تزايد المخاوف الإنسانية لدى منظمات الإغاثة على حياة المدنيين في ظل توسع المواجهات وصعوبة إيصال المساعدات إليهم

الثلاثاء 15 سبتمبر-أيلول 2009 الساعة 03 صباحاً / مأرب برس- ماجد الداعري:
عدد القراءات 9251

تتزايد المخاوف الإنسانية لدى الكثير من المنظمات الإنسانية,وعاملي الإغاثة في محافظة صعدة, على أوضاع المدنيين والنازحين من الحرب, وتنامي حدة الاقتتال وتصاعد المواجهات المسلحة بين الحوثيين والقوات الحكومية, وصولا إلى إشراك مختلف أنواع الأسلحة والمعدات القتالية في تلك المواجهات, التي دخلت جولتها السادسة شهرها الثاني في وقت لا تبدو فيه أي بوادر لحسم الحرب من كلا الطرفيين المتقاتلين للجولة السادسة على التوالي, وبعد أن توسعت رقعة المواجهات العنيفة في غالبية مناطق صعدة وعددا من المناطق بمحافظة عمران.
وباءت كل الدعوات الإنسانية التي دعتها المنظمات الإنسانية والعاملين فيها طرفي الحرب,إلى إعلان هدنة وتهدئة يومية محدودة لقيامهم بإيصال المعونات إلى 150 ألف نازح من تلك الحرب المتجددة في جولتها السادسة- يقول ممثلي برنامج الأغذية العالمي أن كثيرا منهم يعاني جوعا شديدا بعد أن مر شهرا كاملا على عدم حصولهم على الغذاء نتيجة عدم تمكن العاملين في المنظمات الإنسانية من إيصال الإعانات والمساعدات الإنسانية إليهم بسبب تصاعد الاقتتال وتجدد المواجهات وماتسفر عنه من تشريد يومي للعديد من النازحين المدنيين المفتقرين إلى أهم الاحتياجات الإنسانية والمعونات الاغاثية.

ولذا لجأت العديد من المنظمات مضطرة إلى البحث عن طرق آمنة لإيصال المعونات الإنسانية إلى النازحين والمدنيين الذي مايزال الالاف منهم عالق في عددا من المناطق بصعدة, انطلاقا من السعودية, وبحيث تفتح ممرا إنسانيا من هناك وعبر الحدود اليمنية. وبعد تكرار مطالبة منظمات المجتمع الإنساني بتوفير ممرات إنسانية آمنة لتمكينها من توصيل مواد الإغاثة الضرورية للمتضررين من الحرب والمدنين والنازحين الذين هم في أمس الحاجة إليها.

ويأتي تنامي حدة المخاوف على حياة وسلامة المدنيين والنازحيين في وقت سبق وان حذرت فيه الكثير من وكالات الإغاثة الإنسانية من الأضرار البالغة التي ألحقها النزاع الدائر في صعدة بين القوات الحكومية و الحوثيين بالمدنيين منذ بداية المواجهات منذ الجولة الأولى وحتى الحرب السادسة الجارية, وبعد أن إفادة العديد من المنظمات أن الاف المدنيين من السكان و النازحين مايزالون بأنفسهم عالقين داخل مدينة صعدة وفي أمس الحاجة للمساعدات الإنسانية في ظل التقلص السريع لمخزونهم من الأغذية ومياه الشرب وانعدام الطاقة الكهربائية والخطوط الهاتفية وأساليب الحياة الصعبة التي سيتعرضون لها نتيجة البرد القارسة مع قدوم الشتاء وانعدام الخيام وأساليب الوقاية من البرد في العراء.

وقالت (لور شدراوي)، الناطقة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن،لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في 12 سبتمبر أن "النازحين العالقين في مدنية صعدة هم أكثر من يعانون سوء الأحوال بسبب حيلولة المواجهات المسلحة من تمكن المنظمات الإنسانية من الوصول إليهم".

وتجدد فتيل المواجهات للاشتعال في محافظة صعدة في 12 أغسطس، لينتشر من هناك بسرعة إلى المناطق المجاورة خصوصا مديرية حرف سفيان ومحافظة عمران. وتسبب النزاع الذي استمر لشهر كامل حتى الآن في نزوح حوالي 50,000 شخص ليصل مجموع النازحين منذ عام 2004 إلى 150,000 نازح، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).

