|
لا غرابة أن تدور عجلة التاريخ وتحصل تقلبات في متاهات السياسة ودهاليز الحكم حتى يجد الحاكم نفسه قد أصبح محكوماً والقائد قد أصبح منقاداً وهذه هي معادلة فيزياء الحياة وقانون لعبة السياسة , ولكن الغريب أن يهرول الإنسان بنفسه متعمداً الى مرحاض الوحل ليبيع قيمه ومبادئه ويغرق في مستنقع التنازلات ، وينسف تاريخه في لحظة اشباع غرائزه الممتزجة بلذة الانتقام غير مدركاً أنه ينتقم من نفسه ويمنح أعداءه التاريخيين من مصاصي الدماء فرصة للانقضاض عليه ليشربون دمه في الوقت الذي يجدونه مناسباً لهم ..
وهذه هي التي غفل عنها علي عبدالله صالح مع بغض من قياداته التي كانت من أرباب السياسة ومشاهير الدبلوماسية من الذين حكموا البلد معه ثلاث وثلاثون عاماً ثم استسلموا عشية ليلة مظلمة واضعين أيديهم ومسلمين رقابهم لمشروع كهنوتي ظلامي يستجلب التاريخ ليمزق الجغرافيا، ويسترجع الماضي ليحطم الحاضر والمستقبل، فامتدت أياديهم المرتعشة لتعانق القتلة و المجرمين ، لقد جمعهم الحقد الدفين على شعب ليس له ذنب إلا أنه تحملهم على كاهله عقوداً من الزمن، محاولين طمس هويته راسمين ملامح مستقبل فيه من الظلامية ما يبدد تطلعات الأجيال نحو المستقبل.
وما إن كادوا أن يحكموا قبضتهم على مقدرات البلد حتى حولوا اليمن إلى سجن كبير تحت وطأة سوط سجانهم الذي كان بالأمس القريب سجيناً في كهفه مكبلاً بقيود الجمهورية التي أسقطت حلمه منذ فجر السادس والعشرين من سبتمبر1962م .
وعلى وتر هذا المنجز العظيم حكم صالح اليمن وخاض الحروب الست ضد الحوثيين في صعدة وساندته اليمن برمتها، وما إن خرج من السلطة حتى داس بقدمه على كل المبادئ والقيم متناسيا كل التضحيات، متآمراً مع غلمان الإمامة على اليمن، ممهداً لهم الطريق ليعبروا إلى ماضيهم التليد المدفون في أعقاب التاريخ على نهر من دماء اليمنيين مجدداً.
لقد داس صالح تمثال الحرية بحوافر خيله وأعاد أصنام العبودية كما كانت تدوس جماجم الاحرار من أبناء اليمن.
قد تكون أحقاد صالح انطفأت لكنها أطفأت معها قناديل الحرية لشعب بأكمله.
نعم ، سقط صالح في الوحل لكنه لم يسقط حتى رفع رايات الإمامة والظلم والعنصرية.
لقد انحنى العلم الجمهوري حزينا منكسراً مغطيا لونه بالسواد الحالك، يبعث برائحة قطران الإمامة التي نشرت رذاذها لتمحو عطر دماء شهداءنا الزكية، وماحية للنقاء والصفاء اللذان يشير إليهما اللونين الأحمر و الأبيض من علمنا الجمهوري الأصيل .
ألم تستشعر_ يا صالح_ صرخات الثوار التي تدوي من أعماق الخلود تجلجل في كل أنحاء البلاد تلعن كل من تواطئ وتساهل مع الإماميين وأذنابهم .
الا تشعر اليوم بالخزي وقد حولت نفسك من رئيس حكم اليمن إلى عكفي لدى غلمان السلالة و هم من أسقطوك فعلياً, وأهانوا الجمهورية وشرفها الذي أقسمت مراراً على الذود عنها والموت دون حياضها .
يا صالح: لقد أضعت تجربتك السياسية لسنوات طويلة و ارتضيت ان تكون تابعا لشرذمة من الهمج والسفهاء من أمثال الصماد والحاكم الذين يتحكمون بزمام الأمور بينما لا تستطيع أنت أن تقيم فعالية إلا بإذن مسبق منهم.
أما مناصروك فقد حولتهم بحماقتك إلى مجرد ضحايا يقتلهم الحوثيون ثم يستثمرون دمائهم ويتاجرون بأشلائهم يستكملون بهم مشروع الآباء والأجداد .
لقد شعرت بالخجل عندما شاهدتك تقف خلف الصماد وتبتسم في وجهه وهو من قتل ستين الف جندي في صعدة كنت أنت - وما أظنك نسيت - القائد الأعلى لهم ...
لقد شعرت بالغثيان عندما سمعتك تكرر خطابات غلام مران وتقتبس منها لتبدوا وكأنك تلميذاً يقلد أستاذه.
لم أعرف اللؤم ونكران الجميل حتى رأيتك تتكلم على قادة الخليج وحكام المملكة وهم من وقفوا معك طيلة فترة حكمك، ليس هذا فحسب بل رمموك.
نعم، رمموا جسدك بعد حادثة النهدين والتي تشبه إلى حد كبير ما حصل في القاعة الكبرى في عزاء آل الرويشان، والتي يقف الحوثيون خلفهما بدون شك .
إنها قلة التوفيق وسوء الخاتمة ...
ستلعنك الأجيال المتعاقبة.
سيخلد اسمك في أشد صفحات التاريخ السوداء.
سيضرب بك المثل في اللؤم والخيانة ونكران الجميل ..
إنه أنت أيها الحقود صالح.
اللهم إنا نسألك حسن الختام...
في السبت 15 أكتوبر-تشرين الأول 2016 12:28:52 م