قيادات ”الانتقالي الجنوبي“ تعد لفبركة دعاوى قضائية ضد خصومها للتنصل من مسؤوليتها عن جرائم الاغتيالات بعدن

الأربعاء 13 مايو 2020 الساعة 12 صباحاً / مأرب برس ـ خاص
عدد القراءات 4613

قالت مصادر مطلعة، الثلاثاء 12 مايو/أيار، أن قيادات ما يسمى بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي“، المدعوم من الإمارات تعد لقضايا ملفقة لاتهام ناشطين سياسيين وقيادات المقاومة الذين واجهوا مليشيا الحوثي وصالح حينما اجتاحت مدينة عدن عام 2015، بجرائم الاغتيالات التي شهدتها المدينة عقب تحريرها وطالت سياسيين وعسكريين وخطباء وأئمة المساجد.

وأشارت المصادر في حديثها لـ”مأرب برس“، ان قيادات الانتقالي لجأت لهذه الخطوة، بعد أن وجدت نفسها مدانة وفق التقارير الدولية وأيضا للتهرب من الوضع الكارثي الذي صارت فيه عدن منذ الانقلاب على الشرعية أواخر 2019.

واوضحت المصادر أن قيادات الانتقالي وجهت النيابة الجزائية المتخصصة بعدن و الخاضعة لسيطرتها خاصة بعد الموت الغامض لرئيسها القاضي محمد علي صالح، بإعداد ملفات لقضايا الاغتيالات التي طالت العشرات من السياسيين وعسكريين ورجال شرطة وخطباء وأئمة عملت على تجريف عدن ومؤسسات الدولة منهم، وخاصة القضايا التي انكشف ضلوعها فيها في محاضر رسمية وفي مقدمتها قضية الشيخ والداعية سمحان الراوي والتي اتهم بها نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك المقيم حاليا في دولة الإمارات العربية.

وقبل عدة أشهر تسربت محاضر التحقيقات للنيابة الجزائية برئاسة القاضي صالح مع 3 متهمين أكدوا علاقتهم بالقيادي الانتقالي هاني بن بريك وشقيقه وتلقيهم أموال منهما مقابل تنفيذهما لجريمة اغتيال سمحان الراوي ضمن سلسلة جرائم اغتيالات وافقت النيابة رسائل متبادلة بين المتهمين وبن بريك.

وتؤكد المصادر أن التناولات الإعلامية والتقارير الصادرة عن لجان خبراء مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والتي تشير إلى ”بن بريك“ وقيادات أمنية ووقوفها وراء تلك الجرائم ابتداءا بجريمة اغتيال محافظ عدن الأسبق اللواء جعفر محمد سعد، إلى جانب مرتزقة أمريكان تعاقدت معهم دولة الإمارات لمساعدة تلك العصابات في التنفيذ، غير الخيوط التي ظهرت عن استخدام الانتقالي وأجهزته للتنظيمات الإرهابية التي يدعي محاربتها في التخلص من خصومهم.

وأوضحت تلك المصادر أن كل تلك الأمور ضيقت الخناق على قيادات الانتقالي مع الوضع الكارثي الذي تعيشه عدن ومحاولة الهروب من فشلها في مواجهة الكارثة التي حلت على المدينة وطالت سكانها جراء السيول والأوبئة الجاثمة على صدرها واخرها وباء كورونا مع منع الحكومة الشرعية من التدخل للتخفيف عن سكان عدن.

*اتهام الامارات*

وفي أكتوبر الماضي، كشفت منظمة "رايتس رادار" لحقوق الإنسان في العالم العربي ومقرها أمستردام، عن رصدها 134 حالة اغتيال في مدينة عدن، منذ سبتمبر 2014 إلى يوليو 2019، تليها تعز حيث تنشط جماعة "أبو العباس" الموالية للإمارات، بعدد 113.

وقالت المنظمة إنها رصدت أيضاً حالات اغتيال في أبين ولحج 32 حالة لكل منهما، وحضرموت 27، وشبوة 17، والضالع 16، وهي مناطق تقع جميعها تحت سيطرة قوات موالية للإمارات.

وذكرت المعلومات اختفاء نحو 2000 يمني في السجون، كما اتهم فريق من خبراء الأمم المتحدة قوات الإمارات في اليمن بالمسؤولية إزاء أعمال التعذيب.

وبالنظر الى ضحايا الاغتيالات، سنجد أن كل من تم اغتيالهم سواءً من الإصلاح أو من السلفيين ورجال الدين، كانوا من المعارضين لتواجد القوات الإماراتية في اليمن.. وهذا ما يثير التساؤل عن الجهة التي تقف خلف استهداف رجال الدين في عدن والمحافظات الجنوبية والتي ستقف أيضاً خلف الاغتيالات القادمة التي ستطال قيادات الإصلاح في مناطق سيطرة الإمارات وحلفائها.

*محاضر تحقيقات*

وفي وقت سابق تم تسريب، محاضر تحقيقات للنيابة العامة في عدن، كشفت أن نائب رئيس ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" هاني بن بريك المدعوم إماراتيا يقف وراء تصفية ثلاثين داعية.

