قراءة في قطار المغادرة ومناورات صالح للهروب من مأزق المسائلة ,, وثلاث ملفات دموية تحاصر صالح في ساحات القضاء الدولي

الثلاثاء 12 إبريل-نيسان 2011 الساعة 10 صباحاً / مأرب برس – خاص
عدد القراءات 13279
 

 ألأزمة اليمنية يراد لها أن تدخل منعطفا خطيرا , أو هكذا يراد لها أن تدخل خاصة عبر أجندة رئاسية تسعى لجر البلاد إلى موجه من العنف والاقتتال الداخلي , عبر العديد من الموجهات العنيفة التي وجهت ضد المعتصمين سلميا الذين قابلوا الرصاص الحي والغازات السامة والمنتهية الصلاحية بالصدور العارية .

 تلك المواجه السلمية من قبل شباب الثورة جعلت منهم يقدموا ضريبة كبيرة من التضحيات تجاوزت ضريبتها ضعف ما قدمته ثورتي تونس ومصر .

 ثورة الشباب في اليمن قدمت صورة أكثر من رائعة , وتجاوزت أطنان من التهم والصور المضللة التي مورست على غالبية الشعب وصدرها نظام صالح للعالم على أنها جزء من مكوناته , وجاهد مستميتا أن يقدم المجتمع في اليمن على أنه مجتمع يضع عقلة جانبا ويلجأ إلى البندقية والمدفع لتعبير عن رأيه والسعي وراء مطالبة .

ما روجه النظام هي صورة قاتمة وظالمة لهذا المجتمع , ولم يعي في ذات الوقت أن هناك قيم نبيلة نبتت وترعرعت في كيان هذا المجتمع دون علمه , خاصة وقد حاول طيلة فترات حكمة أن يقدم مشهدا سوداوي عن المجتمع اليمني بهدف إستجلاب الدعم الغربي تحت أكثر من مسمى وتحت أكثر من صورة ومشهد .

 ثورة أزاحت ستار التشويه ورسمت لوحة فخر .

 ثورة الشباب في اليمن قدمت صورة رائعة جعلت العديد من المراقبين في جميع أنحاء العالم يدرسوا هذا التحول النوعي في المجتمع المدني في اليمن , الذي ظل معزولا وبعيدا عن أعين المراقبين والمحليين السياسيين لأكثر من ربع قرن .

  ثورة الشباب في اليمن تعد أقوى ثورة عربية حتى اللحظة مرورا بتونس ومصر وليبيا , فهي ثورة استطاعت أن تنقل فعاليات يومياتها عبر أثير الفضاء الدولي , حيث لعبت كل من قناتي الجزيرة وسهيل دورا رائدا في ذلك , كما أستغل شباب الثورة مساحات الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي في إنشاء أعداد كبيرة من الصفحات التي تتحدث عن يوميات الثورة وفعاليات النضال اليومي إضافة إلى العديد من الإصدارات الورقية والمواقع الالكترونية والإذاعة اليومية التي تنطلق من ساحة التغيير بصنعاء .

كما تسابق عشرات الفنانين لتقديم مشاركاتهم الفنية , وعرضها على القنوات الفضائية , ومن على منصة التغيير , في أكثر من محافظة وعبر أكثر من وسيلة .

 ناهيك عن تحويل ساحة التغيير التي لا يقل عن المتواجدين فيها يوميا عن مئات الآلاف إلى قاعات جامعية تعقد فيها الندوات والمحاضرات والندوات لكل ألإطراف السياسية في اليمن .

 هذه الموجة الحضارية التي بدأت في تكوين نواة المجتمع المدني القادم في اليمن , لم ترق للكثيرين في سدة هذا النظام ولذا قوبلت بقمع وحشي وغير معهود من قبل النظام في اليمن , وتطور الأمر إلى إصدار توجيهات عليا بالتصفيات الجسدية لشباب الثورة , وما جمعة الكرامة التي سقط فيها وخلال يوم واحد أكثر من خمسين شهيدا وأكثر من ألف جريح لخير دليل على نوايا السوء , ومؤشرات لعمق المؤامرة التي تسعى أطراف عليا في النظام لوأد ذلك المولود الحر.

وإضافة إلى ذلك تعالت صيحات الوحوش المتضررة من رحيل النظام في اليمن فأوغلت أسلحتها في صدور الشباب العزل , حيث تشير إحصائيات حقوقية في اليمن إلى أن ضحايا ثورة الشباب حتى اللحظة سقط فيها أكثر من 180 شهيد وأكثر من عشرة ألف جريح ومصاب بالغازات السامة .

 مبادرات تنصدم بالكبر الرئاسي .

الجهود المحلية والإقليمية لإخراج اليمن من أزمتها الداخلية قوبلت بالعديد من التكبر الرئاسي والغرور القيادي في الحزب الحاكم في اليمن , لكن العجيب في كل تلك المبادرات , هو ما أن يمر يوم أو يومين على رفض الرئيس أي مبادرة حتى يرتفع سقف مطالب شباب الثورة ويتمنى صالح لو أنه قابلها بالموافقة .

 الرئيس صالح مرت عليه عدد من المبادرات كان في مقدمتها مبادرة العلماء ومبادرة اللقاء المشترك , ومبادرة السفير ألأمريكي بصنعاء وأخرها المبادرة الخليجية التي يبدو أنها عرضت بأكثر من صورة منذ بداية الإعلان عنها حتى إعلان الرياض عنها يوم أمس .

