آخر الاخبار

طعام المعتصمين في ساحة التغيير.. مطبخ مركزي تدعمه مطابخ بيوت صنعاء

الإثنين 02 مايو 2011 الساعة 07 مساءً / مأرب برس/ أحمد شبح/ نقلا عن صحيفة الأهالي
عدد القراءات 20422
 
 

أكثر من (700) متطوع يعملون في لجنة التغذية بساحة التغيير بصنعاء، بالإضافة إلى مندوبي بعض الائتلافات والحركات والخيام البعيدة.

ثلاث لجان عاملة في التغذية: لجنة التعبئة وتتولى عملية تجهيز الطعام داخل الأكياس، ولجنة تغذية اللجان وتتولى عملية توزيع الطعام على لجان النظام والأمن والخدمات والنظافة والخيام البعيدة ومندوبي الائتلافات والحركات، ولجنة تغذية الساحة وتتولى عملية الإشراف على المائدة المفتوحة.

يعتبر المطبخ المركزي بالساحة هو المصدر الأساسي لتوفير التغذية للمعتصمين، إلا أنه لا يستطيع توفيرها للجميع. تدخل إلى الساحة (80.000- 100.000) وجبة يومياً، والبعض يأتيهم الأكل من المنازل وأغلب الائتلافات تعاقدت مع مطاعم وبعض آخر تتلقى التغذية من متبرعين.

خدمات المطعم تقدم على مدار الساعة، العاملين فيه كخلية نحل؛ إنهم يبذلون جهوداً مضنية جديرة بالإجلال والتوثيق كأقل مكافئة. وبحسب العاملين في المطبخ، فأنه لم يسبق أن زارهم أي إعلامي أو غيره بهدف توثيق هذا الجزء المهم من الثورة.

جدول الأكل: الغداء رز وإيدام أو زبادي دائماً، العشاء فول وفاصوليا، الصبوح جبن أو لبن وسحاوق.

 
 

يبدأ دوام الطباخ العزي حسين الحطامي، من الخامسة فجراً حتى الثانية عصراً لإعداد وجبة الغداء، ومن الرابعة عصراً حتى الثامنة مساءً لإعداد وجبة العشاء. لم يسعفه الوقت للحديث معي لبرهة، اضطريت لملاحقته في مطبخ الخدمات الضرورية التي لا غنى للمعتصمين عنها. يعلمك بحرصه احترام الوقت والالتزام بالمواعيد وإتقان العمل، لا يشتكي من أي مشاكل تتسبب في تعطيل عمله كطباخ أو في تأخير الخدمة أو توقف الإنتاج. كان يتنقل سريعاً بين القدور الخمسة يتفقدها ويتأكد من جاهزيتها.

العمل هنا يتم انجازه بمرونة عالية وتراجيدية قل نظيرها، الجميع يتفانى بعمله ويردك أهمية ما يقوم به للآخرين.

يشتكي خالد الحطامي –مساعد الطباخ- من أزمة انعدام الغز، قال إنهم اضطروا لشرائه من السوق السوداء وبمبالغ تصل إلى 5.000 ريال للاسطوانة الواحدة. يشير إلى إن صعوبات كثيرة يتم تجاوزها والاجتهاد في حلها حرصاً على نجاح الثورة.

ويشير ماهر أحمد قائد –مشرف التغذية في المطبخ- إلى عدم القدرة على التحكم في أعداد سكان الساحة الذين قال إنهم يتزايدون يوماً بعد آخر وبكثرة، يقول إنهم يضطرون يومياً إلى تقديم وجبات إضافية لعدد غير قليل يطلبون الطعام.

لكم أن تتخيلوا حجم الجهد الذي يحتاجه مطبخ أحد الأعراس ضيوفه دون الـ 100.000، كيف إذاً بمطبخ يوفر الطعام لضيوف عرس ثوري دائم دائب! م الذي يمكن أن يسببه عطل بسيط أو عدم توفر مادة الملح مثلاً أو غياب أحد العاملين لعذر أو بدونه! كم من الناس سيعيشون بدون طعام في حال حدث ذلك!.. هنا يظهر التحدي وعظمة الانجاز.

أكرر أن المطبخ الذي دشن عمله أو أيام الاعتصام (3 فبراير) لا يغطي غير (20%) فقط من أفراد عائلة الثورة على كثرتهم، فضلاً عن أنه يقدم بعض الوجبات لبعض المنازل المجاورة للساحة، يتم التعامل معهم كأسر معتصمين.

