رسالة إلى حزب المؤتمر الشعبي العام- أليس فيكم رجل رشيد
د: حسين عبدالقادر هرهره
د: حسين عبدالقادر هرهره

توقفت كثيرا أمام المشهد اليمني العجيب، هذه الأزمة التي يعيشها شعبنا في الداخل كشفت لنا عن نقاط ضعف خطيرة في جسم مجتمعنا، ولعل هذا المخاض التي تعيشه ثورة شعبنا سوف تلد لنا مجتمعا جديدا تسري فيه دماء جيل جديد يستبدل تلك الدماء الفاسدة ويتحقق فينا قول الرسول عليه الصلاة والسلام(الإيمان يمان والحكمة يمانية).

لقد اجمع كثير من المحللين في وسائل الإعلام أن الحكمة اليمانية حاضرة في المشهد اليمني وكانت وجهات النظر تركز على قدرة اليمنيين على حفاظهم على سلمية الثورة وعدم رفع السلاح مما غير وجه اليمن السابق الذي صوره النظام على انه شعب قبلي مسلح لا تحكمه القوانين ولا يعترف بالنظام، كما أن جميع الأطراف في اليمن حنت رأسها احتراما وإجلالا لثورة الشعب ومنهم كثير ممن ينتمون إلى الحزب الحاكم، ولم يبق إلا صالح وأبنائه وأقاربه والأجهزة التابعة لهم، وقد شاهدنا أعداد غير قليلة من أعضاء الحزب الحاكم تنسحب وتكون تنظيمات سياسية جديدة ولكن بقي بعض النافذين أو الذين لم تتضح لهم الصورة وهم الذين أوجه لهم هذه الرسالة.

إن حزب المؤتمر الشعبي العام يضم مجموعة مؤثرة من المثقفين بسبب الثقل الذي كان يمثله سابقا وانأ اعتبر أن الكثير من هؤلاء لا يمكن أن تنسحب عليهم صفة عدم الولاء للوطن ولكن أوضاع الحزب وسيطرة صالح وأبنائه خلقت لهم وضعا صعبا لا يمكن تغييره، وقد جاءت ثورة الشعب لتغير هذه الأوضاع السيئة المتمثلة في سيطرة هذه العصابة وأقول لإخواننا في الحزب الحاكم انتم أمام مفترق طرق إما أن تختاروا الانحياز لشعبكم وتثبتوا وطنيتكم وتساعدوا على التغيير السلمي وتساهموا في إيقاف شلال الدم الذي يقوم به أولاد صالح ويبقى لكم مكانتكم وحزبكم ضمن الأطر السياسية في اليمن، أو تقدموا على الانتحار السياسي وتقفوا مع هذا النظام العائلي وبعد كل المعاناة التي سيتحملها الشعب سوف تنتصر الثورة وتصبحوا انتم وحزبكم في مزبلة التاريخ وتوصموا بالعار مثل بقية الأحزاب الحاكمة في مصر وتونس وسوريا بسبب مواقفكم.

إن المواقف التي يجب عليكم أن تتخذوها بالانحياز إلى شعبكم لها مبرراتها الدستورية والقانونية والأخلاقية، فمن الناحية الدستورية والقانونية فان علي عبدالله صالح قد خالف لكل الأنظمة الدستورية والقانونية بتصرفاته وقراراته وسيطرته على الدولة بتسليم أبنائه وأبناء إخوته وأقاربه ومجموعة صغيرة من المنافقين في الحزب أهم مفاصل الدولة وخصوصا العسكرية منها، وانأ أتوجه بالسؤال لكل أعضاء حزب المؤتمر هل هذا يعد إجراء دستوري؟ وانتم تعلمون أن صالح كان يعد ابنه احمد للخلافة فهل ترضون عودة الإمامة من بوابة الجمهورية؟ وهل بعد هذه التضحيات التي قدمها أبناء اليمن في الشمال والجنوب من اجل الاستقلال والانعتاق من عبودية الإمامة والاحتلال الانجليزي يأتي شخص ويعبث بهذا التاريخ وينصب نفسه واسرته اماما جديدا بثوب رئيس الجمهورية ويفرض رايه بالتوريث رغما عن انف كل اليمنيين ؟

