آخر الاخبار

أمين عام الندوة العالمية للشباب يبدي استعدادهم تنفيذ تدخلات إنسانية وتنموية في اليمن صحيفة صهيونية :فخ استراتيجي يُعد له السنوار في رفح بعد أشهر من الاستعدادات والتعلم تصرف مارب يوميا على كهرباء عدن اكثر من مليار و200 مليون ريال .. قرابة تسعة الف برميل من النفط الخام كل يوم أغلبهم من النساء.. المليشيات تدفع بالآلاف من قطاع محو الأمية للإلتحاق بالمعسكرات الصيفية وصف ابو علي الحاكم بـ «المقروط».. مواطن في صنعاء ينفجر غضباً وقهرا في وجه المليشيات ويتحدى المشاط والحاكم والحوثي لمواجهته شخصياً بالسلاح الشخصي - فيديو صندوق النقد الدولي يحذر.. ويكشف عن السر الذي ابقى الاقتصاد اليمني متعافيا .. رغم كل مؤشرات الانهيار أول دولة أوربية تعلن خوفها الحقيقي من الحرب العالمية الثالثة وتكشف عن خطوة واحدة لتفجير الوضع إسرائيل توقف عمل قناة الجزيرة والعمري يتوعد برد قانوني السعودية تكشف حجم العجز في ميزانيتها خلال الربع الأول هذا العام القضاء الأعلى يقر انشاء نيابة ابتدائية ''نوعية'' لأول مرة في اليمن

إنعاش ميناء عدن.. مخاطر وعراقيل

الثلاثاء 23 يوليو-تموز 2019 الساعة 11 صباحاً / مأرب برس-فاروق الكمالي _العربي الجديد
عدد القراءات 3949

 


استعاد ميناء عدن عافيته نسبياً منذ تحرير عاصمة اليمن الموقتة منتصف يوليو/تموز 2015. كما يشهد حالياً، وبعد نحو 4 سنوات، انتعاشاً تجارياً كان تصاعد تدريجاً منذ عام 2016، وتُوّج بارتفاع غير مسبوق في معدّل مناولة الحاويات وبقية البضائع عام 2018، وكذلك في النصف الأول من العام الجاري.

إلا أن الميناء لا يعمل بطاقته القصوى بعد، وبالإمكان زيادة نشاطه لولا المخاطر التي يواجهها حالياً، وفي صدارتها صعوبة النقل البرّي بسبب استمرار الحرب وارتفاع أعباء التأمين.
فقد استطاع ميناء عدن بدرجة عالية تجاوز أضرار الحرب التي شنها الحوثيون على مدينة عدن، حيث خلّف القتال خسائر مادية تجاوزت 90 مليون دولار، بحسب إدارة الميناء، قبل أن يُعاد تأهيله ليصبح جاهزاً لاستقبال السفن عقب تحرير المدينة، وهو يحتاج حالياً إلى تجاوز المخاطر والمعوقات التي أنتجتها الحرب، ليحصد انتعاشاً تجارياً مستمراً وأكيداً.

إدارة هذا المرفق الحيوي تؤكد لـ"العربي الجديد" انقباض حركته منذُ شن الحرب على عدن بين مارس/آذار 2015 وآخر يوليو/تموز 2015، إلى أن بدأت حركة السفن والحاويات والبضائع تشهد نمواً مطرداً بعدما أصبح الميناء الرئيسي في اليمن منذ مطلع 2018، نتيجة انحسار نشاط ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر، غرباً، على خلفية معارك الساحل الغربي.


مدير عام التخطيط والتسويق والإعلام في "مؤسسة موانئ خليج عدن"، أحمد العماري، قال لـ"العربي الجديد"، إن "كمية البضائع المفرغة زادت بوتيرة لافتة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وفي النصف الأول من عام 2019، حيث تخطت البضاعة المفرغة في أرصفة المعلا العام الفائت 4.4 ملايين طن، وهو أعلى رقم مناولة في الميناء خلال 11 عاماً، كما شهد الربع الأول من العام الجاري مناولة أكثر من 1.4 مليون طن".

وشهدت حركة الحاويات المتداولة تزايداً ملحوظاً من عام إلى آخر في الأعوام الثلاثة الماضية، حيث قاربت العام الماضي 399 ألف حاوية مكافئة، وهذا يعتبر أكبر مستوى في الميناء حتى في مرحلة ما قبل الحرب، وفقاً للعماري. كما حقق الربع الأول من العام الجاري مستوى كبيراً، حيث تعدّت الحاويات 110 آلاف.

العماري أرجع ارتفاع التجارة عبر ميناء عدن إلى لاستقرار الأمني التي تشهده المحافظة، إضافة إلى حصر نشاط ميناء الحديدة بالبضائع الإغاثية والمشتقات النفطية، وبالتالي تحويل خط سير السفن إلى ميناء عدن ليستقبل البضائع الواردة، إضافة إلى المواد الإغاثية التابعة لبرنامج الغذاء العالمي وبقية المنظمات الإغاثية.

موقع إستراتيجي... وأداء دون الطموح

يُعتبر ميناء عدن أحد الموانئ البحرية الرئيسية المهمة في منطقة خليج عدن، وهو من أكبر الموانئ الطبيعية في العالم، ويقول مسؤولوه إنه واحد من أفضل 5 موانئ طبيعية على مستوى العالم، وإنه يتمتع بموقع جغرافي إستراتيجي فريد يربط الشرق بالغرب. وتبلغ مساحته الإجمالية 131 كيلومتراً مربعاً، وطاقته التصميمية القصوى الإجمالية لتداول البضائع 5.5 ملايين طن سنوياً.


لكن إدارة الميناء ترى أن نمو نشاطه لا يزال دون المستوى المأمول، وتؤكد أن الفرصة متاحة لتعزيز أدائه أكثر، إلا أن هناك قيوداً تحول دون تحقيق ذلك. وتوضح "مؤسسة موانئ خليج عدن" أنها تتابع تخفيف القيود حتى يتحقق النمو المنشود. في السياق، يؤكد خبراء الاقتصاد والنقل البحري الحاجة الماسة لرفع كفاءة خدمات النقل عبر ميناء عدن، ويوضحون أهمية تطويره بما يتلاءم مع الدور الجديد الذي يؤديه، من خلال دعمه بالمعدات وإعادة بناء ما دمّرته الحرب.

ويتطلع الاقتصاديون إلى تنفيذ خطة لتطوير الميناء وتوسيعه وتعميقه وتهيئته لاستقبال السفن الكبيرة، وتم الإعلان عنها مطلع فبراير/شباط 2017 ضمن رؤية للتنمية وإعادة الإعمار في البلاد بدعم خليجي.

رسوم الحرب

وتعود القيود التي تعيق زيادة نشاط الميناء إلى الحرب وتداعياتها، حيث أعلنت شركات الشحن العالمية الموانئ اليمنية ضمن "مناطق حرب"، ونتيجة لذلك فرضت الخطوط الملاحية العالمية تأميناً بحرياً إضافياً على الشحنات المتوجهة الى الموانئ اليمنية، وهو ما تشير التقديرات إلى أنه كلف النشاط التجاري في ميناء عدن فقط نحو 150 مليون دولار عام 2018. وقد وجد كثير من التجار ضالتهم للهروب من هذه الكلفة الإضافية في إرسال شحناتهم إلى صلالة وشحنها براً إلى اليمن.

يرى العماري أن مجابهة هذا التحدي تستدعي تدخل الحكومة للتفاوض مع شركات التأمين البحري العالمية لمعالجة هذه المشكلة بالسبل المتاحة أو كما تم سابقاً عام 2003، عندما رفعت شركات التأمين رسوم التأمين البحري بسبب الهجوم الإرهابي على الناقلة الفرنسية "ليمبرج".

