آخر الاخبار

عبد ربه منصور هادي.. الرجل الستيني الذي أدمن المناصب الديكورية قبل أن يصبح فارس أحلام اليمنيين

الثلاثاء 05 يوليو-تموز 2011 الساعة 08 مساءً / مأرب برس/ أحمد الشبح/ نقلا عن صحيفة الأهالي
عدد القراءات 14423
 
 

بدل أن كانت الكرة في ملعب «الفريق» بات مرماه هدفاً ثميناً وسهلاً لشباب الثورة وللمعارضة الذين لن يخطئوا شباكه بقدرتهم الهجومية الجامحة وتجاوز دفاعاته بالهجمات السياسية المرتدة المفاجئة أو بضربة جزاء أو ضربة حرة؛ أو حتى بالضربات الترجيحية، وقد يأتي الهدف بخطأ أحد أعضاء فريق «الفريق».

نفد الوقت الضروري والمتاح وصار الانتظار لأطول من ذلك ضرباً من الغباء وتعويلا على السراب، استهلك هادي من الوقت 32 يوماً، وهي المدة الطبيعية التي يحتاجها لترتيب أوضاعه، ومضت مهلة الـ «أسبوعين» التي طلبها للبدء في الـ «تغيير عميق»، لم يستطع عمل أي تغيير سطحي لا يتعدى إعادة إحياء قنديل كهربائي لأحد أحياء العاصمة أو «لمبة سهاري» لغرفة مجاورة لمنزله الذي قال إنه بمثابة «الأمم المتحدة» بين طرفي السلطة والمعارضة ولا يتعدى إعادة تشغيل مروحة نائمة في أحد منازل الحديدة يموت تحتها الأحياء من شدة الحر بانتظار قطرة ماء باردة أو ذرة ثلج. لم يستطع إنقاذ حياة إنسان طريح العناية المركزة وتحت التنفس الاصطناعي في أحد المستشفيات أو حتى تأمين وصول حاملة بترول إلى العاصمة، كان مؤملاً منه صنع المعجزة وحل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي وضعها على رأس قائمة أولوياته. سقط الرهان على الرجل «المطيع» الذي ألف أن يكون جندياً وأدمن المناصب الديكورية والصلاحيات التمثيلية التي لا تتعدى حضور المهرجانات وافتتاح المناسبات.

  خيب الرجل الستيني آمال الكثيرين، طالما أجمع اليمنيون بأنه فارس أحلامهم، كانوا يظنونه قبطاناً محترفاً لقيادة الـ «سفينة واحدة، إما أن تصل إلى بر الأمان أو أن يغرق الجميع» بحسب تعبيره الذي قصد به ربما أنه ضمان عدم الغرق وهي اللهجة الابتزازية ذاتها التي كان اليمنيون يسمعونها مراراً على لسان الرئيس صالح.

خسر هادي شباب الثورة وأضاع من يده فرصة أن يكون حلاً كان يمكنهم القبول به كأمر واقع، مع اشتراطهم اعترافه بالشرعية الثورية وبدءه في إدارة المرحلة الانتقالية والتغيير العميق الذي وعدهم به. 

كما خسر موقف المعارضة التي كانت ترى فيه الحل المتوفر لنقل السلطة رغم ممانعة حزبه (المؤتمر الشعبي العام) الذي يشغل منصب أمينه العام منذ 2008م. المشترك وبعد أن سدت أبواب الحل السياسي بدأ، السبت مناقشة فكرة تشكيل مجلس انتقالي وأقر البدء في البحث عن آلية تشكيله والتشاور مع كل القوى الوطنية حولها. فيما كان هادي، يناقش مع السفير الأمريكي بصنعاء جيرالد فايرستاين، مستجدات الأوضاع ومكافحة الإرهاب، ويدعو القوى السياسية والوطنية لـ «تحكيم الضمير والعقل والمنطق لما من شأنه الخروج من الأزمة الراهنة». ولقاء منفصل جمع هادي بالسفير الفرنسي بصنعاء جوزيف سيلفا.

عبد ربه وعمر سليمان: هل يتشابه المصير كما تشابهت المواقف!؟

منذ أكثر من 33 عاماً ومحافظة أبين التي ينتمي إليها الفريق عبد ربه تعيش حالاً من عدم الاستقرار يعيث فيها نظام صالح أفسد الفساد، وهي اليوم تتعرض لأبشع صور التنكيل والقتل الجماعي: قصف بالطيران ونزوح سكاني وقتل مستمر، مليشيات بقايا نظام صالح التي سلمها لهم تعيث فيها فساداً دونما حسيب، ووصل الأمر إلى قتل أبناء القوات المسلحة والتآمر عليهم جزاء وطنيتهم ورفضهم أوامر أبناء صالح بتسليم المعسكرات بما فيها وإخلاء المحافظة للمسلحين الذين يروج أنهم ينتمون للقاعدة.

