آخر الاخبار

مسؤولة أمريكية تفضح المستور:نجري مناقشات مباشرة مع مليشيات الحوثي بشكلٍ دوري مفاجأة صادمة..داخل جيش العدو الصهيوني بعد الإيعاز بالاستعداد لمعركة رفح.. هذا ما فعله 30 جندياً البحرية البريطانية :حادث جديد قبالة سواحل جنوب شرقي اليمن سلطة الحوثيين في مأزق.. تحرك جديد لنادي القضاة في صنعاء بشأن رفض المليشيات إطلاق سراح القاضي المعارض عبد الوهاب قطران وزير الداخلية يزور مقر الأكاديمية العسكرية العليا بعدن ويشيد بأدوارها في تأهيل الضباط للمرة الثالثة..الشيخ حميد الأحمر رئيسا لرابطة برلمانيون لأجل القـدس في أول رد على الاساءات التي طالت الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. بن عبود يطالب قنوات العربية والحدث وmbc بالاعتذار ويوجه انتقادا لقيادات حزب الإصلاح مطار إسطنبول يحقق انجازا دوليا جديدا ويتصدر قائمة مطارات أوروبا عاجل : الإمارات تحذر من منخفض جوي ..  وعاصفة شديدة خلال الايام القادمة مصر تكشف عن خسائر مالية مهولة لإيرادات أهم مضيق بالعالم بسبب توترات البحر الأحمر

تهمة غريبة
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 10 أشهر و 23 يوماً
الإثنين 05 يونيو-حزيران 2023 07:26 م
 

منذ نقلي للتدريس في هذه القرية النائية وأنا أترحم على أيامي في المدينة حيث الخدمات قريبة وميسورة . أظل أغلب الوقت وحيداً في سكن المدرسين ، وحين احتاج إلى بعض المواد الغذائية أذهب إلى البقالة التي في القرية الأخرى ، تبدو قريبة لكن حين أذهب إليها اكتشف أن المسافة أبعد مما تصورت .!

أمام البقالة يلهو بعض الأطفال ما إن رأوني حتى توقفوا عن اللعب ، سلمت عليهم فردوا علي باحترام ، قبيل انصرافي أثارني أحد الأطفال ، يقفز بشكل غريب ، قلت مازحاً :

ـ يا ولد اهدأ ؛ البطاريات ستخلص عليك .! ضحك الأطفال منه فيما توقف الولد عن اللعب . شعرت بالندم لأني جعلتهم يسخرون منه .

الساعة الـ 11 ليلاً حين بدأت رحلة نومي ، لكن الطرقات العنيفة على باب السكن جعلتني أنهض مذعوراً ، فتحت الباب :

ـ أنت الأستاذ ؟ ـ نعم ، خيراً ؟ صمتوا جميعا .! قال أحدهم : ـ كلمه يا أحمد ـ يكلمني عن ماذا ؟

! ـ بصراحة ابنه مريض ، مريض جداً .

قاطعته : ـ ربنا يشفيه ، ماذا سأقدم له أكثر من الدعاء ؟! وأضفت : ـ أنا المدرس ولست الطبيب ، اسعفوه إلى الوحدة الصحية ، تحركوا . عادوا للصمت من جديد .!

صمتهم الغامض أقلقني ، يبدو أنهم يريدون مني نقودا وليس بحوزتي ما يكفي لأقرضهم . ـ بصراحة يا أستاذ أنت قلت على ابنه كلمة ربما ....

. قلت وقد كاد صبري ينفذ :

ـ ربما ماذا ؟! ـ أصبته بعين ـ هاااه قصدكم الولد الذي قلت له : اهدأ ستخلص عليك البطاريات ؟

ـ نعم هو ابنه ـ تقصدون أنه قد مرض بسببي ؟!

ـ ربما أصبته بالعين من حيث لا تقصد ـ لا لا اطمئنوا ، أنا ما قد أصب بعيني أي مخلوق . وعادوا للصمت .! ـ ستأتي معنا .

فوجئت بقرارهم .

! ـ أذهب معكم إلى أين ؟

هل جننتم ؟! أغلقت الباب في وجوههم وعدت للداخل وقد غلى الدم في عروقي ، مشكلتي أنني غريب في هذه القرية وليس معي أحد ؛ وإلا لن أسمح لهم بإهانتي .