الرئيس في كل يوم يفقد أنصاره ويتخلى عنه مقربوه , وكل يوم يزاد وحدة في مقر إقامته في رئاسة الجمهورية القريب من ميدان السبعين , ويتحول في كل لحظة من زعيم شعب إلى زعيم مجموعة مليشيات مسلحة .

 الهروب .. سابع المستحيلات :

محاولات صالح المستميتة لكي يحضا بضمانات له ولأسرته , هو الهدف المرحلي والمطلب ألأساسي الذي يسعى إليه بكل ما أوتي من قوة سياسية وعلاقات خليجية سابقة أن يحظى بخروج آمن .

 ولقد مثل إبتعاث صالح لوزير خارجيته أبو بكر القربي وبصحبته علي محمد الانسي مدير مكتب رئاسة الجمهورية- رئيس جهاز الأمن القومي -إلى الرياض لوضع بعض الملاحظات التي تهم صالح شخصيا حول المبادرة الخليجية , فقبل 48 ساعة من إعلان المبادرة الخليجية التي كانت تنص صراحة على تنحي صالح , تحولت عقب زيارة ُرسل صالح إلى الرياض إلى مبادرة تدعو إلى إعلان صالح لنقل صلاحياته إلى نائبة فقط دون التعرض لموضوع التنحي من قريب أو بعيد .

 وغير بعيد عن حالة الجدل الدائرة في صفوف المشترك فإن المشترك ينظر إلى موضوع الضمانات نظرة رفض مطلق , خاصة وأنها لو قبلت من المشترك فستكون مفتاحا لإحداث شرخ كبير بين قيادات المشترك وقواعده الذين يمثلون قاعدة واسعة من شباب الثورة في اليمن .

 ولو سلمنا فرضا على نجاح الرئيس في الحصول على ضمانات تنص على عدم مسائلته من قبل مجلس النواب أو مجلس الشورى اليمني أو أي جهات أخرى ، فإن ذلك لن يدوم طويلا فالتركيبة القادمة لكلا المجلسين ستكون مختلفة جدا عن الموجود حاليا , وهو ما يعني أن تنسف تلك الاتفاقات عن طريق تلك المجالس ذاتها , كما أنه لا يوجد حاليا أي طرف سياسي أو اجتماعي في اليمن على استعداد أن يعطي الرئيس صالح أي ضامنة في ظل تنامي الجرائم وسفك الدماء .

 وبعيد من هذا وذلك فالمجتمع اليمني يمكن أن يسلك إلى طريق الانتقام من الرئيس بأكثر من طريق أو وسيلة خاصة ممن قتل أبنائه أو ذويه , فمن الممكن أن يكون الرد على صالح وذويه عن طريق الورقة القبيلة , وهو ما يجعل الرئيس وأبنائه عرضة للخطر الدائم في اليمن , خاصة وأن المطالبة لن تكون محصورة على ملف الثورة فقط , بل ربما تمتد بعمر صالح على كرسي الحكم في اليمن , وهو ملف متخم بالعديد القضايا الساخنة التي ربما تفتحها أطراف العملية السياسية في اليمن وقد يكون الناصريون في مقدمة من يفتح ألأبواب المغلقة لتلك الحقبة من تاريخ اليمن .

 الرحيل خارج اليمن أجدى الحلول :

على الرئيس أن يعلم أن هناك العشرات من المنظمات الحقوقية داخل اليمن وخارجة تعمل حاليا على تجهيز ملفات تدين صالح بارتكاب العديد من الجرائم في حق اليمنيين , ويمكن أن تكون منطلقا لمحاكمة صالح كواحد من مجرمي الحرب , فهناك أربع حروب في محافظة صعدة سقط فيها ألآلاف من القتلى والجرحى كان صالح هو الآمر بتلك الحروب , ولم ينجو صالح من ذلك المطب القانوني سوى في الحرب الخامسة والسادسة حيث كانت الحرب بقرار رسمي باسم الدولة وليس باسم القائد ألأعلى للقوات المسلحة علي عبد الله صالح .

كما تمثل القضية الجنوبية وانتهاكاتها ملفا أخر ينتظر صالح , وهو ملف وجد صدى كبير في أكثر من منظمة دولية , ناهيك عن الملف الأكثر صدى وحيوية وهو ملف ألانتهاكات في حق ثورة الشباب الذي وثق على أكبر نطاق وحضا بنقد دولي كبير .

وعلى ضوء كل ما طرح فإن الرئيس صالح سيكون ملاحقا داخل اليمن وخارجه , وصدور مذكرة اعتقال بحقه بعد تنحية ليس بالأمر الصعب وفق القوانين الدولية والمرافعات الجنائية .

لكن صالح يمكن أن ينجو من كل ذلك كله , لو لجأ إلى طريق واحد لا ثاني له وهو أن يولي قبلتنه صوب الرياض فهناك يمكن أن يكون في مأمن لدي جيرانه الذين ألهب سياط ظهورهم بالأذية طيلة ثلاث عقود من الزمن , لكن , إخوان نورة كما يطلق علي ملوك المملكة في الحجاز , سيكونوا أكثر نبلا من صالح ولن يبخلوا علية أن يكون صالح ضيف شرف على المملكة وهناك سيجد الهدوء من سخط تتار المعارضة , ومخالب الثعابين التي يا طالما رقص صالح على جثثها دون أن يراعي حرمة أو ذمة .

وهناك يمكن أن يجد متسعا من الوقت لكتابة مذكراته التي ستحظى بكبير اهتمام من كل شباب الثورة الذين هم حاليا يمثلون الغالبية العظمى من سكان اليمن .

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة الثورات الشعبية