا الشقيق طعم الفرحة منذ سقوط نظام بشار، سوى في هذا اليوم الذي أُعلن فيه عن رفع العقوبات عن سوريا، ذلك الحدث الذي عبّرت عن أهميته علامات التأثر في وجه وزير الاقتصاد السوري نضال الشعار على الهواء خلال مقابلة تلفزيونية، وهو يوجه برقيات الشكر للأطراف التي أسهمت في هذا الحدث، وهو يختتم حديثه قائلا: العالم سيندهش بالسرعة والدقة التي سيقوم بها السوريون بنهضة بلادهم.رفع العقوبات بالفعل حدث جلل، يتصور أنه سيكون مرحلة تاريخية فارقة في حياة السوريين، وانطلاقة قوية لبناء الاقتصاد السوري وتحسين الأحوال المعيشية لهذا الشعب الذي ذاق الأمرّين خلال حكم عائلة الأسد.

 

‏وما أن تم الإعلان من قلب العاصمة السعودية الرياض ومن خلال القمة الخليجية الأمريكية عن إلغاء العقوبات عن سوريا، حتى سجلت الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي في السوق الموازية ارتفاعا بنسبة 10 % على الأقل.

 

‏رفع العقوبات عن سوريا، يعني أن تصبح الأسواق مفتوحة أمام السلع والبضائع الأساسية الغذائية والدوائية خاصة، وتيسير الحصول عليها، لرفع معاناة المواطن السوري، بعدما كانت تفرض عليها قيود مشددة.

‏رفع العقوبات عن سوريا يعني تدفق أموال السوريين في الخارج إلى ذويهم، فتستفيد الدولة، ويتحسن وضع العائلات في نفس الوقت.

‏رفع العقوبات عن سوريا، يعني تدفق الاستثمارات ورؤوس الأموال من كل حدب وصوب، وبهذا يفتح المجال أمام إعادة الإعمار والقيام بمتطلبات البنى التحتية التي تضررت من الحرب، فتحدث طفرة في بناء المؤسسات التعليمية والصحية وإعادة تأهيل الطرق.

 

‏يترتب على ذلك القضاء على البطالة واستيعاب الطاقات الهائلة للشعب السوري الذي يتميز بالوعي والثقافة والإنتاجية التي شهدت عليها نجاحاته في المشروعات الصغيرة التي أنشأها السوريون خارج حدود الوطن.

‏كما يترتب على ذلك تنشيط الإنتاج المحلي في قطاعات مختلفة وخاصة الزراعة والصناعة بعد تيسير الحصول على المواد الخام، وفتح الطريق أمام تحقيق الاكتفاء الذاتي. البطل الأول لهذا الإنجاز هو الشعب السوري، الذي تحمل كثيرًا وصبر كثيرًا حتى سقط النظام، ثم التف حول قيادته الجديدة وشد عضدها وساندها في منع تفتيت البلاد.

 

‏الحديث عن هذه البشريات ليس استدبارًا أو تنصلًا من حكمة «لا تبغ فراء الدّب قبل صيده»، إذ إن البعض يطرح مخاوفه بشأن مدى التزام ترامب بما أعلنه في قمة الرياض، ويرى أن هذه الفرحة ينبغي أن تؤجل لحين دخول الوعود حيز التطبيق.

 

‏وربما يعزز من تلك المخاوف، تجربة السودان في مسألة رفع العقوبات عنها والتي أعلنتها الولايات المتحدة في 2017، ثم تلاشت أحلام السودانيين بقرارات أمريكية بتجديد العقوبات.

‏لكن ما يطمئن السوريين ويطمئننا جميعًا على دخول هذا القرار حيز التنفيذ، أن الأوضاع في سوريا تختلف عن نظيرتها في السودان، فعلى الرغم من أن هناك تطلعات انفصالية في سوريا، إلا أن الإدارة الجديدة تعاملت مع هذه الملفات بحكمة، وجنّبت البلاد شرور الحرب الأهلية، خلافا للسودان الذي يشهد اقتتالا داخليا بين الجيش والوطني وميليشيات الدعم السريع.

‏أضف إلى ذلك أن هذا القرار جاء وفق جهود ومباحثات وتفاهمات مع البيت الأبيض، لعبت دول السعودية وتركيا وقطر دورًا كبيرًا في إنجاحها، فهناك إذن ثلاث دول ذات ثقل سياسي واقتصادي لها شراكات استراتيجية مع الولايات المتحدة، ترعى هذا القرار، فمن ثم تنعقد الآمال عليها في إنجاح وتفعيل وتطبيق هذا القرار. 

 

‏فترامب بحاجة إلى هذه الدول في البناء الجديد للتحالفات الذي يسعى إليه لإنشائه، والذي يرتكز أكثر ما يرتكز على المصالح الاقتصادية.

‏لذلك نقول في ارتياح أنه يحق للسوريين أن يفرحوا دون إرجاء لفرحتهم، ونسأل الله أن يمكن لأهل سوريا من إعادة بناء وطنهم، وأن يفرج الكرب عن الأشقاء في غزة واليمن والسودان وسائر بلاد الأمة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.