آخر الاخبار

لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟ الذكاء الاصطناعي "يخدع البشر"... والآتي أعظم! رسميًا.. الهلال يحصد لقب الدوري السعودي للمرة الـ 19 في تاريخه واشنطن بوست تشكف تفاصيل صفقة قدمتها أميركا للعدو الصهيوني لتجنب غزو رفح بعد الفيديو الغامض.. أبو عبيدة يزف خبراً سيشعل الكيان الصهيوني والقسام توجه رسالة لقادة الاحتلال الفريق بن عزيز : المليشيات قامت بتصفية عشرات المعتقلين في سجونها تحت التعذيب تفاصيل أول زيارة حكومية لسفينة روبيمار منذ غرقها في البحر الأحمر من بيت الى بيت..صراع الاجنحة الحوثية ينفجر وسلطان السامعي يتحدث عن حرب أهلية في مناطق جماعته :أنا وصلّت رسالتي والأيام بيننا قائد قوات الأمن الخاصة بمارب : مليشيا الحوثي الإرهابية تستخدم النساء والأطفال لزعزعة الأمن وسنقدم الدعم للشرطة النسائية عاجل .. السلطة المحلية بمحافظة مأرب: جميع الطرقات من جانبنا مفتوحة منذ قرابة 3 أشهر ونستغرب تأخر الحوثي كل هذه المدة للتعاطي مع مبادرة فتح الطرقات

المجلس السياسي.. نصر صالحي وخسارة حوثية

الأحد 07 أغسطس-آب 2016 الساعة 07 صباحاً / مأرب برس - حسين اللسواس
عدد القراءات 2694

بعد تجربة عام من الحكم المنفرد اخيراً وصل الحوثيون الى ما يشبه القناعة بان نهج التفرد والاستحواذ على كل شيء لا يعد طريقاً صائباً.

ليس هذا فحسب ثمة قناعات لدى الحوثيين تخلقت بفعل حصيلة العام الكامل مفادها استعصاء وصعوبة الامساك بدفة السلطة على نحو منفرد.

ليس من قبيل المبالغة الزعم بان الحوثيين كانوا يحملون عبئاً ثقيلاً يتمثل في تركة السلطة التي استولوا عليها بفعل اجتياحهم للعاصمة صنعاء وهو الامر الذي تسبب في سعيهم الى ايجاد شريك قادر على تحمل جانب من اعباء المسؤولية في ادارة دفة الامور بصنعاء.

في اطار عدم قدرة الحوثيين على الاستمرار بالتفرد بدفة الحكم يندرج الاعلان الاخير عن تشكيل مجلس لادارة الدولة وهو الاعلان الذي كشف عنه الحوثيون مع صالح والمؤتمر الشعبي العام.

صعوبات الادارة على نحو منفرد

من الواضح القول ان الحوثيين لاقو صعوبات مريرة في ادارة دفة الحكم على نحو منفرد وهي صعوبات دفعتهم في واقع الامر للبحث عن شريك قادر على حمل جزء كبير من اعباء التركة السلطوية التي آلت الى الحوثيين بفعل انقلابهم على سلطة الرئيس هادي.

ومع ان ثمة افتراضات تشير الى ان المجلس الوليد ماهو الا حصيلة للبحث عن الشريك من جانب الحوثيين الا ان وقائع وقرائن شتى تشير الى حضور بصمات واضحة للرئيس السابق علي عبدالله صالح في خضم معمعات الواقع السياسي "هنالك حضور كبير وقوي للغاية لترتيبات صالحية تدور في الخفاء".

ورغم ان البعض يظهرون جانباً من الاستخفاف بكل خطوات صالح واعماله بالاستناد الى نظرية فاتك قطار السلطة التي تشير معطيات الواقع الى انه ليس براجع ابداً الا ان العليمين ببواطن الامور يدركون خطورة واهمية ما يمارسه صالح من تدابير وترتيبات خلف الكواليس.

 

مجاوزة كبوة التنحي عن الحكم

 

بوسعنا القول ان صالح استطاع ان يحقق امرين اساسيين اولهما استغلال علاقته التحالفية بالحوثيين ايما استغلال وثانيهما قدرته على توظيف هذه العلاقة بما يخدم اجندته الخاصة.

ومع ان طموح العودة الى الحكم لم يكن غاية ذات ظهور بائن من جانب صالح، الا ان الوقائع الاخيرة تشير الى رغبة صالح في مجاوزة كبوة التنحي عن الحكم وبالتالي التخطيط والتدبير للعودة الى السلطة من اي بوابة تسمح بها معطيات وممكنات الواقع الماثل.