عادوا لطرق الباب من جديد . ناداني والد الطفل : ـ يا أستاذ أرجوك هذا ابني الوحيد ، هذه مسألة حياة أو موت وأنا أب أرجوك . وبدافع من الشفقة والرحمة لبست ثيابي ومضيت معهم ، القمر يرسل أشعته الذهبية والطريق تطول ، وأنا غارق في ذهولي وغير مصدق ما يحدث لي ، كأنني في كابوس .! لقد جرحوا كرامتي بهذه التهمة الظالمة لكنني أذهب معهم لأثبت لهم أنني بريء. حين وصلنا كان العشرات من رجال القرية قد تجمهروا أمام منزل والد الطفل ، سلمت عليهم قائلاً

: ـ يا ناس أنا ضيف في بلادكم ، وقبل أن أمزح على الولد بتلك الكلمة قلت : ما شاء الله وصليت على النبي ، العين حق لكن لست أنا من يصيب بالعين . وأضفت

: ـ الولد ربما أصيب بنزلة برد ، أو بضربة شمس ، أو حمى ، عالجوه في الوحدة الصحية . شعروا بالحرج لكنهم ظلوا على صمتهم . فوجئت بوالد الطفل يقبل رأسي ويدي وهو يبكي قائلاً : ـ أرجوك توضأ في هذا السطل لنقطع الشك باليقين .

توضأت في السطل الكبير الذي جاؤوا به . كانوا جميعا يشاهدوني ، وجوه أخرى كانت تراقب بصمت من نوافذ منازل القرية ، كنت كمتهم يساق إلى الإعدام .!

غادرتهم وأنا غارق في ذهولي وحزني ، أتعثر بالحجارة والأشجار ولا أكاد أرى الطريق ، تمنيت أنني ما قدمت إلى هذه القرية ، لقد جرحوا كرامتي وأهانوني بتلك التهمة الظالمة ، كان يمكن أن يمضي كل شيء بهدوء وسرية تامة لكن تجمهرهم حولي وأنا أتوضأ ذبحني تماماً . لم أنم تلك الليلة من القهر ، أكاد أتميز من الغيظ ، أذرع الغرفة وأدور حول نفسي وأفكر : ـ سأحزم حقيبتي وأرحل .

ـ سأطلب نقلي إلى قرية أخرى . ـ لن أعود إلى هذه القرية المتخلفة ـ لا يجب أن أبقى وأثبت براءتي

ـ إذا غادرت سأثبت التهمة على نفسي بقيت لساعات في صراع مرير مع نفسي ، وقبيل الفجر قررت البقاء والمواجهة . سأعمل بشتى الطريق على رد الاعتبار لكرامتي وإثبات جهلهم وفساد تفكيرهم . المدرسون من أبناء المنطقة جاؤوا في الصباح يعتذرون لي عما حدث ، اقترحوا علي الذهاب برفقتهم إلى الشيخ وطرح الموضوع عليه لينصفني . رفضت وقررت اتخاذ خطوة أخرى .

علمت من الأطفال أن ذلك الولد لم يتعاف وأن مرضه قد أشتد . أستأجرنا سيارة وذهبنا إلى منزل الولد وقمنا بإسعافه إلى الوحدة الصحية .

بعد الفحوصات الطبية تبين أن لديه أميبيا حادة والتهابات في الأمعاء ، صرف الطبيب له العلاج ، أخذت العلاج واتفقنا مع والد الطفل أن أذهب كل يوم إليهم لأعطيه العلاج بنفسي . علاج الطفل صار قضية شرف وكرامة بالنسبة لي . بعد عشرة أيام تعافى الطفل . ذهبنا إلى الشيخ ، كان قد علم بما حدث وقرر أن يأتي بنفسه مع والد الطفل إلى المدرسة في وفد كبير ليعتذروا لي ، وهو ما حدث .

انتهت القصة لكني لن أنساها ما حييت . بعد أشهر فوجئت بطبيب الوحدة الصحية يطرق بابي ، زيارة غريبة لم أتوقعها ، لكني لم اسأله عن السبب .

ظل يزورني بشكل دائم ويلح علي بأن أزوره . ذهبت إليه في الوحدة الصحية ، تناولنا الغداء وشربنا الشاي وبقينا نتحدث ، وقبيل المغرب طلب مني الخروج لنتمشى قليلا ، بدأ يشكو لي من قلة عدد المرضى الذين يأتون إليه بعد أن فتح أحد الأطباء عيادة منافسة حيث يعالج المرضى برسوم رمزية جدا . أشار إلى عيادته ، الناس يدخلون إليها ويخرجون ، كانت مزدحمة كأنها خلية نحل .! أشار مجددا إلى تلك العيادة قائلاً : ـ أريد منك يا أستاذ التعليق المناسب على العيادة .

لم أفهم قصده في البداية . ولما رآني غارقا في الصمت ارتبك ثم تنحنح ثم قال

: ـ اشدخه بكلمتين يا أستاذ ـ كيف اشدخه بكلمتين ؟! ـ خارجنا من عيادته هيا وأضاف

: ـ اسكع عيادته كلمتين لعل وعسى لقد صدمني حين أراد مني أن أصيب عيادة منافسه الطبيب بالعين .! غادرته وأنا غير مصدق ما يحدث .!