رحيل الرئيس اسهل الحلول واصعبها

الخميس 31 مارس - آذار 2011 الساعة 08 مساءً / مأرب بر س- رأي القدس
عدد القراءات 10157
 
 

الرئيس علي عبد الله صالح فاجأنا بالامس عندما قال ان الغالبية الساحقة من الشعب اليمني تؤيده، وملتفة حول نظامه، وتريده الاستمرار في الحكم لاطول فترة ممكنة، ملمحا الى ان اربعين عاما من توليه الرئاسة ادت الى الحفاظ على امن البلاد واستقرارها ووحدتها الترابية.

مصدر المفاجأة ان الرئيس اليمني يتجاهل، عمدا او جهلا، ما يدور حوله من مظاهرات صاخبة يشارك فيها مئات الآلاف من مواطنيه تطالبه بالرحيل وفورا، دون ابطاء او تأجيل، لان هذا الحكم ارتبط بالفساد وغياب الديمقراطية وسوء توزيع الثروة على قلتها.

الشعب اليمني مثل كل الشعوب العربية الاخرى فاض كيله من غياب الحريات وتجذر الديكتاتورية، وبات يتطلع الى التغيير بحثا عن حياة كريمة تنتشله من حالة الفقر والقهر التي يعيشها حاليا.

من الطبيعي ان يكون هناك مؤيدون للرئيس علي عبدالله صالح، ومن غير المستغرب ان يتجاوب هؤلاء مع دعواته لتنظيم مظاهرات مضادة في ميدان مجاور لساحة التغيير في صنعاء، ولكن هذا لا يعني ان هؤلاء الذين يهتفون له ويرفعون صوره، هم غالبية الشعب اليمني.

الرئيس صالح يعتقد انه الضمانة الوحيدة لبقاء اليمن موحدا ومستقرا، وان البديل لحكمه هو الفوضى وربما التفتيت. وهذا الاعتقاد ينطوي على مغالطات عديدة، فالعناد في تحدي المطالب الشعبية، والاصرار على التمسك بكرسي الحكم، والمكابرة غير المستندة الى وقائع على الارض، كلها تشكل وصفة لمستقبل قاتم بالنسبة الى اليمن.

رحيل الرئيس علي عبدالله صالح الآن، وقبل ان تتسع دائرة الفوضى هو الذي سينقذ وحدة اليمن ويصون استقراره، ويؤكد ـ اي الرحيل ـ اذا ما جاء سريعا وطوعيا، على حب هذا الرئيس لبلده وشعبه وحرصه على الوحدة الوطنية.

الرئيس علي عبدالله صالح يرفض ان يعترف بان اقرب مقربيه قد تخلوا عنه، فها هو زوج ابنته يستقيل من منصبه العسكري وينضم للثوار ملتحقا بأخيه القوي علي محسن الاحمر، على خطى العشرات من قادة الجيش وضباطه الكبار.

ولعل الرسالة الاقوى، والابلغ تعبيرا التي وجهت الى الرئيس اليمني تلك المتعلقة باعلان الشيخ صادق عبدالله الاحمر شيخ قبيلة حاشد واشقائه الآخرين حميّر الاحمر، وحسين الاحمر، وحميد الاحمر استقالاتهم من الحزب الحاكم ومواقعهم فيه وانضمامهم الى الثوار. فهذا يعني ان الرئيس افتقد الغطاء القبلي لنظامه، وبات معزولا تماما في قصره الجمهوري.

الرئيس علي عبدالله صالح تفاوض مع الثوار للانسحاب بهدوء من الحكم واشترط ان يكون هذا الانسحاب بكرامة، وقد تحقق له كل ما يريد ولكنه انسحب في اللحظة الاخيرة من الاتفاق الموقع في هذا الصدد دون ابداء الاسباب، الامر الذي يعني انه يريد حربا اهلية ودمارا لليمن الذي طالما تغنى بحبه.

لا نتمنى للرئيس اليمني نهاية غير كريمة، فالرجل رغم مساوئه الكثيرة، حقق بعض الانجازات لليمن، وابرزها انجاز الوحدة، فماذا يريد اكثر من حكم هذا البلد الصعب اكثر من ثلاثين عاما وهو رقم قياسي سيدخله كتاب غينيس للارقام القياسية.

الخيار الوحيد امام الرئيس علي عبدالله صالح ان يستقل طائرته الخاصة ويتوجه الى مدينة جدة، بعد ان يسلم الحكم للجنة من الحكماء، ولعل فترة المنفى تكون قصيرة يعود بعدها الى اليمن معززا مكرما ليعيش مواطنا عاديا مثل صديقه جعفر نميري.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة الثورات الشعبية