المجلس الوليد في واقع الامر يكشف مستويات متقدمة من التدبير والتخطيط السياسي لدى صالح فالرجل الذي طويت صفحة حكمه ذات الثلاث الاثافي (العقود الزمنية) مازال يتطلع بشغف يبدو واضحاً للعودة الى حكم البلاد.

ورغم انه من وراء الكواليس كان ماهراً في احداث تاثير بالغ على الاحداث والتفاعلات السياسية الا ان اعلان مجلس ادارة الدولة يكشف حقيقة عدم اكتفاء صالح بالادوار الكواليسية ورغبته في العودة الرسمية الى واجهة الاحداث مجدداً.

الاستغلال الصالحي للحوثيين

خطوة المجلس في واقع الامر تثير العديد من العلامات الاستفهامية والتعجبية اذ كيف يسمح الحوثيون لصالح بهذا القدر من استغلال مسيرتهم وتجييرها لصالح اطماع العودة الى سدة الحكم، ومع ان وزن التركة السلطوية يشكل اداة ضاغطة دفعت الحوثيين الى البحث عن الشريك الا ان طرحاً كهذا في واقع الامر لا يحمل دلالات اقناعية كبيرة، اذ مهما بلغت حاجة الحوثيين الى الشريك فذلك لا يعني السماح لصالح باستغلال ميراث الحوثيين وما قاموا به من اعمال لتحقيق اطماعه ومآربه الشخصية والذاتية.

التساؤلات بعالية تدفع المرء الى تساؤلات من قبيل هل ثمة خدمات قدمها صالح للحوثيين كي يحظى باتفاق سياسي يمنحه حق ادارة نصف تركة السلطة؟

يخطئ من يظن ان الحوثيين يقاتلون على نحو منفرد دون وجود مقاتلين من تكتلات اخرى واذا كانت التكتلات القبلية تشكل في واقع الامر اداة الاسناد الاولى للحوثيين في الميدان فان قوات ما كان يعرف بالحرس الجمهوري تقاتل جنباً الى جنب مع الحوثيين في الميدان.

واذا ما زعمنا بان ولاءات الحرس مازالت ترتبط بصالح ونجله العميد احمد فإن هذا يكشف عن خدمات عسكرية قدمها صالح للحوثيين دفعت الاخيرين لغض الطرف عن كل الاعمال الاستغلالية التي يقوم بها صالح في تعاطيه مع الحركة الحوثية.

 

صعوبة الاستمرار في الانفراد بالسلطة

 

ثمة طرح يشير الى ان الحوثيين وفق معطيات الواقع استولو وفرضوا واقع السيطرة على المؤسسة العسكرية الامر الذي يعني قيام هذه المؤسسة بتنفيذ توجيهات الحوثيين بما في ذلك بديهية القتال معهم في الميدان، وبالتالي ثمة ما يؤكد ان صالح لم يقدم للحوثيين اي خدمات تذكر الامر الذي يعيدنا الى مربع التساؤل عن ماهية الاسباب التي تدفع الحوثيين الى السماح لصالح باستغلالهم واستغلال مكتسبات حركتهم العسكرية منها والسياسية.

في شان الاعلان عن مجلس ادارة الدولة ثمة تساؤلات ذات طابع بديهي تفرض ذاتها عند التوقف في حضرة جزئية هامة للغاية الا وهي جزئية التناصف والتقاسم بالمناصفة في تشكيلة المجلس بين المؤتمر وصالح من جهة والحوثيين من جهة اخرى وفق معطيات الميدان يفترض ان تكون لغة الاغلبية الحوثية هي الحاضرة لحظة الكشف عن هذا الاعلان إذ كان يكفي المؤتمر الشعبي الحصول على نسبة الثلث او اكثر قليلاً في تشكيلة المجلس المعلن عنه غير ان الحوثيين فجروا مفاجأة من العيار الثقيل تمثلت في قبولهم بواقع التناصف والتقاسم بالتساوي الامر الذي يطرح تساؤلات عديدة في اتجاهين رئيسيين اولهما مالذي منح المؤتمر الشعبي احقية هذا التمثيل المتساوي وثانيهما: لماذا تنازل انصار الله عن حقهم في الاغلبية التمثيلية بقوام المجلس المعلن عنه.

ليس لدى المؤتمر الشعبي قوات عسكرية (معلن عنها) اذا ما استثنينا ولاءات الحرس الجمهوري كي يؤهله ذلك لاحقية المناصفة في التمثيل.

وفق لغة الميدان القتالية السلطة هي سلطة الحوثيين والتنازل عن نصفها لشريك لا يحمل خلفيات ميدانية قتالية يعد حدثاً ذا طابع استثنائي للغاية.