وأوضحت المحاضر أن بن بريك التقى المتهم الأول في قضية تصفية الدعاة بمعسكر للتحالف السعودي الإماراتي بالبريقة بهدف التخطيط لعمليات الاغتيال.

وقالت النيابة إن المسدس الذي قتل به الشيخ سمحان رواي، حصل عليه القتلة من بن بريك شخصيا. وأشارت إلى أن الخلية التي قتلت راوي تخلصت من جثته برميها في منطقة بعيدة، موضحة أن الخلية كانت مكونة من ثلاثة أشخاص يتبعون مليشيا الحزام الأمني المدعومة إماراتيا.

وقالت إن الخلية التقت الضابط الإماراتي الملقب بـ"أبو سلامة" في شقة بعدن بعد قتلها للشيخ راوي، مؤكدة محاولة بن بريك تهريب المتهمين بقتل الشيخ راوي من السجن، وأنه طلب منهم تغيير أقوالهم في محاضر التحقيقات مقابل تهريبهم إلى خارج البلاد.

*اعترافات بن بريك*

بعد تسريب محاضر التحقيق وكشفها عن تورطه كتب بن بريك عدة تغريدات، لم ينف فيها صحة ما جاء في تلك المحاضر، بل كتب ما يمكن أن يفهم أنه اعتراف ضمني بمسؤوليته عن تلك الحوادث.

بن بريك قال: "عهد قطعناه سنحارب الإرهاب وسنقضي عليه - بإذن الله- حيث كان، والبداية الصحيحة من حزب الشيطان خونة الإسلام والمسلمين الإخونج، وما تفرع منه في البلاد وأفراخهم القاعدة وداعش، لن يستقيم الأمر في بلداننا العربية بالذات، ولن يستقر بوجود هذا التنظيم الخبيث؛ ولهذا لابد من العزم القوي في مواجهتهم".

وكتب في تغريدة ثانية: "خططنا الأمنية في مكافحة التنظيمات الإرهابية، ومقدمتها الإخونج، قائمة ومرتكزة أولا: على محاربة الفكر بالفكر، وذلك بنشر الاعتدال والتسامح ووسطية الإسلام التي يضيق بها دعاة التكفير والتفجير الإخونجية، ثانيا بمحاربتهم بالسلاح وبتضييق الخناق على رؤوس دعاة الخوارج التكفيريين المارقين"، ما اعتبره مراقبون اعترافا ضمنيا بمسؤولياته عن تصفية عدد من شيوخ السلفية والإخوان الذين عرفوا برفض الأنشطة الإماراتية في عدن.

*شركة للاغتيالات*

كثير من التحقيقات كشفت جانبا عن تورط الأذرع الإماراتية في اليمن، من بينها ما كشفه تحقيق استقصائي أجرته وكالة باز فيد نيوز الأمريكية عن تورط أبو ظبي وأذرعها في عمليات الاغتيال.

التحقيق الذي نشرته الوكالة في 16 من أكتوبر/ تشرين الأول 2017، قال إن شركة تعهدات أمنية خاصة تدعى (مجموعة عمليات الرمح) أسسها الهنغاري الإسرائيلي أبراهام غولان في ولاية ديلاوار الأمريكية، وقعت عقدا من الحكومة الإماراتية للقيام بأجندة تتضمن عمليات اغتيال لأعضاء من حزب الإصلاح وغيرهم في مدينة عدن اليمنية.

وكشف التحقيق عن أول عملية لشركة "الرمح"، حيث استهدفت رئيسَ حزب الإصلاح في عدن القيادي أنصاف علي مايو، في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2015، وهي عملية باءت بالفشل.

يقول التحقيق: "كانت المعلومات قد وردت لفريق الاغتيال بأن اجتماعا يجمع أنصاف مايو بأعضاء من الإصلاح في مقر الحزب بعدن، ما عده الفريق وقتا مناسبا للقيام بالعملية، لكن أنصاف مايو خرج قبل 10 دقائق من العملية، حيث فشل الهجوم أيضا في تحقيق أهدافه، رغم القيام به".

تنقل وكالة باز فيد عن إبراهام غولان قائد الفريق الذي نفذ العملية ضد مايو قوله: "كان هناك برنامج اغتيالات في اليمن، كنت أديره وقمنا به، ووافقت عليه الإمارات ضمن التحالف".

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول أمني كبير، طلب عدم الكشف عن هويته، لأسباب أمنية، أن الإمارات هي من تقف وراء عمليات الاغتيال التي تطال رجال دين وضباط أمنيين بعدن.

وشملت المعلومات اعترافات خطيرة للمرتزقة وتفاصيل بشأن بعض الشخصيات المستهدفة، تصبّ في مجملها في تأكيد مسؤولية الإماراتيين المباشرة عن جرائم وحوادث دامية شهدتها عدن ومدن أخرى جنوبي البلاد، منذ سنوات.