وبحسب اليونيسف فقد هربت فاطمة وأسرتها من المواجهات الدامية الدائرة في مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران. وقد أضر النزاع بشكل مباشر منذ اندلاعه عام 2004 بحوالي 75,000 طفل،

وأشار من جانبه نسيم الرحمان، مسؤول الإعلام والاتصال بمكتب منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف) باليمن، أن النزاع أضر بشكل مباشر بحوالي 75,000 طفل حيث "حال استمرار المواجهات المسلحة وانعدام الأمن حال دون استفادة العديد من النازحين من خدمات المجتمع الإنساني".

وحسب الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن هشام حسن: فقد تسبب النازحون إلى مدينة صعدة عن غير قصد في فرض المزيد من الضغط على سكان المدينة ومواردها وبنيتها التحتية. حيث "هرب حوالي 20,000 شخص إلى المدينة مما رفع عدد ساكنتها بحوالي الثلث وتسبب في ارتفاع أسعار البضائع الأساسية بحوالي الضعف. كما اضطر سكان المدينة لتقاسم مواردهم المحدودة من الطعام والمياه والخدمات الصحية مع النازحين

وأضاف حسن: "نحن نواجه صعوبة قصوى في جمع بيانات طبية دقيقة حول وضع النازحين والسكان العالقين في قلب النزاع في صعدة، وذلك بسبب الأضرار التي ألحقتها المواجهات بشبكات الاتصال السلكية واللاسلكية".

وفقا لتقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في 9 سبتمبر- وفي تظل تزايد حدة المخاوف من رحلات النازحين المحفوفة بالخطر نتيجة توسع القصف, ووصول رقعة المواجهات إلى أكثر من منطقة بمن فيها مناطق المخيمات الاغاثية – فإن هناك تزايد في أعداد النازحين العالقين في محافظة صعدة وتعرضهم لخطر نيران المواجهات وعجزهم على الوصول لمناطق أكثر أمنا،.

و أخبر أندريج ماهيسيك، الناطق باسم المفوضية، وسائل الإعلام في 8 سبتمبر في جنيف أن "المواجهات الحامية بين القوات الحكومية وأتباع الحوثي في مدينة صعدة ومحيطها بشمال اليمن لا تزال مستمرة دون أي اعتبار لأمن وسلامة المدنيين".

وأضاف ماهيسك أن بعض النازحين اضطروا للسفر عبر طرقات جبلية وعرة ومحفوفة بالمخاطر كما اضطرت النساء والأطفال والرضع للهروب عبر طرقات مزروعة بالألغام أحيانا. وأشار إلى أن بعض المدنيين المهجرين في جنوب غرب محافظة صعدة اضطروا لقضاء أيام في الصحراء قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى أحد مخيمات النازحين. وأوضح أن "معظم النازحين قدموا إلى مخيم مزرق في محافظة حجة المجاورة وهم مرعوبون ومتعبون بعد أن اضطر بعضهم لعبور الصحراء مشيا لخمسة أيام قبل أن يتمكن من الوصول إلى المخيم. وغالبية النازحين هم من النساء المحملات بأطفالهن الجياع".

من جهته، أكد صدام العبداني، مسؤول إمدادات بمكتب منظمة الإغاثة الإسلامية باليمن، أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من البضائع الأساسية مثل مياه الشرب والديزل قد زاد من تفاقم أوضاع المدنيين العالقين في صعدة. حيث أوضح أن "سعر القمح ارتفع من 5,000 ريال يمني [حوالي 25 دولار] للكيس الواحد زنة 50 كلغم قبل اندلاع الحرب السادسة إلى 10,000 ريال يمني الآن، في حين ارتفع سعر اسطوانة غاز الطبخ بثلاثة أضعاف خلال الشهر الماضي من 700 ريال يمني [حوالي 3.5 دولار] إلى 2,000 ريال يمني [حوالي 10 دولارات] للاسطوانة الواحدة".

و بحسب شدراوي فإن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي تستعد لإطلاق عملية إغاثة للنازحيين والمدنيين بصعدة, عبر الحدود من السعودية خلال الأيام القادمة.

وأشارت إلى أن هناك ما بين 15,000 و30,000 نازح في منطقة بكيم بالقرب من الحدود الشمالية مع السعودية، بعيدين عن منال منظمات الإغاثة وهم في أمس الحاجة للمساعدات الإنسانية العاجلة.

وأضافت: "نحن ننتظر التراخيص الأمنية من الجانبين اليمني والسعودي لتوصيل المساعدات الإنسانية الأساسية للنازحين العالقين في قلب النزاع. وقد قمنا بالفعل بتجهيز الخيام والمفارش والأغطية وغيرها من المواد الأساسية على الجانب السعودي من الحدود لأكثر من 2,000 شخص، ونعمل بتعاون وثيق مع السفير السعودي في اليمن وحكومتي البلدين