وهنا نتساءل مالذي فعله المؤتمر الشعبي كي ينال هذا التمثيل المتساوي في المجلس المعلن عنه.

حتى وان افترضنا جدلاً ان صعوبة الاستمرار في الانفراد بادارة السلطة من جانب الحوثيين هو السبب الضاغط باتجاه البحث عن اي شريك كان الا ان هذا لا يشكل مبرراً لتنازل الحوثيين عن حق الاغلبية في المجلس المعلن عنه.

 

بين خسارة الحوثيين ومكاسب صالح والمؤتمر

 

بين ثنائية الخسارة والمكسب يتأرجح حال الحوثيين بعد هذا الاعلان، في ادبيات العمل السياسي بكل الدنيا عادة ما تسعى اي حركة او تكتل سياسي للانفراد بادارة السلطة والحكم، ورغم ان ظروفاً محلية بعينها –كالتي يمر بها اليمن- تدفع التكتل المالك لحق الانفراد الى السعي للتوافق الوطني بغية تخطي واقع هذه الظروف الا ان هذا لا يعني تنازل الحوثيين عن حقهم الطبيعي والواقعي في الاغلبية بالتمثيل في قوام المجلس المعلن عنه.

من منظار الحاجة الى الشريك يُجسد هذا الاتفاق مكسباً جزئياً للحوثيين غير انه من منظار المعطيات الميدانية واستحقاق منطق القوة يشكل خسارة لافتة للحوثيين الذين تنازلوا عن امتلاكهم لكل شيء في لحظة الرغبة بالبحث عن الشريك السياسي.

مع ان العلاقة التحالفية الرابطة بين الحوثيين من جهة وصالح والمؤتمر الشعبي من جهة اخرى عميقة وذات بعد من التماسك الا ان الاعلان الاخير اسهم في بلوغ هذه العلاقة مراحل متقدمة من التطور والازدهار.

لم يعد التحالف هو اللغة الجامعة بين الطرفين اذ باتت الشراكة هي اللغة الجامعة بينهما وهو ما يعني ان علاقة الحوثيين بصالح والمؤتمر الشعبي قد بلغت ذروتها بهذا الاعلان.

 

نصر مؤتمري صالحي

 

رغم انه ظل لبرهة زمنية طويلة نسبياً خارج ملعب السلطة الا انه اي المؤتمر الشعبي العام بهذا الاتفاق الاخير قد عاد مجدداً لاستعادة ذكرى الحكم التي غادرها وقفر بفعل الحوثيين عائداً اليها.

خسارة الحوثيين بالنسبة لوضعية المؤتمر الشعبي العام الراهنة تجسد مكسباً مؤتمرياً فريداً من نوعه، فالحزب الذي كان يقاسي ويلات البقاء على دكة المعارضة والانتظار عاد اخيراً لاستعادة امجاد السلطة والحكم.

بوسعنا القول ان الاتفاق يعد انجازاً مؤتمرياً صالحياً فريداً من نوعه حيث ان الطرف الذي حقق جل المكاسب في الاعلان الاخير ماهو في واقع الامر الا المؤتمر الشعبي وعلي عبدالله صالح.

صفعة لمشاروات الكويت

مع ان محادثات الكويت قد شارفت على الانتهاء الا ان خطوة اعلان المجلس تعد بمثابة صفعة مدوية لمشاورات الكويت التي تأثرت وعلى نحو مباشر بهذا الاعلان.

ولا يستبعد ان يكون هذا الاعلان بمثابة اعلان عن اخفاق هذه المفاوضات في التوصل الى اي نتائج حقيقية.

المكاسب الناجمة عن جزئية البحث الحوثي عن الشريك في ادارة السلطة لا تعادل في واقع الامر حجم الخسائر فبعد ان كان الحوثيون يديرون كل شيء استناداً الى منطق التفرد بالحكم اصبحوا يشغلون نصف السلطة فقط.

على ان الرابح الاكبر من هذا الاتفاق هو صالح والمؤتمر الشعبي.

لقد اثبت صالح لكل خصومه السياسيين ان لديه قدرات وممكنات لتطويع اي واقع سياسي وتوظيفه لصالح اجندته السياسية.

تحت يافطة الشراكة الثنائية بين الحوثيين وصالح تستشرف صنعاء عهداً سلطوياً جديداً يتوقع ان يسهم في تعويم جانب لافت من الاخطاء الحوثية التي جرت في مؤسسات وهيئات الدولة.

تركة ثقيلة تبدو في انتظار هذا المجلس الذي اعاد لصالح والمؤتمر الشعبي بريق السلطة الاخاذ الذي سلب منهما بفعل ثورة الشباب السلمية وكفى!

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن