تجمع الإصلاح.. شماعة الفاشلين ..ما بين انقلاب صنعاء وحتى انقلاب عدن

الثلاثاء 20 أغسطس-آب 2019 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس-الإصلاح نت
عدد القراءات 4825

منذ بدء الأزمة اليمنية عام 2014 وحتى الآن، وما تخللها من تدخل وتعقد في ملف الصراع، ظل الانقلابيون والفاشلون وأصحاب المشاريع الصغيرة والهدامة والإرهابيون يستحضرون "شماعة الإصلاح" ويستدعونها في مختلف محطات الصراع، أحياناً لتمرير مخططاتهم الانقلابية ومشاريعهم التي تهدد اليمن ودول الجوار، بذريعة أن تلك الإجراءات الانقلابية على الدولة إنما هي ضد تجمع الإصلاح لا غير، وأحياناً لتحميله سبب فشلهم سواء على صعيد العمليات العسكرية في الميدان أو على صعيد إدارة الدولة والأزمات المتلاحقة التي تعصف بالشعب. 

ورغم تحوّل تلك الشماعة إلى نكتة سخيفة وإدراك مختلف الأطراف لسذاجتها، لكونها لم تعد تنطلي عليهم، إلا أنها للأسف ما زالت قابلة للاستهلاك لدى من يعملون على تمزيق البلاد من أجل مشاريعهم الهدامة بدون أدنى ذرة خجل، خاصة بعد أن اتضحت كل ملامح الصراع، وازداد الوعي محلياً بأبعاده وأهداف الأطراف الفاعلة فيه، واتضحت أيضاً أهداف أصحاب المشاريع السلالية والقروية والعنصرية الهدامة، الذين ما زالوا يستحضرون "شماعة الإصلاح" للتغطية على جرائمهم وعملياتهم الإرهابية في حق المدنيين وانقلاباتهم على السلطة الشرعية وتشكيل مليشيات مسلحة لا تخضع لإشراف السلطة الشرعية. 

- ا لفرق بين الأحزاب والمليشيات الانقلابية.. 

في الوقت الذي تعد فيه الانقلابات العسكرية على السلطات الشرعية في أي بلد في العالم وصمة عار في جبين الانقلابيين، خاصة أنها تأتي في القرن الحادي والعشرين، وفي زمن ترسخت فيه مفاهيم الدولة الوطنية والسلطات الشرعية، وفي وقت تجرم فيه الثقافة السياسية الانقلابات العسكرية، إلا أن الأطراف الانقلابية في اليمن، شمالاً وجنوباً، تحاول تغطية سوأتها وشناعة انقلاباتها العسكرية على السلطة الشرعية بأن الهدف منها هو إقصاء حزب الإصلاح فقط من المشاركة السياسية أو القضاء عليه، وليس الانقلاب على السلطة الشرعية، ولأجل ذلك، يعملون على شيطنة حزب الإصلاح، لغرض خداع الجماهير، وإيهامهم بأنهم يستهدفون الإصلاح فقط وليس الانقلاب على السلطة الشرعية. 

ما لا يدركه الانقلابيون في اليمن أن العالم لم يعد يصدق أكاذيبهم، وأن أفعالهم الشنيعة لا يمكن تغطيتها بمبررات أشنع منها، فالعالم كله ينظر للأحزاب والتعددية السياسية في أي بلد بأنها حالة حضارية تستحق الإشادة والتعامل معها بإيجابية، وبالتالي لا معنى لأي عمل شنيع من قبل مليشيات وجماعات غير شرعية تبرر أهدافها وتحركاتها الغير قانونية بأنها موجهة ضد حزب سياسي يعمل بالأساس تحت مظلة الشرعية!! 

وينظر العالم في نفس الوقت للانقلابات العسكرية على السلطات الشرعية بأنها تعكس همجية الانقلابيين وتخلفهم السياسي وضيق أفقهم وتعديهم على حق الجماهير في اختيار حكامهم، وتكون النظرة لهم أشد سوداوية وقتامة إذا كانت الانقلابات تتم بدوافع سلالية أو عنصرية أو مناطقية أو قروية. أما إذا كانت تستهدف حزبا بذاته أو فئة أو مذهبا، كمبرر للانقلاب، فإنها تعد جريمة ضد الإنسانية وضد التعايش وضد حقوق الآخرين، نظرا لما يتخللها من أعمال عنف وإرهاب وتصفيات جسدية ضد فئة بعينها من قبل الانقلابيين. 

- انقلابا صنعاء وعدن 

ومن هذا المنطلق يمكن تقييم الحالة اليمنية منذ العام 2014 وحتى اليوم، فخلال هذه المدة شهدت البلاد انقلابين عسكريين على السلطة الشرعية، الأول في صنعاء والثاني في عدن. وبصرف النظر عن الأزمات والكوارث التي ترتبت على الانقلابين، لكن الملفت للنظر هو أن مبررات الانقلابيين في كلتا الحالتين كانت واحدة، لجهة أنهم يحاولون تغليف خطواتهم الانقلابية بالسعي إلى إقصاء حزب الإصلاح من المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد، مع أن بشاعة "إقصاء الآخر" ومصادرة حقه في المشاركة السياسية، بل ومصادرة حتى حقه في "الحياة"، لا تقل سوءًا وبشاعة عن "الانقلاب" على السلطة الشرعية. 

ثم ماذا حدث؟ لقد اكتشفت مختلف الأطراف التي تواطأت مع الحوثيين بداية انقلابهم على السلطة الشرعية والسيطرة على العاصمة صنعاء، وكان ذلك التواطؤ في الحقيقة نكاية بحزب الإصلاح، اكتشفت أن الوطن هو الخاسر الأكبر، وأن الضرر طال الجميع، بل إن الضرر طال دول الجوار وطال مصالح العالم في أهم طرق التجارة الدولية المارة عبر مضيق باب المندب، وأصبحت صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة تقصف في عمق الأراضي السعودية، وتهدد ناقلات النفط، ومليشياتهم الإرهابية تنشر الموت والدمار والخراب والخطف والسجن والتعذيب في مختلف المحافظات التي تسيطر عليها، رغم أن هدفها المعلن في بداية تحركاتها الانقلابية كان حزب الإصلاح كما ادعوا. 

واللافت هو أن المبررات التي أوردها الانقلابيون على السلطة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، هي نفس المبررات التي أوردها الانقلابيون الحوثيون في العاصمة صنعاء، أي تغليف الخطوات الانقلابية بإقصاء حزب الإصلاح من المشاركة السياسية وليس الانقلاب على السلطة الشرعية، والمؤسف هو أن هناك من يتماهى مع مثل هكذا مبررات، رغم معرفة الجميع بالهدف الحقيقي ونوايا الانقلابيين في صنعاء وعدن، إلا أن الأحقاد والكيد السياسي وعمى البصيرة وعدم القبول بالآخر والسعي لإقصائه، كل ذلك جعل بعض القوى تتواطأ مع المليشيات الانقلابية شمالا وجنوبا، وتتورط في ترديد ما تبثه من دعاية سوداء وأكاذيب وافتراءات مصدرها المليشيات الانقلابية. 

- الفشل العسكري وإدارة الدولة 

لم يكن حزب الإصلاح شماعة للانقلابيين في صنعاء وعدن وحسب، لتبرير انقلاباتهم على السلطة الشرعية، ولكنه كان -وما زال- شماعة للفاشلين بمختلف أطيافهم في البلاد يعلقون عليها فشلهم، سواء فشلهم في إدارة الدولة، أو في جبهات الحرب ضد الانقلابيين الحوثيين، وهو ما يتضح من خلال الدعاية السوداء والضخ الإعلامي الممول عبر السوشل ميديا، والذي يتضمن اتهامات للإصلاح بالفشل في إدارة الدولة والفشل في الحرب على الانقلابيين الحوثيين، وكأن الإصلاح هو الدولة وليس مجرد حزب سياسي منضوٍ في إطارها كسائر الأحزاب.. 

