ذهب الحوار بأم عمروٍ
طارق عثمان
طارق عثمان

أحبَ أعرابي امرأة لا يعرفها ولم يرها ولم يسمع بها من قبل ولكن لأنه سمع رجلا عابرا أمام داره وهو ينشد

يا أم عمرو جزاك الله مكرمة *** ردي علي فؤادي الذي كان

فقال لنفسه لابد إن أم عمروٍ هذه جميلة ، وحسناء وإلا لما قيل هذا البيت في حقها فأحبها حبا شديدا واغرم بها وتحطم قلبه صبابةً ووله .

ثم أنه بكاها وناح عليه وتقرحت عيناه من الدموع ظنا منه أنها قد ماتت حين سمع نفس الشخص الذي كان يشبب ويتغزل بها قبل أيام وقد مر ينشد من أمام بيته

ذهب الحمار بأم عمروٍ *** فلا رجعت ولا رجع الحمار

هذا هو حالنا

أحببنا المعارضة ولم نعرفها ولم نشاهدها ولكن سمعنا من يمتدحها ويثني عليها ويقول عنها الكثير من كلمات الإعجاب ، ولكننا لم نلمس موقفا حازما قويا واضحا يخرج من إطار التصريحات المعاتبة أو الناصحة أو الملقية باللوم على السلطة أو الكاشفة لتجاوزاتها وفسادها أو مسيرات ما قبل الظهيرة التي تتحرك بإيقاع سريع للحاق بموعد سوق القات .

وهي مواقف لا تخلق معارضة قوية بل تبقيها في قمقم التواجد الإعلام فقط بعيدا عن التواجد الجماهيري الشعبي التعبوي .

وها نحن نسمع عن حوارها مع السلطة للمرة الألف فخفنا عليها وعلى ما سينجم من رحلتها في دروب الحوار التي لا تنتهي في اليمن

ومن حقنا أن نعتقد ان نعيها قد وصلنا على لسان محب وهو يقول متخوفا عليها .

ذهب الحوار بأم عمروٍ *** فلا رجعت ولا رجع الحوار

وهو يسمع عن دخولها مجددا في حوار آخر .

حوارات لا تنتهي بل تؤدي إلى حوارات جديدة

حوارات ترتكز في بدايتها حول كيف نتحاور ؟ وعلى أي شيء نتحاور ؟ ومع من نتحاور ؟ وتنتهي بعد جلسات وحلقات نقاشية طويلة دون الوصول إلى نتيجة ويعلن الطرفان فشل الحوار ، وما إن يحدث احتقان سياسي جديد حتى ينشأ حوار جديد حول لماذا فشل الحوار الأول ؟ ومن هو السبب في إفشاله ؟

ولا يتم التوصل لنتيجة .

لتأتي الأيام بحوار آخر يتضمن جدول أعماله كيفية تجاوز فشل الحوارات السابقة وهكذا دواليك ..

أما الحوارات التي يرتجيها الناس فهي التي تغلب فيها قضاياهم الجوهرية ويتم الضغط باتجاه الحصول على تنازلات حقيقة من السلطة لحل القضايا الرئيسية التي تعصف بالبلد والخروج بحلول جذرية وناجعة ..

وما عدا ذلك من حوارات لا تتوصل إلى حلول جذرية لمشكلة الحرب المستمرة في صعدة وحل قضية المحافظات الجنوبية و مكافحة الإرهاب بالطرق السليمة التي تنال إجماع وطني وقبل هذا وذلك معالجة أم الكبائر في اليمن ألا وهو الفساد الذي أدى بتجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى وصول البلد إلى ما هي عليه الآن ، فهو حوار سيذهب بمعارضة أم عمرو و بعمرو وبالشعب بغير رجعة على الأقل من وجهة نظر كثير من الفئات التي سبقت آذانها عيونها في عشق أم عمرو .

 

فالشعب لا يهمه اتفاقات النخب السياسية على تسوية وتهيئة الملعب للانتخابات القادمة بقدر اهتمامه بأولوياته اليومية ، رغيف الخبز ، وشربة الماء ، وتيار الكهرباء ، ولذا فهو يتخلى عن الكثيرين يوم الانتخابات لأنهم خاطبوا عقله ، في حين يستغل الحاكم حاجاته ويقدم له مصالح فورية ورغم أنها تزول بمجرد إغلاق صناديق الانتخابات لكن عرف كيف يتعامل مع الناس .

فالحوار الذي يتناول التداول السلمي للسلطة هو حوار عبثي لان الطرف الآخر حتى حين يكرر هذا الكلمة فهو يتحدث عن تداولها بين الأبناء والورثة القادمين للعرش ، والحوار الذي يريد أن يصل إلى انتخابات حرة ونزيهة فلن يصل إليها لأن قمة النزاهة في نظر الطرف الثاني هو في إقصاء الجميع ..

لذا لا بد من أن تحتل القضايا التي تهم مصلحة الجماهير مباشرة ودون ان تأخذ طابعا سياسيا صرفا محور أي حوار وإلا فلنرثي أم عمروٍ من الآن فالحوار سيفقدها المزيد من المحبين ..


في الثلاثاء 27 يوليو-تموز 2010 10:32:02 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://www.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://www.marebpress.net/articles.php?id=7608