وتعاني تجارة اليمن جرّاء الارتفاع المستمر في رسوم الشحن البحري إلى الموانئ اليمنية، حيث أقرّت خطوط الملاحة فرض رسوم جديدة تحت بند "مخاطر الحرب"، كما فرضت رسوم ازدحام على الشحنات إلى ميناء عدن، فيما يدفع اليمنيون الثمن عبر زيادة أسعار السلع الأساسية.


وبدأت شركات مثل "هاباغ لويد" تطبيق رسوم إضافية على مخاطر الحرب، بسبب زيادة خطر الشحن وزيادة تكلفة التأمين، وأعلنت فرض رسوم إضافية بمعدل 450 دولاراً عن كل حاوية نمطية، وقالت في تعميم اطلعت عليه "العربي الجديد"، إن الرسوم الإضافية بدأ تنفيذها في 28 يناير/كانون الثاني 2018 على جميع الشحنات إلى ميناء عدن.

كما أقرت مجموعة "سي.إم.إيه- سي.جي.إم" (CMA CGM) الفرنسية، ثالث أكبر مجموعة لنقل الحاويات في العالم، فرض رسوم إضافية بسبب الازدحام في ميناء عدن، وقالت في بيان اطلعت عليه "العربي الجديد"، إنها ستطبق رسوماً إضافية للشحنات من جميع الموانئ في العالم إلى ميناء عدن، ابتداء من مطلع سنة 2018.

وحددت المجموعة العملاقة رسوم الازدحام الإضافية بمبلغ 300 دولار أميركي لكل حاوية سعة 20 قدماً، و600 دولار لكل حاوية سعة 40 قدماً، وأكدت أنه قد يتم تطبيق رسوم إضافية متعلقة بشحنات الوقود، ورسوم إضافية متعلقة بالأمن، ورسوم أُخرى مثل رسوم الطوارئ والرسوم المحلية.

موانئ وسيطة

ويُعاني ميناء عدن من سياسة المرور عبر موانئ وسيطة لسفن نقل الحاويات. فقد أثر فرض سياسة مرور سفن الحاويات عبر موانئ وسيطة، مثل الموانئ السعودية وميناء جيبوتي، لغرض التفتيش، تأثيراً مباشراً على اقتصاديات النقل البحري، متسبباً بكلفة إضافية على المستورد وتأخيراً لاستلام الشحنة في ميناء عدن.

ومرة أخرى استفاد ميناء صلالة من هذا الإجراء بشكل مباشر. فبدلاً من دفع مبلغ 2500 دولار،على سبيل المثال، لتكلفة نقل حاوية إلى عدن، يدفع التاجر 700 دولار لإرسال نفس الحاوية إلى صلالة، ومن ثم يشحنها براً إلى اليمن، مع تجنب دفع رسوم تأمين مخاطر الحرب.


وترى إدارة ميناء عدن أن معالجة هذه الإشكالية يتطلب السماح لسفن الحاويات بارتياد ميناء عدن مباشرة من دون فرض إجراءات تقتضي أن يتم تفريغ شحنتها في ميناء وسيط من أجل عمليات التفتيش، حيث يمكن أن تتم هذه الإجراءات في ميناء عدن نفسه.

وقالت إدارة الميناء إنها على تواصل وتنسيق دائم مع قيادة قوات التحالف منذ فترة الحرب في عدن والمرحلة التي تلتها، وأوضحت أنها لمست تحسناً كبيراً في إجراءات تسريع منح تراخيص دخول السفن، إلا أنها تتطلع إلى تخفيف القيود المُشار إليها.

وكان رئيس مجلس إدارة موانئ عدن، محمد علوي امزربه، طلب في الآونة الأخيرة من وزارة النقل أن تكون مناطق التفتيش على السفن، بخاصة سفن الحاويات، في مساحة المنطقة الحرة لعدن، أو أي منطقة مناسبة للتحالف العربي في العاصمة اليمنية الموقتة، بدلاً من مناطق التفتيش الحالية في موانئ جدة ودبي وجيبوتي.

