سترات المشرفين وأجهزة لاسلكية: مشجعان يتنكران كأمن ويُطردان من الملاعب لثلاث سنوات
باكستان تُعدّل دستورها: تعزيز صلاحيات الجيش وتقليص نفوذ القضاء وسط تحذيرات من تقويض الديمقراطية
الإدارة الأميركية تفرض عقوبات على شبكات إيرانية لشراء مكونات الصواريخ والطائرات المسيرة
رئيس وزراء اليمن يستعرض مع الحكومة البريطانية دعم الإصلاحات الاقتصادية ومؤتمرات الصحة والطاقة
اليمن يطالب بالدعم الإقليمي والدولي للإصلاحات الاقتصادية وتحسين الأوضاع المعيشية
مبعوث الأمم المتحدة يتحدث عن حل سياسي شامل يمثل أولوية قصوى في اليمن
وزارة الأوقاف اليمنية: شهادة اللياقة الصحية أصبحت شرطًا إلزاميًا لإصدار تأشيرة الحج
رئيس مؤتمر مأرب الجامع: السلام الحقيقي في اليمن هو استعادة الدولة لا الهدنة المؤقتة وأي تسوية سياسية بلا مشاركة مأرب لن تُكتب لها الاستدامة
تصاعد التوترات والانقسامات داخل جماعة الحوثي
مليشيا الحوثي تداهم مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتحتجز الأجانب باسم «التخابر» وتصادر جوالات كافة الموظفين
يحيي العالم في التاسع عشر من أغسطس من كل عام اليوم العالمي للعمل الإنساني تكريما للعاملين في المجال الإغاثي الذين يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الأرواح، وإحياء لذكرى من فقدوا حياتهم أثناء أداء مهامهم، وفي هذه المناسبة، يقف اليمن كأحد أكثر البلدان التي تشهد مأساة إنسانية متفاقمة، حيث تتداخل معاناة ملايين المدنيين مع الانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها مليشيا الحوثي ضد العمل الإنساني ومبادئه.
منذ اندلاع الحرب، لم تكتف مليشيا الحوثي بإشعال النزاع وتعميق المأساة الإنسانية، بل حولت العمل الإنساني إلى ساحة للابتزاز والسيطرة، متجاوزة كل القوانين والمعايير الدولية، ومن أبرز الانتهاكات، نهب المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية وتحويلها إلى خزائن الجماعة لتمويل حربها، في وقت يواجه فيه اليمنيون ثالث أكبر أزمة جوع عالميا، وفرضت عناصر موالين لها داخل المنظمات الدولية وإجبارها على توظيفهم، بما يقوض استقلالية وحيادية العمل الإنساني، وتقديم كشوفات بأسماء مقاتليها ومشرفيها إلى المنظمات على أنهم مستحقون، على حساب الفقراء والمرضى والمحتاجين الحقيقيين.
عملت مليشيا الحوثي خلال العشر السنوات الماضية من خلال الممارسات القمعية والتضييق السيطرة المباشرة على عمل المنظمات الدولية والمحلية، وفرض قيود مشددة على حركتها وعملياتها الميدانية، واقتحام ونهب مقرات منظمات دولية ومحلية، واختطفت العاملين فيها، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وقامت بالاعتداء على شركات التتبع والرقابة، كشركة برودجي التي كشفت تورط المليشيا في نهب المساعدات النقدية والغذائية، حيث تم اختطاف مديرها عدنان الحرازي، ونهب معدات الشركة، وإخفاء موظفيها ومحاكمتهم تعسفا، وتعذيب العاملين الإنسانيين حتى الموت مثل قضية موظف الأمم المتحدة هشام الحكيمي، في جريمة تعكس أقصى درجات الانتهاك لحقوق الإنسان، ولم تكتف بذلك بل قامت ببيع الأدوية والمستلزمات الطبية التي تقدمها المنظمات الدولية في السوق السوداء بدلا من توزيعها على المستحقين، وتستغل المساعدات الإنسانية لأغراض طائفية وسلالية، بما يحول العمل الإنساني من رسالة إنقاذ إلى أداة للهيمنة.
في اليوم العالمي للعمل الإنساني لا يزال العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية محتجزين تعسفا لدى مليشيا الحوثي منذ أكثر من عام، مع استمرار حوادث العنف والاعتداء على مقرات المنظمات الدولية.
ان استهداف العاملين في المجال الإنساني لا يمثل فقط انتهاكا للقانون الدولي الإنساني، بل هو في جوهره هجوم على ملايين المحتاجين والمعوزين الذين يعتمدون على هذه المساعدات كوسيلة للبقاء، وضمان وصول المساعدات بعيدا عن التسييس والاستغلال.
يتزامن هذا اليوم مع تصاعد الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث يواجه أكثر من 18 مليون شخص خطر انعدام الأمن الغذائي الحاد بحلول سبتمبر بحسب تقارير الأمم المتحدة، وتتصاعد معدلات سوء التغذية وتفشي الأمراض، خاصة بين الأطفال، وتزداد المخاطر على الفئات الأشد ضعفا وهم النساء والفتيات والنازحين واللاجئين وذوي الإعاقة، بينما تستمر القيود والابتزازات في الحد من قدرة العمل الإنساني على إنقاذ الأرواح.
ورغم كل هذه التحديات، ما زال المجتمع الإنساني يبذل جهود للوصول إلى ملايين المستضعفين رغم ضآلتها، في صورة مياه نظيفة وغذاء ورعاية صحية ومساعدات نقدية.
إن ما يضاعف مأساة اليمن أن الأيدي التي تمتد لإنقاذ الأرواح تواجه بدورها التهديد والاعتداء، وبينما يواصل العاملون الإنسانيون مهمتهم النبيلة، يجدون أنفسهم هدفا للانتهاكات، في تناقض صارخ مع رسالة اليوم العالمي للعمل الإنساني التي تتمحور حول حماية الكرامة الإنسانية.
إن المجتمع الدولي مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لحماية العمل الإنساني في اليمن، وضمان عدم إفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب، والضغط على مليشيا الحوثي للإفراج عن جميع المحتجزين، ووقف استغلال المعاناة الإنسانية لأجندات حربية وطائفية.
في مواجهة هذا الواقع، برز دور الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في مطالبة المنظمات الدولية بالانتقال إلى العاصمة المؤقتة عدن، حيث البيئة الأكثر أمانا وحرية للعمل بعيدا عن قبضة المليشيات، إضافة إلى كشف الانتهاكات للرأي العام المحلي والدولي عبر مخاطبات وتقارير رسمية، من أجل ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيدا عن التلاعب والنهب.
لعبت المنظمات المحلية - ولا تزال- دورا مهما في التخفيف من معاناة المستضعفين، عبر تقديم العون المباشر للضعفاء والمساكين في مختلف المناطق، رغم شح الإمكانيات وتضييق المليشيا، ما يعكس الروح الحقيقية للعمل الإنساني المرتبط بالواجب الأخلاقي والإنساني تجاه الضحايا.
إن استمرار مليشيا الحوثي في اختطاف الموظفين، ونهب المساعدات، وتعذيب وقتل العاملين الإنسانيين، ليس فقط جرائم حرب وانتهاكات صارخة للقانون الدولي، بل هو إعلان صريح لرفضها للسلام، وتأكيد على رغبتها في استمرار الحرب التي أشعلتها خدمة لمشروع إيران وأجندتها التوسعية في المنطقة.
في اليوم العالمي للعمل الإنساني، يقف اليمن شاهدا على تضحيات العاملين في المجال الإغاثي، ويقف أيضا شاهدا على أبشع صور الاستغلال والجرائم التي ترتكبها مليشيا الحوثي بحق الإنسانية.
إن حماية العمل الإنساني في اليمن مسؤولية جماعية، وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك الآن أكثر من أي وقت مضى لوقف هذه الانتهاكات، وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، والإفراج عن جميع المحتجزين، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، فالإنسانية لا تحتمل الانتظار، وأي صمت على هذه الانتهاكات هو تواطؤ مع الجريمة.
مدير عام مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة*
