|
لقد حصلت القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الأخرى على مادة إعلامية (خالية من الدسم) وذلك بعد ماعرف بأحداث جمعة الأمن والأمان ، تلك المادة الغالب من ما يطرح فيها إن لم يكن كله يعتمد على الشائعات ، ويبتعد عن الحقيقة التي تقدمها لنا الصورة والصوت بشكل دائم ، أما الآن من خلال المتابعة المتأنية فإن مشاهد الحدث تبدو كما يلي:
المشهد الأول : التلفزيون اليمني ينقل صلاة جمعة الأمن والأمان ، وبينما أحد الرموز الحزبية الموالية للحكومة يلقي كلمته يسمع دوي إنفجارات وتتصاعد الأدخنة في منطقة حدة ، تقطع كلمة ذلك المسئول ، وتشاهد حالة الإرباك في الميدان ويحاول التلفزيون السيطرة على المشهد بعرض صور قديمة وحديثة ، وينتهي المشهد هناك.
المشهد الثاني : في نفس تلك اللحظات كانت صلاة الجمعة لم تنتهي بعد في شارع الستين وخطيب الجمعة يلح في الدعاء على الطغاة والظلمة..الخ وهو دعاء أثر بشكل كبير في مشاعر وأحاسيس المصلين .
المشهد الثالث : قيل أن صلاة جمعة ثالثة كانت قائمة في مسجد القصر الرئاسي ، وبمراعاة التوقيت قياساً بميدان السبعين يفترض أن صلاة الجمعة هناك قد انتهت ، إلا إذا كان هناك عاملاً ما أخر الصلاة؟؟؟من هناك تبدأ لعبة الشائعات والتكهنات...ماذا حدث ...وأين...ومن الفاعل...وما هي النتائج.
المشهد الرابع:قصف عنيف لمساكن أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر ومنزل علي محسن الأحمر كرد فعل فوري كما قيل ،والمشهد المادي للقصف ونتائجه معلومة على الأرض بالدمار والضحايا.
ما سبق يمثل أربعة مشاهد المؤكد والحقيقي فيها المشاهد الأول والثاني والرابع وهي المشاهد التي لم يتم التطرق إليها بشكل واسع على المستوى الإعلامي ، أما المشهد الثالث فقد تعددت الرؤى والتحليلات في شأنه، فتبدأ بعض وسائل الإعلام وبصورة متسرعة في إعلان نبأ توقع مقتل الرئيس اليمني ، ومن هنا تبدأ النقاشات والتحليلات على مستوى مختلف وسائل الإعلام وعلى وجه الخصوص قنوات التلفزة الفضائية التي أفردت ساعات طويلة لتحليل الواقعة التي لا تعلم تلك القنوات منها سوى ثقب فيما قيل أنه مسجد دار الرئاسة والصورة نقلها طبعاً التلفزيون الرسمي ، أما باقي ذلك فلازال غامضاً وإن جاء المخلل الجهبذ (عباس المساوى) الذي يدخلك في بحر من الكلمات والجمل التي تخرجك من المشهد كما دخلت مع تقديرنا للمفردات التي يستخدمها بشكل مستمر سواء احتاجها الموضوع أم لا ، وتلك الكلمات كثيرة تسمعها في اللقاء الواحد عشرات المرات ، أما إذا قابلته عدة محطات فإنك تسمعها مئات المرات!!!، ولا ننسى الجهبذ الثاني (عبده الجندي) نجم إعلام هذه الأيام الذي يذكرنا بزمن الخوارق وخاصة عندما يقول (انفجار يذيب الصخر) ثم يعود وينقلنا إل مشهد من سينما هوليود أو السينما الهندية حيث يخرج البطل منتصراً من بين النار!!!! وغيره الكثير من الذين تستنجد بهم القنوات الفضائية لتغطية الخبر، والغريب أن جميعهم يؤكد أنه لا يعلم شيء ، وعلى الرغم من ذلك يستمر يثرثر لساعات!!!!!
إن الحقيقة الوحيدة منذ ما سميت بجمعة الأمن والأمان ، هو الغياب الفعلي لرئيس الجمهورية من أي ظهور حقيقي إعلامي حتى الآن ، وبالتالي كل ما تتناوله وسائل الإعلام الآن عبارة عن تكهنات ، حتى عندما قال مراسل العربية بوصول الرئيس إلى السعودية ونزوله على قدميه في المطار لم يدعم ذلك الخبر بالصورة!!!!، ثم أن تضارب الموقف الرسمي في تفسير الحادث الذي بدأ بتحميل المسئولية الولايات المتحدة ، ثم بعد ذلك أولاد الأحمر ، ثم بعد ذلك أولاد الأحمر واللقاء المشترك ، ثم أخيراً تحميل القاعدة المسئولية التي هي خصم من أتهم بادئ الأمر الولايات المتحدة!!!يصاحب ذلك الموقف الأمريكي منذ البداية بالقول أن الرئيس لم يصب بأذى!!!ثم كيف توفي(7) من حراسته الشخصية ولم يصب بأذى أو حتى أصيب بجروح بسيطة تحتاج إلى نقاهة لمدة أسبوعين!!!وكأن سفر الرئيس لقضاء إجازة وليس لعلاج ناجم عم انفجار مهول!!!إن تضارب الأقوال والتقارير يؤكد أن وسائل الإعلام تدور في حلقة مفرغة من الأوهام تدفع المشاهد للملل والتثاؤب.
وبنظرة سريعة على المواقف السياسية الداخلية والخارجية نجد ردود أفعال بنيت على وهم وافتراض ، ومن ذلك احتفالات ساحات التغيير والحرية على مستوى الجمهورية ، ومواقف أحزاب المعارضة ، والموقف الشعبي ، ثم الموقف الدولي وخاصة السعودي والأمريكي ، وما نعتقده وبشكل جازم أن أكثر الأطراف علماً ودراية بالموضوع هم الأمريكان والسعوديون ، أما غالبية الأطراف الأخرى فتبني مواقفها على أوهام الإعلام .
أخيراً يمكن القول أن الحقيقة سيعلمها كل الناس عندما يظهر رئيس الجمهورية وقيادات الدولة الأخرى التي أعلن تضررها ، عندما يظهر كل أولئك الأشخاص أمام كل وسائل الإعلام بالصوت والصورة ، ويطرحون حقيقة ما تعرضوا له ، أما غير ذلك ستضل أوهام يشغل بها الإعلام جمهوره ، وبها يتلاعب السياسيون ومن يصفهم البعض بالمحللين السياسيين أو المصادر الخاصة أو الإعلامية بأعصاب الناس ومشاعرهم ، وفي كل الأحوال سيكون المتضرر الأكبر في مثل هذا الغموض الثورة الشبابية الشعبية السلمية كون المتوقع أن هذه المسرحية بكل أوهامها تصب في صالح إجهاض ثورة الشباب ، والتغطية على التجاوزات التي شهدتها بعض الساحات وخاصة ساحة الحرية في مدينة تعز، لذا على قوى الثورة الشبابية الشعبية السلمية ألاَّ تستدرج إلى مربع الأوهام وأن تكون ردود أفعالهم على قدر كبير من الحيطة والحذر..نرجوه تعالى أن يحفظ وطننا الحبيب من كل شر ومكروه.
في الأربعاء 08 يونيو-حزيران 2011 05:13:36 م