 
 

ا لمرحلة التالية: يتم نقل الطعام إلى (خيمة لجنة التغذية) حيث يتم توزيعها على اللجان والمعتصمين، هنا يبدأ تحد جديد؛ توزع الموائد على جميع أنحاء الساحة المترامية الأطراف، يأتي مندوبو اللجان والائتلافات والخيام لاستلام وجباتهم، بسلاسة متناهية لا تستغرق العملية الساعة الواحدة. لم أسمع صوت يرتفع ولم أر أي شجار أو تزاحم.

ينفي عرفات الصمدي –مشرف تغذية اللجان- وجود أي مشاكل ويثني كثيراً على حسن تعامل الجميع.

إلى جوار الخيمة يوجد مخزن صغير توضع فيه بعض المأكولات السريعة والخفيفة التي يقمها أهالي الحي وبعض أصحاب المنازل، بالإضافة إلى الألبان والأجبان. يقدم الأهالي سندوتشات جاهزة وكميات كبيرة من الكعك.

أمام الخيمة يقف الجميع لاستلام حصصهم بهدوء ورواق، مندوبات عن خيم النساء أيضاً يأتين لذات الهدف.

لمجرد حيازتك لـ الكرت، تتسلم مخصصك بلا أدنى تكلف أو عناء، فقط عليك الانتظام في السرب واحترام حقوق غيرك تضمن احترام حقوقك. إنه سلوك حضاري قليل المثيل. قطعاً لا مغالطات ولا احتيال أو غرر. وقت قصير تستغرقه لتعود بطعامك المجاني بلا أدنى منةً أو أذى.

المرحلة الثالثة

المائدة المفتوحة التي تقدم الوجبات الثلاث لم ليسوا في الكشوفات. صالة الطعام المجانية في ساحة مفتوحة يستفيد من خدماتها ما بين (12.000-13.000) فرد، يتم توزيعهم على دفعات ثلاث.

هنا الشيء العجيب؛ المعاني الإنسانية الجمة، سلوكيات حضارية مثالية وهدوء عال، يجعل من إمكانية تقديم الوجبات لآلاف المعتصمين بدون أي مشكل عمل سهل.

آلاف من الناس من أماكن مختلفة وذوي أعراف وأسلاف وطباع مختلفة ومن طبقات ومجتمعات، شيع وقبائل تعارفوا في الساحة جمعتهم مائدة واحدة، يتقاسمون الخبز والزبادي بإيثار رائد، يجلسون إلى جوار بعض وكأنهم من عائلة واحدة أو ذوي قربى، وهم كذلك فعلاً.

درس قيمي لن تفلت من البكاء تأثراً به، قليلون من التفتوا إلى مثل هذه المواقف والمعاني. البسطاء يتمتعون بحياة بسيطة لها لذة عجيبة لا ولن تتوفر للغارقين في الرفاه وأنماط استهلاك الكماليات وموضات إشباع الرغبات.

يتناولون المأدبة الكبيرة بانتظام، لا عبث ولا إسراف أو تبذير، يدركون جيداً قيمة النعمة ويقدرون جيداً من يقف وراء وصولها إليهم ومن ساعد فيها. لذة خيالية وقناعة خالصة يتقاسمونها بينهم.

يعتبرون أن الزبادي والسحاوق أشرف لهم من سواها، رأيت أحدهم يتقاسم مع آخر رغيف الخبز الناشف ويقسم عليه إلا أخذه.

 
 

أحد المتطوعين في تقديم خدمات المائدة حين رآني جالس إلى حائط الصالة أقرأ المعاني وتعبيرات الوجوه؛ جاءني يعرض علي وجبة الغداء المجانية لثلاث مرات متتالية خلال فترة بقائي هناك، ظنني في المكان لطلب الطعام.

يتحدث مشرف المائدة الصحفي إبراهيم الأغبس، عن سعادته البالغة بخدمة المعتصمين، ويقول إن الدروس والمعاني وحسن التعامل تنسيه الإجهاد والتعب ومشقة العمل. إنه في مكان يحسد عليه.

(نصار الضيعاني) قال إنه راض ومقتنع بوجبة الخبز والزبادي، مضى عليه شهر ونصف وهو لا يعرف غيرها. لا أعتقد أن واحداً من ذالك الجمع الغفير الذي تكتظ به الساحة يبقى بدون طعام. 

 
 
إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة الثورات الشعبية