مع هذا، لم يقدم ابن أبين المولود بقرية ذكين، مديرية الوضيع (1945)، نائب الرئيس صالح، لم يقدم لمسقط رأسه معروفاً يذكر، وهو اليوم كرئيس للجمهورية -بالإنابة- لم يستطع إنقاذ حياة طفل وجد نفسه مشرداً تطارده القاذفات والصواريخ. إذا كان ما يقوله عن أن أحمد علي صالح، طوع طاعته وتحت إمرته حقاً فلماذا لا يوجهه بوقف تلك الحرب الشعواء ويكف عن محافظته شره ودمويته!

ربما لم يكن الكثيرون يحبذون ذلك الظهور المزري الذي ظهر عليه هادي بعد دهر من الصمت، الأربعاء الماضي، على شاشة الـ c.n.n ، وتمنى الكثيرون لو أنه سكت. لقد هرف بما لم يكن يعرف عنه وفند كثيراً مما قيل وما كتب عنه، وأثار حفيظة كثير ممن أحسنوا الظن فيه. أدرك الجميع أن لا فرق بين نائب الرئيس المصري السابق عمر سليمان وبين نائب الرئيس اليمني، ويبدو أن تشابه المواقف سيفضي إلى تشابه المصير!!

كلمة «أنا» تتكرر فـي الحوار (20) مرة!!

الرجل الذي رضي لنفسه منصباً غير دستوري منذ 2006، لم يخف طمعه الجامح في السلطة، شوهد وهو يشير إلى نفسه مخاطباً محاوره بنبرة حادة «الصحيح اسمعه مني أنا»، بما في العبارة من شهوة سلطوية ونزعة استبدادية، احتكر الحقيقة لنفسه مكذباً الآخرين والوقائع، كرر كلمة «أنا» 20 مرة.

لم يجتهد المطبخ الإعلامي السلطوي في إعادة إنتاج الحوار كما جرت العادة في «قصقصة وحذف وإضافة» خطابات الرئيس صالح، تعمد الإعلام الرسمي وموقع «سبتمبر نت» نشر الحوار بنصه وعلاته وباللهجة العامية «الأبينية». مثلاً جاء في الحوار الذي تناقلته وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، عبارة: «ولهذا السبب لن يؤثر في السوق»، أثناء حديثه عن عدم تأثير النفط السعودي في حل الأزمة النفطية، يقصد بها إنه «لم يؤثر» في الحديث عن الماضي، وهي العلة ذاتها التي لازمت خطابات صالح، التي كانت محل انتقاد واسع.

انتظر كثيرون منه فعل شيء هو يفتقده في الأصل، جاءوه بالفرصة الذهبية التي لم يكن ليحلم بها يوماً ووضعوها بين يديه وعقله، ولكن (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون).

«عبده ربه إنسان سلبي جداً وهو ليس صانع القرار في البلد». يقول أحد المعلقين، ويضيف أحدهم «الرجل مجرد نسخة كربونية لصالح». ويتساءل آخر «ماذا بإمكان إنسان مسلوب الإرادة أن يفعله». ويعتبر أحدهم أن من الغباء والسخف انتظار موقف حر ومستقل من رجل لم يذق طعم الحرية والاستقلال يوماً.

في 17 يونيو، هدد هادي بتقديم استقالته إذا ما استمرت ما أسماها «سياسة لى الذراع»، وقال إنه سيغادر إلى عدن، وذلك بعد عدم قدرته على ممارسة صلاحياته ومن دخول القصر الجمهوري أو دار الرئاسة التي يدير منها أبناء وأقارب صالح الحكم. التهديد أعقبه تصريح قائد الحرس الجمهوري والحرس الخاص أحمد علي عبدالله صالح، بأنه يأتمر بأمر «هادي» الذي يمارس أعماله من مبنى وزارة الدفاع (مجمع العرضي).

هادي، عاد ليؤكد إنه يستدعي نجل صالح عندما يحتاجه إلى الوزارة وبأنه ينصاع ويأتي ويتسلم التعليمات «كقائد عسكري ينفذ توجيهات وزارة الدفاع». وزاد أكد أن العميد أحمد يقود الحرس من قيادة الحرس الجمهوري وليس من دار الرئاسة التي قال إنه لا أحد فيها غير نساء وأطفال صالح، وزاد: «الرئاسة لا أحد فيها الآن، مكتب الرئيس فارغ وموجود الأسرة حق الرئيس النساء والأطفال وما فيش حد يدخل الرئاسة نهائياً».

وفيما لو كان «العميد» يأتمر بأمر «الفريق» صدقاً، فإن الأخير هو من يصدر التوجيهات لبقية وحدات الحرس الجمهوري والأمن المركزي بقتل المواطنين في عدن وتعز وهو من يعطي الأوامر للطيران بقصف القرى والمدن في أرحب ونهم والحيمة، وبالتالي وبناءً على ما قاله «هادي» فإنه بذلك يكون المسئول الأول عن تلك الجرائم التي تقوده إلى المحاكمة في المستقبل القريب أو البعيد. ولا ندري ما إذا كان «الفريق» يدرك معنى ما يقول أو إنه خارج الوعي أو أنه أكره على قوله!