بالنسبة لنا ابناء المحافظات الجنوبية كانت اتفاقيات الوحدة تنص ان الرئيس يحق له فترتان رئاسيتان فقط بعد انتخابات بينهما وبعدها ينصب رئيس جديد، وهذا الاتفاق هو من صميم اتفاقيات الوحدة، ووقفنا جميعا ضد الانفصال ومع الشرعية عام 94 لاننا وحدويون، وقدم ابناء الجنوب الكثير من ابنائهم شهداء من اجل ان لا يحدث الانفصال وقد اعتبر صالح انه انتصر على الجنوبيين وارتكب في حقهم ما يرتكب المحتل في ارض الاحتلال من تهميش ونهب وسلب وكل هذه الامور معروفه لدى الجميع، ومن ضمن تجاوزاته انه مدد لنفسه حق الترشح لاكثر من خمس مرات وكان يرتب مع شلة المنافقين في الحزب ان يستمر مدى الحياة وبعدها يورث ابنه احمد، وهذا تجاوز دستوري لأنه نقض اتفاقيات الوحدة من اساسها، كما انه زور جميع الانتخابات التي فاز فيها والجميع يعلم ذلك.

كما ان صالح كان يتصرف على أساس انه ملك يهب لمن يشاء ويمنع من يشاء ويوزع الأراضي والهبات ويتصرف بأموال البنك المركزي بدون رقيب ولا حسيب والامر بالنسبة له ملكية خاصة ليس لأحد ان يعترض ولا يمنعه من ذلك دستور ولا قانون لانه لا يعترف بذلك، وحاليا يتحجج بالشرعية الدستورية بعد ان حولها الى مخضرية، وانظروا الى الإجرام الذي يرتكب في حق شعبكم من قتل ودمار واستخدام الاسلحة الثقيلة والطائرات في ضرب وتشريد المواطنين في اكثر من منطقة على يد ابنائه.

وأخيرا........ ان جميع المنتسبين إلى الحزب الحاكم مطالبين بوقفة رجولية تقول لصالح وابنائه كفى فنحن ليس عبيدا لك ولأسرتك بل نحن مع شعبنا، ان المواقف التاريخية هي التي تصنع الامم والرجال وأمامكم فرصة تصنعوا بها التاريخ وتقفوا مع الحق وانتم تعلموا ان شعبكم إنما ثار من كثرة الفساد والظلم وطلبا لتأسيس اليمن الجديد لكل أبنائه.

 وانا اقول لكم بكل صراحة أننا ابناء المحافظات الجنوبية قد وصل بنا الأمر قبل هذه الثورة الى مرحلة الانفجار وبدأ الكثير يطالب بالانفصال ولكن هذه الثورة أعادت الامور الى الطريق الصحيح واعادة الامل للوحدة، ولكن صدقوني ان الامر اذا طال وانتم مصرون على ان الوضع يبقى في اليمن على حاله وان صالح وابنائه يتحكموا في بلادنا بهذا الاسلوب غير الاخلاقي فاعلموا اننا لن نستمر بهذه المهزلة وسوف نطالب بالانفصال علنا وهذه المرة لن يكون شعب الجنوب منقسم مثل السابق بل موحدا في مطلبه، وقد سعينا الى الوحدة بكل جوارحنا حبا في ان يلتئم شمل اليمن ونعيد صناعة التاريخ اليمني من جديد، ونحملكم المسؤولية امام الله والتاريخ وامام الشعب اليمني لانكم انتم من رفض التغيير وبناء يمن جديد يستظل تحته كل ابناء اليمن في كل المحافظات، اما يمن الظلم والجور والنهب والسلب فقد صبرنا عليه زمنا لعل الله يغير الاحوال، وقد اكرمنا الله بهذه الثورة وهي الفرصة التاريخية التي انتظرناها طويلا، ولكننا لن نستمر بهذه المعاناة اذا لم تستطع هذه الثورة ان تحقق اهدافها.


في السبت 17 سبتمبر-أيلول 2011 03:57:06 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://www.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://www.marebpress.net/articles.php?id=11617