قبل أيام ظهرت نتائج المرحلة الأساسية والثانوية عبر موقع وزارة التربية والتعليم على شبكة الانترنت, وعند إطلاعي على كثير من النتائج لبعض المناطق وبالتحديد يافع وردفان لاحظت الدرجات المرتفعة جداً التي جلها فوق 88% والتي لا تعكس بأي حال من الأحوال المستوى الحقيقي للطالب, لكن المستغرب في الأمر أن نتائج طلاب المحافظات الشمالية نسبة الرسوب فيها عالية ونتائجها منطقية, حيث تراوحت بين الرسوب والدرجات المتوسطة والعالية, واستنتجت ذلك من خلال إدخال بعض أرقام الجلوس لمدارس في محافظات مختلفة، وهذا الأمر يطرح أكثر من تساؤل، ومن حب يتأكد عليه بموقع إعلان نتائج الثانوية على شبكة الانترنت.
ولم يكن الأمر مستغرباً؛ لأننا نعلم كيف تسير عملية أداء الامتحانات الوزارية في مناطقنا حيث وصل الغش هذا العام ذروته وتم الاستغناء عن البراشيم والكتب والاستعاضة بأشخاص آخرين أو استئجار مدرسين لحل الامتحانات, بل وصل الأمر في بعض المدارس بتسريب ورقة الأسئلة بداية فترة الامتحان وحل الأسئلة من قبل مختصين يحضرون لهذا الغرض وكله بسعره ومن ثم يتم تصوير نسخ بحسب عدد الطلاب ويتم إعطاء نسخه لكل طالب.
ومن طرائف بعض الطلاب والتي تعكس مستواهم العلمي بعض القصص التي حصلت أمامي, حيث حضر أحد الطلاب لأخذ نتيجته من الانترنت فقال لصاحب المحل كم طلعت قال له 87%, فقال: ماذا يعني ناجح ولا فاشل!!! هذا نموذج لطالب في المرحلة الأساسية, أما طالب آخر في المرحلة الثانوية عندما أخبرته أن نتيجته 90% قال ماذا تعني بالمائة!! وغيرهم من الطلاب الذين لم يحضروا حتى حصة واحدة وحصلوا درجات تقارب 90%.
هذا الأمر يعلمه الصغير والكبير المسئول والمواطن وفي كل عام يتم السكوت والتقاضي بل أحيانا يتم التشجيع لهذه الظاهرة السيئة والدخيلة علينا، لكن إلى متى يستمر هذا الأمر المخزي والمشين بحقنا وحق الأجيال وحق مجتمعنا؟ إلى متى السكوت والرضى على هذه الممارسات التي تساهم بشكل كبير في تجهيل الأجيال؟.
وبما أن العام الدراسي الجديد على الأبواب.. هذه دعوة صادقة أوجهها إلى كل الآباء والمدرسين وإلى كل مسئول صاحب ضمير في وزارة التربية والتعليم: أن يكون هذا العام للتصحيح والقضاء على الغش وأن يتم إلزام المدرسين بالحضور وتوفير الكتب والالتزام بالحصص؛ حتى لا يكون هناك أي ثغرة أو عذر للطلاب, كما يتم أيضا إنذار الطلاب بأن الغش انتهى وإلى غير رجعة وأن يعتمدوا على أنفسهم من بداية العام، ويجب على أولياء الأمور ومجالس الآباء والمشايخ والأعيان دور في التوعية وإلزام الطلاب والمدرسين بالحضور وعدم السماح بأي حال من الأحول بالغش في المدارس؛ حتى نعيد للتعليم ألقه وسمعته, وحتى نحافظ على أجيال المستقبل.
دعونا نضحي بعام واحد أفضل من أن نضحي بأجيال كاملة.
y.ahz@hotmail.com