مشروع عملاق يربط الخليج بأوروبا عبر تركيا.. تعرَّف على مشروع ''طريق التنمية'' أهميته وانعكاساته على المنطقة ''انفوجرافيك''

الثلاثاء 23 إبريل-نيسان 2024 الساعة 03 مساءً / مأرب برس-TRT عربي
عدد القراءات 1257

يبلغ طول السكك الحديدية والطرق البرية التي ستربط بين ميناء الفاو والأراضي التركية 1200 كيلومتر، وبتكلفة تصل إلى 17 مليار دولار أمريكي، وستتيح هذه الخطوط والطرق بالربط مع السكة الحديدية في تركيا نقل البضائع بين البلدين خلال ساعات.

فما هو مشروع طريق التنمية بين تركيا والعراق؟.. وما أهميته وانعكاساته على المنطقة؟

اتفقت تركيا والعراق في فبراير/شباط الماضي على فتح مكاتب متبادلة من أجل متابعة الأعمال المتعلقة بإنجاز مشروع طريق التنمية، وجرى الاتفاق بعد لقاء جمع وزير النقل التركي عبد القادر أورال أوغلو مع نظيره العراقي رزاق السعداوي.

ومنذ آواخر عام 2023 وبداية العام الحالي كثّف الجانبان المباحثات المتعلقة بإنجاز المشروع، وحصلت زيارات متبادلة بين مسؤولين كبار، آخرها استضافة أنقرة لمستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي الذي حضر منتدى أنطاليا الدبلوماسي أوائل مارس/آذار الجاري.

ماذا يتضمن طريق التنمية؟

يتضمن مشروع طريق التنمية تشييد مجموعة من المواني والطرق والسكك الحديدية التي من شأنها اختصار مسافة النقل بين آسيا وأوروبا عن طريق الأراضي التركية، وتبدأ شبكة النقل هذه من ميناء الفاو في مدينة البصرة العراقية (جنوباً) ويمر من كربلاء وبغداد إلى الموصل (شمالاً)، ثم إلى الأراضي التركية وصولاً إلى ميناء مرسين.

وسيُنفذ المشروع على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى تنتهي مع حلول عام 2028، ما سيتيح لميناء الفاو استقبال السفن. أما المرحلة الثانية فتنتهي عام 2033 باستكمال بناء السكك الحديدية والطرق البرية كافة. أما المرحلة الثالثة والأخيرة فمن المقرر إنجازها مع حلول عام 2050 موعد الانتهاء من أعمال البناء كافة في ميناء الفاو.

ويبلغ طول السكك الحديدية والطرق البرية التي ستربط بين ميناء الفاو والأراضي التركية 1200 كيلومتر، وبتكلفة تصل إلى 17 مليار دولار أمريكي، وستتيح هذه الخطوط والطرق بالربط مع السكة الحديدية في تركيا نقل البضائع بين البلدين خلال ساعات باستخدام قطارات سريعة تصل سرعتها إلى 300 كيلومتر في الساعة.

أهمية طريق التنمية للجانب العراقي

نظراً لأهمية المشروع، بات يُعرف باسم "طريق الحرير العراقي"، إذ إن العراق سيكون عقدة وصل بين دول الخليج في آسيا وأوروبا.

وفي حال نجاح المشروع فإن ميناء الفاو الذي يُخطط له بأن يكون أكبر ميناء في الشرق الأوسط، سيصبح نقطة محطة رئيسية في نقل البضائع.

كما يستفيد العراق أيضاً من إنشاء مشاريع بنية تحتية مهمة ممثلة بالسكك الحديدية والطرق البرية والمواني، ومن المرجح أن تقدم تركيا ودول خليجية تمويلاً لهذه المشاريع، بالإضافة إلى احتمالية اشتراك الصين في التمويل، لأن طريق التنمية سيخفض مدة نقل البضائع من الصين إلى أوروبا بما يقارب من 20 يوماً بالمقارنة مع الطريق الذي يمر بالبحر الأحمر وقناة السويس.

ويعتقد الباحث العراقي جاسم الشمري أن مشروع طريق التنمية سيوفر كثيراً من الإيرادات للعراق، لأنه سيكون إلى جانب تركيا ممراً باتجاه أوروبا.

ويضيف الشمري لـTRT عربي أن العراق يبذل جهوداً كبيرة لإتمام الجزء المتعلق بها من هذا المشروع، لأنها تنظر له بأهمية كبيرة، فهو يشكل رؤية مستقبلية اقتصادية واعدة لبغداد.

ويشير الشمري إلى أن بغداد نفذت حتى اللحظة قرابة 85% من ميناء الفاو، و55% من السكك الحديدية، و35% من الطرق البرية.

ويرى الباحث العراقي أنه مع جهوزية ميناء الفاو، سيكون العراق قادراً على تصدير الطاقة بشكل سلس بعد التعقيدات التي كانت تواجهها في السابق.

تركيا لاعب مهم في المشروع

ومنذ اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية اتجهت الدول الأوروبية إلى البحث عن مصادر طاقة بديلة عن روسيا، وهذا ما زاد من أهمية طرق التجارة الدولية التي تربط بين منطقة الشرق الأوسط مع أوروبا التي تسعى لتوفير تدفق آمن للطاقة.

وتلعب تركيا دوراً مهماً في مشروع طريق التنمية، إذ ستكون بوابة دول الخليج إلى أوروبا، ما يؤكد أهميتها الجيوسياسية نظراً لقربها من احتياطيات الطاقة في الشرق الأوسط والقوقاز، ومحاذاتها للدول الأوروبية.

ويقول الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية مهند حافظ أوغلو إن هناك "منافسة غير معلنة ذات طابع اقتصادي بين التحالفات الدولية"، تتركز بشكل رئيسي على الممرات التجارية، سواء أكانت برية أم بحرية، وهنا تبرز أهمية مشروع طريق التنمية الذي سيتيح لتركيا أن تكون عقدة ربط مهمة بين الشرق الأوسط وأوروبا.

ويشير حافظ أوغلو في حديثه مع TRT عربي إلى أن تركيا ستحقق عائدات اقتصادية مهمة من هذا المشروع، تتمثل في أرباح رسوم النقل وتدفق الاستثمارات.

ويعتقد أن تركيا توظف موقعها الجغرافي لتكون في المنتصف اقتصادياً وسياسياً، وبالتالي يمكنها التأثير في المشهد الدولي بشكل أكبر، وخصوصاً في حال شعرت بعدم رغبة أي طرف بأن تكون تركيا مستقرة من الناحيتين السياسية والاقتصادية.

ويضيف الباحث في العلاقات الدولية أن هناك توجهاً الآن لتوفير طرق وممرات بديلة لتلك المتعارف عليها حالياً، وعليه ترى تركيا وجوب أن تكون حاضرة ضمن هذه البدائل، ولا سيما أن موقعها الجغرافي ذو أهمية بالغة في عملية الربط بين الشرق والغرب.

ويؤكد حافظ أوغلو أن مشروع طريقة التنمية يحتاج إلى فترة زمنية قبل استكماله ليصبح واقعاً، وقد تمتد الفترة إلى عقد من الزمن.

وفي المقابل يشير الباحث جاسم الشمري إلى وجود عقبات وتحديات لا بدّ من تذليلها لضمان نجاح المشروع، منها عدم الاستقرار الأمني في بعض المناطق التي سيمر منها طريق التنمية داخل العراق.