صحيح أن هذا الزيف وتلك الأكاذيب أصبحت مجرد ملهاة لأصحابها، وتشوه سمعتهم بدرجة رئيسية، ولا تأثير لها في أرض الواقع على حزب الإصلاح، ولا تعدو كونها مجرد عمل روتيني يومي بهدف الحصول على الفتات من أطراف معينة تمول مثل هكذا ملهاة، في زمن انقطعت فيه الرواتب وقلت فرص العمل، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى متى ستستمر هذه الملهاة؟ ومتى ستنخرط مختلف الأطراف في معركة الوعي بعد التجريف الممنهج الذي تمارسه المليشيات الانقلابية بحق الانتماء الوطني والهوية الوطنية الجامعة ومكتسبات الوطن التي تراكمت بفعل تضحيات الآباء المؤسسين؟ 

يدرك الجميع أن تمثيل حزب الإصلاح في السلطة الشرعية لا يتجاوز 10%، ومع ذلك يحمله أدعياء السوء وحده مسؤولية الفشل في إدارة المحافظات المحررة، كما أنهم يحملونه وحده مسؤولية إطالة أمد الحرب والفشل في القضاء على الانقلابيين الحوثيين، مع أنه ليس بيده قرار الحرب والحسم، ولا يمتلك إمكانيات دولة من جيوش وأموال وأسلحة تمكنه من اتخاذ قرار الحسم العسكري بمفرده، لكنه الكيد السياسي وحسب. 

- دور الإصلاح 

صحيح أن الإصلاح ضمن مكونات السلطة الشرعية، لكن تمثيله فيها لا يتعدى 10%، ومثل هكذا نسبة بسيطة فإنها لا تخوله لممارسة الدور الأكبر في الإدارة والتأثير. وصحيح أن عددا من قادة وأعضاء الإصلاح منخرطون في الجيش الوطني، لكنهم يخضعون للتقاليد العسكرية الصارمة المتمثلة في تلقي الأوامر من قيادة وزارة الدفاع وليس من الهيئة العليا للحزب، ويعني ذلك ببساطة أن انتماءهم العسكري مقدم على انتمائهم السياسي. 

كما أن قرار الحرب والسلم ليس بيد الإصلاح، ولكنه بيد السلطة الشرعية والتحالف العربي، ودور الحزب يقتصر فقط على دفع أعضائه وأنصاره وفئات الشعب للانخراط في الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في الحرب ضد الانقلاب والنفوذ الإيراني، وتلقي الأوامر من قيادة السلطة الشرعية والتحالف العربي وليس من الهيئة العليا للحزب. 

ورغم معرفة الجميع بمثل هكذا أمور والتي تعد من بديهيات العمل السياسي والعسكري، إلا أنهم ما زالوا يتخذون من حزب الإصلاح ذريعة و "شماعة" يعلقون عليها فشلهم، بل البعض منهم لم يشارك قط في الحرب ضد الانقلاب، ومع ذلك يتهمون الإصلاح بالتقصير والفشل.! 

ويكفي الإصلاح شرفاً أنه كان من أوائل المدافعين عن الدولة في وجه المليشيات الحوثية الانقلابية، رغم تقصير الدولة وضعفها في مواجهة الانقلاب منذ بدايته، وكان له شرف السبق في تشكيل مقاومة شعبية ضد الانقلاب(الحوثي) عندما انضم الجيش العائلي للانقلابيين أو بقي على الحياد تنفيذاً للأوامر.. وما زال الإصلاح من أبرز حلفاء السلطة الشرعية والتحالف العربي في الحرب على الإرهاب ومشاريع تفتيت اليمن بما فيهم الانقلابيين الحوثيين والنفوذ الإيراني في اليمن