وقال امزربه في بيان، إن "ميناء عدن هو الميناء المحوري والرئيسي لصادرات الجمهورية اليمنية بشكل عام، وإن نقل مناطق التفتيش المتواجدة في عدة دول إلى مدينة عدن سيخفف المعاناة على التجار والمستوردين وعلى المستهلك اليمني، وسيسهم في تحسين وإنعاش ميناء عدن بشكل أفضل".

الازدحام

يعاني جمرك المنطقة الحرة من ازدحام مستمر كونه لم يكن جاهزاً لمناولة النشاط المتزايد الذي فرضه "وضع الحرب"، لا سيما مع انتقال نشاط ميناء الحديدة إليه، وقالت إدارة الميناء إنها خاطبت المنظمات الأممية من أجل توسيع قدراته، إلا أن الاستجابة لم تكن إيجابية.

وتؤكد إدارة الميناء أن رئيس الوزراء، في زيارته الأخيرة للميناء في 12 يوليو/تموز الجاري، وجّه مؤسسة الموانئ ومصلحة الجمارك في البدء بتنفيذ مشروع توسيع الطريق الرابط بين ميناء الحاويات والجمارك لتخفيف حدة الازدحام المستمر في هذا المعبر المهم.

كما يعاني النشاط الملاحي في ميناء عدن من وجود سفن تنتظر دخول الأرصفة المكتظة أصلاً، وبالتالي يترتب على فترة البقاء غرامات على المستوردين المحليين، وهذا ما يجعل الميناء في وضع غير جاذب، ما يستدعي سرعة تفريغ السفن من خلال استحداث عمليات تفريغ أكثر فاعلية من تلك القائمة حالياً، وهذا يمكن بلوغه باستخدام معدات حديثة، بحسب إدارة الميناء.

كذلك، يكابد الميناء مشكلات أُخرى، منها قائمة البضائع غير المسموح باستيرادها، حيث منع التحالف العربي استيراد عدد من السلع عبر ميناء عدن، وهو ما تسبب في تحول العديد من التجار لاستيراد هذه البضائع عبر ميناء صلالة العُماني، ومن ثم نقلها براً إلى اليمن. 

وقد انتعش ميناء صلالة نتيجة لذلك، واغتنم الجانب العُماني هذه الميزة من خلال توفير بيئة تجارية جاذبة للتجار اليمنيين وتخصيص منطقة حرة يمارسون فيها عملهم التجاري، بينما كان بالإمكان أن يستفيد ميناء عدن ومنطقته الحرة من ذلك.


وتتأثر الحركة في ميناء عدن بالآلية التي اعتمدها البنك المركزي فيما يخص الاعتمادات المستندية لتجار الواردات، حيث تدخل "المركزي" حديثاً لتغطية واردات المواد الغذائية الأساسية، لكنه لا يغطي جميع الواردات، في حين ترى إدارة ميناء عدن أن هذا الأمر يعتبر أحد أهم العراقيل، حيث لا تتوافر سيولة كافية من العملة الصعبة، ويُطلب أن يكون الدولار من طبعة عام 2009 وما بعدها. كما أضافت قضية عدم تسهيل فتح الاعتمادات البنكية تعقيداً أكبر ومزيداً من المخاطر التجارية على المستوردين.

وتأثر نشاط ميناء عدن بالمعارك الدائرة في مدينتي الضالع وقعطبة، وسط اليمن، على خلفية إغلاق الحوثيين الطريق الرئيسية التي تربط عدن بالعاصمة صنعاء منذ أبريل/نيسان الماضي، وتسبب ذلك في إجبار شاحنات نقل البضائع القادمة من ميناء عدن على سلوك طرق طويلة أو وعرة، منها التوجه نحو الطريق الساحلي (عدن- المخا- الجراحي- إب)، وهو ما يكبد القطاع التجاري الواقع تحت سلطة الحوثي مزيداً من الخسائر المالية، ويتسبب في رفع أسعار السلع.